هل تحرك زيارة أوباما المياه الراكدة ؟
بقلم: حازم قاسم
2013/2/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14565

مع إعلان البيت الأبيض عن نية الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارة المنطقة (إسرائيل والأردن ومناطق السلطة الفلسطينية) في الربيع المقبل، أُطلقت جملة من التكهنات والتعليقات في الجهات المختلفة، إلا أن التركيز في التعليق على الزيارة كان في إسرائيل.

وحسب المتوقع فإن الرئيس أوباما سيبحث مع المسئولين في إسرائيل الملفات الساخنة المتعلقة بتطورات الأوضاع في سوريا، وكيفية التنسيق للتعامل مع الإفرازات المتوقعة من الأزمة السورية، بالإضافة إلى الملف الإيراني بعد الإعلان عن إجراء مفاوضات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لبحث الملف النووي. وسيبحث أوباما خلال زياراته ملف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل خاصة وأن جدول الزيارة يشمل الأردن ورام الله.

والملاحظ أن إسرائيل بدأت بالاستعداد المبكر لزيارة أوباما على المستوى السياسي، فبدأت بعض الجهات تسرب أخبار عن استعداد إسرائيل لبحث صيغة لوقف الاستيطان كبادرة من إسرائيل تجاه تحريك المفاوضات مع السلطة، والغريب أن شخصيات معروفة بتطرفها تحدثت عن الآثار السلبية للاستيطان، فـ (يعقوب عميدرور) رئيس مجلس الأمن القومي صرح بأن الاستمرار في الاستيطان يفقد إسرائيل لحفائها في الغرب. هذا الموقف يتفق معه حسب الصحافة الإسرائيلية المحامي (إسحاق مولخو)، وهو المسئول عن ملف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. كما تصاعدت حدة التسريبات التي تتحدث عن استعداد نتنياهو للوصول إلى حل وسط مع الرئيس عباس حال استئناف المفاوضات بين الطرفين.

من جانب أخر تحدثت الإعلام الإسرائيلي أن المستشار السياسي لنتنياهو (رون ديمر) قرر التنحي عن منصبه بعد انتهاء زيارة أوباما، لأن ديمر كان يطمح لتولي منصب سفير في الولايات المتحدة، إلا أن وقوفه وراء دعم نتنياهو للمرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة قد يحول دون ذلك. إضافة إلى تصريحات نتنياهو وقادة حزبه عن رغبتهم في ضم بعض الشخصيات " المعتدلة" للحكومة المقبلة استعدادا لأي حراك أمريكي تجاه دفع "عملية السلام" مع السلطة الفلسطينية.

وتذهب التحليلات الإسرائيلية في أهداف الزيارة عدة اتجاهات، منها أنها رسالة إلى أحزاب الوسط في إسرائيل للانضمام للحكومة، وعدم إفساح المجال لأحزاب اليمين باحتلال الحكومة القادمة، وأنها تطمين لحفاء أمريكا في المنطقة بأنها ما زالت تقف إلى جانبهم بالرغم من التغييرات في ميزانيات الأمن، وتعين وزير دفاع (هيغل) الذي يؤمن بضرورة التدخل بالحد الأدنى مع الحلفاء. وأن تكون الزيارة الخارجية لأوباما في بداية ولايته الثانية إلى إسرائيل، رسالة إلى أن الأخيرة تقف على رأس الحلفاء في المنطقة.

أما في الموضوع الفلسطيني، فإن الجهات الأمريكية بدأت في وقت مبكر بتخفيض سقف التوقعات من نتائج الزيارة، فالمتحدث باسم البيت الأبيض قال بأن أوباما لا يحمل مبادرة سلام جديدة خلال زيارته المرتقبة. وتحدث عدد من المحافل الإسرائيلية عن الزيارة ليس لديها جدول أعمال واضح. حتى أن السفير الأمريكي في إسرائيل (دان شبيرو) استبعد أن تحدث انطلاقة ذات معنى في العملية السلمية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأن الزيارة هي "جزء من الرغبة في دفع الحل"، حتى أن إعلان البيت الأبيض لم يتضمن مصطلح "العملية السلمية".

وفي نفس السياق بدأت إسرائيل بالتقليل من إمكانية إحراز اختراق في الجمود الذي يكسو عملية التفاوض مع إسرائيل، فأعاد ديوان نتنياهو التأكيد على استمرار الاستيطان. وتقدر بعض الأوساط الإسرائيلية أن نتنياهو سيواجه الضغوط التي قد يمارسها أوباما. وأن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة قد تساعد نتنياهو بالقول أن هذه الأوضاع تؤكد أن إسرائيل ستبقى الحليف الحقيقي للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة بعد سحب الولايات المتحدة لقواتها من عدة أماكن في المنطقة. وإذا طرح أوباما فكرة التقدم في العملية السلمية لتحسين صورة أمريكا في المنطقة حمايةً للمصلحة المشتركة، فإن القادة في إسرائيل سيردون بأن ما يحصل في المنطقة لا علاقة له البتة بجمود عملية السلام.

السؤال، هل جهزت قيادة السلطة الفلسطينية أوراقها للتعامل مع زيارة أوباما المرتقبة، أو أنها ستراقب، لتتخذ بعدها موقف ما، وهل حقيقة أن قيادة السلطة ما زالت تأمل من مثل هذه الزيارات أن تحرك المفاوضات؟ أو أن تدفع إسرائيل للاستجابة لمتطلبات "عملية السلام".

إن المطلوب من السلطة في رام الله أن تجهز لزيارة أوباما ومن قبلها لمواجهة التحديات المحيطة بالقضية الفلسطينية، بأن تخطو بجدية كبيرة لانجاز المصالحة الفلسطينية بالشكل الذي يضمن استمرارها، وتشكيل حكومة مجمع عليها من القوى الفلسطينية، وصياغة برنامج وطني لا يتضمن الحد الأدنى لكل طرف، بل يكون روحه طموحات الشعب الفلسطيني بتحرير أرضه ومقدساته وعودة لاجئيه. وعليها أيضاً أن تتخلى عن احتكارها لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأن تضم فيها فصائل المقاومة الفاعلة، فمن غير المنطقي أن ترهن السلطة وغيرها انجاز أي من الملفات الداخلية إلى ما بعد زيارة أوباما.

http://www.miftah.org