الاقتصاد الفلسطيني في ظل انتفاضة الأقصى
2005/5/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=3109


ثمة مجوعة من التأثيرات لكل حالة طارئة يمر بها أي كيان، وربما تعد الحروب والنزاعات والانتفاضات التي تمر بها الشعوب من أكثر الأحداث التي تُحدث التأثيرات الكبرى بمستوييها الإيجابي والسلبي.

ومن ناحية ثانية، فإن مستوى هذه التغيرات يتفاوت من حيث التأثر والتأثير بهذه الحوادث، فيما يبقى القطاع الاقتصادي هو أهم القطاعات تأثراً بمثل هذه الأحداث.

ومن هنا انطلقت ورشة العمل هذه في الهيئة العامة للاستعلامات يوم الأربعاء 19 تشرين الثاني 2003 لتتقصى حالة الاقتصاد الفلسطيني في ظل انتفاضة الأقصى، لكون انتفاضة الأقصى الحدث الأهم في السنوات الأخيرة منذ أوسلو، ولكون الاقتصاد الفلسطيني لم يتعرض لمثل ما يتعرض له الآن.

أدار الندوة جميل العبادسة مدير فرع الهيئة العامة للاستعلامات في خانيونس.

هدى حمودة مدير عام مركز المعلومات، تحدثت في افتتاح الورشة عن سعي الهيئة من خلال هذه الورشة إلى نقاش هادف ومفيد ومثمر ثم الوصول إلى توصيات تفيد الاقتصاد الفلسطيني.

خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي حتى 28/9/2003

الباحث الاقتصادي جميل العبادسة قدم ورقة تحت هذا العنوان جاء فيها:

منذ بدأت انتفاضة الأقصى والأراضي الفلسطينية تعيش حالة حرب شاملة تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والسلطة الوطنية الفلسطينية على جميع الأصعدة، إذ قامت إسرائيل بفرض حصار اقتصادي وإغلاق شامل وقيود مشددة، على حركة الأفراد و البضائع بين شطري الوطن (الضفة الغربية وقطاع غزة)، مع إسرائيل، بالإضافة إلى تعطل حركة التبادل التجاري الفلسطيني مع العالم الخارجي، الأمر الذي أدى إلى تضرر كافة القطاعات الاقتصادية، بشكل مباشر وكبير نتيجة لمنع وصول المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وعدم قدرة العمالة الفلسطينية الوصول إلى عملها بفعل الحصار والعدوان الإسرائيلي، الذي طال مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والصحية. لقد أدى الإغلاق والحصار والعدوان الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وهو الأطول منذ العام 1967 إلى خسائر فادحة لحقت بالاقتصاد الفلسطيني، فلم تقتصر الإجراءات على تراجع النمو الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي بدأ خلال العام 1998، بعد فترة طويلة من الركود الناجم عن السياسات الإسرائيلية المبرمجة والمدروسة لضرب الاقتصاد الفلسطيني، خلال الفترة 1993 – 1997، بل وضعت الاقتصاد الفلسطيني على حافة الانهيار، وأدت إلى تسارع انتشار الفقر وارتفاع حدته، إلى درجات غير مسبوقة بلغت 60% حسب تقديرات المؤسسات الرسمية والدولية، بعد أن كانت 22% قبل الحصار والإغلاق الإسرائيلي, وارتفاع معدلات البطالة إلى نسب غير معهودة بلغت في المتوسط ما بين 50- 56% كما أدت سياسات إسرائيل المتبعة في تطبيق إجراءات العقوبات الجماعية والفردية، إلى تأثيرات بالغة الخطورة، على الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتعليمية والنفسية والصحية. وقد تمثلت سياسات إسرائيل خلال الفترة الماضية، والتي يغطيها التقرير فيما يلي:

إغلاق كافة الحدود والمعابر والمنافذ الخارجية التي تربط المناطق الفلسطينية مع العالم الخارجي بما فيها إسرائيل.

(2) تجزئة المناطق والمدن والقري الفلسطينية وعزلها عن بعضها البعض.

(3) منع عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم في إسرائيل والاعتداء على بعضهم.

(4) منع العاملين في القرى والمخيمات من الوصول إلى أماكن عملهم في المدن الفلسطينية، مما جعلهم يلتحقون بصفوف العاطلين عن العمل جزئياً أو كلياً.

(5) فرض قيود مشددة على الصادرات والواردات من وإلى الأراضي الفلسطينية.

(6) رفض تحويل مستحقات السلطة الوطنية من إيرادات المقاصة.

(7) تدمير مرافق البنية التحتية الفلسطينية، وقصف المصانع وتجريف المزارع وتدمير المنازل، وقتل وجرح الآلاف من الفلسطينيين وتدمير المرافق العامة والخاصة. إذ بلغ ما تم تدميره تدميراً كلياً من المنازل 4100 منزل وأكثر من 50200 منزل أصيبت بأضرار جزئية بالإضافة إلى ممارسة سياسة القتل والاغتيالات خارج نطاق القانون واحتلال المدن والقرى الفلسطينية منذ شهر إبريل عام 2002 والتي أسفرت عن استشهاد 2735 مواطناً وجرح ما يزيد عن 37100 شخص.

كل هذه الإجراءات والممارسات ساهمت في انخفاض الناتج المحلي بحوالي 55% وارتفاع معدل البطالة من 10% قبل الحصار والإغلاق إلى ما يزيد على 50% حالياً حسب تقديرات وزارة العمل والبنك الدولي وارتفع الدين العام من 607 مليون دولار إلى 1227 مليون دولار حالياً وانخفض أداء السوق المالي بحوالي 60%. وبلغ العجز في الموازنة لهذا العام حوالي 250 مليون دولار، وأما الأموال التي جمدتها اسرائيل والمستحقة للسلطة الفلسطينية فبلغت حوالي 190 مليون دولار وتدعي اسرائيل أنها تحتجزها لقيام بعض العائلات الإسرائيلية وبعض شركات التأمين برفع قضايا لتعويض قتلى العمليات في اسرائيل وانخفضت الإيرادات العامة من 90 مليون دولار شهرياً قبل الحصار والإغلاق إلى 18 مليون دولار حالياً. كما ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية خلال الفترة الماضية بنسبة 10.97% وذلك خلال شهر آب 2003 مقارنة بشهر أيلول 2000. كما ارتفعت نسبة الإعالة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية من 4.8 في الربع الثالث من عام 2000 إلى 6.9 في الربع الأول من عام 2003 أي بمعدل ارتفاع قدره 43.8%.

ويرجع ارتفاع نسبة الإعالة في الأراضي الفلسطينية لانعدام فرص العمل وازدياد البطالة وارتفاع معدلات الفقر وازدياد حدته وتسارع انتشاره بسبب سياسة العقوبات الجماعية والفردية وفرض الحصار والإغلاق من قبل إسرائيل.

أما خسائر القطاع الزراعي فتجاوزت 1145 مليون دولار أمريكي منها 237 مليون دولار قيمة الأضرار المباشرة لتجريف الأشجار والدفيئات والخضار والمنشآت وقتل الطيور والحيوانات وإتلاف المعدات الزراعية، وبلغت خسائر قطاع الصناعة المباشرة وغير المباشرة أكثر من 1700 مليون دولار نتيجة لاستمرار سياسة الحصار والإغلاق واستهداف المنشآت الصناعية بالتدمير الممنهج والمبرمج إذ بلغ عدد المصانع والمعامل المدمرة بشكل أو بآخر ما يزيد عن 420 مصنعاً ومعملاً من قبل قوات الاحتلال. كما أصيب قطاع السياحة بالشلل التام في مختلف محافظات الوطن بسبب الحصار والإغلاق والقيود المفروضة على حركة تنقل المواطنين إذ بلغ إجمالي الخسائر في هذا القطاع 800 مليون دولار.

كما تراجع النشاط الفندقي في الأرضي الفلسطينية، إذ بلغ عدد الفنادق العاملة في الأراضي الفلسطينية 76 فندقاً حالياً بعد أن كان عام 2000، 106 فنادق، وبينت النتائج الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، استمرار التراجع في حركة النشاط الفندقي في الأراضي الفلسطينية خلال الربع الثاني من العام 2003 كجزء من التراجع الاقتصادي، بسبب تصاعد واشتداد إجراءات الاحتلال المتمثلة في الإغلاق وتقييد الحركة والتنقل بين المناطق الفلسطينية، إذ تراجعت أعداد النزلاء وليالي المبيت بنسبة 86% لكل منهما في الربع الثاني عام 2003 مقارنة مع ذات الربع من عام 2000، أما نسبة التراجع في متوسط إشغال الغرف، ومتوسط إشغال الأسرّة فقد بلغت 81.7% و82% على التوالي.

وبلغت إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة لمطار غزة الدولي جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحوالي 228 مليون دولار نجمت عن تدمير قوات الاحتلال لمدرج المطار، ومحطة الرادار، وهناجر صيانة الطائرات، ومحطات الراديو الملاحية وإغلاق المطار وتجميد مشروع الشحن الجوي.

أما وزارة الأشغال العامة، فقدرت قيمة الأضرار الناجمة عن أعمال القصف والتدمير والاجتياحات الإسرائيلية حتى منتصف أغسطس 2003 بحوالي 330 مليون دولار ارتفعت حتى نهاية 28 سبتمبر الحالي إلى 340 مليون دولار.

أما على صعيد القطاع التجاري فانخفضت الصادرات بنسبة 60% والواردات بنسبة 35% وبلغت خسائر قطاع التجارة حوالي 588 مليون دولار والإدارة العامة والدفاع 670.6 مليون دولار وقطاع البناء والتشييد 1360 مليون دولار وبلغ إجمالي خسائر قطاع النقل والمواصلات حوالي 422 مليون دولار وقطاع الوساطة المالية 121.5 مليون دولار والخدمات 1853 مليون دولار أما القطاعات الأخرى فبلغت حوالي 1263.6 مليون دولار وانخفض مؤشر القدس المالي بنسبة 42%.

أما على صعيد النشاط المصرفي فأفادت البيانات الصادرة عن سلطة النقد الفلسطينية بأن الودائع سجلت خلال الثلاث سنوات الماضية انخفاضاً طفيفاً إذ ما زالت تتراوح ما بين 3700 مليون دولار و3500 مليون دولار في البنوك المحلية الفلسطينية. في حين انخفضت التسهيلات الائتمانية انخفاضاً كبيراً حيث بلغت 1346 مليون دولار في عام 2000، وتقلصت لتصبح 957 مليون دولار في عام 2002 واستمر الانخفاض لتبلغ 942 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي، وتجدر الإشارة إلى أن استمرار الانخفاض في نسبة التسهيلات إلى الودائع مؤشر يعكس الانكماش الاقتصادي الذي أثر على جميع القطاعات، والناجم عن سياسة الحصار والإغلاق والعدوان الإسرائيلية، حيث انخفضت نشاطات وتعاملات البنوك في الأراضي الفلسطينية انخفاضاً كبيراً منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية، وما نجم عنه من ممارسات وإجراءات إسرائيلية وحشية، ويرجع الاقتصاديون هذا الانخفاض إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والتدهور الأمني التي تشهدها مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وحالة الحصار المفروضة من قبل قوات الاحتلال الاسرئيلية على كافة الأنشطة والفعاليات الاقتصادية الموجودة في تلك المناطق. على صعيد فقدان الدخل وإنفاق الأسرة، فقد أشارت المعطيات الصادرة عن المؤسسات الفلسطينية الرسمية والدولية إلى أن 78% من السكان أي 501 ألف أسرة من مجمل الأسر في الأراضي الفلسطينية انخفض دخلها منذ بداية الانتفاضة منها 47.7% أي 237 ألف أسرة فقدت أكثر من نصف دخلها خلال انتفاضة الأقصى وتوزعت هذه النسبة بواقع 50.8% أي 171 ألف أسرة في الضفة و40.1% أي 33 ألف أسرة في قطاع غزة، وبالمقارنة مع خط الفقر المكافئ لشهر مارس آذار عام 2003 أشارت النتائج إلى أن هناك 63.3% من الأسر حوالي 364 ألف أسرة أي ما يعادل 2,483,000 فرد يعانون من الفقر، وتوزعت هذه النسبة بواقع 53.7% من الأسر في الضفة و83.6% في قطاع غزة. أما على صعيد الإنفاق الأسري، فقد أظهرت البيانات والنتائج الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن 69.7% من الأسر أي 401000 أسرة خفضت نفقاتها على الحاجات الأساسية خلال الـ 12 شهراً الماضية، وتركز هذا التخفيض على الملابس والغذاء.

أما على صعيد الخدمات الصحية، فقد أشارت النتائج إلى أن 56.5% من الأسر أي ما يزيد عن 2 مليون فرد في الأراضي الفلسطينية شكل لها الحصار عائقاً في الحصول على الخدمات الصحية، وأفادت 44.5% من الأسر حوالي 1,632,000 فرد أن ارتفاع تكاليف العلاج شكل لها عائقاً في الحصول على الخدمات الصحية. وأظهرت دراسات صدرت حديثاً عن مؤسسات دولية ومحلية أن 13.3% من سكان قطاع غزة يعانون من سوء التغذية المزمن وهو مستوى يماثل مستوى بعض الدول في غرب ووسط أفريقيا.

لقد أثرت سياسة إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2000 حتى الآن على مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية بطرق مختلفة، وكان المراهقون أو اليافعون منهم هم الأكثر تضرراً وتعرضاً للخطر بشكل خاص وأكثر عرضة للصدمات النفسية ولمشاعر الغضب والغيظ بسبب الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد أبناء شعبهم.

وأثرت السياسات الإسرائيلية اتجاه الأراضي الفلسطينية تأثيراً سلبياً على عملية التنمية أيضاً، حيث طرأ تغيير جذري على الإنفاق العام خلال عامي 2001، 2002 وذلك لعدة أسباب أهمها: الانخفاض الحاد في الإيرادات العامة للسلطة الفلسطينية من 91 مليون دولار شهرياً إلى 18 مليون دولار، احتجاز إسرائيل المستحقات المالية للسلطة الوطنية، شح المساعدات الدولية إضافة إلى بروز أنواع جديدة من النفقات الأمر الذي انعكس سلباً على حصة الفرد من الإنفاق الحكومي في الأراضي الفلسطينية في العام الماضي، إذ بلغت 70 دولاراً أمريكياً في مجال الصحة، و40 دولاراً في مجال التعليم مقابل 90 دولاراً في مجال الأمن. مما يعني أن التركيبة الحالية للإنفاق الحكومي تركز على الأمن على حساب القطاعات المؤثرة في عملية التنمية.

