القضية لا تختزل بخطة أمنية
بقلم: مفتاح
2007/5/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=7009


قررت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس إرجاء زيارتها إلى الأراضي الفلسطينية والمنطقة والتي كانت مقررة في الخامس عشر من الشهر الجاري لأجل غير مسمى بسبب العواصف السياسية التي تهز الحكومة الإسرائيلية وتزايد المطالب باستقالة رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت بعيد نشر تقرير لجنة فينوغراد الذي حمله الفشل في قيادة إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على لبنان.

وسبق ذلك تسريب أنباء الخطة الأمنية الأميركية التي كان من المفترض أن تحث رايس الطرفين على تطبيقها خلال زيارتها. وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد نشرت تفاصيل تلك الخطة التي تنص على وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل من قطاع غزة ومكافحة تهريب الأسلحة بين مصر والقطاع.

كما تستند الخطة إلى الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وتدعو إلى إمداد تلك الأجهزة بالأسلحة والذخيرة. وتقضي أيضا برفع الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية وتسيير خط حافلات لنقل الفلسطينيين بين الضفة والقطاع. وكان الرئيس محمود عباس، قد عقب على الخطة بالقول أن فيها: "خطوات مهمة لاستتباب الأمن في الأراضي الفلسطينية، ومقدمة لرفع الـمعاناة عن شعبنا الفلسطيني". مضيفا أنه "تبين أنها تحتوي على خطوات مهمة". وبدورها رفضت حركة المقاومة الإسلامية حماس الخطة معتبرة أنها لا تخدم الاستقرار والأمن في المنطقة وتهدف إلى "القضاء على المقاومة". وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس أن الخطة "تؤكد بوضوح أن الإدارة الأميركية حريصة على أمن الاحتلال الإسرائيلي وغير حريصة على أي شيء يؤمن الشعب الفلسطيني وتهدف إلى القضاء على المقاومة وتقوية طرف على طرف آخر،" مضيفا أن حماس "ترفض بقوة هذه الخطة الدنيئة والإرهابية لأنها تدعو إلى قتل الشعب الفلسطيني واستباحة الساحة الفلسطينية للاحتلال مقابل تأمين جانب الاحتلال."

وإسرائيليا، قال مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت انه قد لا يلتزم ببعض المطالب الواردة في الجدول الزمني المطروح في الخطة. مضيفا أن هناك "الكثير من التدابير إسرائيل ليست مستعدة لاتخاذها الآن لدواع أمنية." كما أن لإسرائيل تحفظات مهمة فيما يتعلق بالسماح لقوافل الحافلات الفلسطينية بالانتقال بين غزة والضفة إعتبارا من الأول من تموز المقبل – حسب الخطة.

وفي محاولة منه لتحسين وضعه عقب نشر تقرير فينوغراد، أعلن أولمرت أنه يدير قناة محادثات سرية مع الرئيس عباس، وذلك خلال الاتصالات التي أجراها مع وزراء وشخصيات حزبية في الآونة الأخيرة. وهي الأنباء التي نفاها صائب عريقات، رئيس الفريق المفاوض في م.ت.ف، جملة وتفصيلة.

وترافقت كل تلك التطورات مع أنباء إيقاف اللقاءات الإسبوعية التي يتم عقدها بين الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بطلب من الجانب الإسرائيلي وذلك بعد التطورات السياسية التي عصفت بالساحة الإسرائيلية عقب تقرير لجنة فينوغراد وموقف أولمرت المتردي.

ونجزم أن ذلك شكل صفعة لجهود الإدارة الأميركية الساعية لتحريك الأوضاع في الملف الفلسطيني، فقد حكم على خطتها الأمنية بالفشل الذريع. وكان الأجدر بتلك الإدارة تكريس كل جهودها على الخطة التي تحظى بالإجماع العربي وهي مبادرة السلام العربية التي تشكل فرصة تاريخية لإخراج الفلسطينيين والاسرائيليين والأميركيين من مآزقهم.

إن القضية الفلسطينية لا يمكن إختزالها بملف أمني أو بملف إقتصادي يستغل لفرض إملاءات وبعض الشروط على الشعب الفلسطيني والتدخل في شؤونه الداخلية. فهي بالأساس قضية سياسية تتعلق بمصير شعب بأسره عانى ويلات القتل والتشريد وسلب أرضه وحريته، ويتعرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأبشع صنوف الفصل العنصري.

http://www.miftah.org