العطش في فلسطين
بقلم: مفتاح
2004/9/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=1706


قد لا يشكل مشهد خزان المياه الكبير الظاهر ، وسط النواة الاستيطانية المسماة جدعونيم ، المقاومة على قمة جبل الشيخ محمد ، من أراضي بلدة بيت فوريك ، أي معنى استثنائيا بالنسبة لأي مشاهد غريب ؛ لكنه يشكل الكثير بالنسبة لأهالي هذه البلدة البالغ عددهم حوالي تسعة آلاف نسمة ، الذين يحملون بيوم تصل فيه المياه الى بيوتهم عبر الأنابيب .

و لم يواجه المستوطنون أية عقبة في إيصال المياه الى هذه النواة الاستيطانية و ستة أنوية أخرى غير شرعية وفق التصنيف الرسمي اليهودي منبثقة و ممتدة من مستوطنة ايتمار لكن الأمر بالنسبة لأهالي بلدة بيت فوريك يعد مهمة وراء الشمس ، بذلوا و ما زالوا جهودا كبيرة و مضنية ، و على مختلف المستويات من اجل الوصول إليها دونما جدوى.

و قال رئيس البلدية عاطف حنني : طالبنا باستخدام ناقل المياه الموصل الى المستوطنة ، و المار عبر أراضينا و لكن السلطات اليهودية رفضت ذلك ، فاقترحنا ان يخصصوا لنا فتحة صغيرة في الخط لننقل المياه منها بواسطة الصهاريج و رفضوا هذا أيضا .

و تعكس الصورة صارخة التناقض هذه بين بلدة بيت فوريك الكبيرة و الأنوية الاستيطانية الصغيرة المنتشرة حولها و فوق أراضيها واقع التقسيم الظالم للمياه بين المواطنين الفلسطينيين و المستوطنين اليهود ..

أرقام:

و يقول المهندس فضل كعوش ، نائب رئيس سلطة المياه الفلسطينية ، ان السلطات اليهودية تسحب سنويا 55 مليون م3 من المياه الفلسطينية في الضفة و تحولها الى المستوطنات.

و ثمة فارق هائل بين كميات المياه التي يحصل عليها المستوطنون في الضفة ، و عددهم 160 ألف باستثناء القدس ، و قدرها 55 مليون م3 ، و تلك التي يحصل عليها الفلسطينيون في هذا الجزء من الوطن و عددهم مليون و ثمانمائة ألف نسمة و هي 62 مليون م3 في السنة .

أما بالنسبة لقطاع غزة فهو خارج الحساب ذلك ان نسبة الملوحة في مياهها كبيرة جراء امتداد مياه البحر الى الأحواض الجوفية التي تتعرض لسحب زائد بسبب محدودية طاقتها ..

و يحصل الفلسطينيون في قطاع غزة و عددهم مليون و مئة ألف على 45 مليون م3 من المياه معظمها مالحة فيما يسحب اليهود من القطاع عشرة ملايين م3 وفق ما يقوله المهندس فضل العكوش .

مناطق العطش:

و بلدة بيت فوريك واحدة من مناطق العطش في فلسطين ، و هو الوصف الذي تطلقه سلطة المياه على المناطق الأقل حظا من مياه الشرب في الوطن .

و العطش في فلسطين درجات فثمة عطش شديد يعاني منه سكان المناطق و التجمعات المحرومة كليا من المياه و عددها في الضفة 281 تجمعا من أصل 646 تجمعا .

و يعتمد سكان التجمعات المحرومة هذه على آبار الجمع و الينابيع الصغيرة و ينقلون المياه الى بيوتهم بطرق بدائية يستخدمون فيها الدواب أو الصهاريج في أفضل الأحوال .

و ثمة عطش من الدرجتين الثانية و الثالثة و ربما الرابعة يعانيه سكان تجمعات أخرى سكان تجمعات أخرى مثل لواء طوباس و محافظات جنين و بيت لحم و الخليل و غيرها .

و قال المهندس فضل كعوش : مناطق العطش تتركز أساسا في محافظة جنين التي يحصل سكانها البالغ عددهم 220 ألف نسمة على 4 ملايين م3 سنويا فقط ، و منطقة طوباس 40 ألف نسمة الذين يحصلون سنويا على 800 ألف م3 و بيت لحم و الخليل مجتمعتان 600 ألف نسمة و يحصلون على 51 مليون م3 و رام الله و البيرة 230 ألف نسمة يحصلون على 13 مليون م3 .

