الحقوق الأسرية للنساء في القدس في ظل السياسات الإسرائيلية التمييزية
بقلم: مفتاح بالشراكة مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
2022/6/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15610

مقدمة:

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة إجراءاتها التمييزيّة العقابية ضدّ الفلسطينيّين وانتهاكاتها لحقوق الإنسان ضدّهم ومن بينها: الاعتقال المنزلي المفروض على القُصّر، والقيود على حريّة الحركة، وسحب الهويّات، والإخلاء القسري، وهدم البيوت ورفض طلبات لمّ الشمل. ولهذه الإجراءات ضرر غير متكافئ على المرأة، التي تتحمّل المسؤولية الأكبر في رعاية الأسرة.

تتعرض النساء الفلسطينيات من حملة الهوية الفلسطينية والمتزوجات من حملة الهوية المقدسية لعدة إجراءات تقيد حركتهن، وتمنعهن من ممارسة حياتهن الطبيعية، فيتم منع الفلسطينيات في القدس من العيش مع أزواجهن الذين يحملون هوية "زرقاء"، كما تمنع النساء في حالة حدوث الطلاق من المكوث في القدس المحتلة، ما يعرضهن لفقدان حضانة الأطفال وعدم العيش في نفس المدينة التي يقطنها الأطفال أو زيارتهم، لأن الدخول إلى القدس المحتلة يتطلب تصاريح دخول خاصة بموافقة سلطات الاحتلال عليها، خاصة أن تصريح الإقامة الصادر للنساء من حملة الهوية الفلسطينية يتطلب تجديده تقديم الطلب من قبل الزوج، وبطبيعة الحال في حالة الطلاق لا يمكنه تقديم هذا الطلب.

تؤدي هذه الإجراءات التمييزية الإسرائيلية تجاه النساء الفلسطينيات حسب الهوية التي يحملنها، والتي تحددها سلطات الاحتلال، أحد أسباب العنف الأسري أيضاً، لأن هذه الصعوبات المتراكمة تشكل خطورة على النساء ما يدفعهن لتحمل علاقات العنف بمختلف أنواعها، وعدم الإبلاغ عنها خوفاً من نقلها خارج القدس أو فقدان حضانة أطفالها في حالة الطلاق وسحب إقامتها، ما يزيد حالة التبعية والسيطرة من قبل الأزواج على مصير المرأة بشكل عام.

إحصائيات

  • تشير إحصائيات عام 2021 حسب مركز المرأة للإرشاد القانون والاجتماعي أن 70% من النساء اللواتي لجأن لطلب خدمات قانونية واجتماعية في القدس المحتلة، يحملن هوية مختلفة عن أزواجهن، مما أدى إلى زيادة حدة تأثير العنف عليهن من حيث عدم قدرتهن على تنفيذ قرارات المحاكم، وعدم قدرتهن على ترك أزاوجهن في حالة التعرض للعنف وفقدان حضانة الأطفال، ما يجعلهن أمام خيار واحد وهو البقاء ضمن دائرة العنف.

  • تم رفض ما يزيد عن 40 طلب لم شمل لعائلات فلسطينية في القدس منذ إقرار قانون "المواطنة" عام 2003، وهو قانون تمييزي عنصري ينتهك المادة 9 (1) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، يهدف الى منع منح الاقامة أو اعطاء جنسية لأي شخص من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 متزوج\ة من مواطن فلسطيني يحمل وثيقة الهوية المقدسية او يحمل جنسية اسرائيلية. وبالتالي يمنع هذا القانون المواطنين الفلسطينيين والفلسطينيات من دخول القدس ومناطق الخط الأخضر، الامر الذي يعرقل على النساء العيش مع أزواجهن من حملة وثيقة الهوية المقدسية. أما إذا كانت المرأة من حملة وثيقة الهوية المقدسية، وانتقلت للعيش مع زوجها من حملة الهوية الفلسطينية، فإن المرأة تواجه خطر سحب هويتها من قبل سلطات الاحتلال، وبذلك تجردها من معظم حقوقها والتأمينات الاجتماعية والصحية والتعليمية.