إجمالي خسائر الاقتصاد الفلسطيني

في الواقع لا يمكن رؤية حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الفلسطيني خلال ثلاث سنوات من الحصار والإغلاق بدون العودة إلى التطورات الإيجابية التي حدثت في الاقتصاد الفلسطيني عشية فرض الحصار خلال الربع الأخير من العام 2000 والذي ما زال مستمراً حتى الوقت الحالي.

لقد شهد الاقتصاد الفلسطيني محطات إيجابية خلال فترة 98-99 حتى الأول من أكتوبر عام 2000 تتعلق بالناتج المحلي ومعدلات النمو فقد بلغت معدلات النمو وفق تقديرات صندوق النقد الدولي 6% من الدخل القومي و5% من الناتج المحلي، وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً لمجمل النشاط الاقتصادي الفلسطيني، على سبيل المثال فقد كان أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 1999 أفضل مما كان متوقعاً إذ قامت وزارة المالية وصندوق النقد الدولي بتعديل التقديرات الأولية الخاصة بمعدلات النمو في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي والناتج القومي لعام 1999 بنسبة 4.5% و4.6% إلى 6% و7% على التوالي. كما أن غالبية مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني أظهرت تحسناً في الأداء، فقد ارتفعت تدفقات العمالة إلى إسرائيل بنسبة 15% وازداد حجم التجارة المسجلة مع إسرائيل بنسبة 9%، ونمت الأنشطة الإنشائية المخطط لها بنسبة 14% ناهيك عن النمو الملحوظ في تسجيل الشركات الجديدة وارتفاع حجم قروض الجهاز المصرفي لقطاع الأعمال بنسبة 32%، وارتفعت مدفوعات الدول المانحة بنسبة 12%، وازداد حجم نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى حوالي 1575 دولار أمريكياً. إلا أن السياسات والإجراءات الإسرائيلية السابقة الذكر ضد الشعب الفلسطيني أدت خلال الفترة الماضية إلى تضرر كافة القطاعات الاقتصادية. وقد جرت عدة محاولات لتقدير الأضرار المادية التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة الإجراءات والممارسات وسياسة العدوان الإسرائيلية التي أعقبت اندلاع انتفاضة الأقصى في نهاية أيلول/ سبتمبر 2000، وقد أسفرت تلك التقديرات عن نتائج متباينة للجهة التي تقوم بها، والمجالات التي تغطيها، والافتراضات التي تبنى عليها، والمنهجية التي يتم استخدامها.. وبالرغم من التفاوت والتباين في حجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني حسب المصدر والطريقة التي يلجأ إليها المصدر المعني في حساب كميته إلا أننا سنعتمد في تقدير الخسائر المباشرة على أساس الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية.

بلغ متوسط الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي 55.6% على أساس أن الانخفاض في القطاعات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي كالتالي:

القطاع نسبة الانخفاض% الزراعة 80 الصناعة 60 الإنشاءات 70 التجارة 33 النقل 65 الوساطة المالية 25 الإدارة العامة والدفاع 46 الخدمات 44 قطاعات أخرى 78 المتوسط 55.6%

والجدير ذكره أن أيام العمل السنوية في الأراضي الفلسطينية 312 يوماً، وأيام العمل في إسرائيل 23 يوماً في الشهر، ومعدل الأجر اليومي للعامل الفلسطيني داخل إسرائيل حوالي 27.5 دولار، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي السنوي 5400 مليون دولار، ومن ثم يمكن احتساب الخسائر كالتالي:

الخسائر الجارية: تنقسم إلى خسائر في صافي الدخل والإنتاج المحليين، وخسائر العمالة في إسرائيل:

(1) خسائر صافي الدخل والإنتاج المحليين تقدر بحوالي 8936 مليون دولار.

(2) خسائر العمالة الفلسطينية في إسرائيل تقدر بـ 2,798,550,000 دولار أمريكي.

إجمالي الخسائر الناتجة عن الدخل والإنتاج المحليين والعمالة الفلسطينية في إسرائيل (خسائر اقتصادية مباشرة) خسائر الدخل والإنتاج المحليين 8.936.000.000 خسائر العمالة في إسرائيل 2.798.550.000

الإجمالي 11.734.550.000 (أحد عشر ملياراً وسبع مئة وأربعة وثلاثون مليوناً وخمس مئة وخمسون ألف دولار)

الخسائر الاقتصادية غير المباشرة: وتتمثل فيما يلي:

(1) خسائر الثروة القومية تقدر بـ 1200 مليون دولار

(2) خسائر الفرص الضائعة وتقدر بحوالي 450 مليون دولار

(3) مستحقات السلطة الوطنية لدى إسرائيل وتقدر بـ 190 مليون دولار.

(4) الأعباء المالية الإضافية: تقدر بـ 400 مليون دولار ويصبح إجمالي الخسائر الاقتصادية غير المباشرة 2240 مليون دولار.

وبذلك تقدر خسائر الاقتصاد الفلسطيني المباشرة وغير المباشرة، خلال الفترة من 29/9/2000 إلى 28/9/2003، نتيجة العدوان الإسرائيلي بحوالي ثلاثة عشر مليار وتسع مائة وأربع وسبعون مليون وخمس مائة وخمسون ألف دولار.

الرقم نوع الخسائر المبلغ

خسائر اقتصادية مباشرة 11,734,550,000

2 خسائر اقتصادية غير مباشرة 2,240,000,000 الإجمالي 13,974,550,000

أما الخسائر البشرية و الآثار النفسية، التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، نتيجة العدوان الإسرائيلي وممارساته الوحشية، واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين العزل، خاصة الأسلحة المحرمة دولياً، ووسائل الإرهاب والقتل، فيصعب تقديرها مادياً أو تحديد نتائجها، وستظل آثارها لفترة طويلة.

لقد بينت الممارسات والإجراءات الإسرائيلية خلال الانتفاضة أن من أحد وأهم أهداف السياسة الإسرائيلية الرئيسة من وراء الحرب العدوانية الشاملة التي تشنها إسرائيل على جميع الأصعدة ضد الفلسطينيين، هي تدمير الاقتصاد الفلسطيني والحيلولة دون نموه وتطوره أو تحقيق استقلاليته عن الاقتصاد الإسرائيلي، وتنفيذ الخطط المدروسة والمبرمجة لتكبيد الاقتصاد الفلسطيني خسائر كبيرة، من أجل إجهاض الانتفاضة وكسر إرادة وصمود الشعب الفلسطيني وإجباره على التسليم بالأمر الواقع.

الواقع الاقتصادي الفلسطيني الراهن

الباحث الأستاذ غازي الصوراني قدم ورقة عمل حول الواقع الاقتصادي الراهن.

إن معالجتنا للأوضاع الاقتصادية الفلسطينية، بمنطق التشخيص والتحليل وكشف المخاطر الراهنة والمستقبلية، هو أحد المداخل الضرورية لصياغة البدائل الاقتصادية الوطنية والمجتمعية الهادفة لإخراج الواقع الفلسطيني من مأزقه الراهن. ففي هذه الظروف التي تتزايد فيها مظاهر العنجهية الإسرائيلية الاحتلالية، وما يترتب عليها من خطوات عملية لخلق معطيات وحقائق أمر واقع جديدة، بالتهويد والاستيطان والجدار الفاصل والمزيد من تجريف الأراضي والاستيلاء عليها، والاغتيالات والقتل والمطاردة والاعتقال، والقصف وهدم البيوت، والحصار والضغط الاقتصادي والتجويع في إطار الصراع التناحري والتناقض الرئيس مع العدو الصهيوني. ومع إدراكنا لمخططات هذا العدو، الهادفة إلى تدمير مقدرات شعبنا وصموده السياسي والاقتصادي، عبر منهجيته لعدوانية شبه اليومية التي فاقت المنهجية النازية في عنصريتها وبشاعتها وآثارها المدمرة، إلا أننا ندرك أيضا العوامل الفلسطينية الداخلية السالبة والمتفاقمة في قلب هذا الصراع وفي موازاته، حيث تتجلى الظروف الفلسطينية المعقدة في أحلك صورها في ظل الانتفاضة وعلى عتبات العام الرابع من تفجرها رغم حدة وبشاعة العدوان الصهيوني واستمراره، عبر تناقضات اقتصادية وسياسة ومجتمعية داخلية، تراكمت عبر مسار السلطة طول العشر سنوات العجاف الماضية الذي تزايدت فيه واتسعت مخاطر ممارسات أجهزتها ومؤسساتها، وانعكاسها على جماهيرنا الشعبية بصورة سلبية خطيرة ومؤثرة، لم يعهدها شعبنا من قبل، تتجسد هذه الممارسات ـ التي باتت حديث الشارع ـ في اتساع رقعة الفساد والإفساد الاقتصادي والإداري، والمحسوبيات والتسيب وبهتان دور القضاء والانحطاط الاجتماعي عبر إعادة إنتاج التخلف وتجديد دور رموزه بالتساوق مع مصالح أجهزة السلطة وفي خدمتها.

في هذا المناخ، يأتي الحديث عن مظاهر تراجع الاقتصاد الفلسطيني، وتزايد نسب البطالة والفقر في مجتمعنا، كضرورة، لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي، بل تتخطاه نحو البعد السياسي في صيغة موحدة لا انفصام بينهما بحيث يمكن عبر هذا المدخل، الدعوة إلى عملية التغيير الديمقراطي الداخلي التي تستهدف وقف مواجهة كل مظاهر الخلل والفساد ومحاسبة رموزه وأدواته، وهي عملية باتت أكثر من ملحة لانتشال مجتمعنا من هذا المأزق الخطير الذي يهدد وجودنا وأرضنا وقضيتنا، بعد أن وصلت قيادة السلطة الفلسطينية إلى وضع لم تعد قادرة فيه ـ لأسباب ذاتية وخارجية ـ على تقديم إنجازات جدية ملموسة ليس على الصعيد السياسي فحسب، بل أيضا على الصعيد الاقتصادي التنموي والاجتماعي، الأمر الذي يفترض ضرورة تفعيل معطيات ومفاهيم وأدوات وأطر التغيير التي تسعى إلى فرض البديل الشعبي الديمقراطي، وآلياته المرتبطة بمبدأ وطريقة القيادة والمؤسسات المنسجمة معه، والمستجيبة لمتطلباته من جهة، وصياغة البرنامج أو الاستراتيجية الوطنية والاقتصادية التنموية المجتمعية من جهة ثانية، على قاعدة أن التغيير الشامل صوب الإصلاح الجذري المطلوب عبر حاضنته الشعبية وأطره الطليعية المنظمة أحزاباً ونقابات ومنظمات جماهيرية ومؤتمرات وقوى مجتمعية ضاغطة بات في هذه المرحلة سفينة النجاة التي يمكنها إنقاذ شعبنا من شروط الإصلاح السياسي والاقتصادي الأمريكي الإسرائيلي التي ستودي لمزيد من الفشل والتراجع من ناحية وإلى مزيد من الخضوع والتبعية بكل أشكالها من ناحية أخرى.

مؤشرات الواقع الاقتصادي الفلسطيني الراهن:

السكان والقوى العاملة في الضفة الغربية كما في نهاية عام 2003:

الضفة الغربية 2.356.810 قطاع غزة 1.364.733

المجموع 3.721.543 حوالي 572500 أسرة

يشكل السكان المقيمون في المناطق والتجمعات الحضرية في الضفة والقطاع حوالي 45%، وفي المخيمات 15.9%، أما سكان التجمعات الريفية فيشكلون نسبة 30.1% من عدد السكان الكلي. نسبة الفتوة (أقل من 15 سنة)تبلغ 46.4% ما يعادل 1.726.796 نسبة القوى البشرية 15- 64 تبلغ 50.3% ما يعادل 1.871.936 نسبة السكان 65 تبلغ 3.3% ما يعادل 122.811

الإجمالي 3.721.543

القوى العاملة:

تقدر القوى العاملة الفلسطينية كما في نهاية العام 2003 بحوالي 744300 شخص أو ما يعادل 40% من القوى البشرية، و20% من مجموع السكان، وهي نسبة منخفضة قياساً ببعض الدول العربية مثل مصر التي تزيد فيها القوى العاملة عن 30% من مجموع السكان، والأردن 27% وسوريا 28% وفي إسرائيل 39%. تتراوح نسبة العاملين في القطاع الخاص من أصل مجموع القوى العاملة بين 60ـ65%، ويتوزع باقي العاملين على القطاع (السلطة) ووكالة الغوث، والمؤسسات الأهلية غير الربحية الأخرى. تتوزع القوى العاملة كما يلي:

ـ الضفة الفلسطينية 471,362 فرداً بنسبة 63.3% من إجمالي القوى العاملة.

ـ قطاع غزة 272,946 فرد بنسبة 36.7% من إجمالي القوى العاملة الفلسطينية.

يبلغ معدل الإعالة حسب إجمالي القوى العاملة أعلاه في الضفة والقطاع 1:5 تقريبا (كل فرد يعمل، يعيل 5 أفراد) ويرتفع هذا المعدل إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع نسبة البطالة. توزيع القوى العاملة كما في نهاية هذا العام 2003 حسب عدد سنوات الدراسة:

البيان العدد النسبة المئوية

لم يدرس أبدا 33.494 4.5%

درس من سنة إلى ست سنوات 164.490 22.1%

7 – 9 سنوات دراسية 139.376 24.1% 10 – 12 سنة دراسية 200.961 27%

أتم 13 سنة دراسية فأكثر 165.979 22.3%

إجمالي القوى العاملة 744.300 100% البطـالة:

بلغت نسبة البطالة كما في عام 2002، 33.6% أو ما يعادل 250 ألف عاطل عن العمل حيث ترتفع نسبة الإعالة في هذه الحال إلى 7.5 فرد لكل عامل (المعروف أن نسبة العمالة التامة، قبل الانتفاضة في أيلول 2000 وصلت إلى 85.8%) والبطالة لم تتجاوز 14.2% حسب العديد من المصادر، وقد أدى الحصار العدواني العسكري والاقتصادي الذي مارسه العدو الصهيوني منذ نهاية أيلول 2000 إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي 45% عام 2001 هبطت إلى 33.6%، عام 2002).

