أهم ما ورد في خطاب الأخ أبو مازن رئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية
2003/5/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=238

بدأ السيد رئيس الوزراء كلمته بتوجيه تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني الصامد المكافح في كل مدينة وقرية ومخيم داخل الوطن والشتات، وأعرب عن اعتزازنا بالانتماء إليه وافتخارنا بكبريائه الذي لا حدود له وعطائه المتواصل عبر الأجيال، والذي تجسد بمئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، والذي حمى هويته الوطنية رغم كل محاولات التزييف والإلغاء، وصان حقوقه غير القابلة للتصرف وأقام سلطته الوطنية على الأرض كمقدمة حتمية لقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله، شعبنا الذي صمد في انتفاضته الباسلة أمام العدوان الإسرائيلي على مدى العامين والنصف الماضيين على الرغم من القتل والتدمير. وخص بالذكر الأسر والعائلات التي قدمت الشهداء والجرحى والأسرى والتي عانت على المستوى الشخصي بالإضافة إلى مشاركتها شعبنا كله في معاناته العامة، واعتبر أن أي إنجاز فلسطيني وطني يظل منسوبا لتضحيات هؤلاء الأبطال وعطاء أسرهم وشعبهم ووطنهم.

وأكد على أن هذا الشعب المبدع المليء بالطاقات والإمكانيات المميزة أضحى في نظر العالم بأسره جديرا بدولة حقيقية ذات سيادة مثل سائر الشعوب والدول، دولة عصرية ديمقراطية تكون بيتا آمنا للفلسطينيين وشريكا فعالا وبناء في تكريس الأمن والاستقرار في المنطقة.

• بناء أساسات الدولة والإعداد للانتخابات: ضمن مسؤوليات الحكومة الإعداد الجدي لاستكمال بناء أساسات الدولة بما في ذلك الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية.

• سيادة القانون: تتعهد الحكومة بالسهر على تطبيق القانون الأساسي – الذي وضعه المجلس التشريعي وأصدره الرئيس ياسر عرفات - على كافة هياكل وإطارات السلطة الوطنية كي لا نرى أي خروج عنه وأي مظاهر فوضى في المجتمع، وحكومتنا لن تتساهل مع كل من يحاول تجاوز هذا القانون، إن الحكومة تدرك أن ترتيب وضعنا الداخلي لا يمكن أن يتم على أفضل وجه دون التزام جماعي بمبدأ سيادة القانون .

• استقلال القضاء: سيادة القانون لن تكون ذات مغذى فعلى وتطبيقي دون وجود قضاء مستقل فاعل ونزيه، ومؤسسات قانونية فاعلة، ووزارة عدل تدعم استقلال القضاء والعملية التشريعية، وأداة تنفيذية قادرة على فرض الأحكام . وتتعهد الحكومة بالعمل جنبا إلى جنب مع السيد الرئيس والمجلس التشريعي لإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وفق أحكام قانون استقلال القضاء، وكذلك تطوير أوضاع المحاكم وسد كافة الثغرات المزمنة في إمكانياتها وقدراتها على أداء عملها على أكمل وجه، كما تلتزم الحكومة بالعمل على إعداد مشروعات القوانين واللوائح اللازمة لاستكمال البناء القانوني للسلطة الوطنية.

• الأمن: إن الحكومة ستولي الأمن اهتماما مركزا ، ومفهومنا للأمن أنه أمن المواطن الفلسطيني في وطنه الذي هو أمن الوطن الفلسطيني، وذلك عبر شعور المجتمع بكافة شرائحه بزوال أي تهديد لحياة الإنسان وحريته وممتلكاته، وستعمل الحكومة انطلاقا من هذا المفهوم على تطوير بنى وهياكل المؤسسات والأجهزة الأمنية وفق اللوائح والقوانين المنظمة لذلك، وسنولي اهتماما خاصا بالكفاءة المهنية لقادة ومنتسبي الأجهزة الأمنية ولن نتهاون في أمر الانضباط والامتثال الكامل للقوانين، والحكومة لن تسمح بل ستضع الضوابط الصارمة لعدم تدخل الأجهزة الأمنية في حياة المواطنين وشؤونهم وأعمالهم إلا وفق ما يحدده القانون. • إنهاء مظاهر فوضى السلاح: تدرك الحكومة أن شعور المواطن بالأمن والأمان هو أحد مقومات الصمود الوطني وأحد أهم شروط النمو والتطور في نواحي حياة الفرد والمجتمع لذا فان إنهاء مظاهر فوضى السلاح بما تحمله من تهديد مباشر لأمن المواطنين ستكون أحد مهماتنا الأساسية التي لن نتهاون في تنفيذها، فلا وجود لسلاح غير السلاح الشرعي الذي سيستخدم فقط لحفظ الأمن والنظام العام وتطبيق القانون ولا وجود لمراكز قرار غير مركز القرار الشرعي، فعلى هذه الأرض ولهذا الشعب سلطة واحدة وقانون واحد وقرار وطني ديمقراطي يلزم الجميع.