  • بحسب المعلومات المقدمة من قبل وزارة الداخلية الإسرائيلية فإن عدد طلبات لم الشمل التي لم يتم البت بها في عام 2014 هي خمسة طلبات فقط، وفي عام 2015 فإن عدد الطلبات العالقة بلغت 7 طلبات، وفي عام 2016 عدد الطلبات 4، كذلك الأمر في عام 2017 حيث كان عدد الطلبات 4. بينما في عام 2018 كان هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الطلبات التي لم يتم البت فيها، حيث بلغ عددها 56 طلبا. وفي عام 2019 بلغ عدد الطلبات غير المبتوت فيها 79، في حين ان عدد الطلبات عام 2020 بلغت 574 طلبا غير مبتوت فيه.

قانون "المواطنة":

  • قامت إسرائيل بإقرار قانون جديد للمواطنة في 10 اذار 2022، بهدف تعزيز نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) بأغلبية 45 صوتاً مقابل 15 صوتاً، يعيد للوجود معظم التشريعات السابقة التي وردت في قانون المواطنة للعام 2003، والذي انتهى العمل به في السادس من تموز 2021، بعدما فشل الائتلاف الحاكم في ضمان الأغلبية اللازمة لتجديده. (بيان مركز القدس للمساعدة القانونية، 22 اذار 2022)

  • ينص القانون بالصيغتين على منع الفلسطينيين في القدس المحتلة أو داخل الخط الأخضر من تقديم طلبات لم الشمل مع أزواجهن وزوجاتهم من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، ما لم يتجاوز سن الزوج 35 عاما والزوجة 25عاما، هذا ويشمل المنع سكان ومواطني كل من سوريا والعراق ولبنان وإيران، التي يضعها القانون في خانة "الدول المعادية".

  • في حال تزوجت امرأة من حملة الهوية المقدسية، يتم وقف معاملة لم الشمل المقدمة من قبل الأهل (في حال كانوا من حملة الهوية المقدسية) ومن ثم يتطلب من الزوج تقديم طلب جديد للم الشمل.

  • النساء من حملة هوية الضفة الغربية، لا يملكن حق تقديم لم شمل، فقط الزوج حامل الهوية المقدسية او الجنسية الإسرائيلية، حتى وإن استوفت الشروط المطلوبة لمعاملة لم الشمل وقدرتها على إثبات محل الإقامة.

  • في حالة حدوث مشاكل وخلافات اسرية تنتهي بالطلاق يتوجب على الزوجة اعادة تقديم لم الشمل عن طريق الأهل مجدداً (حاملي الهوية المقدسية)، هذا ان لم تضع الداخلية عائقا كونها أصبحت ابنة بالغة السن القانوني.

تعدد الزوجات:

  • يلجأ الرجل الذي يحمل الهوية المقدسية أو الجنسية الإسرائيلية الراغب في تعدد الزوجات الى التحايل على القانون، بطلاق المرأة في المحاكم الإسرائيلية وإعادتها الى عصمته في المحاكم الأردنية ومن ثم الزواج عليها في المحاكم الأردنية.

  • في حال كانت الزوجة سواء الزوجة الأولى أم الثانية من حملة الهوية الفلسطينية يمنح القانون الاسرائيلي صلاحية تسجيل الأبناء للأب صاحب الهوية المقدسية دوناً عن الأم، مما قد تتضرر مصلحة الطفل الفضلى

الحضانة:

  • في حال لم تكن الأم حاصلة على لم الشمل، فإنه يصعب عليها التحرك ومتابعة حقوق الأولاد أمام المؤسسات الرسمية في القدس. وفي حالة كانت الأم حاصلة على لم الشمل فإنه في أغلب الحالات يقوم الزوج بتوقيف المعاملة وحرمانها من تصاريح الاقامة وذلك لأن موضوع الحضانة يثار غالباً في حال حصول خلاف ونزاع بين الزوجين.