على أي حال يجب أن ندرك طبيعة تكون وامتداد الجذور العميقة التي أنبتت وتنبت البطالة والفقر، عبر معرفة أسبابها الرئيسة، التي تتمثل في الاحتلال الصهيوني وعداؤه الهمجي المتصل من جهة، وفي التخلف والتبعية الاقتصادية، وفشل جهود التنمية الداخلية لأسباب باتت معروفة للجميع من جهة أخرى، وبالتالي فإن علاج الخلل في بنية ومكونات الواقع الاقتصادي الفلسطيني الراهن، مرتبط إلى حد كبير، بمواجهة وعلاج الأزمات الداخلية المتراكمة عندنا طوال العشر سنوات، والتي تتمحور إلى حد بعيد تحت عنوان ظاهرة الفساد، التي استشرت في مجتمعنا كما في مجتمعاتنا العربية بحيث أنها لم تعد مسألة حسابية توضحها أو تعكسها الأرقام، بل باتت أخطر وأكبر من كميات الأموال المدفوعة على شكل رشاوى أو عمولات أو سمسرة أو خاوات ذلك أن ممارسات الفساد والإفساد أنتجت كثيراً من جوانب الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع معاً، كنتيجة مباشرة وغير مباشرة لانتشار روح المضاربة التي تطغى وتسود على روح المشروع أو العمل المنتج بحيث أضحى اقتصادنا الفلسطيني يشبه ما يسميه الاقتصادي الإنجليزي جون ماينرد كينز باقتصاد الكازينو الذي يكون فيه الرواج الاقتصادي نتاج المضاربة على أسعار الأصول في أسواق العقارات والبورصات وليس نتاجاً للتراكم الرأسمالي الأمر الذي يكرس ما يسميه كينز برأسمالية المحاسيب، وهي ظاهرة تراكمت عندنا في غياب سيادة القانون وأنظمة الرقابة والمساءلة والشفافية، وفي ظل تطبيق مبدأ أهل الثقة على حساب مبدأ أهل الخبرة والكفاءة، ففي مثل هذا المناخ لا نستغرب أبدا اندفاع العديد من أصحاب الثروات الطارئة غير المشروعة نحو التعاطي مع مفهوم رأسمالية السلب والنهب كما يصفها كينز بحق ولا نستغرب أيضاً سيادة هذه الحالة الذهنية لدى قطاعات محدودة، ولكن مؤثرة من الناس، تبرر الفساد، وتجد له من الذرائع للاستمرار والتوسع على مجمل حياتنا اليومية، وتدريجياً في ظل هذا الواقع أو هذه الصيرورة الشاذة تصبح الدخول أو الثروات غير المشروعة الخفية والعلنية الناتجة عن الفساد هي الدخول الأساسية التي تفوق أحياناً في قيمتها تلك الدخول المشروعة الناتجة عن العمل في الأنشطة الاقتصادية المختلفة مما يجعل الفرد في بلادنا يفقد الثقة في أهمية العمل الأصلي، كما يفقد دافعيته الذاتية تجاه أي عمل منتج أو وظيفي، وبالتالي يقبل فكرة التفريط التدريجي في معايير أداء الواجب العام في وظيفته أو في مهنته في هذا القطاع الاقتصادي أو ذاك، بما يمهد الطريق وبالتدريج أيضاً للتفريط فيما هو أخطر بالنسبة لقضايانا الأساسية الكبرى.

أداء الاقتصاد الفلسطيني 1994- 2003

أورد فيما يلي تطورات الأداء الاقتصادي الفلسطيني واتجاهاته الرئيسة، وأبرز تحدياته، طوال العشر سنوات العجاف الماضية عموماً، ومنها سنوات الانتفاضة حتى العام 2003 خصوصاً، عبر المؤشرات التالية:

(1) تراجع مستوى المعيشة عام 2002، إلى أكثر من الضعف قياساً بعام 1993 بفعل التضخم وارتفاع الأسعار وثبات الأجور، والتوزيع غير العادل للثروة والدخل، بسبب تفاقم العوامل الداخلية السالبة من ناحية، وغياب الاستراتيجية الوطنية التنموية التي تستجيب لضرورات لصمود والمقاومة والاستقلال والبناء الداخلية من ناحية ثانية، ودون أن نقلل من دور العدو الإسرائيلي كسبب وتناقض رئيسي أول في تدمير مقدراتنا الوطنية ومواردنا وقطاعاتنا الاقتصادية.

(2) عدم حدوث أي تطورات جوهرية ملموسة بالمعنى الإيجابي، في البيئة التشريعية الاقتصادية، وتواصل النشاط الاقتصادي للسلطة الحكومة دون إقرار مرجعية قانونية موحدة ومتكاملة تنظم عمل القطاع الحكومي والعام ومجالاته وآلياته، مما ساهم في معاناة اقتصادنا الفلسطيني من حالة الانكشاف المستمر، والهشاشة والضعف خاصة وأن هذا الانكشاف تزايد مع استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي عموماً، وقيود بروتوكولي باريس خصوصاً، الأمر الذي أدى إلى تعميق تبعية اقتصادنا للاقتصاد الإسرائيلي، ضمن إطار الغلاف الجمركي، والسياسات والمواصفات الإسرائيلية، إلى جانب الآثار الضارة والمريرة، الناجمة عن توحد أسعار السلع بيننا وبين السوق الإسرائيلي دون الأخذ بعين الاعتبار ذلك الفرق الهائل في الدخل الفردي السنوي في إسرائيل الذي وصل عام 1999/ 2000 إلى 19 ألف دولار وهبط بفعل وتأثير الانتفاضة إلى حوالي 16 ألف دولار عام 2001، في حين أن هذا الدخل الفردي السنوي هبط إلى أقل من 952 دولار في الأراضي الفلسطينية نهاية عام 2002.

(3) تراجع القطاعات الإنتاجية عموماً والزراعة بصورة خاصة، حيث لم تتجاوز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي 6.4%ـ8% منذ 1999 حتى نهاية 2002، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومعهد ماس، وتقرير التنمية الفلسطيني لعام 2002، كما تراجع قطاع الصناعة إلى نسبة 12.6% عام 2001 بعد أن وصل عام 1999 إلى 16.0%.

(4) تزايد محدودية سوق العمل الفلسطيني على خلق فرص عمل جديدة حيث لم يستطع هذا السوق في سنوات ما قبل الانتفاضة أن يوفر أكثر من 37% من إجمالي فرص العمل الجديدة خلال تلك السنوات، جزء هام منها في القطاع العام، فيما وفر سوق العمل الإسرائيلي والمستعمرات الاستيطانية 63% من فرص العمل الجديدة، لترتفع بذلك الأهمية النسبية للعمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلي من 21.7% في نهاية عام 1998 إلى 22.9% في نهاية عام 1999 وانخفضت هذه النسبة إلى 7.3% عام 2002 بسبب عوامل الحصار والإغلاق المتكررة.

(5) بالنسبة لتطورات التجارة الخارجية الفلسطينية، فما زالت إسرائيل تهيمن على هذه التجارة حيث أن نسبة وإرادتنا منها تصل إلى 73% مقابل 1.6% فقط من الدول العربية، و25.4% من باقي بلدان العالم، ولا يختلف الأمر بالنسبة للصادرات التي تصل حصة إسرائيل فيها أكثر من 92%، هذه الأرقام تجعل الاهتمام بتطوير العلاقة التجارية مع البلدان العربية باتجاه توسيع قاعدة المصالح المشتركة وتعزيز فرص نمو هذا التعاون من الأولويات الضرورية في هذا الجانب.

(6) تنامي الاتجاه لانخفاض العون الدولي للشعب الفلسطيني، وتراجع المعونات من الدول العربية "الشقيقة" التي توقفت عن الدعم ـ منذ منتصف عام 2002 إلا بإذن خاص من واشنطن. (7) استمرار محدودية حجم الائتمان المصرفي حيث لم تزد نسبة القروض للودائع حسب المراقب الاقتصادي ـ ماس العدد التاسع ـ عن 29.6% عام 2002 رغم ظروف الانتفاضة ومعاناة شعبنا وتضحياته، التي تستوجب من البنوك، أن تقوم بدورها الوطني في إطار منهج، وخطة وطنية، تقوم بالدرجة الأولى على تشغيل الجزء الأكبر من الودائع التي تزيد عن 2.7 مليار دولار في القطاعات الإنتاجية الفلسطينية عموماً، والصناعة والزراعة خصوصاً.

(8) تقدر الخسائر الاقتصادية الشاملة بسبب العدوان الهمجي الصهيوني وتدميره لمقدرات شعبنا، بحوالي (12) مليار دولار خلال الثلاث سنوات الماضية.

(9) ارتفاع نسبة الفقراء إلى إجمالي عدد السكان من 21% عام 1999 إلى 60% عام 2002 تتوزع بنسبة 55% في الضفة، و70% في قطاع غزة، وهؤلاء الفقراء يستهلكون أقل من 20% من السلع والخدمات؟؟ وفي نهاية عام 2000 بلغت نسبة الفقر المدقع 40% في الضفة والقطاع أي أقل من (1550 شيكل) لكل أسرة شهرياً، ولم تتراجع هذه النسبة في عامي 2002، 2003 بصورة ملموسة، آخذين بعين الاعتبار أن ظاهرة الفقر عندنا، لا تتوقف عند نقص الدخل وانخفاض مستوى المعيشة فحسب، بل تشمل أيضاً غياب الإمكانيات لدى العامل وأسرته للوصول إلى الفرص الحياتية ضمن الحد الأدنى الضروري، فمع استشراء حالة الفقر (المدقع بالذات)، يتوالد المزيد من الإفقار في القيم الاجتماعية، بما يفتح الباب نحو كافة الاحتمالات، فالمعروف أن ظاهرة الفقر لا تتوقف على العجز عن تأمين الاحتياجات المباشرة فحسب، بل تتخطى ذلك ـ في ظل تفاقم الفساد وغياب القانون ـ إلى اتساع مظاهر الفقر في القيم والفقر في النظام والقانون والعدل. وفي هذا السياق فإننا نؤكد أن تزايد نمو الفئات والشرائح الفقيرة في مجتمعنا ـ وهي الأغلبية الساحقة ـ لا يتحقق كنتيجة للعدوان الإسرائيلي المتواصل فحسب، ولكن أيضاً كنتيجة لسياسات السلطة وأجهزتها ومؤسساتها وأفعالها الاقتصادية الطفيلية الضارة على الصعيد الداخلي، مما يؤدي موضوعياً إلى زيادة مساحة ونوعية وحجم التدهور الاقتصادي والاجتماعي، وما يعنيه ذلك من استمرار التراكم للعاطلين عن العمل، وحجم الفقر بكل أشكاله ودرجاته، إلى جانب مظاهر التردي السياسي والمجتمعي الأخرى المتزايدة.

(10) انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عام 2002 بنسبة 28.4% عما كان عليه عام 1994، حيث بلغ آنذاك 1330.2 دولار للفرد في السنة، تراجع إلى حوالي 952 دولار عام 2002، ومن المحتمل بقاءه عند هذا المعدل في نهاية عام 2003، خاصة في قطاع غزة، إذا استمرت الظروف الراهنة دون تغيير بالمعنى الإيجابي، خاصة في أوضاعنا الداخلية.

(11) انخفض الناتج المحلي الإجمالي من (4516) مليون دولار عام 1999 إلى (4441) مليون دولار عام 2000، وإلى (4093) مليون دولار عام 2001، وإلى (3390) مليون دولار عام 2002، أي بمعدل تراجع مقداره، 24.9% قياساً بعام 1999 وقد يهبط إلى أقل من ذلك في نهاية هذا العام 2003، فيما لو استمرت الظروف والعوامل الداخلية والخارجية على ما هي عليه.

(12) إذا كان من المتفق عليه، من الناحية الموضوعية، أن القطاع الخاص عموماً، محكوم بعوامل الربح والمصالح الخاصة، فإن ظروف تطور القطاع الخاص الفلسطيني فرضت مزيداً من أشكال ومظاهر التشوه في بنيته وهيكلته من ناحية، وعمقت نزوعه نحو تحقيق مصالحه الخاصة عبر نشاطه، بل وارتباطه أحياناً بالسوق الإسرائيلي، مما عزز بروز الأنانية والمصالح الفردية الاستغلالية ـ الطبقية ـ لمعظم أطراف أو مكونات القطاع الخاص الفلسطيني، كمظهر يشكل أحد أهم سمات ومكونات الغالبية العظمى من مؤسسات هذا القطاع، ومما شجع على ذلك مناخات الفساد والفوضى والرشوة والمحسوبيات والخاوات من ناحية، والطابع الفردي شبه العائلي لمؤسسات القطاع الخاص من ناحية ثانية، الأمر الذي ساهم في إعاقة تطورها الرأسمالي التراكمي، وأعاق تطورها التقني، مما ساعد على توسع هذه المؤسسات أو المنشآت الصغيرة بما يتناسب مع طابعها الفردي المتخلف شبه المنغلق، فقد بلغ عدد هذه المنشآت عشية الانتفاضة وفرض الحصار في أواخر أيلول 2000، (68053) مؤسسة يعمل فيها (204) آلاف مشتغل، هبطت إلى (66193) منشأة عام 2001، وهبط عدد المشتغلين إلى (203) آلاف عامل، أما بالنسبة لتوزيع المنشآت حسب النشاط الاقتصادي فهو كما يلي: 58% في التجارة، 22% في الصناعة 20% في القطاعات الأخرى، أما العاملين في هذه المؤسسات الخاصة، فقد بلغت نسبة العاملين في التجارة 37%، وفي الصناعة 36% وفي الزراعة والأنشطة الأخرى 27%، والملفت للانتباه أن نسبة العاملين بأجر في قطاع التجارة حوالي 20% فقط من إجمالي العاملين فيه ـ حسب ماس/ المراقب الاقتصادي / العدد السادس.