• أهمية المعارضة وتطلعها لتداول السلطة: إن الحكومة تدرك أهميةَ وحيويةَ المعارضة في الساحة الفلسطينية وتدرك كذلك حق هذه المعارضة في التطلع إلى السلطة وتداولها.

• التوقف عن لغة التحريض والتعبئة السلبية: ندعو فصائل وقوى المعارضة إلى تطوير إطاراتها ومؤسساتها وحواراتها، وإلى التوقف عن لغة التحريض والتعبئة السلبية، وإلى استغلال الصحافة الحرة والمساحات المحددة في القانون لممارسة حواراتها وطرح وجهات نظرها. كما ندعو شرائح وقطاعات المجتمع الفلسطيني إلى الاستفادة من قانون الأحزاب في إنعاش الحياة السياسية الداخلية وتطوير فاعليتها. وأكرر هنا أن حكومتنا ستكون مع التعددية السياسية في إطار الوحدة الوطنية تحت سقف القانون ولكن ضد التعددية الأمنية.

بذلك نضع أقدامنا على الطريق الأسلم والأكثر حداثة وفاعلية لترسيخ الوئام الداخلي، وضمان حقوق القوى والأحزاب والفعاليات في الوجود والعمل. ومن هنا أناشد الجميع المشاركة في انتخابات المؤسسات التمثيلية بما في ذلك النقابات، خاصة وإننا اخترنا الانتخابات كوسيلة لا تراجع عنها في تكوين هذه المؤسسات وتفعيلها.

• ضمان حرية التعبير: يجب أن لا يفهم من هذا التوجه أننا سنسمح لأي طرف كان، وتحت أي تفسير أو تبرير، بالمساس بحق المواطن في التعبير واختيار اجتهاد فكري أو سياسي معين وممارسة هذا الاجتهاد بكل حرية وضمن ما يكفله القانون، كما ولن نسمح لأي كان بالمساس بأي من حقوق الإنسان التي كفلها القانون الأساسي والمواثيق الدولية .

• الضائقة الاقتصادية وارتفاع معدل الفقر ومستويات البطالة:تتعهد الحكومة بالعمل الحثيث لمعالجة الوضع الاقتصادي عن طريق اتخاذ الإجراءات السريعة اللازمة، ضمن إمكانياتها، لتحسين ظروف المعيشة، خاصة للعاطلين عن العمل وغيرهم من الفئات التي تعيش في ظروف بالغة الصعوبة، إلى حين استكمال قانونٍ للتكافل الاجتماعي. كما ستعمل الحكومة على إعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الاحتلال. وضمن هذا الإطار تلتزم الحكومة أمامكم بالقيام بحملة عالمية لجمع التعويضات عن الدمار الاقتصادي الذي أحدثه البطش الإسرائيلي توغلاً وقتلاً وخراباً.

• خطة تنموية شاملة:ستعمل الحكومة على وضع خطة تنموية شاملة على المستوى الوطني، والقدس في المقدمة... خطةٍ تولي القطاع الاقتصادي ما يستحق من الاهتمام وتوفر الخدمات الصحية والتعليمية والإعلامية والثقافية والزراعية اللازمة للمواطنين، ويجري تنفيذها ومتابعتها بكل مهنية وشفافية. وفي هذا السياق، ستحرص الحكومة على استمرار التواصل مع القطاع الخاص، وسن وتفعيل التشريعات والأنظمة لتقوية نظام اقتصاد السوق وتطوير الاقتصاد الوطني وحماية الاستثمار والمستثمرين.