النفقة:

  • إذا كانت الزوجة او المطلقة من حملة هوية مقدسية والزوج من حملة الهوية الفلسطينية، لا يتم تنفيذ أحكام النفقات. مما يجعل النساء تضطر الى رفع قضايا نفقات في المحاكم الفلسطينية والتي سقف مبلغها أقل بكثير من المبالغ التي قد تحصل عليها من المحاكم الاسرائيلية

إشكالية تنفيذ قرارات المحاكم:

  • إذا كان الزوج او الطليق من حملة هوية الضفة الغربية ويقيم في المناطق وراء الجدار، حتى وإن كانت تلك المناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية، فلا تقوم الشرطة الاسرائيلية بتنفيذ تلك القرارات وإنما يتم تحويل الزوجة من حملة الهوية المقدسية الى مكتب الارتباط، وفي كثير من الأحيان ترفض الجهات الفلسطينية تنفيذ القرارات الصادرة عن المحاكم الاسرائيلية كونها تعتبرها أحكام أجنبية لا تنفذ ولا تعتمد مبدأ المعاملة بالمثل.

الإفادات والتوثيقات.

تم جمع وتوثيق واعتماد 18 إفادة بعد مرحلة التنقيح والمراجعة، شملت قضايا نساء من عدة مناطق جغرافية في القدس وضواحيها، 15 امرأة منهن مقيمات في أحياء وبلدات القدس، من ضمنها رأس العامود وجبل المكبر وبيت حنينا وسلوان وصور باهر ووادي الجوز والسواحرة الشرقية، وامرأتين اثنتين من بئر السبع، وامرأة واحدة تسكن في الأردن فرض عليها منع الدخول إلى فلسطين.

الحالة الاجتماعية متزوجة أرملة مطلقة قضية طلاق منفصلة
عدد الإفادات 18 9 2 5 1 1

مكان السكن أحياء وبلدات القدس * بئر السبع الأردن
عدد الإفادات 18 15 2 1

* أحياء وبلدات القدس:(رأس العامود وجبل المكبر وبيت حنينا وسلوان وصور باهر ووادي الجوز والسواحرة الشرقية)

تراوحت الفئة العمرية للنساء ضحايا السياسات والقوانين التميزية والعنف الأسري، اللواتي تم أخذت إفاداتهن، ما بين 22-60 عاما. أما بما يخص الحالة الاجتماعية لهن فكانت كما يلي: 9 نساء متزوجات، 2 أرامل، قضية طلاق لم يحكم بها، حالة واحدة لامرأة منفصلة من دون طلاق، و5 مطلقات.

وقام مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في العام 2021 بتوثيق 120 حالة حول تأثير الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني على النساء، حيث ركز في جزء منها على النساء في القدس، خاصة فيما يتعلق بهدم المنازل، وعنف المستوطنين، والوصول للخدمات، اضافة الى سحب الهويات والتهجير القصري.

صنف المركز جميع القضايا على أنها انتهاك مركب بحيث يتضمن عنف أسري وسياسات وقوانين تمييزية من قبل حكومة الاحتلال بما يخص الحقوق الاسرية للمرأة وقضايا لم الشمل. والعنف الأسري يشمل إجبار المرأة بالغالب من قبل الزوج على التنازل عن حقوقها المضمونة في إطار الزواج وفي بعض الحالات عن حضانة الأطفال، ما يتعارض مع اتفاقية سيداو والقوانين الوطنية.

يشمل العنف الأسري عنف جسدي واقتصادي من قبل الزوج أو أفراد العائلة الأخرى مثل الأخ أو الأب، وإجبار المرأة على الزواج المبكر وحرمانها من حقها في التعلم. وهنالك أيضا عدد من الحالات (2) شملت تعدد الزوجات، الأمر الذي يعرض الزوجات، باستثناء واحدة، لسحب حقها في المواطنة وما يشمله من حقوق مدنية واجتماعية واقتصادية أخرى. أما عن السياسات والقوانين التمييزية تتمثل ب، ولكن لا تقتصر على، قانون "إثبات الإقامة" وما يتبعه من سياسات مثل رفض التأمين، عدم تجديد الهوية، منع الدخول إلى فلسطين، وقرارات هدم البيوت (حالتين).

*تم إعداد هذه الورقة بالتعاون بين مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ومفتاح.

للاطلاع على ورقة الحقائق بصيغة PDF

الاتحاد الأوروبي غير مسؤول عما ورد بهذه الورقة من معلومات.

http://www.miftah.org