طوباس وجنين الأكثر عطشا:

وتعد منطقة طوباس الأكثر عطشا و فيها 17 تجمعا محرومة كليا من المياه ، منها تجمعات يصل عدد سكانها الى 10 آلاف نسمة مثل طمون .. و تبلغ حصة الفرد من المياه في طوباس 18 لترا يوميا .

وهناك قرى في منطقة جنين تقل حصة الفرد فيها من المياه عن عشرات لترات في اليوم ، مثل دير أبو ضعيف أم التوت و كفر راعي و المغير و عنزا و فحمة و الزاوية .

و في منطقة طوباس أقدمت شركة ميكروت مؤخرا على تقليص جديد للمياه حيث أبلغت سلطة المياه الفلسطينية أنها قررت تقليص كمية المياه التي تبيعها لقرية بدلا الزراعية من 4 مليون م3 سنويا الى 3 ملايين .

يشار هنا الى ان السلطات اليهودية كانت قررت بيع هذه الكمية من المياه لأهالي القرية لأغراض الزراعة بعدما ، حفرت بئرين كبيرين للمياه في أراضيهم ، أديا الى جفاف 12 بئرا و 22 ينبوعا ، كأن أهل القرية يعتمدون عليها في ري محصولاتهم الزراعية .

وقد أبلغت السلطات أهل القرية حينذاك ، أنها ستبيعهم المياه بسعر 8 أغورات للمتر المكعب الواحد لكنها واصلت بعد ذلك رفع السعر الى ان بلغ مؤخرا 47 أغورة .

تقليص جديد للحصة الفلسطينية:

والمشكلة الأكبر التي يواجهها الفلسطينيون العطاشى في هذه التجمعات هي ان عطشهم لا يبقى على حاله ، بل يزداد بصورة متواصلة ,.

فقد أقدمت السلطات اليهودية على تقليص الحصة الفلسطينية من المياه هذا الصيف بنسبة 12% و ذلك تحت ذريعة تناقص مصادر المياه بفعل تراجع كميات الأمطار .

وقال المهندس فضل كعوش : لقد أبلغنا الجانب اليهودي في مطلع أيار الماضي بأنه قرر تخفيض حصتنا من مياه الشرب بنسبة 12% هذا العام بذريعة عدم توفر المياه .

وقال كعوش : ان اليهود دأبوا على تخفيض حصتنا من المياه في السنوات الأخيرة مشيرا الى أنهم خفضوها العام الماضي بنسبة 10% و في العام الذي سبقه بنسبة 8% .

ويؤدي تقليص الحصة الفلسطينية من المياه هذا العام الى تخفيض كمية المياه التي تحصل عليها إضافة شراء من الجانب اليهودي من 33.5 مليون م3 سنويا الى 29.5 مليون م3 .

وقد مس التقليص ، بشكل مباشر حصص المياه في مناطق الخليل و بيت لحم و أريحا و سلفيت و جنين ، و بعض مناطق طولكرم .

وقبل التقليص الأخير كان الفلسطينيون يحصلون على 55 مليون م3 سنويا من المياه للاستهلاك المنزلي منها 33.5 من خلال شركة ميكروت اليهودية و الباقي 21.5 مليون م3 يحصلون عليها من مصادر أخرى ، منها 16 مليون من آبار تعود للبلديات و السلطات المحلية و 5.5 مليون من ينابيع و آبار زراعية .

مبالغ طائلة لميكروت:

ويدفع الفلسطينيون مبالغ طائلة لشركة ميكروت اليهودية لقاء المياه التي تستخرجها من أراضيهم و تعيد بيعها لهم .

وقال المهندس فضل كعوش : نحن ندفع 67 مليون شيكل سنويا للشركة اليهودية مقابل تزويدنا بهذه الكمية من المياه التي لا تكفي لسد الظمأ .

وتبيع شركة ميكروت المتر المكعب الواحد من المياه بسعر شيكلين و تفرض عليهم غرامات باهظة في حالات التأخر عن الدفع .