• الاهتمام بوضع المرأة الفلسطينية: الحكومة ستولي اهتماماً أكيداً بوضع المرأة الفلسطينية المناضلة، نصف المجتمع الفلسطيني وصاحبة الدور الأساسي والفعال في حياتنا، كما ستتابع العمل على حماية حقوق الطفل والعائلة، وتطوير قطاع الشباب لضمان مستقبل أفضل لشعبنا.

• الإصلاح المالي: نلتزم باستمرار العمل على تطبيق السياسة المالية الجديدة التي قدمها لكم وزير المالية عبر قانون الموازنة، وكافة الإجراءات والترتيبات التي تعهد بها أمامكم، مع التأكيد مجددا على المضي قدما في تنظيم استثمارات السلطة، والتي ستخضع تماما للإشراف الحكومي والرقابة الدائمة بحيث يتم توحيد كافة موارد السلطة الوطنية ضمن وزارة المالية بما يتفق مع أفضل المنهجيات المعتمدة دولياً في إدارة المال العام. ولن تسمح الحكومة باستغلال النفوذ الوظيفي في ممارسة التجارة والاستثمار، وستضع الضوابط الصارمة للحد من ذلك.

إن المال العام هو حق للمواطن والوطن، وصيانته واجب وطني وأخلاقي، يؤدى من خلال المؤسسة والقانون والشفافية والمتابعة الدؤوبة. وفي هذا السياق لن تتوانى الحكومة عن إحالة المتهمين بالفساد وسوء استخدام المال العام إلى النيابة العامة معتمدين في ذلك على الحقائق المثبتة والآليات النزيهة الموصلة إليها. إن الحكومة على استعداد لتلقي الشكاوى وما يتوفر من قرائن وإثباتات في هذا المجال، لتحال وبشكل قانوني إلى الجهات المختصة.

• الإصلاح الإداري: تدرك الحكومة حجم الخلل في بنائنا الإداري، لتدرك بالمقابل ضرورة عدم التباطؤ في معالجته، ولذلك ستستمر في تنفيذ وتطوير خطة الإصلاح – وعلى وجه الخصوص خطة الإصلاح التي تبناها المجلس التشريعي – وذلك عبر لجنة مشتركة بين المجلس والحكومة وبالتعاون مع جميع مؤسسات المجتمع المدني. وستقوم الحكومة ببناء مؤسسة مجلس الوزراء، وإرساء أساليبَ عملٍ عصريةً وتقاليدَ وقيمَ عمل تنهض بالمهام في جميع مؤسسات السلطة التنفيذية خدمة للمواطنين والمصلحة العامة. ولعل الخطوة الأهم في سياق المعالجة هو العمل بقانون الخدمة المدنية بشقيه المالي والإداري، وكذلك طمأنة جموع الموظفين الذين جاوز عددهم مائة وعشرين ألفا إلى حاضرهم ومستقبلهم، وإلى أنَّ هناك راتباً تقاعدياً كافياً ينتظرهم بعد نهاية الخدمة من خلال نظام تقاعدي شامل سيتم العمل بموجبه خلال الأشهر القليلة القادمة.

إن الحكومة لن تسمح بتكريس أي مظهر من مظاهر الفوضى والهدر والازدواجية في بنائنا الإداري. وعليه سنقوم بمتابعة العمل على إعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية ودمج أو إلغاء ما يلزم منها لتمكينها من القيام بمهامها في خدمة الوطن والمواطن على أكمل وجه، كل ذلك في إطار قانونٍ إداري عصري شامل تعمل الحكومة على إنجازه لتنظيم جميع مناحي عمل السلطة التنفيذية.

