باب الشمس تفتح الباب لعهد جديد من المقاومة السلمية
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2013/1/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14480

إن ما حصل في باب الشمس من اعتداء إسرائيلي فاضح على مجموعة من المتظاهرين الفلسطينيين رفع اللثام عن سياسة الحكومة الإسرائيلية التي لا تستطيع التعامل مع أبسط الطرق في التعبير عن الرأي ألا وهي التظاهر السلمي والاعتصام، وذلك بعد أن قمع مئات من عناصر شرطة الاحتلال نحو مئتي ناشط فلسطيني كانوا قد بدؤوا اعتصامهم في المنطقة «E 1» بين الضفة الغربية والقدس الشرقية في الأيام القليلة الماضية احتجاجاً على مصادرة الأراضي في تلك المنطقة لصالح بناء المستوطنات، الأمر الذي دعا بلجان المقاومة الشعبية الفلسطينية أمس الأحد بإعلان تصعيد فعالياتها الاحتجاجية ضد سياسات الاستيطان.

لكن ورغم ما تعرض إليه الناشطين من اعتقال وعنف انتهى بالطرد، إلا أن هذه المبادرة تركت أثراً عميقاً ليس فقط على مستوى تطور المقاومة الشعبية وسبلها فلسطينياً، بل أيضاً على المستوى الإسرائيلي، فالشرطة الإسرائيلية اضطرت إلى اللجوء إلى المئات من رجال القوات الخاصة لطرد كل من كان في المنطقة.

لقد بات واضحاً وضوح الشمس إن ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي يظهر إفلاس دولتها الحقيقي أمام أي تحرك سلمي فلسطيني، فهي التي لا تفهم سوى لغة العنف الذي تنتظره لترد عليه بعنف مفرط، لم تملك سوى العنف لترد على التحركات الشعبية السلمية، الأمر الذي عراها وكشف النقاب عن سياستها العنصرية والقائمة على استخدام العنف بشكل أساسي وممنهج، إلا أن ذلك كله لم يمنعها من العمل تحت مظلة قانونية مزعومة، إذ أن ما يًسمى ب "المحكمة العليا الإسرائيلية"، أصدرت أمراً عاجلا بمنع إخلاء الخيام. لكنها أرفقت القرار بجملة نفته جملة وتفصيلاً «إلا إذا كان هدم الخيام يعتبر مسألة ذات دوافع أمنية عاجلة»، وهنا نصطدم مجدداً بجدار الديمقراطية المزعومة عبر التوجه إلى المحكمة والقضاء، في خطوة لا تعدو كونها غطاءً لتبرير الأعمال الإجرامية لحكومة الاحتلال.

إن مبادرة باب الشمس فتحت الباب أمام عهد جديد من المقاومة السلمية وأشكالها في فلسطين، وهي مبادرة لابد أن يحتذا بها وبل ويجب تعميمها مجتمعياً من أجل مواجهة التغول الاستيطاني الذي يزحف إلى مختلف الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية دون حسيب أو رقيب، حتى أنه أطبق على الفلسطينيين وحاصرهم وخاصة في القدس التي عزلها بالكامل عن الضفة الغربية، وكل ذلك أمام أعين المجتمع الدولي الذي لا يحرك ساكناً إزاء هذا التجاوز الإسرائيلي الذي يتنافى مع المواثيق الدولية، حتى وإن خرجت بعض التنديدات الخجولة لكنها لم تجد آذاناً إسرائيلية صاغية، وهنا ما كان من الفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم مجردين من أي سلاح أو حيلة أمام هذا المد الاستيطاني غير المسبوق وغير المنقطع، إلا اللجوء إلى الخيمة الفلسطينية التي أضحت رمزاً للاعتصام والصمود بعد أن ارتبطت بالضعف والشتات، لتكون بذلك إحدى سبل المقاومة السلمية التي لا بد أن تمسي ثقافة ومنهجاً عاماً إلى جانب أنواع المقاومة الفلسطينية المختلفة كافة.

إن هذا النمط الجديد من المقاومة الشعبية الذي يعتمد على الإصرار والمثابرة، هو أحد أهم الأساليب النضالية التي يجب أن تستمر وتتواصل بل وتُعتمد من قبل المجتمع الفلسطيني، وفصائله وأطيافه كافة، وتدعم من قبل القيادة الفلسطينية لأنها من الأهمية بمكان بحيث أنها تؤكد على الحق الفلسطيني بطريقة يفهمها أو على الأقل يقبلها المجتمع الدولي، بصورة لا تدع معها مجالاً لتوجيه أصابع الاتهام للطرف الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن أرضه من السرقة والمصادرة من أجل بناء المستوطنات غير الشرعية فوقها.

http://www.miftah.org