سحب ام نهب:

وتدني حصة الفلسطينيين من المياه لا يعود لنقص في مصادر مياههم ، التي تبدو وفيرة و كافية لتلبية احتياجاتهم الراهنة و المستقبلية بل تعود لعامل آخر هو السيطرة اليهودية عليها بشكل كامل .

ويقولون المسؤولون في سلطة المياه ان اليهود ليس فقط يسيطرون على مياهنا بل يسحبون رصيدنا منها على نحو جائر و خطير . و ثمة عدة مصادر مائية غنية و مهمة في الأراضي الفلسطينية أهمها الأحواض الجوفية و حوض نهر الأردن إضافة الى الينابيع و الأودية .

ويوجد في الضفة ثلاثة أحواض جوفية هي الشرقي و الغربي و الشمالي الشرقي . ويقول المهندس فضل كعوش ان الطاقة المتجددة للأحواض الثلاث تبلغ سنويا 700 مليون م3 .

ويحصل الفلسطينيون على 18% من هذه الكمية المتجددة من هذه الأحواض فيما يستولي اليهود على الباقي .

ويسحب اليهود المياه الجوفية الفلسطينية من خلال آبار متطورة أقاموها في مختلف أنحاء الضفة و على جانبي الخط الأخضر .

ويقول كعوش ان هذه الآبار تضخ سنويا 52 مليون م3 من مياه أحواض الضفة و 10 ملايين م3 من أحواض قطاع غزة و تحولها الى المستوطنات وحدها .

وأشار كعوش الى ان الدولة اليهودية حفرت 500 بئر على امتداد الخط الأخضر من اللطرون ، و حتى شمال جنين من أجل سحب المياه من الحوض الغربي .

وقال ان هذه الآبار ذات عمق كبير و قدرة ضخ عالية مشيرا الى ان قدرة الضخ لدى بعضها تصل الى ألف م3 في الساعة .

ومضى يقول: وهذا دليل كاف على ما يجري من سحب و استنزاف لمواردنا المائية، مشيرا الى ان اليهود يعملون بهذه الطريقة على اصطياد مياهنا من خلال سحبها باتجاه الخط الأخضر و ضخها الى هناك .

وترتبط هذه الآبار بنظام الناقل القطري اليهودي الذي يحمل المياه من طبريا وينقلها الى صحراء النقب و مناطق أخرى داخل الخط الأخضر مثل تل أبيب والساحل و الوسط و غيرها .

استنزاف:

ويؤكد المهندس فضل كعوش ان الدولة اليهودية تستغل الحد الأقصى من المياه الفلسطينية مستعرضا الأرقام الأخيرة التي لدى سلطة المياه في هذا المجال .

وإذا كان الفلسطينيون يحصلون على نسبة و لو ضئيلة من مياه الأحواض الجوفية فإن الدولة اليهودية حرمتهم من كامل حصتهم في مياه حوض نهر الأردن و التي تبلغ وفق الاتفاقيات الدولية 1.7 بليون م3 سنويا .

ويقول المهندس كعوش ، ان الدولة اليهودية حولت هذا النهر العظيم الى جدول لا يزيد تصريفه على 50 مليون م3 . وقد أدى سحب مياه نهر الأردن الى انخفاض متواصل في منسوب البحر الميت حيث يصب و وصل انخفاض منسوب البحر الميت الى 20 م .

وتحتجز الدولة اليهودية مياه نهر الأردن في بحيرة طبريا و تنقلها عبر الناقل القطري الى مناطق داخل الخط الأخضر و تحديدا الى صحراء النقب

الينابيع:

والأمر ذاته ينطبق على الينابيع التي جفت غالبيتها عندما قامت السلطات اليهودية بحفر آبار على مقربة منها مثل نبع العوجا الشهير و غيره .

وكانت الطاقة الإنتاجية لنبع العوجا تبلغ 3 ملايين م3 سنويا لكنه جف بسبب السحب اليهودي لمصادره .

تراجع عن اتفاقات سابقة:

وقد تراجعت الدولة اليهودية عن اتفاقات سابقة مع الفلسطينيين بشأن زيادة حصتهم من المياه ، لتغطي جزءا من النقص الكبير و التاريخي الحاصل فيها ولتتناسب و حاجاتهم المتنامية من المياه .