• الاحتلال: إن الوضع الداخلي لا ينفصل عن الواقع السياسي الذي نعيش ونواجه، وهو واقع جعله الاحتلال الإسرائيلي البغيض وسياسته القمعية والاستيطانية شديد القسوة والألم . حيث أن الاحتلال العسكري والاستيطاني وممارساته من اغتيالات واعتقالات وحواجز وحصار وتدمير للبيوت والممتلكات هو جذر معاناتنا، وهو السبب الرئيس في تفاقم مشاكلنا، وتعميق عذاباتنا، وتعطيلِ وتيرةِ نمونا، لذا فإن التخلص من الاحتلال بكافة أشكاله، ومن على جميع الأراضي التي احتلت عام 67 بما فيها عاصمتنا الأبدية القدس الشريف، هو المهمة الوطنية الأولى التي تتطلب تضافر وتكاتف جميع القوى الفلسطينية لإنجازها، تحت قيادة منظمة التحرير، المرجعية الوحيدة لشعبنا، وصاحبة شرعية النطق باسم هذا الشعب والتفاوض نيابة عنه، وإبرام الاتفاقات بتخويل من مؤسساتها الرئيسية.

إن الحكومة، التي هي جزء من نظامنا السياسي الوطني، نظام منظمة التحرير، ملتزمة تمام الالتزام ببرامج وقرارات مجلسينا الوطني والمركزي على الصعيد السياسي والاستراتيجي .

• حل قضية اللاجئين على أساس الشرعية الدولية: إن النضالات الشعبية والثورية المجيدة التي خاضها شعبنا الفلسطيني عبر عقود وأجيال، والتي نعيش الآن إحدى محطاتها المفصلية، ينبغي أن تكون رصيدا يترجم إلى إنجازات سياسية تقربنا من الهدف، وتمكننا من إقامة دولتنا المستقلة، وتوفر إمكانات فعلية لحل قضية اللاجئين على أساس الشرعية الدولية.

• السلام خيارنا الإستراتيجي: انطلاقا من فهمنا الواقعي والعملي لمضامين وآليات وأهداف كفاحنا الوطني، فقد قاتل شعبنا بشرف مثلما اتخذ مبادرات سياسية بكل الوعي والجدية. إن لكل وسيلة نضالية، وقتَها وآلياتِها ومردودَها المحسوب. وانطلاقا من ذلك، تقدم شعبنا الفلسطيني وعبر قيادته الشرعية بمبادرات سلام جدية واحدةٍ تلو الأخرى، ولم يتردد شعبنا في طرح خيار السلام كخيار استراتيجي لا رجعة عنه. وإذا كانت عملية السلام قد منيت بانتكاسات جوهرية وانهيارات كبرى، أوصلتنا إلى ما نعيشه الآن من صراع دامٍ ومرير، إلاّ أن ما نحن فيه يجب ألاّ يدفعنا إلى اليأس من مزايا السلام ومن جدوى الوسائل السلمية لتحقيقه، وإلى عدم إدارة الظهر للمبادرات العربية والدولية الهادفة إلى إعادة المحاولة من اجل تحقيقه، شريطة الاستفادة من الدروس والعبر التي أفرزتها مرحلة السلام وتعثرها .

• مبادرة السلام العربية: أمامنا الآن مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت والتي جسدت إجماعا قوميا على ضرورة حل مسألة الصراع العربي الإسرائيلي بالطرق السلمية، ووفق قرارات الشرعية الدولية بما يضمن نقل منطقتنا كاملة من حالة الصراع إلى حالة الاستقرار والعلاقات الطبيعية بين كافة الدول.

• خارطة الطريق: وأمامنا كذلك، خارطة الطريق، كخطة دولية تهدف إلى بلوغ حل دائم ونهائي للقضية الفلسطينية. إن الحكومة تلتزم بما التزمت به القيادة الفلسطينية حين أعلنت موافقتها الرسمية على هذه الخطة، بعد دراستها بكل تمعن وتدقيق. غير أنني أود الإشارة إلى بعض الأمور المتعلقة بهذا الشأن:

1. يحاول الجانب الإسرائيلي تحويل خارطة الطريق، بنصها الذي اطّلعنا عليه، إلى مجالِ صراعٍ تفاوضي مريرٍ ومعقد عن طريق إرسال إشارات واضحةً تحدد فهمه الخاص لبنود هذه الخطة، وطريقته الخاصة في التعاطي معها .

2. إن تعاملنا مع خارطة الطريق لن يتأثر بالإشارات الإسرائيلية، ولن نقبل طرحها للتفاوض، فخارطة الطريق هي للتنفيذ وليس للتفاوض. لذا فإن الحكومة تدعم إصرار القيادة الفلسطينية على عدم القبول بما وصِف بالتعديلات الإسرائيلية، وتدعو اللجنة الرباعية صاحبة الخطة إلى الإسراع في إعلانها، كما اطلعنا عليها، وضمانِ تنفيذ بنودها والتحقق من ذلك وفق التسلسل الموضوعي والزمني لها، على أن تكون آليات التنفيذ والرقابة فاعلةً ومضمونةً .

