علامات على الطريق جاذبية الحطام
بقلم: د.يحيى رباح
2013/2/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14575

وهكذا يتضح أن الخريف العربي الذي أطلق عليه عمدا وبنية مسبقة اسم الربيع , هو خريف طويل , و في هذا الخريف الطويل تتساقط الأوراق السياسية في المنطقة بسهولة , و تصبح الحقائق عارية تماما , و تستغيث طالبا العون , و لكن صوت الرياح النائحة , و دوي الانهيارات , و حجم الحطام يصبح كبيرا جدا بحيث لا يسمعك أحد.

هل نحن فلسطينيا قادرون على الإفلات من جاذبية الحطام ؟؟؟ هل نستطيع أن نختلس لحظة من هذا الزمن المضطرب , نقرر فيها معا , بكل أطيافنا السياسية , أن نقلل من الخسائر إلى الحد الادنى , و نعظم المكاسب ما أمكن ذلك ؟؟؟

حتى هذه اللحظة وبعد عامين من تجدد الأمل بمغادرة الانقسام و انجاز المصالحة , تبدو النتائج غير مرضية فما زلنا – مع الأسف الشديد – جامدين عند نقطة الارتباك نفسها , نهرب من فشلنا إلى أوهامنا , ننتظر ما لا نعرف على وجه اليقين , مفعول بنا و لسنا فاعلين , نطرح على بعضنا الأسئلة التي سبق و أن طرحناها على امتداد العقود الماضية , نعيش يوما بيوم , ساعة بساعة , و هذا هو النجاح الخارق الذي حققه الاحتلال الإسرائيلي ضدنا , دون أن نبذل جهدا حقيقيا لمقاومته , فالاحتلال الإسرائيلي هو أولا و عاشرا الذي أوقعنا في حفرة الانقسام , حفر الحفرة أمام أعيننا , ثم دفعنا إليها فوقعنا فيها طواعية و باستسلام كبير , ثم جعلنا نتكيف تدريجيا مع الانقسام و نغرق فيه أكثر بينما نحن ندعي أننا نقاومه و أننا نريد الخروج من الحفرة !!! الحطام له جاذبية.

ولم نهتد بعد إلى كيفية الإفلات من جاذبية الحطام , يضخم العدو إنجازاتنا عمدا لكي نتلهى بها !!! و يضخم العدو أخطاءنا لكي ننشغل بها , و نمارس ضد بعضنا لعبة الادعاءات الزائفة , مثل لعبة المقاومة التي ينتهي كل شوط فيها بمأساة لنا نتعهد بعدها بعدم المقاومة !!! ثم نحرم على أنفسنا المفاوضات دون أن يكون لنا أي شيء أخر لنفعله !!! أو نتباهى بطريقة سقيمة جدا بمن زارنا و التقط لنفسه صورة فوتوغرافية أو تلفزيونية على أشلائنا الدامية و ركام بيوتنا , و خراب حياتنا , دون أن نسأل إن كان هذا الزائر يملك لنفسه ضرا أو نفعا فما بالكم إن كان قادرا أن يصنع لنا شيئا , و هكذا نلعب مع أنفسنا لعبة الوهم على غرار ما سجلته لنا نماذج الأدب العالمي , من انتظار " جودو " الذي لا يأتي أبدا , أو رسائل الجنرال الذي لا يجد من يكاتبه , فيكتب الرسائل لنفسه و ينهمك في قراءتها بشغف , أو زيارة السيدة العجوز التي تتخيل أن جرس باب بيتها يقرع , و يدخل زوارها , و يجلسون في الصالون , ثم يذهبون إلى مائدة الطعام , ثم ينصرفون , و كل ذلك ليس سوى مفردات من الوهم لم تحدث أبدا.

ألم أقل لكم أن للحطام جاذبية , و نحن مشدودين كليا إلى جاذبية الحطام , أصبحنا نتفنن في الاندياح مع جاذبية الحطام , و التعايش مع جاذبية الحطام , و نسجل الانتصارات على بعضنا بالنقاط أو بالضربة القاضية و نحن داخل محيط جاذبية الحطام !!! نفرح و نحزن , نغضب و نرضى , نختلف و نتفق , و لكننا نبقى في محيط الدائرة.

هل نكسر الدائرة ؟؟؟

يا ليت ذلك لا يحدث , ربما من بركان الفوضى نعثر على قانون الانضباط الوطني !!! و ربما من قلب إعصار عدم اليقين نكتشف قانون الحقيقة المؤكدة , يجب أن نكسر الدائرة.

يجب أن نتعلم كيف نقاوم , و لماذا لا نجرب السخط المتفجر مادام هذا الرضى الزائف ليس سوى صورة مبتكرة للموت ؟؟؟

Yhya_rabahpress@yahoo.com

http://www.miftah.org