تحت خيمة اعتصام
بقلم: حمدي فراج
2013/2/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14576

بادر عدد من الشباب الغيورين والحريصين على اقامة خيمات اعتصام للتضامن مع الاسرى المضربين عن الطعام ، وبعضهم لما يقارب من سبعة أشهر كسامر العيساوي الذي اسمع جوعه اروقة العالم واكثر بكثير مما أسمعته السنوات العشر التي امضاها وراء القضبان قبل ان يطلق سراحه في صفقة التبادل مع شاليط ، وقتها كان اسم جلعاد شاليط هو الذي يتردد في اروقة العالم ، وكان ذلك يغيظ الكثيرين من اسرى فلسطين وذويهم ، وهم بالالاف ، وبعضهم امضى ثلاثة عقود في الباستيلات ، دون ان يئنوا ، ولكن بعد اتفاقية اوسلو التي لم تنجح في تحريرهم ، بدأت بعض من أنّاتهم تخرج وتتصاعد ، ولكن صداها لم يتردد ابعد بكثير من حجرات منازلهم ، ولهذا ما زالوا يتعفرون في قيدهم ، وعلى الاخص المائة وسبعة اسرى الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية اوسلو التي مضى عليها الان عشرون عاما لم تشفعا – الاتفاقية والعشرون عاما – لهم عند السجان ، لا ولا صفقة شاليط التي نفذت اواخر عام 2011 بالرعاية المصرية ، صفقة شاليط او "وفاء الاحرار" تضمنت اطلاق سراح العيساوي الذي كان محكوما بثلاثين سنة ، لكن السجان إلتف على الصفقة و على مصر ، فأعاد سامر الى السجن من جديد .

خيمة التضامن التي تم نصبها في مخيم الدهيشة ، هي الخيمة اليتيمة في محافظة بيت لحم ، وبالكاد تتسع لمئة متضامن ، فيقفز السؤال لكل ذي عقل وقلب ، لماذا لا يوجد الا خيمة تضامنية واحدة في محافظة تضم عشرة مدن واربعين قرية وثلاث مخيمات لاجئين ومهد مسيح لا يوجد شبيه له في العالم كله ، اين رؤساء البلديات الذين نجحوا في انتخابات ديمقراطية قبل بضعة أشهر وكان بعضهم في برنامجه الانتخابي قد تعهد بالعمل على نصرة الاسرى ، وها هم الاسرى يحتاجون اليوم اكثر من اي وقت مضى لمن ينصرهم بكلمة او بخيمة تضامن ، اين منظمة التحرير وبقية الفصائل المنضوية فيها وتلك المقدمة على الانضواء والتي تناهز العشرين فصيلا ، اين مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان والتي يناهز عددها في مخيم الدهيشة وحده اربعين مؤسسة ، اين وسائل الاعلام والفضائيات التي تفرد للمسألة السورية ساعات وساعات وساعات وجزء كبير منها اكاذيب واضاليل ، جعلت الشعوب العربية تنفض من حولها بالملايين (آخر دراسة امريكية ان مشاهدي قناة الجزيرة تراجعوا من 43 مليونا في اليوم الى ستة ملايين) .

في الخيمة ، نحظى في كل ليلة بمشاهدة بعضنا بعضا من اصدقاء ومعارف مرت سنوات على انقطاع السبل والاتصال ، نستمع الى الكثير من المشاهدات والتساؤلات والمداخلات المفيدة المستندة الى تجارب لا تخلو من ثراء ، وخليط من الشبان والكهول ، يتحلقون حول موقد من حطب يمدهم به صاحب منجرة خشب زيتون مجاور، لكن الاهم من كل هذا شعورنا اننا نقدم لهؤلاء الصناديد بعضا من تضامن ، اعتقدنا لوهلة اننا فقدناه .

http://www.miftah.org