إسرائيل ترد على أمنستي بالرصاص الثقيل.. أطفال فلسطين..بأي ذنب يقتلون
بقلم: محمد دراغمة
2002/10/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=38


المشهد: مجموعة من الأطفال يلهون على مدخل مخيم بلاطة غير عابئين بدبابة ترابط على بعد مائتي متر منهم، يطل جندي من فوهة الدبابة، ويصوب الرشاش الثقيل نحوهم، ويطلق عياراً نارياً واحداً..

يسقط أحد الأطفال أرضاً ، فيهرع نحوه زملاءه ليجدونه على صورة لن تمحو من ذاكرتهم ، فقد شق العيار الناري الثقيل رأسه الطري الصغير، وتطاير دماغه خارجاً بحيث لم يعد ممكناً حتى تشخيص هويته بسبب درجة التشوه التي أصابت رأسه وتحديداً منطقة الوجه.

وفي المساء يتجمع الأطفال مرة ثانية أمام جثمان زميلهم رامي خليل بربري 11 عاماً بعد أن سجي في المسجد ليلقوا عليه نظرة الوداع الأخيرة.

وقبل تشييع جثمان رامي يتكرر مشهد من جديد في منطقة أخرى المدينة، حيث يظهر جندي آخر من دبابة أخرى، ربما يكون ذات الجندي، وتكون ذات الدبابة، ويطلق عياراً نارياً من رشاش ثقيل، ربما يكون ذات الرشاش ،على أطفال يلهون أمام منزلهم ، فيصيب أحدهم محمود حمزة الزغلول 10 سنوات ليخر صريعاً.

والمشهد الذي تكرر في نابلس مرتان في الثلاثين من أيلول ليس جديداً في الأراضي الفلسطينية ، لكن الجديد فيه أنه جاء بعد ساعات من صدور تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" الذي حملت فيه إسرائيل المسؤولية عن مقتل 260 طفلاً خلال العامين الأخيرين.

وقد حملت المنظمة الدولية على إسرائيل لسقوط هؤلاء الأطفال علي أيدي جيشها مشيرة إلى أنهم سقطوا في عمليات قصف وإطلاق نار عشوائي قام بها الجيش.

وأشارت المنظمة إلى أن إسرائيل لم تجري تحقيقاً في عمليات القتل هذه.

ورأت محافل قانونية وإعلامية في قتل هذين الطفلين في نابلس صفعة للمنظمة الدولية واستهتاراً بحياة الأطفال الفلسطينيين.

وقال خالد قزمار محامي الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بأن سلطات الاحتلال تضع عوائق كثيرة أمام فتح ملفات للتحقيق في عمليات قتل الأطفال الفلسطينيين منها مطالبة أسرة الشهيد بدفع مبلغ يتراوح بين 5-7 آلاف شيكل كفالة غير مستردة في حال فتح تحقيق في الحادث.

وينأى ذوي الشهداء الفلسطينيين بأنفسهم عن متاعب الملاحقات القضائية لقلة ثقتهم بالقضاء الإسرائيلي المعروف تاريخياً بانحيازه للإسرائيلي.

ولطالما شهد الفلسطينيون أعلى هيئة قضائية في إسرائيل وهي محكمة العدل العليا تشرع الإجراءات الاحتلالية من هدم بيوت وإبعاد مواطنين ومصادرة أراض وغيرها الأمر الذي افقدهم كل ثقة بالجهاز القضائي الإسرائيلي برمته.

وتدعي الحكومة الإسرائيلية أن أنظمة إطلاق النار في جيشها تحصره في حالات تعرض حياة الجنود للخطر وهو ما يثير سخرية الجهات القانونية والحقوقية التي لا تجد في لهو الأطفال أو حتى في قيامهم برشق الحجارة ما يشكل خطراً على حياة الجنود المتحصنين في دباباتهم وآلياتهم المصفحة.

وكانت نابلس شهدت الأسبوع عملية إعدام مماثلة لطفل في الثالثة عشرة من عمره يدعى بهاء البحش.

وقد شهدت مجموعة من النشطاء الأجانب من حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني عملية إعدام الطفل بهاء.

وأعلنت المجموعة المؤلفة من أربعة نشطاء من جنسيات مختلفة عزمها رفع دعوى قضائية ضد الجندي القاتل أمام محكمة جرائم الحرب الدولية مشيرة إلى أن أحد أعضائها تمكن من التقاط صورة للجندي وهو يصوب سلاحه على الطفل قبل أن يطلق عليه النار.

لكن الخبراء القانونيين يشككون في نجاح هؤلاء النشطاء أو غيرهم من الجهات الحقوقية والقانونية بالوصول إلى محكمة جرائم الحرب الدولية بسبب القيود العديدة التي تفرضها أنظمة المحكمة على المتقاضين أمامها ومنها أن يكون المدعي دولة مستقلة…

http://www.miftah.org