فقد اتفق الجانبان في الاتفاقية المرحلية العام 95 على توفير كمية إضافية من المياه للفلسطينيين قدرها 80 مليون م3 و ذلك حتى نهاية أيلول99 ، من خلال حفر آبار جديدة للبلديات و السلطات المحلية .

لكن نائب رئيس سلطة المياه يقول ان هذا الاتفاق تبدد عندما أخذت السلطات تعترض و ترفض السماح لنا بحفر آبار في المواقع التي نريد تحت حجة ان هذه الآبار تؤثر على آبار يهودية قائمة .

توقف المشاريع:

وأدت الإجراءات و السياسات اليهودية لتعطيل و تجميد العديد من مشاريع سلطة المياه الفلسطينية .

وقال كعوش : كان لدينا قائمة تشمل 72 مشروعا منها 22 بئرا و 18 خزانا و32 شبكة لكن السلطات فرضت علينا تجميدها لأنها رفضت السماح لنا بتنفيذها .

مشكلة ذات بعدين:

وقال كعوش : مشكلتنا كسلطة مياه ذات بعدين الأول يتعلق بسيطرة الاحتلال على كل مصادرنا المائية و الثانية ان هذا الاحتلال أهمل كل ما يتعلق بخدمات المياه في القرى الفلسطينية طوال العقود الماضية .

ويبدو ان اليهود يراهنون على دفع الفلسطينيين أو إجبارهم على تبني حلول بديلة لمشكلة نقص المياه المتفاقمة لديهم من نوع مشاريع التحلية و الاستيراد .

وقال المهندس كعوش : الموقف السياسي الفلسطيني يرفض أي مساومة على حقوقنا المائية و يرفض أية بدائل حتى لو توفر لها التمويل من الخارج.

وأمام رفض الجانب اليهودي الاعتراف بالحقوق المائية الفلسطينية ومواصلة تقليص حصتهم القليلة أصلا منها ، فإن التوقعات تشير الى ان حالة العطش القائمة في الأراضي الفلسطينية ستتواصل و تشتد و تتوسع رقعتها لتشمل تجمعات لا تعاني من العطش في الوقت الحاضر لوجود مصادر محلية آخذة في التناقص .

ويرى كثيرون ان تمسك الدولة اليهودية باحتلالها للمياه و إمعانها في تعطيش الفلسطينيين قد يشكل سببا مباشرا لانتفاضة أخرى في قادم الأيام و السنين .

حول هذه القضية أوردت صحيفة معاريف تقرير يعرض جانبا من الأزمة و يحدد عشر قضايا كبيرة تعكس عمق هذه الأزمة و سيطرة أصحاب المصالح على المياه .

في المقابل نشرت جريدة الأيام الفلسطينية في ملحقها الأسبوعي تقرير موسعا تناول الأزمة و الإجراءات اليهودية المجحفة و الظالمة و الاعتداءات المتواصلة على مصادر المياه الفلسطينية الى درجة أصبح معها الفلسطينيون يعانون عطشا يتفاقم يوما بعد آخر .

وننشر هنا نص التقريرين على حلقتين و فيما يلي نص تقرير معاريف العبرية :

يسير قطاع المياه اليهودي بثقة و ثبات نحو الكارثة المحققة بعد ان وصلت مناسيب المياه في بحيرة طبريا الى الخط الأحمر و بعد ان تم استنفاذ طاقة المياه الجوفية بالضخ الزائد عن الحد منها .

ونرد فيما لي عشر قضايا كبيرة حول القطاع المائي في الدولة اليهودية و التي تكشف كل واحدة منها دون الحاجة الى تعقيب ، عن جانب الأزمة العويصة التي تسيطر عليها مجموعة صغيرة من أصحاب المصالح في الوقت الذي يدفع غالبية اليهود ثمنا باهظا مقابل المياه التي يحصلون عليها.

أريد ان أسقي التراكتور:

إزاء محدودية الموارد المائية ، فقد عمدت الدولة الى التقنين و تخصيص قسط محدد من الماء لكل قطاع منذ عدة سنوات . فكل مدينة أو قرية او مزرعة تلقت أشعارا بالحصة المخصصة لها من الماء والتي لا يجوز تجاوزها .

