ماذا بعد الارتفاع الحاد في وتيرة الاستيطان... وما فصل القول الأممي حياله؟
بقلم: محمد عبد ربه لمفتاح
2012/11/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14306

تتسارع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وتحديدا في القدس في هذه المرحلة على نحو غير مسبوق، وفق ما تؤكده الوقائع على الأرض وما تكشف عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية كل يوم.

هذا التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أو ما تبقى منها، يحاول الإسرائيليون تبريره بأنه يأتي ردا على الخطوة الفلسطينية بالتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول منها على اعتراف بفلسطين دولة غير عضو، فيما الحقائق تفيد بأن هذا الاستيطان المستمر والمتواصل ونهب أراضي الفلسطينيين سبق بسنوات طويلة الخطوة الفلسطينية، بل يمكن القول أنه بدأ مع "أوسلو" ذاتها، وكان الهدف منه إبطال أي طموح أو حلم فلسطيني بإقامة دولة مستقلة متواصلة جغرافيا وديمغرافيا، وهو ما أفضت إليه سياسة الاستيطان الإسرائيلي بعد عشرين عاما من توقيع اتفاقية أوسلو، حيث مزق الاستيطان جغرافية الأرض الفلسطينية، ونشأت ما بين إسرائيل وأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة دولة أخرى للمستوطنين على حساب حقوق الفلسطينيين في أرضهم المحتلة، وبات الحديث عن دولة فلسطينية في الضفة والقطاع أقرب إلى الوهم والمستحيل على ضوء ما فرضته إسرائيل من وقائع على الأرض.

وفي السياق ذاته يأتي ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل يومين عن مخططات ومشاريع استيطانية جديدة في القدس والضفة الغربية ، ليؤكد ما نذهب إليه من تسريع في وتيرة الاستيطان، في وقت وصف فيه خبراء مختصون في الجغرافيا أن الاستيطان الإسرائيلي في القدس - المدينة التي يطمح الفلسطينيون لأن تكون عاصمة دولتهم العتيدة- قد بلغ في هذه المرحلة ذروته القصوى، من خلال عشرات المخططات الاستيطانية التي أعلنت الحكومة الإسرائيلية ودوائرها المختلفة المصادقة عليها، ومن أبرزها: بناء أكثر من عشرة آلاف وحدة استيطانية في القدس خلال السنوات الخمس القادمة، وإقامة ما يسمى ب"الحدائق الوطنية" والحدائق التوراتية" ، والمنشآت العسكرية، وحفر مزيد من الأنفاق في محيط البلدة القديمة وأسفلها، وتعزيز البناء في الأحياء الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية كما هو عليه الحال في أحياء: رأس العمود، الشيخ جراح، جبل الزيتون، جبل المكبر، وعلى أراضي بلدات صور باهر، بيت صفافا وأبو ديس.

في حين أعلن وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس قبل يومين خلال احتفال نظم على شرفه في إحدى مستوطنات نابلس لمنحه جائزة "عزيز الاستيطان" عن دعم حكومته اللا محدود للاستيطان في الضفة الغربية والقدس، كاشفا النقاب عن زيادة في التحويلات الحكومية للمستوطنات بصورة غير معلنة بناء على إقرار الوزير نفسه بالأمر. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي ذاته أكد قبل ذلك أن لا أحد في العالم يمكنه منع إسرائيل من البناء في "عاصمتها الأبدية القدس" وفي كل مكان منها، مؤكدا أن حكومته رصدت مئات الملايين من الدولارات لهذا الغرض، والهدف من ذلك تعزيز مكانة المدينة كعاصمة للشعب اليهودي، وخلق أغلبية يهودية كاسحة فيها.

إن هذه الوتيرة المرتفعة من البناء الاستيطاني ونهب مزيد من الأراضي الفلسطينية، قد يكون واحدا من أسباب وعوامل عديدة تعزز وتقوي التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة للحصول منها على اعتراف بدولة غير عضو فيها، رغم تهديدات وزارة الخارجية الإسرائيلية بإلغاء أوسلو وضم أراضي في الضفة رسمياُ لإسرائيل ردا على الخطوة الفلسطينية، علما بأن جمود المفاوضات السياسية وتوقفها كان بسبب الاستيطان الذي بات يهدد على نحو خطير حل الدولتين، ويقضي على أي أمل فلسطيني حيال ذلك، وهو ما حذرت منه القيادة الفلسطينية، وكذلك المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري في تقريره الأخير. فهل يدرك المجتمع الدولي خطورة ما تقوم به إسرائيل؟ أم يواصل سياسة غض الطرف عن ممارساتها وسياساتها لتصل الأمور إلى مدى أبعد من التدهور الحالي؟

http://www.miftah.org