هل فوز الليكود مضمون؟
بقلم: فايز رشيد
2012/10/31

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14249

حراك حزبي »إسرائيلي« داخلي كبير يحدث في مرحلة التحضير للانتخابات . نتنياهو يحاول إبعاد غريمه فايغلين إلى ما بعد الرقم 35 في قائمة الليكود . نزوح قيادي كبير إلى صفوف حزب العمل بعد أن أعطته استطلاعات الرأي تقدماً كبيراً في الانتخابات المقبلة . عسكريون كبار ينضمون إلى الحزب الجديد »يوجد مستقبل«، كل ذلك بعد أن أقر الكنيست بالقراءات الثلاث حل نفسه وإجراء انتخابات تشريعية في 22 يناير/كانون الثاني المقبل .

أغلبية استطلاعات الرأي »الإسرائيلية« تؤشر إلى فوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، وهو في كلمته في الكنيست قبل التصويت على الانتخابات ادّعى »أن الانتخابات المقبلة ستمنحه ولاية أخرى في رئاسة الوزراء«، وكأنه واثق بالفوز اعتماداً على نتائج الاستطلاعات، لكن ليس بالضرورة أن تأتي النتائج مطابقة لاستطلاعات أجريت قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات، ذلك أن الحياة السياسية الحزبية »الإسرائيلية« غالباً ما تشهد حراكات انضمام وانشقاق لمؤثرين حزبيين ولتحالفات قد تؤثر فعلياً في النتائج قبيل الانتخابات مثل التي استعرضناها .

إن تحديات عديدة تواجه نتنياهو في المرحلة المقبلة قد تؤثر وتؤدي إلى عدم فوز الليكود بالكتلة الأولى في الانتخابات، هذا إلى جانب سياسات مارستها حكومته خلال ثلاث سنوات ونصف السنة ارتدّت عكسياً على »الإسرائيليين« وأوضاعهم وأبرز هذه التحديات:

* أولاً: المسيرة السابقة للحكومة اقتصادياً، والتي أدّت إلى العجز في الميزانية وارتفاع أسعار السلع بما فيها الحياتية، واقتطاع نسب كبيرة من أموال التأمنيات الاجتماعية، أدّى إلى مظاهرات عارمة احتجاجاً على هذه السياسات والخطط الحكومية، وأحد أسباب تقديم نتنياهو موعد الانتخابات هو خشيته من عدم التصويت عليها بالثقة في الكنيست (فليس كل حلفائه في الحكومة مع التصويت)، والاقتطاعات في الميزانية تقارب (4) مليارات دولار . وفي العادة يُعرض مشروع الميزانية قبل حلول السنة الجديدة بثلاثة أشهر(في سبتمبر/أيلول) وهو ما لم يتم في هذا العام .

سياسياً: »إسرائيل« وباعتراف أغلبية الأحزاب السياسية المعارضة والمراقبين والكتّاب السياسيين، تعاني عزلة دولية على الصعيد السياسي لم تشهدها من قبل: علاقات متوترة مع الولايات المتحدة على ضرب المشروع النووي الإيراني، لقد سبق لنتنياهو أن وعد »بأن »إسرائيل« ستقوم بضربة عسكرية لطهران في خريف العام الحالي« . ومن الصعوبة بمكان على نتنياهو القيام بالهجمة في ظل الانتخابات الأمريكية ومن دون ضوء أخضر منها . زاد الطين بلة أن المرحلة المقبلة ستكون تحضيرية للانتخابات »الإسرائيلية«، الأمر الذي يصعّب القيام بالهجوم . نتنياهو في خطابه في الأمم المتحدة مدد موعد الهجوم إلى الربيع المقبل .

على صعيد التسوية، وصلت إلى طريق مسدود مع الفلسطينيين . كل هذه القضايا تجعل من ناخبين كثيرين يفكرون مراراً قبل انتخاب قائمة الليكود التي على رأسها بالطبع سيكون نتنياهو .

