جلسة في 'مفتاح' تستعرض حقائق وبيانات حول أسرلة التعليم بالقدس وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق التعليم في البلدة القديمة من الخليل
بقلم: مفتاح
2021/4/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15498

رام الله – 7/4/2021 – عقدت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" اليوم جلسة خاصة تم خلالها استعراض حقائق وبيانات حول سياسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه أسرلة قطاع التعليم في مدینة القدس، وانتهاكاته بحق التعليم في البلدة القديمة من الخليل، تم جمعها من قبل المدافعين الشباب من القدس والخليل، ضمن مشروع "الشباب الفلسطيني كمدافعين عن حقوق الإنسان" الذي تنفذه مؤسسة "مفتاح" بدعم من الاتحاد الأوروبي في كل من مدينتي القدس والخليل وقطاع غزة.

افتتحت الجلسة بكلمة د. تحرير الأعرج المديرة التنفيذية لمؤسسة "مفتاح"، أكدت فيها على أهمية هذا المشروع في السياق الفلسطيني، كونه يشكل أداة مهمة لرصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية والتي يمكن أن تستخدم للمساهمة في تعزيز جهود المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية في نشر انتهاكات الاحتلال على ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني في المنابر الدولية. أضافت:" أما أهمية المشروع بالنسبة لمفتاح، فلكونه يساهم في رفد المجتمع بشباب فلسطيني واعي لحقوقه ولديه القدرة على رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال وإيصال الرواية الفلسطينية للعالم".

أولا: التعليم في البلدة القديمة من الخليل

تم في الاستعراض الأول المقدم من قبل كل من المدافعتين إسراء سعدة ومنار شاهين من مجموعة المدافعين عن حقوق الإنسان في مدينة الخليل الإشارة إلى مجمل الصعوبات والتحديات التي تواجه قطاع التعليم في البلدة القديمة من الخليل ومحيطها المصنف كمناطق C)) و ( H2) والمتمثلة في المضايقات التي يتعرض لها الطلبة من تفتيش واحتجاز وعلى الحواجز، ولإطلاق قنابل الغاز والصوت في ساحات مدارسهم ومطاردتهم واعتقالهم أو تعرضهم للإصابة ومحاولات الدهس، ومنع وصول معدات الترميم لتحسين ظروفهم.

وأبرز الاستعراض معطيات تتعلق بعدد المدارس وأعداد الطلاب في تلك المناطق حيث توجد 44 مدرسة تخدم مجتمعة أكثر من 7800 طالب، حيث بينت معطيات وزارة التربية والتعليم تسجيل 218 انتهاكاً بحق الطلبة والعاملين في تلك المدارس تعرض خلالها الطلبة إلى 5960 ضرراً بشرياً، إضافة إلى 18391 ضرراً نفسياً. في حين انخفض العدد إلى 53 انتهاكاً خلال العام 2020، تعرض خلالها الطلبة إلى 263 ضرراً بشرياً، إضافة ل 3623 ضرراً نفسياً، علما أن هذا التراجع مرده تعطل دوام المدارس لعدة أشهر بسبب جائحة كورونا.

واقترحت ورقة السياسات المتعلقة بالتعليم في البلدة القديمة ومحيطها بدائل وخيارات على الجهات الفلسطينية والدولية ذات العلاقة، من أبرزها: تشكيل لجنة حماية دولية لطلبة المدارس ما يشكل رادعاً للاحتلال، والعمل على توفير برامج عناية نفسية خاصة لطلبة المدارس في البلدة القديمة من الخليل، وكذلك برامج ترفيهية، وإعطاء المدرسين دورات تعلمهم كيفية التعامل مع الطلبة المتعرضين للانتهاكات، وذلك بالتنسيق بين وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والمؤسسات الدولية والأهلية.

ثانياً: الحق في التعليم بمدينة القدس: أسرلة المناهج الفلسطينية

بدورها، قدمت المدافعة هديل ردايدة من مجموعة المدافعين الشباب عن حقوق الإنسان في مدينة القدس استعراضاً للعديد من الانتهاكات الاحتلالية التي تعيق عملية التعليم لدى الطلاب المقدسيين ومن أبرزها: الحبس المنزلي، الحواجز وجدار الفصل، والضائقة في الغرف الصفية، بالإضافة إلى سياسة أسرلة المناهج الفلسطينية.

وتطرقت الورقة السياساتية المتعلقة بالتعليم في القدس إلى الجهات المشرفة على التعليم في المدينة المقدسة، وهي مدارس الأوقاف الملتزمة بالمنهاج الفلسطيني، والمدارس الخاصة التي تتبع جمعيات ( كنائس ومساجد وجمعيات خيرية) وهي ملتزمة أيضا بالمنهاج الفلسطيني لكنها تتعرَّض لضغوطات إسرائيلية بسبب حصول بعضها على مخصصات شهرية من وزارة المعارف الإسرائيلية، ومدارس المعارف والبلدية الإسرائيلية ومدارس المقاولات التي تطبق المنهاج الإسرائيلي والمنهاج الفلسطيني المحرَّف، ثم مدارس الوكالة المدارة من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتلتزم بتطبيق المنهاج الفلسطيني.

