جنون العنصرية
بقلم: محمد عبيد
2012/12/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14436

إلى أي مرحلة يمكن أن يصل أشد المستعمرين تطرفاً؟ وهل من حد يقفون عنده أو يتم إيقافهم عنده؟ وماذا قد نرى بعد من جنون العنصرية الصارخة التي لا تستثني فلسطينياً، وتطال كل ممكن ومحرّم؟

جنون العنصرية “الإسرائيلية” يتصاعد على مختلف الجبهات، مشكّلاً جبهة عريضة من المجرمين السادّيين، وجامعاً في إطاره كل ما يمكن جمعه من أفكار ومخططات تهويد واقتلاع وقتل، وهو في إطار هذا العمل التكاملي بين جيش الاحتلال وعتاة المستعمرين، ومن خلفهم جوقة من القوى الدولية التي لا تتوانى عن الترافع عن جرائم الاحتلال، مستمر إلى ما لا نهاية، إذ لا يعتقد ولا يرى أي رادع حقيقي لهذه الحرب الوجودية .

آخر أساليب التطرف “الإسرائيلي”، وآخر ما توصلت إليه العقلية العنصرية في القدس المحتلة، تتمثل في وسيلة جديدة للتهجم على كل ما هو فلسطيني، والإساءة إلى الدين الإسلامي، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال إعلانات تستهدف الفلسطينيين، توضع على سيارات للمستعمرين المتطرفين، بهدف البيع، مرفقة بأرقام هواتف ما إن يتم الاتصال بها حتى يتلقى المتصل جواباً مسجلاً مسبقاً، ينال من كل ما ذكر بالسباب والشتائم .

والمسألة لا تقتصر على سيارة بعينها، أو رقم هاتف بحد ذاته، بل تتعدد السيارات والأرقام، في ما يشير إلى تحرك منظّم ومعدّ مسبقاً، هدفه التمادي في المساس بالشعور الديني للفلسطينيين في بيت المقدس أولاً، والضغط عليهم أكثر من خلال العنف اللفظي الغارق في دونية اللفظ والشتيمة ثانياً، والأهم من ذلك كله البناء على أساليب العدوان المفتوح على الفلسطينيين وكل ما ينتمي إليهم أو ما ينتمون إليه، بوسيلة جديدة لا تقل قذاعة عن غيرها .

وأمام كل هذه الحقائق الدامغة، والجرائم الموثّقة، يجد الفلسطيني في بيت المقدس ومختلف الأراضي المحتلة نفسه وحيداً أمام آلة عسكرية ودعائية إجرامية، لا تكتفي مما صنعت لأجله، ولا تجد من يردعها أو يوقف دوامتها العاصفة بكل عنصرية وسادية وإجرام، بل على العكس، يجد الفلسطيني المتروك لمصيره قوى دولية عظمى على رأسها الولايات المتحدة، تتحدث عن ضرورة العودة إلى مفاوضات التسوية، لتحقيق ما تعتبره “سلاماً ممكناً”، ونجد دولاً أخرى غربية تلوذ بجدار الصمت، أو تتعامى عن الحقائق .

أي تسوية ممكنة و”الإسرائيليون” يعارضون بالأغلبية العظمى، حسب آخر الاستطلاعات، قيام دولة فلسطينية منقوصة؟ وأي تسوية محتملة ولا وجود لشريك محتمل أو مفترض؟ وأي تسوية ممكنة والمشروع الصهيوني من أساسه مشروع قتل واقتلاع وتهجير، وفكرة تنادي بتفوق عنصري اثني لفئة من بني البشر على غيرها؟

حاول الكيان ومجرموه من مستعمرين وساسة متطرفين منذ زمن، النيل من الفلسطينيين وصمودهم، وضعوا المخططات وارتكبوا الجرائم والمجازر بحق البشر والشجر، هاجموا المساجد والكنائس ودنسوها من دون أدنى رادع، والآن يجددون الأساليب ويستخدمون سلاحاً أشد فتكاً بالتعرض مباشرة لدين الإسلام ونبيه، وفي النهاية قد لا يقف هذا الجنون عند حد، فلا وجود لمحرّم في فكر هؤلاء .

المجتمع الدولي عاجز عن ردع “إسرائيل”، هذا معروف بل ومفروغ منه أيضاً، لكن عجزه عن حماية كل مقدّس في نظر أتباع الديانات السماوية ككل، يعبّر عن تواطؤ مع الصهيونية العالمية، ولا أدل على ذلك من الإحصائية الأخيرة عن التقسيم الديني لسكان العالم، التي أشارت إلى وجود 2 .2 مليار مسيحي (32% من سكان العالم)، و6 .1 مليار مسلم، (23%)، و14 مليون يهودي (2 .0%)، وفي هذه الأرقام تأكيد للمأساة، ف2 .0% يحكمون العالم .

http://www.miftah.org