وبهذه المناسبة، ومع الإقرار بمسؤولية العدو الصهيوني وحصاره وعدوانه المستمرين، كسبب هام من أسباب التراجع والتدهور الاقتصادي وغيره، إلا أننا يجب أن لا نغفل دور السياسات الداخلية عندنا طوال العشر سنوات العجاف الماضية عموماً وسنوات الانتفاضة الثلاث الأخيرة خصوصاً، التي عمقت مظاهر الخلل والهبوط في كافة القطاعات الإنتاجية وغير الإنتاجية في القطاعين الخاص والعام على حد سواء، بما يستدعي العمل الجاد صوب تفعيل العملية التغييرية الديمقراطية الداخلية التي يجب أن يرتكز محورها أو جانبها الاقتصادي، على المفاهيم والخطوط العامة للاستراتيجية التنموية التي يجب العمل على بلورتها وتبنيها للخروج من هذا المأزق الحاضر إلى المستقبل، وفي هذا السياق أقدم فيما يلي اقتراحاً لمجموعة من الأسس المكونة لهذه الاستراتيجية:

(1) حصر كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالموارد الطبيعية والبشرية الفلسطينية عبر فريق وطني اقتصادي متخصص، تمهيداً للسيطرة المباشرة عليها وإدارتها، كهدف وطني يستحيل بدون تحققه تطبيق أي خطة تنموية فلسطينية.

(2) خلق مقومات اقتصاد المقاومة والصمود انسجاماً مع متطلبات هذه المرحلة، وما يعنيه ذلك من العمل الجاد على تطبيق سياسة اقتصاد التقشف أو المخيمات أو المناطق الفقيرة، بكل ما يعنيه من إجراءات تلغي ـ بعد المحاسبة القانونية ـ امتلاك أي مواطن أو مسؤول لأي شكل من أشكال الثروة الطفيلية غير المشروعة وإلغاء كافة مظاهر الإنفاق الباذخ بكل أشكاله وأنواعه وأساليبه عموماً وفي مؤسسات السلطة خصوصاً.

(3) فك الارتباط والتبعية والتكيف مع الاقتصاد الإسرائيلي ووقف هذا التضخم في حجم الواردات، وفرض الرسوم الجمركية العالية على الكماليات المستوردة مقابل تخفيف الرسوم على الواردات الأساسية، ووقف عمليات الاستيراد المباشر وغير المباشر من السوق الإسرائيلي، الأمر الذي يعني إلغاء بروتوكول باريس.

(4) التخطيط التأشيري والمركزي لتفعيل العملية الإنتاجية في الصناعة والزراعة، والعمل على تفعيل العلاقة بين هذين القطاعين بما يخدم تطوير المنتجات الصناعية المعتمدة على الإنتاج الزراعي، وإقرار مشروع القانون الزراعي بهدف تحديد وإرساء استراتيجية زراعية فلسطينية تتناسب مع أهمية القطاع الزراعي.

(5) وضع سياسة تنموية زراعية آنية ومستقبلية تقوم على التخطيط وتفعيل دور مؤسسات الإقراض الزراعي والبنوك لتقديم الدعم للمزارعين الفقراء، وتطوير وتوسيع الأراضي الزراعية وأراضي المراعي والثروة الحيوانية.

(6) مراعاة الحفاظ على ثبات الأسعار للسلع الأساسية الضرورية للفقراء و رفع أجور الفئات والشرائح الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود.

(7) تطوير دور القطاع العام والتعاوني والمختلط بعيداً عن أشكال الاحتكار، بما يدفع إلى توسيع القاعدة الإنتاجية الفلسطينية، والسوق الفلسطيني، على نحو يؤدي إلى إيجاد المزيد من فرص التشغيل المتواضعة، لليد العاملة، في الإنتاج والسوق المحليين من ناحية، ويسهم في ضمان معدلات عالية ـ نسبياً ـ من النمو لقطاعي الإنتاج الرئيسيين ـ الزراعة والصناعة ـ من ناحية ثانية. وفي هذا السياق فإن من الواجب والضروري، الأخذ بمقترحات البرنامج العام للتنمية الذي أشرف عليه المفكر الاقتصادي الفلسطيني د. يوسف صايغ، إذ أن هذه المرحلة وضروراتها الاقتصادية ـ السياسية معاً تقتضي من كافة المسؤولين في السلطة الأخذ بتلك المقترحات بعد إهمال طويل وغير مبرر لها.

(8) إنشاء وتفعيل المؤسسات الاقتصادية الكبرى في قطاع الصناعة على نمط الشركات الصناعية المساهمة العامة والمختلطة بين القطاعين العام والخاص، لمواجهة هذا الضعف في البنية الصناعية ونقلها من طابعها الحرفي ـ الفردي ـ العائلي إلى طابعها الإنتاجي العام الكفيل وحده بتطوير القطاعات الإنتاجية في بلادنا.

(9) العمل بكل جدية، وعبر كافة السبل والضغوط السياسية الممكنة، من أجل تفعيل وتوسيع مجال التبادل التجاري الفلسطيني العربي، ووقف احتكار السوق الإسرائيلي لهذه العملية. وكذلك التركيز على فتح سوق العمالة العربي، في مختلف البلدان، أمام العمالة الفلسطينية، الماهرة وغير الماهرة، وفقاً لقوانين وأنظمة التشغيل في تلك البلدان، دون أن يؤثر ذلك إطلاقاً في هوية الفلسطيني أو يتخذ أي بعد سياسي يتناقض مع حقه في العودة أو الإقامة الدائمة في وطنه، علماً بأن أعلى معدل للبطالة عندنا في فلسطين لا يتجاوز 5% من مجموع العمالة الوافدة إلى دول الخليج، من الهند وسيريلانكا وباكستان وإيران.

(10) متابعة تنفيذ البرامج والدراسات والتوصيات المتعددة الخاصة بتفعيل دور رأس المال الفلسطيني في الشتات، رغم وعينا بارتباطه برأس المال العالمي المعولم. إن هذه الرؤية، أو الخطوط العامة الأولية المقترحة، لابد لها لكي تملك مقومات التغيير الإيجابي المطلوب، أن تتبنى منهجاً علمياً، وفلسفة ذات مضمون وطني وقومي، تقوم على الإيمان العميق، بوجوب تمتع شعبنا الفلسطيني بحقوقه وحرياته الأساسية وممارسته لها، كمقدمة تؤدي إلى وقف تراكمات الأزمة الراهنة، وتفاقم تناقضاتها المحكومة بثنائية غير منطقية أو منسجمة، تتراوح بين فردية القرار وأحادية الخطاب في السلطة وأجهزتها من جهة، وبين جماعية المعاناة والتضحيات والآمال الكبيرة من جهة ثانية، وبالتالي فإن إلغاء هذه الثنائية المتناقضة، هو سبيلنا الوحيد نحو نظام الحكم الديمقراطي الوطني، العادل والقوي، الممتلك للفهم السليم والواضح لوظيفته الجوهرية بشقيها: الوطني والديمقراطي الداخلي بما يضمن رسم السياسات الاستراتيجية المعبرة عن مصالح جماهير شعبنا، بمثل ما يضمن أيضاً، توجيه وزارات ومؤسسات وأجهزة السلطة نحو تحقيق تلك السياسات أو الرؤى في الاقتصاد كما في السياسة، بكفاءة عالية تخدم أهدافنا وثوابتنا الوطنية العامة، بمثل ما تخدم وترتقي بأهدافنا المطلبية الداخلية دون أي انفصام بينهما. على أن تطبيق هذه الخطة الاستراتيجية، مرهون بعملية تغيير جدي وعميق، بدايتها الأولى المبادرة دون أي تسويف إلى إجراء الانتخابات الديمقراطية في كافة مؤسساتنا من جهة، ومشروط بتمسكنا بثوابتنا الوطنية الفلسطينية، وبتعزيز خيار شعبنا الفلسطيني في إقامة نظامه السياسي المستند والملتزم بآليات ومفاهيم الديمقراطية التي تقوم على العدالة الاجتماعية والتعددية والحرية، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون وقواعد المحاسبة ضد أدوات ورموز الفساد من جهة أخرى، إذ أن تطبيق هذين الشرطين في إطار الرؤية الاستراتيجية سيمكننا من الحديث بثقة عن تحقيق أهم ركيزتين من ركائز صمودنا على الصعيد الداخلي هما:

(1) محاسبة رموز الفساد والاستبداد، ووقف استخدام السلطة، من قبل الكثير من رموزها، كجسر لجمع وتراكم الثروات الطفيلية غير المشروعة على حساب قوت وحياة الجماهير الشعبية، حيث أدى هذا الاستخدام الأناني البشع، إلى فقدان مساحات واسعة من جماهيرنا لدورها وحريتها، إن على صعيد ممارستها لحقها في نقد ومواجهة مظاهر الخلل الداخلي أو على صعيد حقها في الحياة الكريمة والاستقرار بعيداً عن دواعي القلق والخوف الراهن من المستقبل.

(2) تقوية وتعزيز الوحدة السياسية لمجتمعنا وتوفير قدراتها على الصمود والمقاومة حتى طرد الاحتلال وتفكيك وإزالة مستوطناته على طريق الحرية والدولة المستقلة والتنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

أثر السياسات الإسرائيلية على التنمية في فلسطين وجاء في ورقة د. عماد لبّد مدير الدائرة الاقتصادية في وزارة التخطيط:

يعتبر اصطلاح التنمية المستدامة، والذي انبثق عن لجنة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية أحد أهم اصطلاحات التنمية الشائع استخدامه حالياً، حيث عرّفت اللجنة التنمية المستدامة بأنها: "تلك التنمية التي تقابل الاحتياجات الأساسية للجيل الحالي، ودون أن يكون ذلك على حساب التضحية بقدرات الأجيال المستقبلية في مقابلة احتياجاتهم".

وعرفها إعلان الحق في التنمية، التنمية المتواصلة بالآتي: "هي عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسين المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي عن طريقها يمكن الحفاظ على حقوق الإنسان والحريات الأساسية". وعرفها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تفصيلاته لتعريف التنمية المتواصلة كالآتي: "هي القضاء على الفقر وتدعيم كرامة وكبرياء الإنسان وإعمال حقوقه وتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد عن طريق الحكم الجيد، والذي من خلاله يمكن تحقيق حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية".

التنمية والمجتمع الفلسطيني:

تعتبر مراحل تطور المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي مدخلاً مناسباً لفهم تجربة التنمية في فلسطين، وهي تجربة فريدة في فكرها ومضمونها وأهدافها. ففي بداية الثمانينات ظهر شعار "التنمية من أجل الصمود"، وعقدت تحت هذا الشعار عدة مؤتمرات شاركت فيها معظم المؤسسات الفلسطينية، وكان أهم هذه المؤتمرات الذي عقد في العام 1986 حول تمويل الخطط التنموية من الخارج ومناقشة مصادره.

وفي إطار التحديات لعبت المبادرات الذاتية دوراً مهماً في بناء المؤسسات الوطنية وفي التخفيف من نتائج الانتقال القسري والسريع للوضع الذي ساد في فلسطين بعد حرب 1967، حيث عملت المؤسسات التنموية على إعادة ربط المجتمع الفلسطيني جغرافياً وإلى توسيع طاقاته السوقية المحلية والخارجية. واستفادت تجربة التنمية الفلسطينية، من دعم المبادرات الخارجية والتي مثلتها الأقطار العربية والمنظمات العربية والإسلامية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبنك التنمية الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرهم، وكذلك نشاط المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة والمجموعة الأوروبية.

وقد وفرت المبادرات التنموية الخارجية عبر نشاطاتها المتعددة تدريباً وسيولة مالية للمجتمع الفلسطيني تم استخدامها في تحسين أدائه العام، ولكن من الناحية العملية لم تؤد إلى تطور تنموي فلسطيني متكامل، وهذا لتكيف أداء معظم المؤسسات الفلسطينية مع برامج الجهات المانحة، إضافة للمعوقات الناجمة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ظل خصوصية الحالة الفلسطينية تميز المفهوم التنموي في فلسطين ولفترة طويلة بأهمية توظيف التنمية كآلية من آليات تحصيل الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، واكتسبت المفاهيم التنموية في فلسطين بعداً سياسياً هدفت إلى وقف التدهور الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومة آليات استلاب التنمية.

ومع بداية تسلم السلطة الفلسطينية زمام الأمور عام 1994 تجدد المفهوم التنموي الفلسطيني ليشمل أيضاً مهمة إعادة البناء، وزامنت تلك المرحلة اجتهادات مختلفة حول المفهوم التنموي والآليات التنموية الأكثر ملائمة لفلسطين، وأسبقية العمل السياسي على العمل التنموي، وتوزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأهلية، وكذلك حول توسيع درجة المشاركة في إعداد القرار التنموي ومراقبة تنفيذه ومساءلة المكلفين به.

وقد واجهت عملية التنمية في فلسطين عمليات استلاب وتعطيل أثرت على جميع جوانبها، فلم يقتصر تأثير الاحتلال على تشويه العملية التنموية بل على وقفها وقفا كاملاً، وعلى تعطيل قدرات المجتمع عن القيام بها، أو العمل على توظيفها لخدمة مصالح القوى الفاعلة، أو التي تقف وراء عملية الاستلاب.

تحديات التنمية في فلسطين:

التحديات العامة:

(1) تجزئة وشرذمة وحدات الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة ممارسات الاحتلال.

(2) التشوهات في بنية الاقتصاد الفلسطيني.

(3) تنامي التفاوت بين نمو الناتج ونمو الاستهلاك واتساع فجوة الموارد.

(4) محدودية التكوين الرأسمالي الحكومي والخاص.

(5) تبعية التجارة الخارجية الفلسطينية للسوق الإسرائيلي، وارتباط التسويق مع الخارج بالمنافذ الإسرائيلية.

(6) تفاقم ظاهرة البطالة واتساع دائرة الفقر.

التحديات الناجمة عن انتفاضة الأقصى الثانية:

قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال ثلاث سنوات من عمر انتفاضة الأقصى بالعديد من الممارسات العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني والتي تجسد أهمها في الحصار والإغلاقات الشاملة، وهدم البيوت وتخريب المرافق العامة والبنية التحتية ومصادرة الأراضي وتجريفها، إضافة لما تقوم به حالياً من بناء جدار الفصل العنصري.

إن كل ما سبق، إضافة للعديد من العوامل والأسباب الأخرى أثر سلباً على التنمية الاقتصادية في فلسطين، وهذا ما يمكن التعبير عنه من خلال الآتي:

(1) تدهور حاد وغير مسبوق في الدخل القومي الإجمالي والناتج القومي الإجمالي، حيث بلغ كل منهما في نهاية عام 2003 وعلى التوالي (3,768، 3,396) مليون دولار أمريكي، وبعدما قد بلغا في العام 2000 (5,056، 4,198) مليون دولار أمريكي.