ولفتت الورقة إلى أن نسبة مدارس المعارف والبلدية التي تدرس إما منهاجاً فلسطينياً محرّفاً، أو منهاجاً إسرائيلياً (بجروت) بلغت 50% من مجموع المدارس بعدد يزيد عن ال 40000 طالب وطالبة، علماً أنَّ الاحتلال استحدث 12 مدرسة لتعليم نظام البجروت بشكل كلي من أصل 50 مدرسة يوجد بها نظام البجروت بشكل كلي أو جزئي.

في حين استعرضت الورقة أساليب الاحتلال في أسرلة المنهاج الفلسطيني، من ذلك حذف كل ما له علاقة بالانتماء الوطني الفلسطيني وإضافة مواد تتماشى ومخططاتها الاحتلالية من خلال تغيير أسماء المدن الفلسطينية وتجريم اللغة والتراث الوطني، وحذف الأبيات الشعرية والآيات القرآنية التي تتحدث عن الجهاد والشهداء.

أما الأسلوب الثاني الذي تلجأ إليه فهو من خلال تخصيص أكثر من 20 مليون شيكل لتطوير التعليم في القدس الشرقية على مستوى المرافق التربوية والبنية التحتية بشرط أن تدرس المنهاج الإسرائيلي، علماً أن حكومة الاحتلال خصصت في العام 2018 مبلغ ملياري شيكل لأسرلة القدس الشرقية منها 445 مليون لقطاع التعليم خلال السنوات الخمس القادمة، ضمن خطة خمسية تهدف إلى رفع نسبة التعليم بالمنهاج الإسرائيلي إلى 90% في صفوف الطلاب المقدسيين خلال السنوات الخمسة القادمة، والتهديد بسحب تراخيص المدارس الأهلية التي ترفض تطبيق هذا المنهاج، وتقديم حوافز للطلبة المقدسيين وتسهيل قبولهم في الجامعات الإسرائيلية، ويتلازم ذلك مع إغلاق الاحتلال لمديرية التربية والتعليم الفلسطينية في مدينة القدس، والتضييق على البنية التحتية للمدارس الفلسطينية في القدس ومنع توسعها، مقابل افتتاحها لمدارس جديدة تابعة لها، واشتراط منح الترخيص لأي مدرسة حديثة بالتزامها بالبجروت الإسرائيلي، واستهداف المدارس الخاصة عبر محاولة ابتزازها بالميزانيات للضغط عليها في هذا الجانب.

واقترحت الورقة مجموعة من الحلول والتوصيات لمواجهة الاستهداف الإسرائيلي المستمر للتعليم من خلال دعم التعليم المهني وتخصيص موازنة لتطويره وتوسيعه، ورصد منح جامعية كاملة لطلاب التوجيهي في القدس، واستخدام المدارس الفلسطينية كمراكز أهلية لدعم الشباب الفلسطيني وتثقيفهم ضمن أنشطة لامنهجية بعد ساعات الدوام المدرسي، وتخصيص ميزانيات دعم للمدارس الفلسطينية الخاصة في القدس للصمود أمام سياسات الاحتلال وعدم رضوخها للابتزاز المالي من قبله، كما اقترحت الورقة فتح باب الحوار على الصعيد الوطني ودراسة خيار تعليم اللغة العبرية كجزء من المنهاج الفلسطيني في القدس وذلك لسد الثغرة التي تستخدمها بلدية الاحتلال للترويج إلى نظام البجروت الإسرائيلي بادعاء أنه أفضل لسوق العمل من نظام التوجيهي الفلسطيني ومحاولة طرحه كبديل لعامة الجمهور.

المداخلات والتوصيات

وتخلل الاستعراضين للورقتين مجموعة من المداخلات والتوصيات من قبل المشاركين الذين أكدوا على أنَّ الاحتلال قد حاول منذ عام 1967 فرض نظام التعليم الإسرائيلي على مدارس القدس لكنه فشل أمام تكاتف المقدسيين لرفضه، لكنه اليوم يسير بخطوات تدريجية متسارعة ضمن سياسة مدروسة وبعيدة المدى لأسرلة كافة القطاعات في مدينة القدس وعلى رأسها قطاع التعليم الذي يعتبر أخطر قطاع مستهدف، فالمعركة على التعليم هي معركة على السيادة والهوية بآنٍ واحد، وهو أهم قلعة للحفاظ على الهوية الوطنية في مدينة القدس، فمعركة الاحتلال على التعليم الفلسطيني في القدس تستهدف وعي الإنسان المقدسي، بعدما استهدفت وجوده المادي واستولت على أرضه.