3. الحكومة الفلسطينية تجدد التعهد الفلسطيني بتنفيذ كافة الالتزامات المترتبة علينا في إطار هذه الخطة، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني. وبديهي أن نصر بالمقابل على التزام الطرف الإسرائيلي بما يترتب عليه .

• الاستيطان: كل ما تقدم لن يكون ذا مغزى مع استمرار سياسة فرض الأمر الواقع، فالاستيطان الذي يخالف كافة الشرائع والقوانين الدولية كان ولا يزال التهديدَ الأكبرَ أمام إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية، وبالتالي فإن الاستيطان هو العقبة الأساسية أمام أية عملية سلمية، وبشكل خاصفإن الاستيطان في القدس وحولها وهدم البيوت ومصادرة الأراضي والممتلكات والتضييق اقتصادياً واجتماعياً وإدارياً وثقافياً على حياة الفلسطينيين فيها، بما يشكله ذلك من محاولة لفرض الحل الدائم في هذه المدينة المقدسة بطريق غير طريق المفاوضات، لن يؤدي إلا إلى إذكاء نار الصراع وقتل فرص السلام.

• الجدار العازل: جاء البدء بإقامة ما يسمى بالجدار العازل استمراراً نوعياً خطيراً للمشروع الاستيطاني. فبالإضافة إلى مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين وقطع أرزاقهم، فإن هذا الإجراء الإسرائيلي بما يتضمنه من ضم مساحات واسعة من الأراضي ومصادرة مياهنا الجوفية وعزل مدننا وقرانا وتطويق مدينة القدس، إنما هو محاولة أخرى لتدمير فرص السلام وقتلُ أية إمكانية للتوصل إلى حل دائم ومقبول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسيكون إلغاء هذا المخطط في مقدمة المسائل التي سوف تتعامل معها حكومتنا لأنه بدون هذا الإلغاء سوف تقضي الحكومة الإسرائيلية عملياً على خارطة الطريق وأية مشاريع سلام أخرى.

• كلمة للشعب الإسرائيلي: أود توجيه كلمة خاصة إلى الشعب الإسرائيلي وقواه الاجتماعية والسياسية والى الحكومة الإسرائيلية، كلمةٍ مباشرةٍ وصريحة.

1. نريد السلام معكم:إننا نريد سلاما دائما معكم، ومن خلال المفاوضات وعلى أساس الشرعية الدولية لتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و 338 والاتفاقيات الموقعة.

2. رفض الإرهاب: إننا نرفض الإرهاب من أي طرف كان وبكافة صوره وأشكاله انسجاما مع تقاليدنا الأخلاقية والدينية، ولِيقين منا بأن هذه الأساليب لا تنصر قضية عادلة كقضيتنا بل تدمرها، ولا توصل إلى السلام الذي ننشده جميعاً.

3. الفهم الفلسطيني للسلام: إننا نفهم السلام على انه رسالة ووعي وسلوك، أساسه الرغبة المتبادلة فيه، ومضمونه الإقرار بالحقوق، وغايته العيش بأمن وسلام على قاعدة التكافؤ.

4. لا سلام مع الاستيطان: إننا إذ نمد يد السلام إليكم فإننا نؤكد أن السلام لن يتم مع استمرار الاستيطان، ولن يكون ممكناً من خلال التوسع وضم الأراضي. إن الخيار لكم: إما سلام حقيقي دون استيطان أو استمرار الاحتلال والقهر والكراهية والصراع.

5. أسس الحل: ولكي يكون خطابنا واضحا، فإن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف – دولة حقيقية متصلة الأجزاء خالية من الاستيطان على جميع الأراضي التي احتلت عام 67 .