أما الكيبوتسات العزيزة على السلطة اليهودية منذ سنوات الخمسينات فقد زودت بمخصصات مائية سخية لم تجرؤ أي جهة على اقتطاعها .

كانت مهنة المزارع مهنة هامة في الدولة اليهودية و المزارع نفسه كان يحظى بالكثير من التقدير و الثناء ، و بقي الوضع على ما هو عليه فأعطيت له استثناءات و أذون خاصة و تجاوزات . الى الحد الذي أصبح العاملون في قطاع الزراعة و الذين لا يمثلون سوى شريحة صغيرة في المجتمع اليهودي .

بمثابة أكبر مستهلك في قطاع المياه اليهودي فالقطاع الزراعي يستهلك حاليا 60% من إجمالي احتياجات الدولة اليهودية المائية .

لقد تم تعديل المخصصات المائية للزراعة لآخر مرة خلال عام 1989 و منذ ذلك الحين طرأ تغيير درامي في القرى الزراعية اليهودية و الذي تمثل من الانتقال من مرحلة زراعة البندورة الى بناء الهناجر الكبيرة جدا و التي يمكنها ان تصلح للصناعة و التجارة و رغم اختلاف و تغير مهنة سكان تلك القرى الزراعية إلا ان مخصصاتهم من المياه بقيت على ما هي عليه .

ان حقيقة استغلال المزارعين لكميات كبيرة جدا رغم ان الدولة اليهودية تنوء تحت عبء الجفاف و الحاجة الى المياه خلق إحدى الخدع الكثيرة المحيطة بقطاع الماء اليهودي و هي خدعة المخصصات المائية للزراعة و عندما وصلت الدولة اليهودية الى حافة الأزمة قبل سنتين تم اتخاذ قرار بتقليص 50% من المخصصات لقطاع الزراعة .

وقف زراعة الجرافوت:

كل من يمر بالقرب من البيارات في المنطقة الساحلية و الوسط يشاهد الثمار الناضجة المتدلية من الأغصان ، ثم و هي تتساقط تحت الأشجار بعد ان أصابها العطب دون ان يهتم أحد بقطفها ، و هنا تأتي الخدعة الثانية أو القضية الثانية من قضايا قطاع الماء اليهودي فأصحاب مزارع الحمضيات في المنطقة الوسطى يسيطرون على مئات آلاف الدونمات من الأرض المزروعة بالبيارات و يبدو ان أصحابها يدركون ان عملية تخصيص الأراضي الزراعية الحالية ستجعلهم في المستقبل من أصحاب الملايين حينما يبيعونها كأرض للبناء .

لذا تراهم لا يهتمون بالثمار المتساقطة و بمنافسة أصحاب مزارع الحمضيات في قطاع غزة .

ويقول زئيف جولاني أحد كبار مستشاري مسؤول شعبة المياه – المياه الضائعة للسبب آنف الذكر تقدر بعشرين مليون م3 سنويا . وبناء على هذا الوضع توجهت إدارة شعبة المياه الى إدارة أراضي ، الدولة اليهودية و أعلمتها بما يحدث.

وتوصلت إليها ان تعلم المزارعين أنها لن تأخذ الأراضي التي تم تمليكهم إياها حتى لو لم يرووها لمدة خمس سنوات ، و قد وافقت إدارة أراضي الدولة اليهودية على سن قانون يسمح للمزارع بعدم ري أرضه ثلاث سنوات دون ان تعتبر هذه الخطوة كتوقف عن فلاحتها .

العوائد:

لا تقتصر عمليات التشويه المائي على القطاع الزراعي فقط في الدولة اليهودية بل تصل أيضا الى البلديات و المدن و المجالس المحلية فقسم كبير من البلديات يشتري المياه بسعر 1.30 شيكل للمتر المكعب من شركة المصادر المائية و تبيعها للمستهلك بمتوسط قدرة أربعة شوال للمتر المكعب مما يعود عليها بعوائد واسعة جدا مما يحول العملية الى عملية تجارية مربحة ، و لهذا السبب حينا طالبت الشعبة المائية من البلديات و المجالس المحلية حظر سقاية الحدائق الخاصة و غسل السيارات بالماء عارضت هذا المطلب فالعوائد التي تحصل عليها من بيع المياه تخدمها في دفع أجور موظفيها .

