نداءات الأسرى الفلسطينيين ودور الأمم المتحدة
بقلم: آمال أبو خديجة
2013/3/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14622

هو الوقت يمضي ليَنزع في كل لحظة منه جزءاً من جسد الأسير المُسجي على فراش الجوع والبرد الذي تعدى في فراغ أمعائه ما لم يستوعبه العقل من عدد الأيام ليفوق المائتين وأكثر ليكون ذلك عنوان التحدي والصبر لاسترداد الحق والحرية.

وفي كل يوم يزداد عدد من ينضمون للمضربين عن الطعام من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لعل الصوت يقوى في صراخه ويعلو في سماء الكون ويتخطى المسافات ليُسمع الضمائر التي تمثل الإنسانية فتستجيب وتُلقي السمع لنداء صوتهم.

كبُر الأمل عندما أصبحت فلسطين دولة غير عضو في هيئة الأمم المتحدة وبأن ذلك سيُسرع في تحقيق الحقوق والمطالب الفلسطينية وفي مقدمتها حقوق الأسرى بالإفراج عنهم وعودتهم إلى ديارهم وأهليهم، لكن ذلك الأمل ما كاد ينمو حتى ذبُل سريعاً ليواجه بعقبات تحول دون سرعة تحقيق المطالب وتشريع الحقوق.

لكن هل حقاً الأمم المتحدة قادرة على حماية الفلسطينيين واسترداد حقوقهم؟

تساؤل ليس غريباً ان يُراود تفكير كثير من المواطنين الفلسطينيين، حيث بات الفلسطينيين يعلمون من جراء التجارب السابقة لقضاياهم والقرارات التي صدرت عن هيئة الامم المتحدة منذ بداية الاحتلال حتى الآن، أنها لم تستطع أن توفر الكثير من الحماية واسترداد الحق إلا بما يتعلق بتوفر الغذاء والخدمات الصحية وغير ذلك، أما ما يتعلق بالأرض واستردادها ووقف الاستيطان وتحرير الأسرى فإن ذلك لم تستطع أن تثبت قوة قراراتها وسلطتها في منع الاحتلال الصهيوني من الاستمرار به والتمادي بالتطاول عليه ضد الفلسطينيين.

ولعل التساؤل الآخر الذي يُفكر به الفلسطيني بشكل عام، لماذا هيئة الأمم المتحدة حتى الآن عاجزة عن أن تتخذ قراراً حاسماً ضد دولة إسرائيل ومعاقبتها دولياً على عدوانها وخاصة حيال الأسرى الفلسطينيين؟ وهل لو وجدت دولة أخرى غير فلسطين معتدى عليها وتحتلها دولة أخرى سيُتعامل معها من قبل هيئة الأمم المتحدة كما يتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي الآن؟

إن الإجابة على هذه التساؤلات ستُأخذ من أفواه الصغار قبل الكبار في المجتمع الفلسطيني الذي بات يفقد الثقة بالمؤسسات الدولية والحقوقية التي يراها تتعامل بميزان العدالة المائلة البعيدة عن تحقيق العدالة المشروعة والإنسانية حيث يتخذ قراراته بناء على ما يميل مع المصالح الصهيونية ورضى الأطراف وليس تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

فهيئة الأمم المتحدة تفتقد إلى الاستقلالية في القرار وتخضع لهيمنة السياسة الصهيوأمريكية التي تقف معارضة لأي قضية تطرح لنصرة الشعب الفلسطيني، وصوتها أمام الحق الفلسطيني خافتاً خجولاً، ورغم التصفيق الطويل والحار في أروقتها عند إعلان الدولة الفلسطينية إلا أن ذلك التصفيق تجمد على مِقعده ولم يخرج لأفعال حقيقة خارج مؤسساتها ليُنصف فعلاً الشعب الفلسطيني وقضيته.

وبما أن هيئة الأمم المتحدة باتت تعترف بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة تقوم على حدود (67) فإن ذلك يضعها أمام مسؤولية المطالبه بحق أفراد هذه الدولة وحقوقهم المسلوبة والدفاع عنها من قبل الاحتلال الصهيوني كونها هيئة أممية تمثل حقوق الدول الأطراف والأعضاء فيها ومن وقعت على اتفاقياتها الدولية.

ومن أهم القضايا حساسية في الشارع الفلسطيني الآن هي قضية الأسرى الفلسطينيين ومعاناتهم الطويلة داخل السجون وخاصة وأن عدد منهم يضربون عن الطعام منذ فترة طويلة دون أن يُلبي نداء جوعهم وألمهم صوتاً دولياً واحداً، ويضرب الاحتلال الصهيوني بعرض الحائط كل المطالبات الداخلية بالإفراج عنهم مما يتطلب من الأمم المتحدة أن تُسرع بإتخاذ القرار السريع والحاسم ضد الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجونها وباعتبارهم أسرى حرب حسب اتفاقية جنيف الرابعة.

فهل ستجرؤ هيئة الأمم المتحدة باتخاذ قرارات حاسمة وعملية ضد الاحتلال الإسرائيلي بكل أبعاده لتُنصف قضايا الشعب الفلسطيني في وقت صمت فيه العالم وانشغل الوطن العربي بهمومه الداخلية وباتت الأراضي الفلسطينية ساحة سهلة للاستيلاء عليها من قبل الاحتلال الصهيوني والمستوطنين وأصبح الأسرى مختبرا لتجارب إدارة السجون الإسرائيلية على أجسادهم وفراغ أمعائهم.

ولعل الخيام الثائرة قبالة مقار هيئة الأمم المتحدة في المدن الفلسطينية تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين ومشاركتهم الإضراب عن الطعام من قبل عدد من الشبان الفلسطينيين يُمثل عنواناً للاحتجاج الكبير من قبل الشعب الفلسطيني ضد ضعف وتأخر دور الأمم المتحدة حيال قضية الأسرى الفلسطينيين وضرورة تفعيلة وتسريعه وتقويته في وجه الاحتلال الصهيوني وعدوانه الظالم في كل جوانبه.

* كاتبة فلسطينية- رام الله. - bnitalislam@yahoo.com

http://www.miftah.org