(2) تدهور حاد في إجمالي الصادرات والواردات الفلسطينية عامة، والمحافظة على نسبة ثابتة منها مع الطرف الإسرائيلي خلال العامين 2001، 2002، والتي قدرت بـ(22.2%).

(3) استمرار الانخفاض في الاستثمار العام والخاص وكذلك في إجمالي الاستثمار المحلي.

(4) زيادة معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية، حيث تراوحت في المتوسط خلال السنوات الثلاث السابقة نحو 30%، وقد رافق ذلك زيادة في معدلات الفقر، حيث وصلت نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية نحو 60% من إجمالي السكان الفلسطينيين.

(5) استقرار شبة ثابت في قيمة الودائع الفلسطينية في البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، وفي المقابل هناك تذبذب بسيط في قيمة الدين العام، والتي تبلغ نسبتها نحو 27% من قيمة الودائع.

(6) تراكم الخسائر المادية والبشرية في المجتمع الفلسطيني، والتي تترك آثاراً سلبية طويلة الأمد على التنمية في فلسطين. المبادرات التنموية في ظل السلطة الفلسطينية: رغم الظروف والتحديات التي مرت بها السلطة الوطنية الفلسطينية منذ قدومها وحتى تاريخه تم وضع العديد من الخطط والدراسات التنموية، وقد بدأت عملية التخطيط بالتطور تدريجياً من أول وثيقة استراتيجية في فلسطين في عام 1996، تلاها البرنامج الاستثماري الفلسطيني عام 1996-1997، والذي تبلور عنه إصدار أول خطة تنموية فلسطينية ثلاثية 1998-2000، حيث تم من خلالها تحديد أهداف واستراتيجيات التنمية الوطنية الشاملة على المستوى القومي.

وقد واجهت الخطة الثلاثية العديد من المعوقات في تنفيذها، ولعل كان أهمها في عدم التزام الدول المانحة بتعهداتها نتيجة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما أدى إلى إعداد خطة التنمية الفلسطينية الخمسية 1999-2003، والتي كانت عبارة عن خطة متدحرجة "Rolling Plan"، ورافقها خطة عمل سنوية 2000-2001 تضمنت الأولويات الوطنية السنوية، وأهم البرامج والمشاريع القابلة والجاهزة للتنفيذ.

ومع بدء الهجمة الإسرائيلية في 29-9-2000 وما ترتب عنها من تطورات سلبية أدت إلى تغيير ديناميكية التخطيط، وبدء العمل على إعداد خطة الإغاثة والطوارئ عام 2000 والتي تضمنت الاحتياجات الآتية الطارئة. ومن ثم خطة الإغاثة والإنقاذ للعام 2001 والتي اشتملت في معظمها على خلق فرص عمل. ومع ازدياد الهجمة الإسرائيلية وخاصة بعد الاجتياح الكلي لجنين ونابلس وإعادة احتلال معظم مناطق السلطة أصبح من الضروري عمل أولويات ديناميكية جغرافية وقطاعية تتمشى مع الاحتياجات الطارئة والأساسية، وخاصة برامج خلق فرص عمل.

وكذلك خطة الطوارئ والاستثمار العام 2003-2004 والتي تضمنت الاحتياجات الطارئة للشعب الفلسطيني لمدة عام واحد، وقد هدفت هذه الخطة في الأساس إلى وقف التردي الحاصل في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني والحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية، ومع الأخذ بالاعتبار إعادة إعمار ما تم تدميره من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تضمنت الاحتياجات الجديدة للخطة الآتي:

(1) المساعدات الإنسانية الطارئة: 448.484 مليون دولار أمريكي.

(2) إعادة الأعمار: 101.201 مليون دولار أمريكي.

(3) بناء المؤسسات والإصلاح: 90.0 مليون دولار أمريكي. وإثر تشكيل حكومة السيد محمود عباس تم إعداد برنامج التدخل سريع الأثر (QIIP). والذي تم تقديمه للدول المانحة في اجتماع LACC MEETING وكانت مدة هذا البرنامج ستة أشهر، وهي الفترة الممتدة من شهر يوليو إلى ديسمبر 2003، وقد هدف هذا البرنامج إلى تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين وإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وخاصة في ظل استمرار التدهور الحاد في مختلف المؤشرات العامة، ويمكن تلخيص إجمالي السقوف المالية لهذا البرنامج كالأتي:

ـ المساعدات الإنسانية والاجتماعية: 71.760 مليون دولار أمريكي. ـ إعادة الأعمار: 73.75 مليون دولار أمريكي. ـ دعم القطاع الخاص: 51 مليون دولار أمريكي. ـ دعم الموازنة العامة للسلطة: 220 مليون دولار. [الإجمالي: 416.510 مليون دولار].

وتقوم حالياً وزارة التخطيط بإعداد خطة التمويل متوسطة المدى 2004، والتي تعتبر استمراراً لبرنامج التدخل سريع الأثر من حيث الأهداف والأولويات حيث تضمنت تأمين المساعدات الإنسانية والاجتماعية وإعادة البناء وإصلاح البنية التحتية المدمرة ودعم القطاع الخاص وموازنة السلطة الفلسطينية، ويبلغ إجمالي السقف المالي لهذه الخطة 1.2 مليار دولار أمريكي. وقد تم الأخذ بالاعتبار عند إعداد هذه الخطة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتدهور غير المسبوق في كافة مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني، وهذا ما تجسد في السقوف المالية للقطاعات الرئيسة للخطة، ويمكن توضيح ذلك بالجدول التالي:

البنود القيمة (مليون دولار) النسبة

دعم موازنة السلطة الفلسطينية 460 38.89% المساعدات الطارئة والإنسانية 252.91 21.38% دعم القطاع الخاص 69.292 5.86% المشاريع متوسطة المدى 174.832 14.78% الإصلاح والبناء المؤسسي 120.21 10.21% المصدر: وزارة التخطيط، ومع التنويه أن القيم شبه نهائية (19-11-2003).

الخلاصة:

من خلال قراءة البنود العامة للسقوف المالية لخطط وبرامج التنمية التي تم إعدادها من طرف وزارة التخطيط يمكن استنتاج أن اتجاهات التمويل وخاصة في ظل انتفاضة الأقصى الثانية أصبحت في معظمها تتجه نحو المساعدات الطارئة والإنسانية وإعادة الأعمار، والتي تمثل نسبتهما نحو 70% من إجمالي التمويل المقدم السلطة الفلسطينية، وبالمقابل فإن نسبة التمويل الموجه لدعم القطاع الخاص والقطاعات الإنتاجية الأخرى لم تتعد في أحسن الأحوال 10% من إجمالي التمويل. وهذا يعني أن جل تركيز التمويل يتجه للإغاثة والإنعاش. وأن أي جهود تنموية لن تؤتي ثمارها في ظل استمرار الاحتلال.

وبالطبع هذا لا يعني الركون والتسليم بسياسة الأمر الواقع، ومن هنا تزداد أهمية دور السلطة يوماً بعد يوم، وهذا الدور يجب أن يتركز في الأساس على التنمية البشرية فالإنسان الفلسطيني هو المحور والهدف.

ومع ذلك يتوجب على السلطة الفلسطينية اتخاذ مجموعة من الأساليب والإجراءات المتعددة وضمن أفضل المستويات الفنية والعلمية والإدارية، وعلى الأقل لضمان الحد الأدنى من التنمية الاقتصادية، ويمكن بلورة هذه الأساليب والإجراءات في التالي:

ـ العمل على زيادة القدرة المؤسساتية للسلطة. ـ العمل على خلق البيئة المناسبة للتنمية وخاصة في ظل تعاظم نظام السوق الحر.

ـ الإشراف والرقابة على الأنشطة التنموية باختلافها توجهاتها حسب الأولويات الوطنية والسياسات العامة للسلطة، وتحفيز الاستثمارات نحو القطاعات الأكثر جدوى، مع الأخذ بالاعتبار المفهوم الشامل للتنمية "التوازن".

ـ العمل على تنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية التي لا يقدم عليها القطاع الخاص.

ـ الموائمة بين قدرات السلطة ودورها عبر الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.

ـ الاستخدام الأمثل لأدوات السياسات المالية والنقدية العامة، فالسياسات المتعلقة بإيرادات الحكومة ونفقاتها يمكن أن يكون لها آثار بارزة على التنمية، عبر التأثير في توزيع الموارد، والتأثير في توزيع الدخل، والتأثير في تشجيع الاستثمارات والحد من التضخم.

التطورات المصرفية للجهاز المصرفي الفلسطيني سالم صباح مدير دائرة الرقابة على البنوك في سلطة النقد الفلسطينية قدم ورقة تحت العنوان أعلاه:

البنوك والفروع

بلغ عدد البنوك العاملة في فلسطين (22 بنكاً) بتاريخ سبتمبر/2000 بشبكة فروع ومراكز رئيسية بلغت (118 فرعاً ومكتباً). بينما بلغ عدد البنوك العاملة في فلسطين (21 بنكاً) بتاريخ سبتمبر/2003 بشبكة فروع ومراكز رئيسية بلغت (128 فرعاً ومكتباً). علماً بأن عدد الفروع التي افتتحت عام 1998، (16 فرعاً)، وفي عام 1999، (10 فروع)، في عام 2000، (5 فروع)، في عام 2001، (6 فروع)، وخلال الفترة انسحب بنك جرندليز وأغلق فرعه في رام الله بتاريخ 30/11/2002، وكذلك أغلق بنك مركانتيل ديسكونت فرعه في بيت لحم في ديسمبر/2000.

التطورات المصرفية خلال انتفاضة الأقصى

الموجودات: انخفضت موجودات الجهاز المصرفي خلال الفترة بقيمة 167 مليون دولار وبنسبة انخفاض مقدارها 3.5%، حيث انخفضت الموجودات من 4,817 مليون دولار في سبتمبر/2000 إلى 4,651 مليون دولار في سبتمبر/2003. علماً بأن الموجودات كانت تحقق زيادة بمعدل 13.6% سنوياً خلال السنوات الثلاث ما قبل انتفاضة الأقصى.

الودائع: يلاحظ انخفاض ودائع العملاء لدى الجهاز المصرفي بقيمة 74 مليون دولار وبنسبة انخفاض 2%، حيث انخفضت الودائع من 3,721 مليون دولار في سبتمبر/2000 إلى 3,647 مليون دولار في سبتمبر/2003. علماً بأن الودائع كانت تحقق زيادة بمعدل 21,3% سنوياً خلال السنوات الثلاث قبل انتفاضة الأقصى.

التسهيلات الائتمانية: انخفضت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من الجهاز المصرفي بقيمة 517 مليون دولار، وبنسبة انخفاض 34.3%، حيث انخفضت التسهيلات الائتمانية من 1,507 مليون دولار في سبتمبر/2000 إلى 990 مليون دولار في سبتمبر/2003. علماً بأن التسهيلات كانت تحقق زيادة بمعدل 35.4% سنوياً خلال السنوات الثلاث ما قبل انتفاضة الأقصى.

الديون المتعثرة والمخصصات: زادت حجم الديون المتعثرة بقيمة 95 مليون دولار وبنسبة 105.5% حيث زادت الديون المتعثرة من 90 مليون دولار في سبتمبر /2000 إلى 185 مليون دولار في سبتمبر/2003. كما أن المخصصات زادت بمبلغ 98 مليون دولار وبنسبة 213%، حيث زادت من 46 مليون دولار في سبتمبر/2000 إلى 144 مليون دولار في سبتمبر/2003.

الأرباح: بلغت أرباح البنوك 30 مليون دولار في سبتمبر/2000، ثم حقق الجهاز المصرفي خسائر بلغت 11 مليون دولار في سبتمبر/2003. علماً بأن أرباح الجهاز المصرفي بلغت 20 مليون دولار في ديسمبر 1998، وبلغت 17 مليون دولار في ديسمبر/1999. عدد الموظفين: زاد عدد الموظفين بـ 17 موظفاً وبنسبة 0.5% إذ زاد العدد من 3,245 موظفاً في سبتمبر/2000 إلى 3,262 موظفاً في سبتمبر/2003، حيث كان من المفترض زيادة عدد الموظفين بنسبة أعلى نتيجة لزيادة عدد الفروع.

خطوات سلطة النقد للحد من الآثار السلبية:

مكاتب لسلطة النقد في المدن الرئيسية: مع بدء الانتفاضة ونتيجة لسياسة الإغلاق التي قام بها الاحتلال وتقطيعه لأوصال الوطن وصعوبة التنقل بين محافظات الوطن، قامت سلطة النقد بإنشاء مكاتب مؤقتة للمقاصة بين البنوك في كل من خليل وأريحا وخان يونس والعيزرية وبيت لحم، مما كان له الأثر الجيد على تبادل الشيكات بين البنوك بالإضافة إلى إنشاء مقر دائم لسلطة النقد في مدينة نابلس خدمة للجهاز المصرفي الفلسطيني. لجنة طوارئ مستمرة الانعقاد: نظراً لأن الاحتلال يفرض ظروفاً متغيرة يومياً، تؤثر على حياة شعبنا فقد تقرر تشكيل لجنة طوارئ من سلطة النقد لمواجهة أية مستجدات قد تؤثر على النشاط المصرفي، وتقدم الإرشادات والنصح وتقرر الإجراءات اللازمة للمصارف.

القائمة السوداء وقائمة محدودي التصرف: تم إصدار تعميم للبنوك بالتعديل على تعليمات القائمة السوداء وقائمة الحسابات محدودي لتصبح كالتالي:

أ ـ توجيه إنذار للعميل الذي تعاد له عشرة شيكات بسبب عدم كفاية الرصيد خلال ثلاثة أشهر بدل من خمس شيكات.

ب ـ إدراج اسم العميل على قائمة الحسابات محدودي التصرف إذا أعيدت له عشرة شيكات بسبب عدم كفاية الرصيد أو خمسة عشر شيكاً لأسباب فنية خلال ثلاثة شهور عوضاً عن عشرة شيكات وخمسة عشرة شيكاً على التوالي.

ت ـ إدراج اسم العميل على القائمة السوداء إذا أعيدت له خمسة عشر شيكاً بسبب عدم كفاية الرصيد خلال ثلاثة شهور بدلاً من عشرة شيكات سابقاً.

الاحتياطي الإلزامي: قامت سلطة النقد بتاريخ 12/6/2001 بإجراء تعديلات على الاحتياطي الإلزامي الذي تتقاضاه على الودائع لتصبح النسب كالتالي:

(1) تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي على ودائع الدينار من 14% إلى 9%.

