مملكة من 'أعشاب'
بقلم: وفا- رشا حرزالله
2013/4/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14712

رام الله- في زاوية أحد المجمعات التجارية الكبيرة في مدينة رام الله، ترتّب الطالبة شيماء جميل (17 عاما)، منتجا مكونا من 'خلطة' من الأعشاب تنبت في التلال والروابي الفلسطينية، لتشكل بذلك صيدلية طبية طبيعية، وتدخل حيز التنافس مع المنتجات الطبية الكيماوية.

'الميرمية والزعتر والنعناع وحصى اللبان والبابونج والينسون والجعدة وجرية الحمام، وغيرها الكثير من الأعشاب، تتربع بجدارة على عرش ما يمكن ان يطلق عليه 'الصيدلية الطبيعية الفلسطينية'.

شيماء وسبع طالبات من مدرسة بنات بيتونيا الثانوية، تفتحت أحلامهن الوردية بين الأعشاب الخضراء، بعد أن بدأن بعمل شركة طلابية، في إطار تدريب تنفذه مؤسسة إنجاز فلسطين، الذي يستهدف عددا من طلبة المدارس، بهدف تعريف الطلبة بهيكلية الشركة، وكيفية عملها مما يساعد في تقوية شخصية الطلبة وتطويرها.

'أعشاب الربيع'، هو الاسم الذي اختارته الطالبات لمنتوجهن، هذا ما قالته شيماء، مضيفة أنه وبعد طرح فكرة تأسيس شركة طلابية على طالبات الصف من مؤسسة إنجاز فلسطين في إطار تدريب يسمى 'دورة الشركة'، قمن بتقسيم أنفسهن لمجموعات، واتفقن على تعيين مدير عام ومديرة تسويق وإداريات من الطالبات.

في البداية وقف الوضع المادي حائلا دون تحقيق حلم شيماء والتي تشغل منصب مديرة المشتريات في الشركة، غير أنها وزميلاتها استطعن تجاوز هذه العقبة، عبر جمع رأس مال للشركة من خلال بيع أسهم للمواطنين وإقناعهم بالمساهمة في هذه الشركة، ونجحن في تحصيل جزء من المبلغ المطلوب لتأسيسها.

وتشرح شيماء مراحل تأسيس شركة 'مملكة الأعشاب' بالقول: 'اشترينا الأعشاب المتنوعة من محال بيع بالجملة، قمنا بتنظيفها وتجفيفها، كان يلزمنا مكان خال من الرطوبة ولا تصله أشعة الشمس، حتى نضمن أن يكون تجفيفنا صحيحا، استشرنا أحد أساتذة جامعة النجاح المختص بالأعشاب، والذي شرح لنا كيفية تعبئة الأعشاب داخل الأكياس المخصصة.

الطالبات السبع كن على قناعة أن منتج شركتهن يجب أن يسوق بأفضل صورة، الأمر الذي يحتاج إلى وسائل دعائية لتسويقة بطريقة أسرع، وهو ما تحدثت عنه المدير العام للشركة الطالبة براء الكردي، بالقول: 'إننا فكرنا بعمل علب ذي تصميم جذاب لنضع فيها الأعشاب بدلا من بقائها بأكياس النايلون، وطالبنا المحاسبة في الشركة بعمل ميزانية لذلك'.

وتضيف: 'اتصلنا مع أحد المصممين، حيث قام بعمل تصميم لمنتجنا، بالإضافة إلى عدد من البوسترات، قمنا بإلصاقها في أماكن مختلفة من المدرسة لتعريف الطالبات بالمنتج، وحددنا سعر العلبة بـ '10شواقل' كذلك فقد قمنا بوضع نشرة إرشادية داخل كل علبة تبين أهمية الأعشاب وفوائدها للإنسان'.

'أكثر من 300 مشترك بصفحتنا على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك'، تقول براء التي لم تخف فرحتها بهذا العدد من المشتركين، مؤكدة أن هذه الصفحة استطاعت أن تحقق لهن تسويقا أفضل، كذلك فهو وسيلة يتم من خلالها الإعلان عن وظائف في شركة مملكة الأعشاب، فيما بدأت الطالبات باستقبال هذه الطلبات ودراستها.

البسمة لم تفارق محيا مديرة مدرسة بنات بيتونيا الثانوية عزيزة صقر، حيث عبرت عن رضاها بالنتيجة التي حققتها طالباتها، وقالت: 'إن هذا التدريب استطاع كسر حاجز الخجل والخوف لديهن وساهم في تطوير شخصيتهن وتقويتها، وأثبت قدرتهن على الانخراط في المجتمع بطريقة أفضل'.

وأكدت أن التدريب ساعد الطالبات على تنمية ذاكرتهن، كما ساعد وجود أسهم في الشركة إلى تقويتهن في مادة الرياضيات، كما أصبح لديهن طلاقة في الحديث دون تلعثم، كما عزز فكرة الشركة لدى الطالبات اللواتي يملن إلى دراسة الفرع التجاري، غير أن المدرسة كانت حريصة جدا على أن لا يؤثر هذا التدريب على سير الحياة التعليمية لديهن.

'الطالبات أصبحن يعبرن عن أفكارهن دون خوف وخجل، ففي بداية الأمر لم يتعاملن مع الموضوع بجدية، ومع مرور الوقت بدأن بطرح الأفكار واستقررن على فكرة مملكة الأعشاب كون المواطنين يستخدمون الأعشاب بكثرة خاصة في فصل الشتاء'، هذا ما يؤكده المتطوع في مؤسسة 'انجاز' غسان دكيدك، الذي أشرف على تدريب الطالبات.

يقول دكيدك: 'فن التعامل مع الزبائن'، كان أهم تدريب بالنسبة للطالبات، كون اختلاطهن في المجتمع محدود ومقتصر على المدرسة والمحيط، كما واجهنا في البداية رفضا من بعض أسر الطالبات ولم يسمحوا لهن بيع المنتج في السوق، غير أننا وبتعاون المدرسة استطعنا إقناعهم بالفكرة، وهو الامر الذي ساهم في إنجاح 'المشروع' وتحقيق اهداف طالبات تفتحت أحلامهن الوردية بين الأعشاب.

http://www.miftah.org