وأكد الحضور في مجمل مداخلاتهم على أن موضوع التعليم في القدس قضية وجودية ما يتطلب من دولة فلسطين ووزارة التربية والتعليم إعطاء اهتمام خاص للقدس، ورصد الميزانيات والبرامج والمشاريع التي تدعم صمود المدارس في المدينة المقدسة، فتكون مخصصات المدارس الخاصة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية وليس من بلدية الاحتلال، إضافة إلى أهمية رفع رواتب المعلمين الفلسطينيين في القدس بشكل يتناسب مع مستوى المعيشة للحفاظ على الكادر التعليمي وتطويره، والقيام بتحرك شعبي ضد فرض المنهاج الإسرائيلي وامتحان البجروت على المدارس، وحث مرشحي المجلس التشريعي على الاعتصام أمام تلك المدارس التي تجاوبت مع تطبيق المنهاج الإسرائيلي للضغط عليها للتراجع عن قراراتها، ومواجهة ظاهرة اقتحامات المدارس وتفتيشها واستدعاء مديراتها ومدرائها للتحقيق وهي ظاهرة باتت لافتة في سياق تعامل الاحتلال مع مؤسسات التعليم والعاملين فيها.

ولمواجهة سياسة تهويد التعليم اقترحت المداخلات تفعيل دور الإعلام الفلسطيني خاصة المقدسي بحيث يصل إلى ضمير المواطنين وإحساسهم الوطني، وتوفير مدارس جديدة عن طريق مؤسسات خاصة تملك التراخيص لتعليم المنهاج الفلسطيني، والطلب من الجامعات الفلسطينية تسهيل التحاق الطلبة المقدسيين فيها، بالإضافة إلى تفعيل دور المرجعيات الوطنية في القدس حيال إلزام المدارس الأهلية التي تريد تطبيق المنهاج الإسرائيلي بعدم القيام بذلك.

كما أكدت المداخلات على الدور الهام للجان أولياء الأمور في مدارس القدس وتطوير عملها في سياق الحاجة لخطة تنفيذية تعمل على تطوير التعليم من جميع نواحيه، وتفعيل مجالس الطلبة في هذه المدارس، وتوحيد جهود مؤسسات المجتمع المدني العاملة ضد الأسرلة والتهويد، وتوحيد المصادر المالية المحلية ووضعها في إطار خطة وطنية لدعم التعليم والدفاع القانوني من خلال وجود جسم قانوني يدافع عن حقوق المقدسيين فيما يتعلق بالتعليم والصحة.

يُضاف إلى ذلك أهمية دور الحملات التوعوية وحملات الضغط والمناصرة على المستويين المحلي والدولي، والشراكة بين كافة الجهات الرسمية والأهلية والدولية للحفاظ على المنهاج الوطني الفلسطيني في القدس، وتسليط الضوء على هذه القضايا في المنابر الدولية وأهمها مجلس حقوق الإنسان.

كما ثمَّن المشاركون صمود غالبية المدارس الفلسطينية في القدس أمام سياسات الاحتلال من ترغيب وتهديد، مشيرين إلى أن الكثير من المدارس الخاصة قامت بتهريب المنهاج الفلسطيني لتستطيع تعليمه للطلاب بصورته الأصلية دون التحريفات المشوّهة لمضمونه التي قام بها الاحتلال، وأنَّ الشعب الفلسطيني لن يعدم الوسيلة للحفاظ على منهاجه الوطني في عاصمته المحتلة طالما تسلَّح بالإرادة، ويمكنه تشكيل لجان عمل شعبية لضمان استمرار التعليم الفلسطيني في القدس كما حدث في تجارب سابقة من نضال الشعب الفلسطيني، مؤكدين على الرفض الرسمي والشعبي لأي مدرسة تقبل بالرضوخ لسياسات الاحتلال.

وفيما يتعلق بقطاع التعليم في البلدة القديمة من الخليل ومحيطها، اقترحت المداخلات القيام بعملية تبويب وتصنيف للطلبة في مدارس البلدة القديمة وتوثيق ممارسات الاحتلال والمستوطنين ضد الطلاب والمعلمين واعتبار ذلك أولوية، والقيام بتدخلات مع الهيئات المدرسية لمعالجة القضايا اليومية ووضع حلول إبداعية للتحديات التي تواجه قطاع التعليم، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي للأسر في هذه المناطق، والتواصل المباشر بين محافظة الخليل ومديرية التربية والتعليم ومختلف الجهات والمؤسسات العاملة لتنسيق وتوحيد الجهود فيما بينها.

http://www.miftah.org