هل تنجح الدبلوماسية الفلسطينية في حث الاتحاد الأوروبي للضغط على اسرائيل؟!
بقلم: موسى قوس – خاص بمفتاح
2008/3/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=8993

تواصل إسرائيل أنشطتها المستمرة بمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية في القدس والضفة الغربية للأغراض الاستيطانية، غير مكترثة بتدمير إمكانيات اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وغير آبهة بدعوات المجتمع الدولي بالتوقف عن تلك الأنشطة، التي اعتبرها الاتحاد الأوروبي في بيانه الأخير بأنها غير شرعية كما أنها لا تأبه بمواصلة إحباط الفلسطينيين الذين بدأت الأصوات تتعالى حتى في أوساط المعتدلين منهم بالتوقف عن تلك المفاوضات التي يجمع الغالبية من الفلسطينيين على أنها عبثية ولم تفض الى أي شيء ملموس على الأرض يقنع الفلسطينيين بغير ذلك.

وبرغم انتقاد الاتحاد الأوروبي للسياسة الاستيطانية التي يقوم بها الاحتلال، إلا انه لا يتخذ خطوات عملية لاجبار او حتى حث اسرائيل على تغيير تلك السياسة. وهذا على الرغم من أن المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الأوروبية - الاسرائيلية المتعلقة بالتجارة والاقتصاد والتعاون، تنص على ان العلاقة ما بين الاتحاد الأوروربي واسرائيل "يجب ان ترتكز على احترام حقوق الانسان ومبادىء الديمقراطية التي توجه سياستهم الداخلية والدولية." غير ان اسرائيل وبشهادة مراكز حقوق الانسان الاسرائيلية، تواصل انتهاكاتها لحقوق الانسان الفلسطيني، حيث تواصل سياسات القتل والتدمير وهدم المنازل والتجريف والحصار والاجتياحات وغيرها من الممارسات المنتهكة لحقوق الانسان الفلسطيني والمخالفة للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.

والأنكى من ذلك أن هناك العديد من الدول الأوروبية التي أعربت صراحة عن نيتها مشاركة اسرائيل احتفالاتها بمرور 60 عاما على إقامتها على أنقاض الأراضي العربية الفلسطينية. كما أن وزارة الخارجية الاسرائيلية لدولة الاحتلال تسعى لتطبيق خطة استراتيجية في العلاقات الدولية تتمثل في تعزيز الانخراط في مؤسسات الاتحاد الأوروبي في مقابل السماح لأوروبا القيام بدور اكبر في الدبلوماسية والاقتصاد الاسرائيليين. وهو ما بررته وزارة خارجية الاحتلال بأنه بات من الملح على اسرائيل تغيير اعتمادها على الركيزتين الأساسيتين لبقائها والمتمثلتين بالجيش القوي والتحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، القوى الأعظم في العالم، للتوجه لإضافة ركيزة ثالثة في علاقاتها، تتلخص بتعميق الروابط مع الاتحاد الأوروبي الآخذ دوره بالتنامي في العلاقات الدولية.

الجدير ذكره ان الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لاسرائيل حيث بلغت قيمة التجارة الخارجية 23.5 مليار يورو في العام 2006. كما ان حجم الاستثمارات الأوروبية في اسرائيل تصل نحو 26% من الناتج القومي الاسرائيلي. وهو ما يؤكد قدرة الاتحاد الأوروبي الضغط على إسرائيل لو توفرت له الإرادة لذلك.

ومن المعروف أن من واجب أعضاء الأسرة الدولية ضمان تعهداتهم باحترام اتفاقية جنيف وأن يكفلوا احترامها في جميع الأحوال. أي أن يسعوا في علاقاتهم الدولية الى احترام بنود تلك الاتفاقية الداعية في حالنا الى حماية أبناء الشعب الفلسطيني وحقوقه وممتلكاته تحت الاحتلال الاسرائيلي. كما عليهم واجب العمل على وضع حد لرحلة المعاناة الطويلة لأبناء الشعب الفلسطيني من خلال اتخاذ الخطوات العملية الهادفة لاجبار اسرائيل على انهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والتوقف عن امتهان كرامة الانسان الفلسطيني والتنكر لحقوقه ومحاصرته. وبودنا التذكير ايضا أنه بحسب القانون الدولي فإن واقع الاحتلال لا يمنح القوة المحتلة اية سيادة على الأراضي التي احتلتها كون الاحتلال مؤقت والى زوال.

فمن واجب القوة المحتلة حماية المدنيين حسب ما تنص عليه وثيقة جنيف الرابعة، حيث يتعين احترام شخصهم وكرامتهم وحقوق اسرهم ومعتقداتهم الدينية وتقاليدهم. وعليها أيضا واجب معاملة المدنيين معاملة انسانية وعدم التمييز ضدهم. كما يمنع القانون الدولي القوة المحتلة من القيام بنقل مدنييها الى الأراضي التي تحتلها (المادة 49) مما يعني ان المستوطنات غير قانونية وأنه ليس من حق القوة المحتلة مصادرة الأراضي في الأراضي المحتلة لغرض إنشاء المستوطنات لمواطنيها.

لكن على ضوء تجارب الشعوب المغلوب على أمرها مع القانون الدولي، فهذا القانون لا يطبق إلا على الضعفاء وأن العلاقات الدولية لا تحكمها قوانين حقوق الانسان وإنما قانون المصالح. وعليه، يلقى على عاتق الشعب الفلسطيني إجادة ادارة لغة المصالح بما يخدم مصالحه الوطنية ويؤدي الى إحقاق حقوقه المشروعة المتمثلة بحق تقرير المصيرة والعودة وإقامة الدولة. وهل تنجح الدبلوماسية في دفع الاتحاد الأوروبي للضغط على اسرائيل لتحقيق ذلك؟!

http://www.miftah.org