ساعات قليلة على تحلية المياه:

بينما تستخدم قبرص منشآت تحلية مياه بحر يهودية حديثة، لا زالت الدولة اليهودية تمتنع عن استخدام مثل هذه المنشآت لسد العجز في مخازنها المائية .

ويقول كبار موظفي الدولة : ان عملية التحلية باهظة التكاليف لكن الحقيقة هي ان ثمن متر الماء المكعب المحلي 65 سنتا ، و هو أقل مما يدفعه المستهلك اليهودي حاليا ثمنا لمتر الماء – يدفع اليهودي أكثر من دولار للمتر – و يرجع السبب في رفض البلديات للتحلية الى أنها ستفقد العوائد الضخمة التي تعود عليها .

مياه تتدفق في البرك:

تستخدم الطبقات الراقية في الدولة اليهودية المياه في ري حدائقها الخاصة و ملء برك السباحة في الوقت الذي تدفع ثمنا لذلك ثمن المياه المستخدمة في الزراعة .

آبار خاصة:

تقوم شركة المصادر المائية اليهودية بضخ 60% من احتياجات الدولة اليهودية ، أما باقي الكمية فيتم ضخها عبر الآبار الخاصة بالمزارعين و الشركات المسموح لها بذلك . ومن الجدير بالذكر ان هناك 2500 بئر خاصة في الدولة اليهودية .

والكثير من هذه الآبار تتجاوز الكميات المخصصة لها ، و غيرها يقوم بتفكيك عدادات المياه و حينما يتعطل أحدها لا يسارعون الى إصلاحه .

صراعات في الحكومة:

رغم القرارات المختلقة و المتعددة حول تقليص المياه للقطاع الزراعي إلا ان المزارعين و مؤيديهم تمكنوا حتى الآن من وقف تنفيذ هذه القرارات فكي يتمكن المراقبون من فرض التقليص يجب ان يحصلوا على قوائم معدة بحصص كل مزارع من وزارة الزراعة .

لكن هذه الوزارة و بكل بساطة لا تعد قوائم من هذا القبيل و بالتالي لا يعرف مسؤول شعبة المياه من هي الجهة التي يجب ان يقلص منها المياه و ما هو حجم ذلك التقليص .

قرن الغزال:

دفع مستهلكو المياه خلال السنوات القليلة الماضية مبالغ إضافية لاستهلاكهم المائي تحت عنوان ما أسمته شعبة المياه صندوق التوازن و هو صندوق مخصص لموازنة الوضع المائي .

وتقليص تكلفة الاستهلاك في حالات الجفاف و الأزمات المائية و لكن وزارة المالية قررت مصادرة هذا الصندوق من الشعبة المائية و يقول شمعون تسوك مهندس مائي : لم نر مليما واحدا من أموال هذا الصندوق منذ إنشائه وقد تراكم فيه مبلغ 800 مليون شيكل يجب ان تقدم لمساعدة المزارعين بيد ان وزارة المالية ترفض إخراج شيكل واحد من الصندوق .

اذا لم توجد مياه سنشرب بنادق:

ليست كميات المياه في الدولة اليهودية وحدها الآخذة في التقلص بل أيضا نوعيتها ، و في كانون الثاني 2000 قررت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق لاستيضاح أسباب تلوث المياه الجوفية في تل أبيب و رمات جان و جبعتايم برئاسة القاضي يعقوب شمعوني .

ويقول شمعون تسوك ، أحد مهندسي شعبة المياه : أؤكد لك ان اللجنة لن تعاقب المسؤولين عن ذلك لأن المسؤول الحقيقي عن تلوثها هي الصناعات العسكرية اليهودية و لا اعتقد ان هناك في الدولة اليهودية من يجرؤ على مواجهة هذه الصناعات .

الاعلام:

شنت الدولة اليهودية حملة واسعة في وسائل الإعلام لتوعية اليهود حول استخدام المياه البيتية و في نهاية هذه الحملة التي أنفقت عليها الملايين اتضح أنها لم تسفر عن شيء إيجابي على صعيد تقليص الاستهلاك المائي. - الدستور -

http://www.miftah.org