* ثانياً: إعلان وزير الرفاه والاتصالات العضو في الليكود موشيه كحلون عدم خوض الانتخابات البرلمانية رغم بقائه في الليكود . الإعلان أثار هزّة في الليكود فهو من عائلة شرقية فقيرة، ذو توجهات اجتماعية تميل لمصلحة الفقراء . أثناء تسلمه الوزارة بادر إلى سلسلة من الإصلاحات في قطاعي الاتصالات الأرضية والهواتف الخلوية، أدت إلى خفض أسعارها بصورة حادة .كحلون أكثر الزعماء شعبية لدى اليهود الشرقيين وهو مفتاح الحزب الذي ينتمي إليه للحصول على نسبة تأييد عالية من اليهود الشرقيين . من داخل الليكود أيضاً وممن قد يسببون حرجاً لنتنياهو، اليميني المتطرف في الحزب موشيه فايغلين الذي نافس نتنياهو على زعامة الحزب أثناء انتخاباته الأخيرة، وحاز ما يزيد على ربع الأصوات .في العادة يختلف مع نتنياهو على ترتيب الأسماء في لائحة الحزب، بعض التحليلات أشارت إلى إمكانية انقسامه وتياره عن الليكود رغم عدم وجود ما يشير إلى ذلك من دلائل، غير أنه من الصعب على نتنياهو إقصاء فايغلين .

* ثالثاً: التحدي الذي قد يشكله إيهود أولمرت في حالة عودته إلى الحياة السياسية إلى حزب كاديما وتحالفه مع تسيبي ليفني التي نحّاها عن رئاسة الحزب شاؤول موفاز (الرئيس الحالي للحزب)، فوفقاً لاستطلاعات رأي كثيرة (كلها ترحّج خسارة نتنياهو فقط أمام أولمرت) ومنها استطلاع لمركز »سميت« (وهو مركز ذو ثقة)، فإن تحالف أولمرت - ليفني سيفوز ب(31) مقعداً،أما الليكود فيحصل والحالة هذه على(27) معقداً . إن أحد أسباب تقديم نتنياهو موعد الانتخابات هو قطع الطريق على إيهود أولمرت للعودة إلى الحياة السياسية .

معروف أن المحكمة كانت قد برّأت أولمرت من تهم في الفساد وأدانته بقضية إدارية ولم تفرض عليه السجن الفعلي، كما أنه لا يزال يواجه محاكمة عن شبهة تلقيه رشاوى لتنفيذ مشروع معماري في القدس المحتلة منذ العام ،1948 وهذا حينما كان أولمرت رئيساً لبلدية الاحتلال . وفقاً لما يقوله القضائيون: لا يوجد ما يمنع أولمرت (حتى هذه اللحظة) من العودة إلى الحياة السياسية .

* رابعاً: إمكانية قيام تحالفات جديدة في »إسرائيل« لعل أبرزها بين أحزاب »كاديما« و»العمل« و»يوجد مستقبل« . هذا التحالف وفقاً لمحللين سياسيين عديدين قد يهدد فرص نتنياهو بالفوز بولاية ثانية لرئاسة الوزراء . أما بالنسبة إلى باراك وحزبه »الاستقلال« فلن يتمكن من تجاوز نسبة الحسم 2%، الأمر الذي قد يدفعه إلى البحث في الانضمام إلى حزب جديد .

ألوان الطيف السياسي الحزبي »الإسرائيلي« واضحة لكنها لن تخلو من مفاجآت عديدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ملفات كثيرة تكون قد حسمت وستترك تأثيرها في الانتخابات . أيضاً فإن نتائج الانتخابات الأمريكية تكون قد ظهرت: أوباما أو رومني وبهذه الطريقة أو تلك سيؤثر ذلك في الانتخابات »الإسرائيلية« .

يبقى القول إنه رغم علمية استطلاعات الرأي، لكن بالضرورة ليست هي كل شيء، الأمر الذي يضفي نوعاً من الضبابية على نتائج الانتخابات »الإسرائيلية« ويعطي الانطباع باحتمال عدم فوز نتنياهو والليكود بالقائمة الأولى .

http://www.miftah.org