زيارة أمير قطر تعزز الانقسام ما لم يثبت العكس!
بقلم: مهند عبد الحميد
2012/10/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14238

زيارة امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى قطاع غزة هذه الايام تطرح أسئلة كبيرة، يأتي في مقدمتها: هل ترغب دولة قطر وأميرها البدء بترسيم انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، والتراجع عن مساعي إنهاء حالة الانقسام التي تُوجت باتفاق الدوحة؟ ام ان الزيارة تنطوي على مفاجأة؟ وهنا يجوز الافتراض متابعة الامير ووفده السفر الى رام الله والاعلان من هناك عن الشروع بتطبيق اتفاق الدوحة. علما انه لا يوجد اي مقدمات او استعدادات لخطوة من هذا النوع. وهذا يعزز الاعتقاد بأن الخطوة أحادية، والخطوة الاحادية تعني:

اولا: إضفاء شرعية قطرية على حكومة حركة حماس المقالة والمتمردة والانقسامية وغير الشرعية التي أتت بانقلاب عسكري في العام 2007 وترسيم فَصَلَ قطاع غزة عن الضفة الغربية، وما يترتب على استمرار هذا الوضع من إضعاف التماسك الفلسطيني في مواجهة الهجمة الاسرائيلية الاستيطانية الأعنف التي تقوض مقومات الدولة الفلسطينية.

ثانيا: إضفاء شرعية قطرية على مبدأ استخدام القوة في حل الخلافات الداخلية، ذلك المبدأ الذي استخدمته حركة حماس في صورة انقلاب عسكري وحسم للسيطرة على المؤسسات بالقوة وفرض سلطة الحزب الواحد. وما نجم عن ذلك من انتهاك للديمقراطية وتعطيلها الى ما لا نهاية، فقد انقضى عامين على انتهاء ولاية المجلس التشريعي والرئاسة من دون انتخابات. وتعطيل المصالحة يعني عدم الاحتكام للشعب كمرجعية، وذلك انسجاما مع مقولة الاسلام السياسي : الديمقراطية تلزم لمرة واحدة فقط لا غير.

ثالثا: مكافأة حركة حماس على تعطيلها لتطبيق اتفاق الدوحة، وربط إعادة إعمار قطاع غزة بها وهذا مخالف لاتفاقات القاهرة والدوحة ونتائج الحوار الوطني الفلسطيني التي وضعت مهمة إعادة الإعمار على أجندة حكومة الوحدة الوطنية. وفي سياق تدعيم وحدة الوطن الفلسطيني ووحدة مؤسساته.

رابعا: تجاوزت حكومة قطر بهذه الزيارة الرسمية على أعلى مستوى منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ومرجعية للسلطة الوطنية في الاراضي المحتلة، تملك حق سحب الثقة من اي حكومة فلسطينية، وقد اعتبرت حكومة اسماعيل هنية مقالة وغير شرعية بعد انقلابها الدموي في قطاع غزة. وكذلك فإن المجلس التشريعي جزء من المجلس الوطني الذي يملك حق التدخل في كل ما يتعلق باشأن الفلسطيني. إن عدم وجود حماس والجهاد الاسلامي تاريخيا وبشكل طوعي في إطار مؤسسات المنظمة لا يعني شطب الاصل ( الشرعية )، بل يعني دخول هذه الفصائل في مؤسسات المنظمة وفقا لنظامها الاساسي، وقد نصت افاقات المصالحة على تسوية هذا الامر بالانتخابات.

