القيادة الفلسطينية تعد اللاجئين في لبنان بالتمسك بحق العودة
بقلم: مفتاح
2004/12/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=2175


كأن التشدد الفتحاوي، حيال مروان البرغوثي، بسبب مخالفته للإجماع في الأطر القائدة يمثل فاتحة حديث، أو رقعانَ بالصوت، للمطالبة بفرض الإلتزام، علي مخالفين خطرين، لم يفعلوا ما فعله مروان، وفق القانون، بترشيح نفسه لانتخابات رئاسة السلطة. ذلك علماً بأن الضرر الناجم عن هذه الخطوة، علي الصعيد الفصائلي فقط، لا يساوي مثقال ذرة، من أضرار، علي الصعيدين الفصائلي والوطني، نَجَمَت وتنجم وسوف تنجم، عن حلاقة ـ علي الزيرو ـ لأبسط قواعد الالتزام، مارسها وزراء فاسدون، ومنشقون سابقون، وبائعو اسمنت، وسفراء فضائحيون، سابقون وراهنون، وعناصر انخرطت في سجالات داخيلة، شكلت مادة مسلية للفضائيات، وقادة أمن، من قاطعي السمكة وذيلها. فإن كان مروان، قد أطاح بقانون الحركة ـ الفصيل، فإنه لم يطح بقانون المجتمع، وإن كان كل طراز ممن أطاحوا بقانون المجتمع، مارس ويمارس هوايته، هانئاً متشدقاً بالانتماء الي حركة فتح ولم يخطر ببال أحد، أن يوجه اليه إنذاراً بالفصل من الحركة ذات البساط الأحمدي، علماً بأن ما يتسبب به، أيٌ من هؤلاء، لا يملأ فقط، جسم فتح بالصديد، ولا ينتقص فقط من شعبيتها، ولا يسهم فقط في تحويلها الي خلية نحل مفعمة بالنميمة، ولا يجعل فقط، الناس فيها، يعافون بعضهم بعضاً؛ وإنما ـ كذلك ـ يتسبب في تسخيف أحوال الحركة الوطنية الفلسطينية كلها، وفي إفساد حياتنا وأوقاتنا، وفي إضعاف قدرة المجتمع علي بلوغ أهدافه!

فالتلويح لمروان، بالشطب من الحركة، يوفر الفرصة، لحديث خاص، مع الأخ الكبير أبو اللطف، عن قائمة طويلة، من ذوي الأولوية بالشطب، قبل مروان بألف إسم. وربما إن جاء الدور علي أبي قسام، سيكون الرجل جاهزاً للتراجع عن ترشيح نفسه، مزدهياً بمأثرة الشاطبين. وكنت أتمني لو أن الحوار مع مروان، كان حصيفاً وذا منطق قوي، لكي لا يعود الرجل عن التزامه الأول، مثلما تمنيت أن تكون ردود الأفعال علي الترشح، هادئة وأكثر ميلاً الي استئناف الحوار، دون إسقاط أي تعبير، من تعبيرات التبجيل، للرجل، عندما تدفق الكلام مثنياً علي نضاله، ثم مثنياً علي مبايعته لأبي مازن!

ولكي لا يفهمنا أحد خطأ، نقول لكل من يريد أن يتحري المواقف، إنني سأنتخب أبي مازن عن قناعة وليس عن التزام، دون خوف من شطب، وبدون انتهازية، وبدون نزوع الي مداراة أية عورات، ودون طمع في مال إنتخابي ودعائي، ودون تقديم السبت، لكي نهبش أو نتسلق في يوم الأحد، ودون السخيف والصغير، من بين الاعتبارات، التي حكمت عملية إعادة الاصطفاف الفتحاوي، لصالح مرشح الحركة. فنحن مع الاعتبار السياسي والكياني والعملي، الذي يتلمس أفضل السبل، لملاحقة التجربة السياسية الفلسطينية لباب الدار، ولكي لا نضيع بجريرة معظم ملامحنا الطيبة والمحترمة، في عالم ظالم وغير محترم. فأبو مازن، يتشكل من بعض ملامح الحركة، ومن كل ملامح التجربة السياسية، وهو الأقدر بسبب ظروف الزمان والمكان. نؤيده مراهنين علي أن تنتج الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، طبقة سياسية جديدة، وسنكون ضد منطق المحاصصة والمكافآت غير العادلة، وضد منطق تبادل الخدمات، بين المرشح، ومن يشاركون في حمله الي رئاسة السلطة. ذلك كله، دون أن نتزحزح حرفاً عن رأينا في مروان، كقائد مناضل، يتحمل كُلفة وقوفه، في اللحظة العسيرة، شجاعاً وباسلاً، في الموقف الصحيح، للقيادي الفتحاوي، علي حساب العُمر، والأسرة، والراحة في الحياة، دون أن ينتقص ذلك ـ أيضاً ـ من تقديرنا لكل إنسان من الأعزاء الأوفياء، أسري الحرية!

مروان يقرر خوض الانتخابات، كمرشح مستقل. وفي تقديري، أن صفة المستقل، إن عوملت مثلما تُعامل الأورام، مثلما يرغب البعض، فهي من النوع الحميد وليس الخبيث القاتل. فالسلوك المستقل، عندما يكون تافهاً وفاسداً، عند ممارسة الوظيفة العامة، هو الذي يُعد خبيثاً، والخارج عن السلوك الملتزم، بقيم العمل الوطني العام، هو الأفضح خروجاً عن الإلتزام، وصاحب الاستثمار المستقل، والشركة الخاصة المستقلة، ممن يمارسون الوظيفة العامة فيجيّرون أوقاتهم ومواقعهم لصالح استثماراتهم وشركاتهم ومصالحهم، هم الخارجون عن الالتزام بالحركة وبالوظيفة وبفلسطين، وهم الأجدر بالشطب، لكي تربحهم مشروعاتهم المستقلة. وعلي الرغم من ذلك كله، فإن التلويح بشطب مروان، كونه بات مرشحاً مستقلاً، لم يلتزم بإجماع الحركة، يوفر لنا فاتحة التزام، للمطالبة ـ قبل شطب مروان ـ بالتبرؤ من مصائب مستقلة، لا تلتزم بشيء، سوي مصالحها! - القدس العربي -

http://www.miftah.org