مصائب أوسلو دفعت الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة
بقلم: هاني العقاد
2012/9/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14152

السلطة الفلسطينية , صورة أولية لدولة فلسطينية مستقلة , فقد وجدث لتشكل النواة الأولى للدولة ومؤسساتها الرسمية داخل فلسطين وخارجها ,و وجدت بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لكل الفلسطينيين أينما وجدوا ,ولآن هناك من يريد بقاء السلطة الفلسطينية مجرد سلطه مسلوبة الإرادة السياسية , فهي تواجه الآن حرب عاتية من الأخوة و الأعداء على حد سواء و كل له أسلوبه و طريقته وهناك في خلفية الصورة اتفاقية اسمها" أوسلو" يحاربها الجميع ولا يريد الجميع إنهائها والتخلص منها وأولها إسرائيل التي يتبجح ليبرمانها بأن اتفاقية واسلوا كانت خطأ كبيرا , والآن تعتبر خطأ كبيرا لان الاتفاقيات المرحلية تسبب المصائب ولا تنفع مع إسرائيل لأنها دولة متقلبة المزاج السياسي ولا توجد عندها إستراتيجية ثابتة و واضحة لصنع السلام مع الفلسطينيين والاقتناع بالعيش ضمن مشروع دولتين تساهمان في نمو شعوبهما بالتساوي , و في نفس الوقت لا تنصاع لقرارات الشرعية الدولية ولا تنوي تنفيذها أو العمل بمقتضاها .

منذ أوسلو و حتى اليوم والفلسطينيتين يواجهوا العديد من المصائب السياسية المميتة أولها موت مسيرة السلام وعدم تحقيقها أي واقع سياسي أفضل للفلسطينيين ,بل أن قيود اتفاقية أوسلو تحول بين الفلسطينيين و بين نموهم الاقتصادي وتحقيق العدل المعيشي وهذا يعنى أن أوسلو قيدت النمو الفلسطيني , ومنذ أوسلو و حتى اليوم تبدو العلاقة بين إسرائيل والسلطة علاقة عداء تام وقاسي وهي ليست علاقة مبنية على اتفاقية سلام وعلاقة تتيح للشعب المحتل أن يتخلص من الاحتلال بطريق سلمي يضمن حرية و كرامة الشعب الفلسطيني , منذ أوسلو و حتى الآن انتهكت إسرائيل السلام القائم حسب الاتفاقية الآلاف المرات وقتلت ودمرت واحتلت من جديد العديد من المدن و البلدات الفلسطينية ,وعلاوة على ذلك فان إسرائيل حاصرة الرئيس أبو عمار في المقاطعة الفلسطينية و دمرت معظم مبانيها و لم يبقي سوى أمتار بين الدبابات الإسرائيلية و الرئيس الرمز أبو عمار ومن ثم كانت تلك هي الخطة للتخلص من الرئيس عرفات بدهاء و مكر كبيرين , فلم يعش الرئيس أبو عمار سوي بضع شهور حتى ظهر الإعياء والمرض عليه إلى أن استشهد .

ليس هذه المصيبة الوحيدة بل أن هناك المئات من الحواجز العسكرية على طرقات الضفة الغربية و بين المدن لتعيق تحركات الفلسطينيين وتنقلهم من مدينة إلى أخري وأقامت الجدار العازل لتعزل الفلسطينيين ومناطق سكنية فلسطينية مزدحمة بالسكان على باقي أرضهم وتقيد الحريات الممنوحة للفلسطينيين فقد اثر الجدار وأعاق حرية التنقل والتعليم والعبادة وممارسة الشعائر الدينية وأثر سلبا على الزراعة الفلسطينية حيث أعاق الجدار وصول المياه الجوفية عبر الأنابيب ومياه الأمطار عبر الوديان و القنوات للمزارع الفلسطينية هذا بخلاف أن إسرائيل استولت على ما يقرب من 164.780 دونماً في المرحلة الأولى و أكثر من نصف هذه المساحة في المرحلة النهائية , كما اثر الجدار سلبا على الوضع الصحي للسكان الفلسطينيين وساهم في زيادة درجة التفكك الاجتماعي بحرمان الأسر الفلسطينية من التواصل مع أبنائهم وأقاربهم في العديد من المدن و البلدات , كما أن الجدار الحق أضرار بالغة بقطاع السياحة والآثار سواء الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية عند إقامته ، أو بالحركة السياحية لبعض المواقع الأثرية , ولعل الحرب الأخيرة على قطاع غزة والتي أوقعت الآلاف من الشهداء والجرحى ودمرت مساحات كبيرة من ممتلكات الفلسطينيين من مساكن و مزارع و مصانع و ورش حدثت في عهد ما يسمي بالسلام , ليس هذا فقط بل ان حركة التهويد و الاستيطان المستمرة والمتسارعة تبتلع كل يوم مئات الدنمات من الأرض الفلسطينية دون الالتفات لمعاهدات أو قرارات دولية , والمصيبة المخيفة أن إسرائيل تنفذ الآن خطة الأمر الواقع في القدس الفلسطينية للاستيلاء على كل شبر يملكه الفلسطينيين بعد طردهم و هدم بيوتهم و تمليكها للمستوطنين سعيا لتهويد العاصمة الفلسطينية .

لقد سببت اتفاقية أوسلو مصائب كبيرة لأنها مرحلية التوقيت وما عادت تعطي الفلسطينيين أكثر مما تأخذ منهم و تحرمهم من تطورهم السياسي واستقلالهم وإقامة دولتهم الشرعية ,والمصيبة الكبرى أن اتفاقية أوسلو انتهت صلاحيتها ولم يتم تجديدها منذ 19 عاما وكانت هذه الاتفاقية معدة فقط لخمس سنوات وبعدها يتفق الطرفان على الحل الدائم وبالتالي يكون هناك اتفاقات جديدة تمكن الطرفين من العيش بسلام تنمو معه شعوبهما وتتطور تطورا طبيعيا , ولان أوسلو انتهت ولم يتبعها أي اتفاقات أو مفاوضات تفضي لحلول عادلة ودائمة فان الفلسطينيين لهم الحق في البحث عن بديل قانوني وشرعي لإقامة الدولة الفلسطينية والذهاب إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية الدولة احد الخيارات التي تتمسك بها القيادة الفلسطينية , أما الخيار الأخر فهو خيار تحميل الاحتلال تبعيات احتلاله وحصاره وتهويده واستيطانه ومسؤولية إدارة ظهره للمشروع الدولتين والسعي لفرض وقائع إسرائيلية على الأرض, و هذا الخيار هو خيار العودة للنقطة الأولى ما قبل أوسلو, و هذا يعتبر في وجهة نظري الخيار الأخير .

http://www.miftah.org