خامسا: اعتمدت جامعة الدول العربية موقف الشرعية الفلسطينية في كل مواقفها انسجاما مع ميثاق الجامعة، ورفضت التعامل مع حكومة حماس المقالة، واعتبرتها خارجة عن الشرعية، حتى حكومة طهران التي تربطها علاقات قوية مع حركة حماس تراجعت عن دعوة اسماعيل هنية لحضور القمة الاسلامية نظرا لتعارض ذلك مع الشرعية الفلسطينية المعتمدة من قبل الدول الاسلامية ايضا. الزيارة تعني مخالفة قطر لموقف الجامعة العربية. الرؤساء الذين سبق لهم أن تجاوزوا المنظمة وسعوا إلى اعتماد بديل لها هم، صدام حسين الذي سرعان ما تراجع، ومعمر القذافي وحافظ وبشار الاسد في سياق استخدام العامل الفلسطيني كورقة للضغوط. لكنهم لم ينجحوا في ذلك.

سادسا: إذا كانت دولة قطر قد تراجعت عن مساعيها للمصالحة الفلسطينية، فهل هذا يعني دعم إمارة او دولة إسلامية في قطاع غزة.؟ تلك، نتيجة منطقية حتى إذا كانت النوايا غير ذلك. السؤال ما هي وظيفة تلك الدولة ؟ هل هي بديل عن دولة في الضفة والقطاع ام محطة لنقل السيطرة الى مجتمع الضفة؟ السؤال الاهم ما هو برنامج (الدولة الامارة) لحل المسألة الوطنية. بالاقوال فلسطين من النهر الى البحر وقف إسلامي ولا اعتراف بدولة اسرائيل، وهدنة طويلة الامد. ومن الناحية العملية إتاحة المجال أمام دولة الاحتلال لفرض مشروع التقاسم الوظيفي، السكان للاسلام السياسي والارض لدولة الاحتلال. بالترافق مع إسقاط المطالبة الفلسطينية بإنهاء الاحتلال والاستيطان. تجربة حماس في ضبط الامن عبر حدود غزة تبعث على الاطمئنان وتشجع الاسرائيليين على تشجيع سيطرتهم على الضفة.المشترك بين السلطة الشرعية في الضفة والسلطة المقالة في الضفة هو ضبط الامن وكبح كل محاولة للمقاومة. الاولى عبر التنسيق الامني والثانية عبر شعار المقاومة والتحضير للمواجهة، لكن العبرة بالنتائج وهي الكبح. والمختلف بين السلطتين هو مطالبة رام الله بوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال بما في ذلك مدينة القدس وحل مشكلة اللاجئين وإقامة الدولة. ومطالبة سلطة غزة بفلسطين إسلامية واعتبار ما دون ذلك غير مقبول. مشروع الدولة الامارة يتقاطع مع المشروع الاسرائيلي. فهل تدعم دولة قطر ذلك.

قد يكون لدى دولة قطر دوافع تكتيكية غير معلنة . وإذا جاز الاجتهاد في ذلك، يمكن القول : احتمال وجود مسعى لفك علاقة حماس بإيران وقطع الطريق على احتمال استخدام ايران لحماس في حالة تعرضها لضربة عسكرية اسرائيلية – اميركية. مصدر مطلع قال: ان ايران تدعم الحكومة المقالة شهريا بقيمة 15 مليون دولار وانها كانت وراء غلبة الاتجاه المؤيد لايران داخل حماس على الاتجاه الاخر الذي سعى للانفضاض عنها" انسجاما مع مواقف مركز الاخوان المسلمين. وفي هذه الحالة فان أمير قطر يسعى لاقناع الاتجاه الايراني بالعدول عن الاصطفاف في محور ايران مقابل دعم قطري.

في كل الاحوال لقد اخفقت كل محاولات استخدام القضية الفلسطينية وتعبيراتها السياسية كورقة ضغط في هذه المعركة او تلك وبشكل خاص في الصراعات الاقليمية. ثمة علاقة بين ضعف او انقسام الحركة السياسية الفلسطينية وبين زيادة التدخلات.ويبقى الشعب الفلسطيني، هو ضمانة الديمقراطية وصون الوحدة الوطنية. التدخل الشعبي كان وسيبقى هو الامل.

http://www.miftah.org