(2) تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي على ودائع الدولار من 10% إلى 9%.

(3) تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي على الودائع بالعملات الأخرى لتصبح 9% بدلاً من النسب السابقة والتي كانت 10%، 20%.

(4) تبقي نسبة الاحتياطي الإلزامي على ودائع الشيقل 8%. العمولة على الشيكات المعادة: تم خفض نسب العمولة التي تحصلها المصارف على الشيكات المعادة كالتالي:

(1) تحديد العمولة على الشيك المعاد بسبب عدم كفاية الرصيد بثلاثة دنانير أو ما يعادلها من العملات الأخرى بدلاً من خمسة دنانير.

(2) تحديد العمولة على الشيك المعاد لأسباب فنية بدينار ونصف أو ما يعادلها من العملات الأخرى بدلاً من دينارين ونصف. حقوق إعادة الشيكات وحقوق السحب: تم إضافة يومين على مدة حقوق إعادة الشيكات وحقوق السحب على الشيكات المتداولة لتصبح كالتالي:

ـ 6 أيام عمل عوضاً عن أربعة أيام فيما بين المحافظات الشمالية والجنوبية.

ـ 5 أيام عمل عوضاً عن ثلاثة أيام داخل المحافظات الشمالية وداخل المحافظات الجنوبية.

علماً بأن مدة حقوق إعادة الشيكات وحقوق السحب على الشيكات المتداولة تتغير حسب الظروف السائدة بما يتناسب مع الظرف السياسي والأمني في المناطق الفلسطينية.

السيولة النقدية: منذ الأيام الأولي للانتفاضة قامت سلطة النقد بالتنسيق من خلال الأجهزة الأمنية في الضفة لغربية لتأمين نقل الأموال من المحافظات الشمالية إلى المحافظات الجنوبية. كما أصدرت تعميماً للمصارف يدعوها لضرورة التعاون فيما بينها لتوفير السيولة اللازمة للفروع، وتزويد سلطة النقد يومياً بحجم السيولة المتوفرة وإعلان سلطة النقد عن استعدادها لاستقبال الفائض من السيولة في خزائنها وضرورة أعلامها بأية أزمة سيولة تحدث لتتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك.

رأس المال المخصص للمصارف الوافدة: في إطار سعي سلطة النقد لتدعيم وتعزيز رؤوس أموال المصارف الوافدة وذلك بهدف ترتيب وضع الجهاز المصرفي بما يخدم المصلحة الاقتصادية الفلسطينية، وفي ضوء مستوي المخاطر القائمة في الجهاز المصرفي والناتجة عن ارتفاع كبير جداً في حجم الديون المصنفة ومخصصاتها وانخفاض كبير في تكوين الرأسمالي فقد طلبت سلطة النقد من المصارف الأجنبية تعزيز رأس المال المخصص لفروعها العاملة في فلسطين والتي يزيد متوسط ودائعها عن 30 مليون دولار ليصبح 20 مليون دولار و إيداع 50 % منه لدى سلطة النقد.

افتتاح مكاتب للمصارف: في إطار خطة سلطة النقد الهادفة لإيصال الخدمات المصرفية لكافة التجمعات الفلسطينية تم إصدار موافقات لثمانية مصارف لافتتاح 17 مكتب وفرع لها بحيث تتمكن قطاعات شعبنا من الحصول على الخدمات المصرفية في أماكن سكناها ومراكز عملها، الأمر الذي أدي إلي خلق العديد من فرص العمل.

ملاحظة: بلغ عدد أيام الإغلاق من بداية الانتفاضة حتى سبتمبر/2003، (450 يوماً)

أثر السياسات الإسرائيلية على الوضع المالي في السلطة الفلسطينية تحت هذا العنوان قدم محمد أبو الفحم الباحث الاقتصادي في وزارة المالية ورقته:

يعكس زيادة دور الحكومة بدرجة كبيرة النمو المتزايد للطلب على الخدمات العامة، ومصدر القلق الرئيس كان ولا يزال هو تأثير تنامي القطاع العام في طاقة النمو الكلية للاقتصاد، رغم أن إحدى أهم وظائف الإنفاق العام هو دعم النمو الاقتصادي، إضافة إلى القلق من أن تؤدي زيادة الإنفاق العام إلى الإخلال بعملية توزيع الموارد، وكذلك إمكانية تخفيض الحوافز للعمل والاستثمار.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة المالية الفلسطينية إلى أن إجمالي الإنفاق العام قد ارتفع بمعدل نمو سنوي قدره 14.2% في المتوسط كمعدل سنوي خلال الفترة (1995ـ2000) من الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغت نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 20% عام 95 وصلت إلى 29.8% عام 2000 وأخذت في التزايد إلى أن بلغت 48.9% عام 2003.

وهذا يدلل على الدور الهام الذي تمثله الموازنة الفلسطينية في الاقتصاد الفلسطيني وعلى هامشية الدور الذي يمثله القطاع الخاص خاصة في فترة الانتفاضة بحيث أصبح الدور الحكومي هاماً ومؤثراً بعد أن استطاعت السياسة الاقتصادية الإسرائيلية إضعاف القطاع الخاص وإجباره على التراجع بحيث أصبح يكافح من أجل البقاء متخلياً عن الدور المنوط به والمرغوب فلسطينياً في تحمل المسئولية الرئيسة في قيادة عملية التنمية.

وقد بلغت مساهمة الإنفاق الجاري 14.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 95 وصلت إلى 20.2% عام 2000 واستمرت في التزايد إلى أن بلغت 39.8% في تقديرات موازنة عام 2003 والتي تعادل 73.4% من الإنفاق الإجمالي في عام 1995 والتي وصلت إلى 67.8% عام 2000 واستمرت هذه النسبة في التزايد إلى أن بلغت 83.3% عام 2002. وهذا يدلل على تراجع كبير في النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص الفلسطيني مما يجعل من النشاط الحكومي المحرك الأساسي والرئيس للاقتصاد الوطني، كما يدلل ذلك على التوسع في الإنفاق العام لتغطية الآثار السلبية الناتجة عن سياسة الحصار والإغلاق الإسرائيلي.

ويعود هذا التزايد في الإنفاق العام إلى كبر حجم فاتورة الرواتب والأجور والتي بلغت نسبتها في المتوسط 59.5% من النفقات الجارية والتي تعادل 42.9% من إجمالي الإنفاق العام خلال الفترة (1995ـ2000)، بينما نجد أن هذه النسبة وصلت إلى 62.8% من إجمالي الإنفاق الجاري في المتوسط خلال الفترة (2001ـ2003)

ويعتبر هذا مؤشراً كافياً للدلالة على الآثار السلبية على الموازنة العامة والمتمثلة في زيادة الدور الحكومي في حل مشكلة البطالة والناتجة عن الآثار المباشرة لسياسة الحصار والإغلاق الإسرائيلية مما دفع السلطة الفلسطينية إلى التوسع في الإنفاق العام من خلال زيادة التشغيل لمواجهة الآثار السلبية والتخفيف من حدة البطالة.

وعلى الرغم من الحاجة إلى ممارسة سياسة إنفاق توسعية إلا أن سياسة الحصار والإغلاق الإسرائيلية، التي كان لها تأثير شديد على الموازنة الفلسطينية، وشح الموارد، فرض اتباع نهج تقشف تمثل في تخفيض النفقات التشغيلية والتي بلغت في المتوسط 23.6% كمعدل سنوي من الإنفاق الجاري خلال الفترة (95ـ2000)، ونجد أن هذه النسبة تراجعت إلى 15.3% خلال الفترة (2001ـ2003) وهذا يعني تراجعاً كبيراً على صعيد الخدمات المقدمة من قبل الحكومة والتي من المفترض أن تكون قد زادت أو بقيت عند معدلاتها التي كانت سائدة خلال الفترة السابقة لانتفاضة الأقصى.

وأما الإنفاق الرأسمالي والتطويري والذي يعتمد على المانحين بدرجة كبيرة والذي بلغ 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1995 فقد ارتفع ليصل إلى 9.6% عام 2000 وتراجع عام 2001 لتصل هذه النسبة إلى 6% وتم تقديرها بنسبة 9.1% في موازنة 2003. وأما على صعيد مساهمة الإنفاق الرأسمالي في الإنفاق الإجمالي فقد بلغت هذه المساهمة نسبة 26.6% في عام 1995 ارتفعت إلى 32.2% في عام 2000 لكنها تراجعت لتصل إلى مستوى 18% خلال فترة السنوات الثلاث الأخيرة. وهذا يعني أن هناك تراجعاً خطيراً على صعيد توفير المناخات الملائمة للاستثمار الخاص والآثار السلبية على مصادر التمويل لهذا النوع من الإنفاق وتحولها لتمويل الإنفاق الجاري في الموازنة الفلسطينية، كما يعود في جانب منه إلى العرقلة الإسرائيلية للكثير من المشروعات والحيلولة دون تنفيذها، بالإضافة إلى تدمير العديد من المنشآت والمشاريع التي تم إنجازها وخاصة مطار غزة، ومنع الاستمرار في بناء ميناء غزة. وهذا يعني أن هناك تراجعاً كبيراً قد حدث على صعيد الإنفاق الاستثماري الحكومي لصالح تمويل الإنفاق الجاري المتزايد والناجم عن معالجة الآثار السلبية لسياسة الحصار والإغلاق. والذي كان يعول عليه كثيراً في توفير فرص عمل جديدة للحد من البطالة وتوليد الدخل.

وتمثل الإيرادات العامة المجال الثاني والمهم للنشاط الحكومي، وتمثل الوجه الآخر للإنفاق العام. ونمو الإنفاق العام يواجه دائماً قيوداً صارمة تتمثل في الحاجة إلى توليد إيرادات مماثلة، ومن حيث المبدأ، فإن أي تغير في طرف واحد من المعادلة يتطلب تغييراً مماثلاً في الطرف الآخر، بمعنى أن الرغبة في زيادة الإنفاق العام لابد وأن تقيم في ضوء التكاليف المحتملة لزيادة الإيرادات العامة.

ولاشك أن الوضع في الأراضي الفلسطينية يفرض نموذجاً خاصاً لمصادر التمويل، ففي الوقت الذي تضطلع فيه السلطة الفلسطينية بكافة مهام الحكومات الأخرى من حيث أوجه الإنفاق، فإن سلطاتها في تحصيل الإيرادات العامة السيادية والرأسمالية محدودة للغاية بسبب القيود المفروضة عليها من قبل سلطات الاحتلال، والتي ازدادت تعقيداً في ظل حالة الحصار والإغلاق الإسرائيلية وما يقوم به الجيش الإسرائيلي من اجتياحات للمناطق الفلسطينية يعيث فيها تدميراً وتخريباً. وبطبيعة الحال فإن التأثير السلبي لكل هذا التردي في الأداء الاقتصادي كان واضحاً على الإيرادات العامة للسلطة الفلسطينية فبينما بلغت مساهمة الإيرادات العامة 24.3% الناتج المحلي الإجمالي كمعدل سنوي للفترة (1995ـ2000) والتي بلغت 29.8% في تقديرات عام 2000 نجد أن هذه النسبة قد تراجعت وبشكل كبير بحيث وصلت إلى 24.7% في عام 2001. والتي استطاعت أن تحقق توازناً نقدياً في الموازنة الجارية عام 1999 على أن تحقق فائضاً في موازنة عام 2000.

إلا أن هذا التفاؤل لم يتحقق حيث تراجعت هذه المساهمة إلى قرابة 28% عام 2001 من إجمالي الإنفاق الجاري عام 2001، ارتفعت إلى 29.4% عام 2002، على أن تتم تغطية إجمالي الإنفاق العام من المساعدات والقروض الخارجية.

ورغم الاتجاه المتصاعد الذي أخذته الإيرادات العامة بحيث تستطيع القول إنها زادت أكثر من الضعف خلال نفس الفترة المذكورة، إلا أن الموازنة الفلسطينية عانت ومازالت تعاني من ضائقة مالية شديدة وذلك بسبب الانخفاض الحاد في تحصيل إيرادات السلطة الوطنية وما يرتبط بذلك من انخفاض في النشاط الاقتصادي وانقطاع في إدارة الضرائب هذا بالإضافة إلى تعليق الحكومة الإسرائيلية منذ الربع الثالث لعام 2000 لتحويل الإيرادات التي تجنيها نيابة عن السلطة الفلسطينية.

فقد تطورت الإيرادات المحلية وبشكل إيجابي حظي باحترام وتقدير كافة المراقبين الدوليين بحيث ارتفعت مساهمة الإيرادات المحلية من 56.7% من إجمالي الإيرادات العامة في عام 1995 لتصل إلى ما يزيد عن 70% في عام 2000 والتي زادت بمقدار 3.4 ضعف المنح والقروض الخارجية رغم كل ما كان يقال عن تسربات في الإيرادات إلى حسابات خارج نطاق سيطرة وزارة المالية الفلسطينية، وفجأة تهبط هذه النسبة من معدل سنوي قدره 70.4% من إجمالي الإيرادات في الفترة السابقة للانتفاضة لتصل إلى 31.5%، 29.4% من إجمالي الإيرادات في الأعوام 2001، 2002 على التوالي.

بمعنى أن المالية الفلسطينية في وضع صعب ويزداد الأمر صعوبة مع استمرار السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني والإبقاء على خزينة السلطة الفلسطينية خاوية من أية موارد وتبقى تعتمد على المعونات الأجنبية مما يجعل من قدرة إسرائيل وحلفائها على التحكم في القرار السياسي الفلسطيني في تزايد مستمر وخاصة إذا ما علمنا بأن إسرائيل تجبي أكثر من 60% من الإيرادات الفلسطينية، تقوم بتحصيلها وتحويلها إلى الخزينة الفلسطينية مما يجعل قدرة إسرائيل أكبر بكثير مما يظن البعض فهي تجبي الإيرادات وتتحكم بتحويلها كيفما تشاء وهي بذلك تسلب السلطة الفلسطينية كل حق أو دور ممكن أن تلعبه بعيداً عن الرغبة الإسرائيلية.

لقد انخفضت الإيرادات العامة للخزينة الفلسطينية من 83 مليون دولار أمريكي كمتوسط شهري في عام 1999 إلى 29 مليون دولار أمريكي بحلول الربع الثالث من عام 2002 فقد تراجعت ضرائب الدخل للسلطة الفلسطينية والتي ساهمت بما نسبة 11% من إجمالي الإيرادات الضريبية عام 1999 لتصل إلى 7% في تقديرات موازنة عام 2003.