6. قضية اللاجئين: وإنني على يقين من أنكم تدركون مكانة وموقع قضية اللاجئين ليس فقط في مجال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما كذلك على الصعيدين العربي والإقليمي، لأننا نتحدث عن ملايين الفلسطينيين اللاجئين في جميع أنحاء العالم . وإدراككم لهذه القضية، هو الذي دفعكم لقبول مبدأ وضعها على جدول أعمال قضايا الوضع الدائم .لذا، فإن حلا عادلاً ومتفقاً عليه ومنصفاً ومقبولاً للاجئين، يطبق قرارات ومواثيق الشرعية الدولية وخاصة القرار 194، سيكون احد أسس السلام الدائم بيننا والتعايش المأمول في المستقبل.

تلك هي أسس الحل في مفهومنا وليس بمقدور أحد أن يفرط في إحداها.

• كلمة للجماهير العربية في إسرائيل: وإلى الجماهير العربية داخل إسرائيل، أهلنا وأحبائنا، أتوجه إليكم بتحية الإجلال والتقدير لما تبذلونه من دعم متواصل لأبناء شعبكم في الأراضي المحتلة، وإنني لعلى يقين بأنكم ستستمرون في ممارسة دوركم الإيجابي ضمن الأحزاب والإعلام والمؤسسات المدنية الشعبية لدعم توجهات السلام ولخلق رأي عام إسرائيلي يشاطرنا التزامنا بحل سياسي عادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وبإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة.

إننا لا نتجاهل عذابات اليهود عبر التاريخ. وبالمقابل فإننا نتطلع إلى أن لا يدير الإسرائيليون ظهرهم لعذابات الفلسطينيين التي لا جدال في أن التهجير والاحتلال والاستيطان والقمع المتواصل هو ابلغ تعبيراتها ومظاهرها.

• كلمة للحكومة الإسرائيلية: وللحكومة الإسرائيلية أقول، وبعد أن وجهت لنا نصيحة باستخلاص العبر مما حدث في العراق :

1. إن الشعب الفلسطيني هو الذي يختار قيادته، وقيادته تقرر سياسته على أساس قرار فلسطيني مستقل، وشرعيتنا نستمدها من إرادة شعبنا المتمثلة في المؤسسات الوطنية.

2. إن من يحتاج إلى استخلاص العبر من الحروب وويلاتها هو من لا يزال يظن أو يعتقد بأن الآلة العسكرية كفيلة بفرض الحلول السياسية، وان التهديد المباشر والمبطن كفيل بثني الشعوب عن المطالبة بحقوقها.

3. أقول وأؤكد: لا يوجد حل عسكري للصراع، فشعبنا لا يقبل التهديد ولن يذعن له. ولا بديل عن الحل السياسي العادل والشامل، فشعبنا يقبل ويرحب بالسلام للجميع والأمن للجميع والتقدم للجميع . السلام الذي يضمن انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة الأخرى وفق قرارات الشرعية الدولية.

4. لقد سمعنا منكم الكثير عن رغبتكم في السلام، ولكننا رأينا منكم الحصار والاغتيال والتوغل والتدمير واستمرار الاستيطان. نرجو أن تترجم أقوالكم إلى أفعال.

• العراق وإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة: إن قلوبنا تمتلئ حزنا وألما لما حل بأهلنا في العراق، ولما أصاب شعباً شقيقاً لم تحل المسافات البعيدة بينه وبين الشهادة على ارض فلسطين. نرجو لإخواننا في العراق استقرار الأمور وإنهاء الاحتلال الأجنبي لهذا البلد الشقيق، والبدء في إعادة إعمار بلدهم في القريب العاجل في ظل حكومة عراقية تعبر عن إرادة هذا الشعب العريق وتمثله.

إننا نفهم ما حل بالعراق على انه تعبير عن سياسة جديدة وصريحة تجاه الشرق الأوسط يقودها تفرد القطب الواحد، لإعادة رسم حدود الخريطة السياسية للمنطقة بأسرها. وعبثا استثناء فلسطين من تطوراتها العاصفة. كما انه ليس واقعيا عدم التخوف من تفاعلاتها وتأثيراتها على وضع شعبنا وقضيتنا.

إن مواجهة هذا التحول الخطير لا تتم بلغة الشعارات والطروحات الحماسية، بل بمنطق سليم ووعي للمصالح الوطنية العليا وكيفية صيانتها ونحن في قلب عاصفة عاتية، كيف نجنب شعبنا الخسارة أو نقلل من حجمها، وكيف نوفر إمكانات واقعية وعملية للتقدم نحو الهدف.

