لنسقط سياسة فرق تسد الاسرائيلية
بقلم: عادل عبد الرحمن
2012/11/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14261

أعادت دولة إسرائيل منذ إقامتها في العام 1948 على انقاض نكبة الفلسطينيين سياسة الاستعمار البريطانية «فرق تسد» وعمقها في اوساط ابناء الشعب الفلسطيني، الذين تجذروا في أرض الاباء والاجداد. وذلك لتمزيق وحدة النسيج الوطني للاقلية الفلسطينية العربية، التي واصلت العيش في دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.

فقامت الدولة العبرية بعد إعلان تأسيسها بتقسيم الفلسطينيين الى طوائف ومذاهب، واصبغت عليهم «الهوية الدينية»، وذلك لتسقط عنهم هويتهم الوطنية والقومية بهدف دمجهم كاقليات مذهبية او طائفية في الدولة الجديدة خشية من انبعاث الروح القومية، التي تهدد نقاء دولة الابرتهايد الإسرائيلية. فباتت تتعامل معهم حسب تصنيفاتها الدينية: المسلمين والمسيحيين والدروز.. الخ

وحاولت القيادة الصهيونية فصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض من خلال إستقطاب بعض أبناء الاقلية الفلسطينية على حساب الباقي، ففرضت الخدمة العسكرية على اتباع الطائفة الدرزية عام 1953، البالغة نسبتهم 10 % من مجموع الأقلية الفلسطينية. كما قامت بذات الخطوة مع بدو السبع في ذات الفترة مع انهم من المسلمين السنة، لكنها سعت للتفريق بينهم وبين باقي أشقائهم من الفلسطينيين.

وواصلت حكومات إسرائيل المتعاقبة تنفيذ سياسة فرق تسد بين الفلسطينيين، فلم تكتفِ بتفريقهم وتقسيمهم على الأساس المذهبي والطائفي والديني، انما ذهبت لابعد من ذلك لتعميق عملية التشرذم بينهم، ففصلت العائلات والقبائل عن بعضها البعض، والحارات في المدن والبلدات الفلسطينية من خلال أدواتها وعملائها المندسين في أوساط المواطنين الفلسطينيين.

كما قامت بدعم قوى فلسطينية تحت مسميات «حزبية» و»نقابية» و»فرق فنية وثقافية» لتشويه الهوية الوطنية الفلسطينية، وللاساءة للبعد القومي العربي لفلسطيني داخل الداخل. ولإضعافهم اكثر فأكثر، وتأليبهم على بعضهم بعضا لقطع الطريق على وحدتهم وتصديهم للتحديات المفروضة عليهم من الدولة العنصرية.

وآخر الاعيب دولة إسرائيل، ما قامت به مؤخرا بالتعاون مع الكهنة المتواطئين، باعلان عزمها تجنيد الشباب الفلسطيني من أتباع الديانة المسيحية، الذين يشكلون نسبة 10 % ايضا من مجموع الفلسطينيين. وللتمهيد لترسيم هذا التوجه عقد الكاهنان جبرائيل نداف ومسعود ابو حاطوم مع عشرات من الشباب الفلسطيني المسيحي وبحضور ضباط أمن إسرائيليين في مدينة الناصرة العليا، التي يقطنها غالبية يهودية صهيونية قبل ايام قليلة. الأمر الذي رفضته طائفة الروم الارثوذكس العربية، وأعلن الدكتور عزمي حكيم، رئيس مجلس طائفة الروم الارثوذكس، ومجلس الطائفة، رفضهم لما قام به الكاهنان، واعلنوا «الحرمان» على الكاهن نداف.

ووصف الدكتور حكيم المشاركين في الاجتماع ب «المرتزقة». قائلا انهم « لايمثلون المسيحيين الفلسطينيين، الذين كانوا وسيبقون جزءا فاعلا من شعبهم وامتهم».

وفي مقابلة مع موقع « الجزيرة نت» أكد عزمي حكيم إن دعوة الشباب المسيحي للخدمة في الجيش الاسرائيلي «مؤامرة خطيرة تستهدف اقتلاعهم من جذورهم الوطنية».

وكان رئيس لجنة المتابعة العربية داخل الخط الاخضرمحمد زيدان،، قال لذات الموقع «ان مخطط التجنيد يخدم منطلقات اسرائيل الرافضة للتعامل مع فلسطينيي الداخل كوحدة قومية وسعيها لتفتيتهم اقليات متناحرة».

هذا وقامت الشرطة الاسرائيلية باستدعاء الدكتور حكيم للتحقيق معه، بعد ان قدم احد الكهنة شكوى ضده، مدعيا ان رئيس مجلس الطائفة هدده؟! غير ان الاستدعاء للدكتور حكيم لم يثنه، ولن يوقف عملية التصدي للجريمة الصهيونية من قبل ابناء الشعب الفلسطيني بمختلف انتماءاتهم السياسية. ولن يسمحوا لعملاء إسرائيل من تمرير المخطط التفتيتي والتشرذمي في اوساطهم.

ولعل الحملة الوطنية، التي واكبت توجه رئيس مجلس الطائفة الارثوذكسية العربية لمركز الشرطة، وما تلاها من مواقف وطنية أعلنها قادة الحركات والاحزاب والهيئة العربية العليا للفلسطينيين داخل الخط الاخضر، وغيرها من الانشطة والفعاليات، التي اطلقتها، وستطلقها القوى الوطنية والقومية الديمقراطية في الناصرة وحيفا ويافا وعكا وام الفحم والمثلث عموما والنقب والجليل الاعلى بدعم من الكل الوطني الفلسطيني في الوطن والشتات ستشكل سدا منيعا في وجه الصهاينة العنصريين وسياساتهم العبثية المستندة لمبدأ «فرق تسد» البريطاني الاستعماري. ولن تتمكن إسرائيل من كسر ارادة ابناء الشعب العربي الفلسطيني، اولئك الذين حموا باجسادهم واقلامهم واشعارهم وتجذرهم في الأرض الهوية الفلسطينية العربية. وشكلوا رافعة لمكانتهم القومية داخل دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. وسيجوا وحدتهم الوطنية، رغم كل المؤامرات والمخططات والمشاريع المخابراتية الاسرائيلية. لانهم ومنذ اللحظة الاولى لنشوء دولة العدوان الاستعماري الاسرائيلية، ادركوا، ان وحدتهم، ودفاعهم عن هويتهم الوطنية والقومية يشكل الضمانة الاولى للتصدي لمخططات اسرائيل. وستبقى الوحدة الوطنية سلاحا اساسيا في مواجهة المخطط الجديد، الذي مصيره الفشل والهزيمة.

http://www.miftah.org