معادلة لاجئ مقابل لاجئ
بقلم: خيري منصور
2012/9/20

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14139

ليس جديداً التلويح بما يسمى حقوق اللاجئين اليهود والمطالبة بتعويضهم عما فقدوا في العالم العربي . فقد بدأت هذه المحاولة مبكراً لسببين: أولهما كان عاجلاً وسياسياً، الهدف منه تَعْويم مصطلح أو مفهوم اللاجئين، بحيث لا تبقى هذه الصفة حكراً على الفلسطينيين الذين خُلعوا من ترابهم قبل أكثر من ستة عقود، والمردود السياسي والأخلاقي لهذا التعويم وخلط الأوراق هو ببساطة: لاجئ مقابل لاجئ .

والهدف الثاني كان مؤجلاً رغم نبش ملفه موسمياً ولأسباب متعلقة بالمفاوضات وبالتحديد بعد اتفاقية أوسلو، وفتح هذا الملف يعيدنا إلى الوراء عقوداً، وأحياناً إلى ما قبل قرنين أو أكثر عندما ظهرت أطروحة صهيونية هي ما سمي مقاومة الاندماج .

فاليهود كانوا يعيشون في بيئات وحاضنات هم جزء عضوي من سياقاتها، يرضعون ثقافتها رغم احتفاظهم بثقافة شبه سرية توراتية، وبعد الثورة الفرنسية عندما شمل ثالوث هذه الثورة بالمساواة اليهود وغيرهم أيضاً خشي الحاخامات على اليهود من الاندماج وبالتالي فقدان ثقافة “الغيتو”، لأن هذا النمط من الثقافة الانعزالية يوفر لهم نسيجاً ميثولوجياً وبالتالي سياسياً لشرنقة يعيشون داخلها ويصبح كل من هم خارجها من الأغيار أو ما يسمى “الغوييم” بالعبرية .

حتى التجربة الروسية الشهيرة لحزب “البوند” قام بإفسادها حاخامات وجماعات يهودية واغتيل المفكر الماركسي واليهودي الأصل إبراهام ليون على يد تنظيم صهيوني .

لم يكن هناك ما يحول دون تكرار اغتيال شخصيات يهودية توصف بالعقوق أو الخروج من معطف صهيون، ذلك لأن كل النظريات والمشروعات ذات الجذر العرقي تبرر غاياتها الوسائل كلها، حتى لو دفعها ذلك إلى إلحاق الأذى باليهود أنفسهم، خشية من اندماجهم في المجتمعات التي ولدوا فيها وورثوا لغتها وثقافتها وجنسيتها .

وها نحن اليوم إزاء معادلة جديدة من اختراع اليمين الصهيوني، هي المرادف السياسي لما سمي الأرض مقابل السلام، والذي عَبَّر عنه أحد الصحفيين الأوروبيين ذات يوم قائلاً: إنه أشبه بالمرآة والمشط في حقيبة غولدمائير، تلك الحقيبة التي تتطلع صاحبتها وحاملتها إلى الحصول على الأرض والسلام معاً، ولم يكن ظهور أو اختراع شعار السلام مقابل السلام إلا تعبيراً دقيقاً عن تطويب الأرض العربية المسروقة لمصلحة الاحتلال وإلى الأبد .

الصيغة الجديدة لهذه المعادلة هي لاجئ مقابل لاجئ، ومعنى ذلك أن تعويضات اللاجئين الفلسطينيين تساوي، وإن بشكل تقريبي، التعويضات التي يجب أن يدفعها العرب للمهاجرين اليهود .

إن ما حدث من مضايقات لليهود في العالم العربي الذي عاشوا فيه قروناً آمنين، خصوصاً بعد أن لاذوا به بعد الاضطهاد الأوروبي كان من منجزات الصهيونية واستكمالاً لبرنامج مقاومة الاندماج، وهناك شهود من اليهود العراقيين على أن إحراق معبد (كنيس) يهودي عام 1951 في بغداد كان فعلاً صهيونياً بامتياز، وذلك ضمن حملة تهجير اليهود إلى فلسطين، وثمة يهود هُجروا من العراق في نهايات الأربعينات وحتى الخمسينات من القرن الماضي يعلنون اليوم وبشكل رسمي رفضهم لأية تعويضات على حساب الفلسطينيين، وإن كان بعضهم يطالب بتعويضات عربية من خلال الجامعة العربية كإطار قومي، ومعادلة لاجئ مقابل لاجئ، وبالتالي تعويض مقابل تعويض هي تزوير علني للتاريخ وخلط للأوراق، الهدف الأخير منه استباق أية مفاوضات للمصادرة على حق اللاجئين في العودة، إضافة إلى استحقاقات أخرى .

http://www.miftah.org