• طريق المفاوضات خيارنا: إن طريق المفاوضات هو خيارنا، واستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي — تحت رعاية ومتابعة اللجنة الرباعية، التي نقدر جهودها، وبالتنسيق الوثيق مع الأشقاء في مصر والأردن والسعودية— هو مطلب فلسطيني ثابت.

وخلال مسيرة المفاوضات الطويلة، كانت هنالك ملاحظات على أدائنا التفاوضي، إلا أن هذه الملاحظات لا تلغي حقيقة تراكم تجربة غنية يجدر الإفادة منها.

لذا، فان الحكومة ستعمل جنبا إلى جنب مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة العليا للمفاوضات التي تنبثق عنها، وبتوجيه من الرئيس ياسر عرفات، رئيس الدولة، والمنظمة، والسلطة لتصويب أدائنا عبر إعادة ترتيب هيكليات إطارنا التفاوضي وتوفير إمكاناتِ تفرٌّغِ فريقٍ مفاوضٍ لهذه المهمة الكبرى والحساسة والحيوية.

• الالتزام بالبعد العربي لشعبنا وقضيتنا: وإنني إذ أشكر الأشقاء العرب على دعمهم الثابت والمتواصل لشعبنا وقضيتنا، لأؤكد التزام الحكومة المطلق ببعدها العربي وبميثاق جامعة الدول العربية وقراراتها وبالعمل لاستمرار التنسيق والتعاون مع الأشقاء نحو تأكيد الإجماع العربي.

• تطوير علاقاتنا الإستراتيجية: إن الحكومة ستكون حريصة على متابعة وتطوير علاقاتنا الاستراتيجية مع باقي الأصدقاء في العالم، الذين نشكرهم على دعمهم ونشاطرهم الالتزام بعلاقات دولية متوازنة، قائمة على احترام القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها. كما وندعو مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في حفظ الأمن والسلام في منطقتنا وتأمين تنفيذ قراراته بعيداً عن ازدواجية المعايير، لحماية شعبنا ومساعدته على نيل استقلاله وحريته.

• مجلس الوزراء جزء من النظام السياسي الفلسطيني: إنني أشغل موقعا يستحدث لأول مرة في فلسطين. وقد سمعت وقرأت الكثير من الاجتهادات والتفسيرات والرهانات على هذا الموقع وما يراد منه. وهنا أحب أن أضع النقاط على الحروف وبشكل جلي لا يحتمل أي التباس:

1. إن رئيس الوزراء كموقع وبصرف النظر عن شاغله، وكذلك مجلس الوزراء والمجلس التشريعي وكافة مؤسسات السلطة الوطنية، هي جزء لا يتجزأ من النظام السياسي الفلسطيني وإطارُه منظمة التحرير.

2. إنه موقع دستوري أقرته جميع مؤسساتنا الوطنية. وهو في الجوهر محاولة جدية لتطوير أداء سلطتنا الوطنية والإعداد لبناء الدولة بما في ذلك التحضير للانتخابات القادمة – بعد زوال العقبات التي يضعها الاحتلال— لتكريس نظام سياسي ديموقراطي. إنه موقع سأعمل من خلاله، وباستخدام كافة الصلاحيات التي يمنحها القانون الأساسي لهذا المنصب، لتطبيق برنامج حكومتي الذي عرضته على مجلسكم الموقر.

• كلمة للرئيس ياسر عرفات: أنهي خطابي بتوجيه كلمة إلى أخي ورفيق دربي، الرئيس المنتخب ياسر عرفات.

1. إن الحكومة يا سيادة الرئيس هي حكومتكم.

2. حصار سيادة الرئيس: وإن وجودك داخل هذا الحصار هو محاصرة لكل معاني الصمود والإباء والكبرياء في شعبنا العظيم. إننا لن نتوانى، ومنذ اللحظة، عن العمل الجدي والمواظب ومع جميع الأطراف المعنية لإنهاء هذا الوضع الشاذ والمرفوض. فمن حق رئيس هذا الشعب وقائد مسيرته وصانع السلام باسمه أن يسترد حقه البديهي في الحرية والحركة دون قيود.

