حتى لا يشيخ القرار 1325 كباقي القرارات الدولية!
بقلم: ريما كتانة نزال
2012/11/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14268

بعد مضي اثني عشر عاما على صدور قرار مجلس الأمن 1325، تتوجه المرأة الفلسطينية بسؤالها الى الهيئة الدولية صاحبة القرار إنْ كانت حال القرار 1325 ستصبح كحال باقي قرارات هيئة الأمم المتحدة..! وهل سيشيخ قبل أن يتمكن من حماية حياة واستقرار امرأة فلسطينية واحدة من الاحتلال وبلدوزراته..!

لقد انطلق مفهوم المرأة الفلسطينية للقرار من حالتها تحت الاحتلال، وذلك بهدف تكييفه لينسجم مع الخصوصية الفلسطينية ويصبح قادرا على النطق بصوتها، ولتحقيق الهدف وعكس أولوياتها الوطنية، والذهاب مباشرة إلى تحديد مصدر معاناتها الرئيسي، اعتبرت أن مهمة توطين القرار يمكن أن تتحقق من خلال ربطه بباقي القرارات الدولية ذات الصلة بقضيتها الوطنية، الأمر الذي يكسب المرأة الفلسطينية تمايزها عن باقي نساء العالم. وغير ذلك، سيطمس جزئيا خصوصيتها كامرأة تعيش تحت الاحتلال، ويضعها في منطقة رمادية تموِّه على حقيقة وضعها وهمومها، ويغدو حالها كحال أية امرأة أخرى في العالم تعاني من التفرقة والتمييز الأبوي، وينزع العوامل والتأثيرات الخارجية التي تهدد حياتها ومستقبلها والمعيقة لديناميات التطور الطبيعي للبيئة الاجتماعية.

مرَّت الذكرى الثانية عشرة لإصدار القرار 1325 مرور الكرام، ودون ادنى محاولة لإعلاء الصوت النسوي من على منصة القرار، لم توجه مذكرة أو تصدر بيانا أو تنظم فعالية احتجاجية وجماهيرية مذكِّرة بمأساة الحياة الفلسطينية. ويبدو أن سبب الاستنكاف وسلبية التعاطي مع ذكرى القرار بعد سبعة أعوام على استخدامها له، وهو الأول من نوعه الذي يتعامل مع واقع وآثار الحروب على المرأة ودورها ووجهة نظرها في صنع السلام، يعود إلى عدم التعويل على دور خاص للأمم المتحدة ومجلس أمنها لحماية هيبة قراراتها قبل حماية المرأة الفلسطينية. فالعالم يضع القضية الفلسطينية في ثلاجة وينشغل في ما ستتمخض عنه التحولات الجارية في الدول العربية، بينما الاحتلال منشغل بإتمام إغلاق ملف حل الدولتين عمليا على الأرض، ويفتح بجرافاته حل الدولة الواحدة تحت الاحتلال، وهو الأمر الذي لحظه الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" بتصريحاته الأخيرة، لكنه لم يُضِف كلمة واحدة حول تعارض الممارسات الاحتلالية مع قرارات الشرعية الدولية التي يمثلها.

انقضت دزينة من السنوات على القرار 1325 وواقع المرأة على حاله، لم يفرج القرار عن أسيرة ولم يستطع أن يحسن من ظروف الأسر. أكثر من عقد مرّ على القرار دون حماية بيتٍ في القدس من الهدم أو المصادرة. لم يحمِ القرار الغزاويات من التهجير والتشرد ولم يستطع أن يعيد بناء البيوت المدمرة بحرب "الرصاص المصبوب". لم ينقذ القرار الأرض من المستوطنات والجدار، ولا الشجر من الحرق والقلع.

لم تطالب المرأة في هذا العام جهة القرار بشيء، ولم تذكره بمسؤولياته وواجباته، ولم تستغل المناسبة كما العادة الفلسطينية بتعقب المناسبات الدولية للتذكير بالقضية الفلسطينية وقراراتها والمطالبة بتنفيذها، لم ترفع راية احتجاج أو مناشدة أو ترفع كفا تطالب بايقاف شيء ما محدد.. فالصورة متجمدة على العودة من مجلس الأمن "بالفيتو" بدلا من نيل عضوية المنظمة الدولية.

تعترف المرأة الفلسطينية وتحفظ ايلاء مؤسسات الأمم المتحدة الاهتمام بقضية المرأة، وببذلها جهودا مهمة من أجل تحسين وضعها وفي مجال تكريس الوعي حول حقها في العدالة الاجتماعية والمساواة. كما يُعترف لها بفضلها في تسليط الضوء على العتمة المحيطة بالعنف الداخلي الذي يطالها، واهتمامها بمشكلة العنف الواقع على النساء والطفلات في مناطق الصراع والنزاع المسلح، لكن اخفاقات هيئة الأمم المتحدة، أيضا، لا تخفى على أحد.

تمر ذكرى القرار هذا العام والقضية الفلسطينية تقف على مفترق طرق جديد، مع الخطوات الجدية المتخذة للتوجه نحو الجمعية العامة للحصول على مكانة دولة غير عضو، والتغيير الذي سيقع على الوضع القانوني لفلسطين في اليوم التالي للتصويت على مشروع القرار. ان الواقع الجديد سينشئ تغييرات قانونية وسياسية متعددة، لجهة علاقة فلسطين وكذلك المرأة الفلسطينية بالهيئات الدولية ذات الصلة، كما سيرتب على الهيئة الدولية متابعة ومراقبة مترتبات القرار على الصعيد الفلسطيني، وعلى صعيد توفير الحماية المفترضة في ظل الاحتلال.

وأخيرا، سيتقدم مشروع القرار للجمعية العامة في ذكرى اعلان الاستقلال أو في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك لما تحمله المناسبتان من رمزية ودلالات. انها محطة فلسطينية مهمة ستنشئ نتائج توصلنا إلى عضوية عدد واسع من المؤسسات المهمة المرتبطة بالهيئة الدولية.

انها خطوة نضالية لا بد من استقبالها والالتفاف حولها من جميع المنظمات الجماهيرية ومنها قطاع المرأة، بعيدا عن محاولات التهويل من ردود الفعل وعواقب التوجه لأنها لن تكون أسوأ من الوضع الحالي، ولكن دون إغفال لعوامل الضغط التي سيلجأ لها الاحتلال والمناهضون للتوجه، ويبقى الاهم وحدة الموقف الفلسطيني للمضي بالتوجه والمجابهة الموحدة للاحتلال وللضغوط الساعية لاحباط المسعى.

http://www.miftah.org