بينما تراجعت إيرادات الضرائب الجمركية والتي ساهمت بما نسبة 40.1%، 38.6% في الأعوام 1998، 1999 على التوالي من الإيرادات الضريبية، نجد هذه النسبة وصلت إلى 4.1% في عام 2001 بحيث بلغت قيمة حصيلتها 8 مليون دولار تقريباً بينما نجدها قد فاقت 300 مليون دولار في عام 1999، إن التدهور الحاصل على صعيد إيرادات السلطة لكبير رغم التحسن الذي طرأ في عام 2002، بحيث وصلت إيرادات الجمارك إلى قرابة 36 مليون دولار، والتي تظل إسرائيل تحصلها وتتحكم في تحويلاتها، هذا بالإضافة إلى تسرب كبير تتستر عليه إسرائيل على صعيد الإيرادات الجمركية وخاصة فيما يخص البضائع المستوردة إلى مناطق السلطة الفلسطينية والتي تشير بعض الدراسات إلى أنه يتراوح ما بين 4ـ6% من الناتج المحلي الإجمالي والذي لو تم الوصول إلى اتفاق حوله مع إسرائيل لكان كافياً لتغطية العجز في الموازنة، تم استخدامه لتغطية جزء أو كل من المتأخرات، لكن إسرائيل كانت ومازالت تمارس سرقة الأموال الفلسطينية كما تسرق باقي الحقوق في الأرض والمياه والسيادة مستندة بذلك إلى دعم قوي وكبير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وأما ضريبة القيمة المضافة والتي بلغت مساهمتها 50.2% من الإيرادات الضريبية لعام 1999 فقد ارتفعت لتصل إلى 72.2% في عام 2001، 60.5% في عام 2003، وهذا يدلل على تراجع قطاعات الإنتاج وزيادة الواردات من الخارج.

وقد تم إلى حد ما تعويض هذا الانخفاض الحاد في الإيرادات الضريبية عن طريق الدعم الطارئ للموازنة التقديرية للسلطة الفلسطينية من المانحين الدوليين والذي كان مخصصاً للموازنة الرأسمالية ليتحول جزء كبير منه لتمويل الموازنة الجارية، فقد بلغ حتى شهر أيلول 2002 مليار وخمسة وستون مليون دولار، وعلى الرغم من ذلك فقد انتقلت الموازنة الجارية من حالة توازن نقدي في عام 1999 والتي كان متوقعاً لها أن تحقق فائضاً في موازنة عام 2000 أصبحت تعاني من عجز كبير يقدر بحوالي 20 مليون دولار شهرياً والذي يتم تدبيره من خلال مجموعة من العوامل تتمثل في عدم الدفع للموردين المحليين الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل كبيرة تتعلق بالسيولة بالنسبة لهؤلاء الموردين، وتراكم القروض غير المسددة والمستحقة للبنوك التجارية، وظهور عدد آخذ في التزايد من حالات الإعسار المالي لهؤلاء الموردين والمتعاملين معهم بنسب أقل هذا بالإضافة إلى تأخير بعض المصروفات غير المتعلقة ببند الرواتب.

هذه العجوزات قد أدت إلى زيادة كبيرة في متأخرات الإنفاق المتراكمة والتي بلغت 90 مليون دولار في عام 1999 لتصل إلى 430 مليون دولار في عام 2001 وصلت إلى 577 مليون دولار في نهاية الربع الثالث من عام 2002 وهذا وحده كاف للتدليل على المأزق الكبير والوضع الحرج الذي تمر به موازنة السلطة وعدم قدرتها على ممارسة سياسة مالية قادرة على التخفيف من الأزمة تمهيداً لمواجهتها.

إن لهذه التراكمات آثار ضارة على الرغم من رغبة البنوك التجارية في تقديم الائتمان اللازم للموردين، لكن الكثير من البنوك وصل إلى نقطة لم يعد لديه رغبة أو قدرة على الاستمرار في تقديم الائتمان مما يدلل على تراجع الثقة بالقطاع الخاص على تجاوز أزمته، بالإضافة إلى التخوف من عدم قدرة وزارة المالية من الوفاء بالتزاماتها المالية نتيجة النقص الخطير في الموارد.

ولا يزال الوضع المالي للسلطة الفلسطينية يواجه صعوبة حتى مع حدوث عدد من التطورات الإيجابية منذ نهاية عام 2002 حيث استأنفت حكومة إسرائيل تحويل مبالغ من الإيرادات الضريبية التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية والتي بلغت قيمتها حوالي ثلثي إجمالي الإيرادات الفلسطينية قبل اندلاع الانتفاضة والتي كان لتجميدها منذ الربع الرابع لعام 2000 العامل المهم والأساسي في نشوء الأزمة التي تعانيها الموازنة الفلسطينية في الوقت الراهن. والتي كانت السبب الرئيس لنشوء وتضخم قضية المتأخرات المالية.

إن صعوبة الوضع المالي للسلطة الفلسطينية دفع بالعديد من المراقبين الدوليين إلى ممارسة ضغوط على إسرائيل لكي تقوم بالإفراج عن الأموال الفلسطينية التي بحوزتها والتي بدأت بتحويلها منذ يناير عام 2003 مشترطة للقيام بذلك تنفيذ خطوات مهمة للإصلاح المالي بهدف الوصول إلى فرض مزيد من الرقابة على أموال السلطة الفلسطينية. وقد قامت إسرائيل منذ بداية عام 2003 بعملية سداد الإيرادات الضريبية المجتمعة تراكمياً والمحجوزة لديها منذ أكتوبر 2000 بمعدل شهري مقداره 100 مليون شيكل إسرائيلي.

وقد مكنت هذه العملية من تقديم الموازنة التقديرية لعام 2003 بتمويل كامل حيث ارتكزت على موقف تقشفي ومقيد للحيلولة دون تراكم متأخرات الدفع والاقتراض من البنوك هذا في ظل الافتراض بأن إسرائيل سوف تواصل القيام بالتحويلات الشهرية للإيرادات الضريبية وأن المانحين سيواصلون تمويل الموازنة بمبالغ تصل إلى 44.6 مليون دولار أمريكي شهرياً ومن ثم يتم استخدام التحويلات من المبالغ المتراكمة للسلطة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل بصورة حصرية في تسديد المتأخرات المحلية وخفض حجم مديونية السلطة الوطنية للبنوك المحلية. وهذا مؤشر واضح على مدى التحكم الإسرائيلي في الموارد الفلسطينية فهم يتدخلون ليحددوا الكيفية التي سيتم بها إنفاق الأموال ولأي أغراض. لقد سارت عملية إدارة الموازنة طوال الربع الأول من عام 2003 بطريقة جيدة حيث تم تحقيق سداد لجزء كبير من المتأخرات للقطاع الخاص دون أن تتحمل الفترة ربع السنوية هذه أية متأخرات جديدة.

غير أن هناك عدداً كبيراً من جوانب القصور في كل من التمويل الخارجي والتحويلات من المبالغ المتجمعة تراكمياً للإيرادات الضريبية المحتجزة لدى إسرائيل والتي شهدت استقرار ثابتاً من حيث معدل التحويل الشهري والبالغ 21 مليون دولار أمريكي وهو ما يمثل حوالي نصف المبلغ المتوقع كإيرادات للموازنة وقدرة 40 مليون دولار أمريكي. وإذا ما تواصل هذا التوجه فإن السلطة الفلسطينية سوف تواجه فجوة في الموارد تبلغ 228 مليون دولار أمريكي في عام 2003 ويعود هذا المعدل المنخفض للتحويلات الضريبية المحتجزة إلى عدم الاكتراث الذي تبديه الحكومة الإسرائيلية بالمطالب والحقوق الفلسطينية وأنها تريد الإبقاء على جزء كبير من المستحقات الضريبية الفلسطينية تحت تصرفها وتهدف من ذلك إبقاء الموازنة الفلسطينية في حالة من العجز الدائم بحيث تعمل في حدود دنيا تحول دون تحقيق نتائج إيجابية مرجوة من سياسة مالية تعمل بحرية بعيداً عن مشاكل نقص السيولة أو العجز في التمويل. وثانياً يعود هذا المعدل المنخفض لضمانة الأموال المجمدة لتغطية جزء من مطالبة القطاع الخاص الإسرائيلي وكذلك لتسوية فواتير صادرة من مرافق وشركات إسرائيلية لقاء خدمات تم تقديمها إلى المناطق الفلسطينية.

ومع ذلك فإن التدفقات النقدية الشهرية من دعم المانحين للموازنة قد شهدت انخفاضاً أكثر مما كان متوقعاً والذي يبعث على الإحباط والذي يعود في جانب كبير منه إلى تراجع العون العربي من دول الجامعة العربية والذي انخفض أكثر بكثير من المبلغ المفترض في الموازنة فبدلاً من 30 مليون دولار متوقع شهرياً تراجع إلى 15.4 مليون دولار شهرياً، ويعود التراجع في جزء منه إلى التوقف عن دعم الموازنة من الاتحاد الأوروبي والذي كان بحدود 10 مليون يورو منذ شهر تشرين أول 2002. وقد بلغ إجمالي الدعم الخارجي للموازنة 22.7 مليون دولار شهرياً في المتوسط والذي يمثل تقريباً نصف الموازنة المقدرة بحوالي 44.6 مليون دولار.

وهذا يعني أن هناك فجوة مالية مقدارها 250 مليون دولار أمريكي مقارنة مع تقديرات الموازنة للعام 2003 وأن عدم زيادة التدفقات النقدية الشهرية من دعم المانحين للموازنة ومن تحويلات ضريبة المقاصة المحتجزة عند إسرائيل سوف ترتفع الفجوة التمويلية لتصل إلى قرابة 420 مليون دولار وذلك بافتراض بقاء الإيرادات الضريبية المحلية ومعدلات الإنفاق الحالية متوافقة مع تقديرات الموازنة.

بالرغم مما ولده هذا التدهور الخطر في المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية من حفاظ على النفقات وبالرغم من الحاجة الملحة في ظل ظروف كهذه لسياسة إنفاق توسعية لمواجهة تأثير السلبي على الدخل نتيجة الانخفاض في الاستهلاك والاستثمار، إلا أن نقص الموارد فرض إتباع سياسية إنفاق انكماشية تتمثل في تخفيض الإنفاق الجاري إلى حوالي 80 مليون دولار شهرياً في عام 2002، 2003 وذلك بالمقارنة مع 100 مليون دولار في عام 2000 ومع ذلك وبالرغم من مساعدات دعم الخزينة، إلا أننا لم نفلح في إحكام السيطرة على التراكم في المتأخرات.

يصعب في ظل الظروف السياسية الراهنة التكهن بمستقبل أداء الاقتصاد الفلسطيني على المدى المتوسط وبالنظر للتأثير السلبي لاستمرار الحصار والإغلاق وإعادة الاحتلال على الاستثمار والحركة التجارية: إنه يتوقع تراجعاً في الناتج الأمر الذي يترتب عليه أن تنخفض الإيرادات المحصلة مباشرة من قبل السلطة الفلسطينية وكذلك الإيرادات المحصلة بواسطة إسرائيل. ومع ذلك فإن من الواضح أنه لن يكون بمقدور وزارة المالية تأمين تغطية كاملة لبند الرواتب والأجور من إيراداتنا الذاتية. الأمر الذي يترتب عليه استمرار الحاجة لمساعدات دعم الخزينة.

إذا كان سقف الموارد المذكور يمثل المحدد النهائي لإمكانيات الإنفاق وهو بالتأكيد كذلك فإن التحدي الأكبر يكمن في الحاجة لضخ أكبر قدر ممكن من الموارد، في المرافق العامة ومن خلالها لمعالجة حالة الضعف الشديد في الطلب الكلي التي ألمت بالاقتصاد الفلسطيني خلال سنوات الانتفاضة. وكما هو معروف، فإن زيادة الإنفاق الحكومي تمثل الطريق الأنجع والسبيل الأكثر فعالية للتعامل مع هذه الظاهرة، وذلك من خلال مواجهة الآثار السلبية على النمو المترتبة عن إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار أو عن عدم تمكنه من الإنفاق بشكل كاف. وكذلك لمواجهة الآثار السلبية على الموازنة العامة الناتجة عن سياسة الحصار والإغلاق والاحتلال والتدمير للاقتصاد الفلسطيني وهذا هو المرتكز الأهم وثانياً، الحاجة للتعامل مع ما خلفته الأوضاع المعيشية الصعبة وما لحق بالمرافق الفلسطينية من دمار من ضغوط إضافية على الإنفاق في المجال الاجتماعي وفي مجال إعادة الأعمار وثالثاً، الحاجة لمساعدة مؤسسات السلطة المختلفة على استعادة إمكانيتها على أداء مهامها، بعد ما أصاب هذه المؤسسات من وهن (شلل)

وأخيراً، حاجة السياسة المالية لاستعادة ولو لبعض ما فقدت من هامش للمناورة والمرونة من جراء الزيادة الحادة في الاقتراض من البنوك التجارية، وذلك من خلال التسديد بأقصى درجة تسمح بها الموارد المتاحة للقروض التي تم الحصول عليها لتمكيننا من الوفاء بالحد الأدنى من الالتزامات.

مداخلات:

المهندس/ عمرو حمد من الاتحاد العام للصناعات: لماذا لم تأخذ وزارة الاقتصاد دورها في تقدير الخسائر؟ لماذا لا تقدم دعماً للمتضررين من القطاع الخاص بل لماذا في بعض الأحيان لا تستطيع الوزارة الحصول على قوائم ودقيقة للمتضررين؟ أين دور سلطة النقد في دعم القطاع الخاص؟ وكيف يمكن للقطاع الخاص أن يوفر فرص عمل للعاطلين عن العمل دون دعم الجهات المسئولة؟ جميل العبادسة: بالنسبة لدور وزارة الاقتصاد، أعتقد أن وزارة الصناعة كانت تقوم بإعداد تقرير دوري عن الخسائر في هذا القطاع، ولكن عملية الدمج مع التموين والصناعة لتصبح وزارة الاقتصاد الوطني أدت إلى تأجيل ذلك.

