القدس في المقترحات التفاوضية!
بقلم: مفتاح
2007/10/9

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=8019


مع اقتراب موعد لقاء انابولس في واشنطن، حفلت الساحة بالكثير من المقترحات والخطط التي تدور حول التصورات للحل النهائي للمدينة المقدسة، وبخاصة من الجانب الاسرائيلي، علما أن الرؤية الفلسطينية واضحة ازاء ذلك، وهي متفقة مع الشرعية الدولية التي تعتبر المدينة المقدسة جزءا من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967، وعليه تشدد في المطالبة بانسحاب الاحتلال الاسرائيلي منها كونها ستشكل عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.

وفي هذا الإطار، يجهد المسؤولين الاسرائيليين في وضع التصورات المتعلقة بتسوية الصراع بشأن المدينة المقدسة. فعلى سبيل المثال، فإن نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون وضع خطة تتمحور حول نقل جميع الأحياء المحيطة بالقدس الى السيادة الفلسطينية واقامة نظام خاص في البلدة القديمة وفي الأماكن المقدسة والأحياء الملاصقة للسور، بحيث يفتقد هذا النظام للسيادة، لكن يسمح فيه بتواجد دول إسلامية معتدلة مثل السعودية والاردن والمغرب.

أما وزير الشؤون الاستراتيجية، أفيغدور ليبرمان، فهو يقترح اقامة السيادة الاسرائيلية على الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة والقدس مثل مستوطنات: اريئيل، معالي ادوميم، غوش عتصيون إضافة الى الأحزمة الاستيطانية المحيطة بالمدينة المقدسة لقاء نقل أحياء عربية محيطة بالقدس الى السيادة الفلسطينية. وبالنسبة للبلدة القديمة ومحيطها الذي تسميه اسرائيل "الحوض المقدس،" فهو يؤيد اي حل وسط لكنه يطالب بسيادة اسرائيلية كاملة عليها.

ويشار الى ان إيهود باراك، وزير الدفاع الاسرائيلي الحالي، كان قد اقترح خلال مفاوضات كامب ديفيد 2000 نقل الأحياء العربية الى السيادة الفلسطينية مع إقامة مسؤولية أمنية مشتركة في مناطق بيت حنينا وشعفاط كونهما تعزلان المستوطنات اليهودية شمالي المدينة. وفيما يتعلق بالبلدة القديمة، فقد اقترح نقل السيادة على الحيين الاسلامي والمسيحي الى السيادة الفلسطينية مع ابقاء منطقة الحرم الشريف تحت السيادة الاسرائيلية.

وتتزامن كل هذه المقترحات مع القرارات الاسرائيلية الأخيرة القاضية بمصادرة أراض عربية تعود لأربع قرى فلسطينية واقعة ما بين القدس وأريحا بحجة الدواعي العسكرية، غير ان المراقبين المطلعين على بواطن الأمور يدركون ان السبب الحقيقي لتلك المصادرة هو هدف استيطاني يسعى لاطلاق العنان لأعمال البناء في المنطقة المسماة E 1 الواقعة ما بين القدس ومعاليه ادوميم، بعد ان يتم شق طريق للمواصلات الفلسطينية ما بين القدس واريحا. وتبلغ مساحة الأراضي المصادرة 1100 دونم تعود لقرى أبو ديس وعرب السواحرة والنبي موسى وطلحان الحمار. وحري التذكير ان الاحتلال الاسرائيلي ينوي اقامة 3500 وحدة سكنية في منطقة E1 اضافة الى منطقة صناعية وفنادق.

ويعني تنفيذ هذا المخطط احكام الفصل ما بين شمال الضفة الغربية وجنوبها والقضاء على فرصة النمو الطبيعي للقدس الشرقية، مما سيحصر حدودها ونموها في حدود ضيقة جدا، أي القضاء على الوحدة الجغرافية لأراضي الدولة الفلسطينية العتيدية، وتقويض اقامة الدولة القابلة للحياة.

يتضح من كل ما ذكر، عمق الفجوة في المواقف ما بين الطرفين ازاء المدينة المقدسة، حيث ان الاحتلال الاسرائيلي يسعى ومن خلال قراراته واجراءاته الى تقليص السيطرة والوجود الفلسطيني في المدينة في مقابل زيادة السيطرة والوجود اليهودي فيها، حيث انه قبل احتلال المدينة كان الفلسطينيون يملكون 100% من اراضي القدس الشرقية لكنهم الآن وبعد اربعين سنة من الاحتلال أضحوا لا يملكون اكثر من 14% من الأراضي فيها.

كما اقدمت بلدية الاحتلال على وضع خارطة هيكلي لمدينة القدس للعام 2020 تهدف الى تطويرها بوصفها عاصمة الدولة العبرية ومركزا للشعب اليهودي، مما يعني العمل على تقليص الكثافة السكانية العربية داخل البلدة القديمة من خلال تشجيع الجمعيات الاستيطانية على إطلاق حملة لنقل السكان الفلسطينيين إلى خارج البلاد.

وعليه، تتضح عمق الفجوة بين مواقف الطرفين، وبعد المواقف الاحتلالية عن استحقاقات السلام، وسعيها لإطالة أمد الاحتلال وإكسابه اشكالا جديدة، مما لا يدفع للتفاؤل بامكانية احداث اختراقة في لقاء انابولس، وبخاصة اذا ما أخذنا بالاعتبار تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت بأن الطرفين بعيدين عن التوصل الى ابرام معاهدة سلام.

كما ان هناك اجماع صهيوني دخل الحكومة الاسرائيلية على عدم العودة الى حدود العام 67، لتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته القابلة للحياة هناك. وهناك من يعتقد من المحتلين بأن اقامة مثل تلك الدولة ستشكل تهديدا استراتيجيا لوجود دولة الاحتلال، فعليه فهم يريدون شكلا من الحكم الفلسطيني لا يرتقي الى مستوى الدولة كاملة السيادة، لضمان بقاء السيادة الاسرائيلية على ذلك الكيان.

غير أن القدس وكما ذكرنا آنفا، ستبقى تشكل المفتاح للسلام ليس في فلسطين وحسب وإنما في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وعصية على الحل في ظل مواصلة حكومة اسرائيل تعنتها السياسي ومواصلة اجراءات التهويد التي بدون ادنى شك ستؤسس لمواجهة جديدة من العنف. فمن يرغب باحلال السلام العادل والدائم، عليه أولا ان يكرس السلام في مدينة السلام. - مفتاح 9/10/2007 -

http://www.miftah.org