بحثاً عن وعي مغيّب
بقلم: محمد عبيد
2012/10/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14191

الشباب يتحركون في الشارع الفلسطيني، ما يعني بالضرورة أن تغييراً بشكل ومضمون ما يلوح في الأفق، والمناسبة التي أطلقت التحرك، لا تقل أهمية عن كثير من سابقاتها، إذ إنها تركز الاهتمام على ملف شائك طالما ناضل الشباب والناشطون، والفصائل والأحزاب، ضد انتهاجه منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، والذي يتمثل بالاعتقال السياسي وما يسمى »التنسيق الأمني« مع الاحتلال .

هذا الملف المفتوح منذ زمن لا يجد بعد التحرك اللازم على صعيد السلطة الفلسطينية، رغم أنه برز كنتيجة لاتفاقيات التسوية، التي جعلت من السلطة حارساً للكيان بشكل ما، من خلال فرض ما يسمى »التنسيق الأمني« بين الجانبين، الذي يستهدف بالضرورة كل مناهض للتسوية، وكل متمسك بمقاومة الاحتلال .

إنه بلا شك مطلب جماهيري فلسطيني أساسي، ينسحب بالضرورة على الوضع في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك في قطاع غزة، مع الإشارة إلى صعوبة الوضع أكثر في القطاع، حسب ما يؤكد الناشطون، لكنه رغم ذلك يبقى جرحاً مفتوحاً في راحة اليد الفلسطينية التي لا بد أن تتماثل للشفاء، في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الاحتلال »الإسرائيلي« المستمر في سياساته التوسعية، والتهويدية، وغيرها من ممارسات التهجير والاقتلاع والنهب، وتغطية عدوان المستعمرين على كل مقدّس .

التجمع الفلسطيني الذي أطلق على نفسه اسم »فلسطينيون من أجل الكرامة«، والتحركات التي بدأها منذ مدة، كشفت عن حالة من تراجع أدوار الفصائل الفلسطينية ككل، ورغبة الشباب الفلسطيني في تنظيم نفسه في أطر لا تخضع لضرورات ومتطلبات السياسة التي تنطلق منها معظم الأحزاب والفصائل، إن لم يكن جميعها، في التعاطي مع الملفات المهمة، وفي العلاقة مع السلطة بشكل رئيسي .

اسم يمس واقعاً مريراً يتجرعه كل فلسطيني، أينما حل أو ارتحل، فالفلسطيني ليس مستهدفاً فقط بالتصفية الجسدية على أيدي جنود الاحتلال المجرمين، بل هو معرض بشكل يومي لاغتيال كرامته وأنفته، والقضاء على أي شعور بالعزة، من خلال سلسلة لا متناهية من الجرائم الحاطة بالكرامة الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال، بحق الفلسطينيين، على الحواجز التي تقطع أوصال المدن، وخلال الهجمات والمداهمات وعمليات الاعتقال، وحتى في طريق الفلسطيني إلى السفر من أرضه الأم، وغير ذلك كثير .

الكرامة التي حاول الاحتلال وما زال يحاول إسقاطها ومحوها من الوعي الفلسطيني، مهددة أكثر من أي وقت مضى، والدليل واضح من خلال سياسات الاحتلال وعدوانه على الأرض، ومن خلال بعض الممارسات التي ينتهجها طرفا الانقسام الفلسطيني، في الضفة والقطاع، وأيضاً سياسات »المانحين المانعين« الذين يأبون إلا أن يذلوا الشعب الفلسطيني من بوابة الحاجة إلى المال والمعونة، التي يسعى هؤلاء من خلالها لفرض إملاءاتهم وتحقيق أهدافهم، المتساوقة مع أهداف الاحتلال ومخططاته .

نعم أيها الشباب الفلسطيني إنه وقت الانتصار لكرامة طالما كانت مستهدفة بكل الأشكال والوسائل، لكنها الآن - للأسف - مستهدفة أكثر من أي وقت مضى من خلال السياسات الداخلية وجرائم الاحتلال، وازدواجية معايير »المانحين المانعين«، وكيلهم بمكيالين بما يحقق أهداف الاحتلال .

إنها حركة تنطلق مجدداً بحثاً عن وعي غاب أو غيّب قسراً، وفي سياقها تبرز أهداف طالما نادى بها الفلسطينيون وإن خفتت أصواتهم في مراحل معينة، أو صودرت إراداتهم، أو حوربوا في أرزاقهم وحقوقهم، أو صودرت حرياتهم، ولا بد في سياق هذه الحركة الباحثة عن الوعي أن تجد في النهاية، أن أساس ومصدر كل مصائب ومعاناة الشعب الفلسطيني واحد، يتمثل في ذاك الاحتلال الغاشم، الذي لا بد أن تتجه بوصلة النضال باتجاهه على الدوام .

http://www.miftah.org