وبالنسبة للخسائر الاقتصادية هناك أكثر من جهة تقوم بتقديرها على أسس علمية صحيحة وإن تباينت الأرقام، وهذه الجهات: الهيئة العامة للاستعلامات، وزارة المالية، التخطيط، مكتب الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، البنك الدولي وصندوق التنمية. وبالنسبة لقوائم المتضررين لدي معلومات بأن وزارة الاقتصاد تقوم بتسجيل أسماء المتضررين خاصة أصحاب المعامل والورش والمصانع، ومراراً حصلت الهيئة العامة للاستعلامات على قوائم للمتضررين من وزارة الصناعة واستخدمتها لتقدير الخسائر الاقتصادية. أما بالنسبة لتعويض المتضررين فقد تم تعويضهم من خلال الحصول على مبالغ متواضعة من المحافظات أو من قطاع الصناعة في وزارة الاقتصاد.

وبالنسبة لضعف مساهمة القطاع الخاص في استيعاب العمالة الفلسطينية، فهذا يرجع لعدة أسباب منها انخفاض الأداء الاقتصادي لهذا القطاع بسبب نقص المواد الخام اللازمة للصناعة، والحصار والإغلاق الإسرائيلي الأمر الذي يعيق الاستيراد والتصدير في ظل تحكم إسرائيل في المعابر الحدودية والموانئ البحرية والسياسة الإسرائيلية التي أدت إلى تدمير مئات المصانع والورش والمعامل مما أضعف هذا القطاع الحيوي الهام، ففي البداية كان يشغل 65 ألف عامل والآن لا يشغل إلا 40 ألف عامل بينما يدخل لسوق العمل الفلسطيني أكثر من 20 ألف عامل جديد سنوياًَ. سالم صباح ممثل سلطة النقد:بالنسبة لدور الجهاز المصرفي في دعم القطاع الخاص من خلال تقديم التسهيلات الائتمانية فإن الجهاز قدم تسهيلات في السنوات الأخيرة بنسبة 39% أما الآن فانخفضت وبلغت 32% ويرجع ذلك لعجز رجال الأعمال والقطاع الخاص عن تسديد القروض خاصة أن هذه الودائع والقروض هي ملك للمواطنين وليس البنوك، الأمر الذي يؤدي إلى عجز مالي وتصبح ديون متعثرة يصعب سدادها والحصول عليها من القطاع الخاص خاصة أن الديون المتعثرة ازدادت في الانتفاضة فبلغت حوالي 200 مليون دولار في ظل عدم مقدرة الدائنين على السداد. د. مازن العجلة/ وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: أرى أنه من الضروري تحديد جهة معينة تقوم بتقدير الأضرار والخسائر الاقتصادية حتى لا تتضارب الأرقام وتفقد المصداقية لدى الدول المانحة.

جميل العبادسة: طرحت هذه الفكرة منذ بداية الانتفاضة حيث اجتمعت وزارات ومؤسسات حكومية في مقر وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الهيئة العامة للاستعلامات ووزارة المالية والزراعة والاقتصاد والتعليم والحكم المحلي وبكدار.. إلخ، ويبدو أن التوصيات التي خرج بها المجتمعون لم تنفذ، والسبب الثاني في تضارب الأرقام، أن البعض يقدر خسائر الدخل القومي بدون خسائر الأصول الثابتة أي الخسائر الاقتصادية المباشرة فقط، أما الخسائر الاقتصادية غير المباشرة فلا يضعها في الحسبان لعدم توفر بيانات دقيقة عنها، والبعض الآخر يقدر الخسائر كافة سواء الاقتصادية المباشرة أو غير المباشرة.

سامي مقداد/ وزارة المالية: موازنة السلطة الفلسطينية عام 2003 تعاني من عجز بلغ 250 مليون دولار والدول العربية والمانحة هي التي سدت هذا العجز. وتدل المؤشرات الحالية بأن موازنة 2004 سيكون العجز فيها كبيراً إذا لم تقم الدول المانحة والعربية بتقديم الدعم المادي لها، وستكون سنة كارثية هذا العام إذا لم تستمر إسرائيل بدفع مستحقات السلطة في ظل زيادة الأعباء المالية على السلطة وبروز نفقات جديدة. محمد أبو الفحم: ستستمر الدول المانحة والعربية بدفع دعم ولو محدود بسبب الضغوط الأمريكية حتى لا تنهار السلطة الوطنية ويتفاقم الوضع اقتصادياً في الأراضي الفلسطينية إلى درجة تؤدي إلى الانفجار الكبير.

جمال الريس/ جمعية البحث العلمي: هناك أهمية لحرية التعبير عن الرأي ليس في المجال السياسي فحسب، بل حتى في القضايا الاقتصادية الشائكة والمواضيع المستجدة، والحديث عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة حالياً في الأراضي الفلسطينية وأسباب الأزمة الاقتصادية متعددة منها ما يقع على عاتق الاحتلال الإسرائيلي، ومنها ما يقع علينا وعلى السلطة لعدم مقدرتها إدارة الأمور الاقتصادية بصورة دقيقة وصحيحة.

جميل العبادسة: بالنسبة لحرية التعبير عن الرأي في المجال السياسي والاقتصادي فهذه الحرية مكفولة للجميع وقد كفلها الدستور والقوانين الفلسطينية المتعددة، ومن حق أي مواطن أن يعبر عن رأيه، أما بالنسبة للأزمة الاقتصادية الحالية فأسبابها عديدة ولكن السبب الرئيس هو الاحتلال وسياساته من حصار وإغلاق وعدوان وتدمير وتجريف، ولا ينكر أحد أن هناك خلل في الأداء الرسمي ناجم عن الظروف التي مرت بها السلطة الوطنية من حجز مستحقاتها المالية وتدمير مقراتها ومؤسساتها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

توصيات:

(1) العمل على تعديل اتفاق باريس الاقتصادي أو عدم التقييد به لكي نحد من القيود المفروضة على التصدير وإعطاء انطلاقة حقيقية لاقتصادنا الوطني.

(2) العمل على فتح المعابر أمام دخول وخروج المنتجات والسلع بحرية كاملة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال سيطرة فلسطينية على المعابر وإنهاء سياسة الإغلاق.

(3) تبني برنامج تنموي من خلال استراتيجية التنمية الشاملة للاقتصاد الفلسطيني مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والإقليمية للاقتصاد الفلسطيني.

(4) بذل الجهود الحثيثة لإنهاء كافة أشكال الهيمنة الإسرائيلية المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني خاصة الهيمنة على التجارة الخارجية وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية وخصوصاً الأردن ومصر، مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المحتملة لذلك على مختلف القطاعات.

(5) تقوية دعائم الصناعات المحلية بما يؤهلها لتوفير مخزون من الصناعات الغذائية والاستهلاكية تفي بالاحتياجات المحلية لعدة أشهر قادمة.

(6) توفير الحماية التامة للمنتج الوطني في مختلف الظروف والعمل على وقف استيراد أي منتج أجنبي له بديل محلي.

(7) العمل على تعزيز قدرات المصانع المحلية ورفدها بالخبرات الفنية والمهنية والإدارية وتزويدها بما تحتاجه من المواد لمواصلة عملها في ظروف الإغلاق لضمان عدم تعطل قطاع الصناعة وتشغيل العمالة المحلية.

(8) فك الارتباط والتداخل القائم مع الهياكل الاقتصادية الصناعية الإسرائيلية تدريجياً والتركيز على الصناعات التي تخفف بصورة ما من الاعتماد على الصناعات الإسرائيلية.

(9) التركيز على الصناعات الاستهلاكية والريفية الحرفية ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تعتبر عاملاً مهماً لتوفير فرص العمل للعاطلين.

(10) تشجيع إقامة الصناعات التي تعتمد على المواد الأولية المحلية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الصناعات الأخرى المعنية بتوفير هذه المواد وخاصة قطاع الزراعة.

(11) النظر إلى الإغلاق على أنه حالة مستمرة والبدء بوضع مخططات لبرامج تضع في حسبانها استمرارية هذه الحالة على أن تكون المزايا التي قد تنجم عن إعادة فتح المعابر مزايا إضافية.

(12) البحث عن تمويل ذاتي لبرامج التنمية التي يمكن أن توفر فرص عمل ذات إنتاجية عالية، ووضع برامج واقعية لا تعتمد على دعم احتمالي أو قروض يتعذر سدادها.

(13) عدم التعويل على سوق العمل الإسرائيلية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من العمالة الفلسطينية على المدى الطويل، والتعويل بشكل رئيس على تطوير سوق العمل الفلسطينية وزيادة قدرتها على إيجاد فرص عمل لاستيعاب العمالة الفلسطينية التي كانت تعمل في إسرائيل.

(14) البحث عن فرص عمل للعمالة الفلسطينية في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال المحافظة على اتصالات عالية المستوى، ومن المفيد تعيين ملحقين عماليين في كل دولة لمتابعة جميع المواضيع المتعلقة بفرص تشغيل العمال الفلسطينيين.

(15) الاعتماد على القطاع الخاص في التنمية والعمل على زيادة قدرته التنافسية محلياً وخارجياً كي يصبح قادراً على التوسع واستيعاب القوى العاملة الفلسطينية المتزايدة.

(16) إعداد وتنفيذ برامج التشغيل لخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل حالياً لما لهذه البرامج من دور في معالجة البطالة وتخفيف الفقر على المدى القصير.

(17) الإسراع في إنشاء ميناء غزة والمناطق الصناعية لاستيعاب العمالة الفلسطينية.

(18) أهمية تبني سياسة اقتصادية واقعية مرنة ذات قدرة على الاستجابة لمتطلبات الظروف الراهنة ومواجهة أي تغييرات محتملة يفرضها واقع انتفاضة الأقصى وبالتالي يقع على السلطة الوطنية الفلسطينية تبني سياسة اقتصادية تستند إلى التحليل العميق وتقويم الواقع الاقتصادي والمعيشي للحياة اليومية للمواطنين في ظل حالة الفصل الداخلي بين المدن الفلسطينية، والفصل بين الأراضي الفلسطينية والعالم الخارجي، ولضمان صحة ونجاح تنفيذ هذه السياسة لا بد من اللجوء إلى إجراءات يقتضي مراعاتها في التطبيق وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي:

ـ ضرورة أن تكون السياسة المتبعة منبثقة عن السياسة الاقتصادية العامة المعمول بها خلال المرحلة الانتقالية، كما تكون جزءاً منها حتى يتحقق التناسب الكافي لحركة النشاط الاقتصادي بأقل قدر من التعارضات أو السلبيات.

ـ أن تكون قائمة على أسس الاستجابة لمتطلبات الظروف الراهنة والأوضاع المستجدة وأن تراعى دواعي الحاضر والمستقبل خاصة أن هناك مستجدات قد تطرأ من حين لآخر.

ـ ضرورة أن تتصف هذه السياسة بالمرونة الكافية خاصة أن الضغوط على المواطنين والمؤسسات تتضاعف كلما تزايدت فترة الحصار الذي يزيد من ندرة المواد الاستراتيجية ويفسح المجال للقلق والتزاحم سعياً للحصول على الضروريات.

ـ ضرورة حصر الأهداف الأساسية مع القدرة على تحديد الأولويات وأفضليتها، حرصاً على تحقيق أكبر قدر مكن من الأهداف المتوخاة مما يحتم ترتيب الأولويات.

ـ تقدير الخسائر بصورة دقيقة مع القدرة على إيجاد آلية لتعويض المتضررين منها بطريقة موضوعية والإسراع من إصلاح الدمار الواسع الذي ألحقه الاحتلال بالبنية التحتية وتحديد جهة واحدة لتقدير الخسائر باستمرار كي لا يكون هناك تضارب في الأرقام.

(24) الأخذ في الحسبان الأضرار والخسائر غير المباشرة والتي لا تقل أهمية وخطورة عن الخسائر والأضرار المباشرة فالمناخ الاقتصادي ونتيجة للسياسات الإسرائيلية أصبح غير ملائم وسيترك بصمته لفترة طويلة من الزمن قد تستمر لعدة سنوات، كما أن الجهود التي تبذل لتصحيح هذا المناخ تحتاج إلى عمل متواصل ودؤوب لإعادة الأوضاع لما كانت عليه.

ـ الأخذ في الاعتبار أن الأضرار شملت مختلف قطاعات الاقتصاد القومي ولكن بدرجات متباينة، ولعل أكثر هذه الأضرار بجانب الخسائر البشرية والأضرار الناشئة عن حالات الإصابة والإعاقة ما يتعلق منها بالبطالة التي طالت نحو 300 ألف فلسطيني يقع عليهم إعالة 40% من السكان الذين أصبحوا بلا دخل لفترات طويلة وعليه فإن مزيداً من الانتظار يدفعهم وأسرهم إلى الإحباط واليأس ما لم تتخذ بشأنهم خطوات عملية قابلة للتنفيذ بشكل مدروس وسريع.

ـ أهمية تفعيل الدور الإعلامي لتبصير وتوعية المواطنين بطبيعة المرحلة و متطلباتها والأدوار المنوطة بهم، وأن يتم التركيز على دعم وتشجيع المنتج الوطني والتعريف به جيداً، ومقاطعة المنتوج الأجنبي وخاصة الإسرائيلي الذي يتوفر له بديل مناسب.

ـ إعطاء أهمية كبيرة للقطاع الخاص ولمختلف المبادرات الفردية سواء في القطاع الزراعي أو الحرفي أو غير ذلك، بما يتيح فتح مجالات جديدة للعمل وتوفير فرص التشغيل الممكنة وتمكين القطاع الخاص من المشاركة في كافة المشاريع المقترح تنفيذها.

ـ على الجهات الرسمية اتخاذ خطوات حقيقية في مجال تقنين وترشيد النفقات العامة وتحقيق الاستفادة القصوى من الدعم الخارجي المخصص للانتفاضة.

ـ أن تمتد بصيرة هذه السياسة الاقتصادية إلى آفاق أوسع بحيث لا تتوقف عند ردود الأفعال بل تتجه إلى مبادرات مبدعة وهذا يتطلب من المسؤولين معالجة الأمور بموضوعية كافية.

ـ إنشاء صندوق وطني للتكافل الاجتماعي لدعم العمال والأسر المتضررة في ظل استمرار الحصار الذي زاد من ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 50% والفقر بنسبة 64%.

(31) إيجاد شفافية في المسائلة ومحاسبة من يقومون بتبذير المال العام.

(منقول عن موقع رؤية التابع للسلطة الفلسطينية - الخميس 26 أيار (مايو) 2005)

http://www.miftah.org