3. اطلاق سراح الأسرى: نعلم سيادةَ الرئيس انك تفخر دوما بقربك إلى درجة الاندماج بمعاناة شعبك. لذا فان الحكومة وتحت قيادتكم لن تأل جهداً في العمل على إطلاق سراح جميع معتقلينا، الأبطال الشرفاء، لدى الاحتلال – والذين زاد عددهم عن عشرة آلاف معتقل وأسير— وفي مقدمتهم عضوا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبد الرحيم ملوح وتيسير خالد، وعضو المجلس المركزي ركاد سالم، وعضوا المجلس التشريعي مروان البرغوثي و حسام خضر وشيخ المعتقلين في سجون إسرائيل أحمد جبارة (أبو السكر).

4. لن تختلف أهدافنا والتزاماتنا: إننا كلنا في الوطن وفي كل مكان.. إن اختلفت مواقعـنا، فلن تختــلف مواقفنــا... وإن اختلفت مسمياتنا، فلن تخــتلف التزاماتنا. وإن اختلفت مهماتنا، فلن تختلــف أهدافــنا.

5. تركيبة الحكومة: قبل أن أقدم إليكم أعضاء الحكومة، أود أن أتحدث لكم بصراحة وموضوعية عن ما يجول في خاطري وعن الاعتبارات التي ساهمت في تشكيل الحكومة.إن التركيبة التي اقترحها عليكم هي محصلة الواقع السياسي بكل سلبياته وإيجابياته. وأعلم أن هنالك ملاحظات كثيرة حول الأسماء والحقائب، وحول التوازن والكفاءة والاختصاص. غير أن هذا هو ما استطعت التوصل إليه، بعد مشاورات وبعد الأخذ بالاعتبارات الداخلية التي تعلمونها.

طلب الثقة ومطالبة المجلس باستخدام صلاحياته بالرقابة والمساءلة: إنني أطلب ثقتكم ودعمكم وتعاونكم، لأن كل ما تقدم يعتمد في تطبيقه السليم والفعال على تضافر جهود الجميع. إن مصداقية الحكومة سترتبط بمصداقية وفاعلية الأداء، وبذات القدر الذي أطلب فيه الثقة فإنني أطالب المجلس باستخدام صلاحياته وبالحدود القصوى في المساءلة والمراقبة. هذا هو قانون الحياة البرلمانية، فلنمضِ به قدماً وإلى الأمام بإذن الله.

برنامج عمل الحكومة بناء على خطاب السيد رئيس الوزراء:

1. الإعداد للإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية.

2. ترتيب الأوضاع الفلسطينية الداخلية.

3. تعزيز سيادة القانون .

4. تعزيز استقلال القضاء ونزاهته.

5. التركيز على أمن المواطن والوطن.

6. تطوير بنى وهياكل المؤسسات والأجهزة الأمنية.

7. إنهاء مظاهر فوضى السلاح.

8. وقف لغة التحريض والتعبئة السلبية.

9. تعزيز حرية التعبير والتعددية السياسية.

10. العمل على تحسين ظروف المعيشة للمواطنين.

11. إعادة بناء البنية التحتية.

12. وضع خطة تنموية شاملة على المستوى الوطني.

13. الاهتمام بوضع المرأة الفلسطينية.

14. حماية حقوق الطفل والعائلة.

15. تطوير قطاع الشباب.

16. الاستمرار بتنفيذ خطط الإصلاح المالي والإداري.

17. إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس .

18. استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تحت رعاية ومتابعة اللجنة الرباعية وبالتنسيق الوثيق مع الأشقاء في مصر والأردن والسعودية.

19. تنفيذ كافة الالتزامات المترتبة علينا بموجب خارطة الطريق.

20. العمل على وقف كافة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا ووطننا وعلى رأسها الاستيطان والجدار العازل.

21. العمل على إيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194.

22. الالتزام المطلق ببعدنا العربي وميثاق الجامعة العربية والعمل على استمرار التنسيق والتعاون مع الأشقاء العرب نحو تأكيد الإجماع العربي.

23. متابعة وتطوير علاقتنا الإستراتيجية مع باقي الأصدقاء في العالم.

24. العمل الجدي والمواظب لرفع الحصار عن سيادة الرئيس ياسر عرفات.

25. العمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين الفلسطينيين.

http://www.miftah.org