الضغط العربي قد يجبرنا على المصالحة الوطنية
بقلم: مفتاح
2008/9/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9711

بدت على اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، الذي ضم وزراء خارجية الدول العربية، الجدية الفعلية تجاه العمل على إنهاء حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، والتحرك أكثر تجاه وقف التشرذم الذي يعصف بالمجتمع الفلسطيني، منذ أكثر من عام، الأمر الذي اضر بالقضية الفلسطينية، وقد يكون له تبعات سلبية عليها في المدى البعيد.

ففي البيان الذي أصدروه عقب اجتماعهم في القاهرة أمس الأول، المح وزراء خارجية العرب إلى أنهم سيعلمون على فرض عقوبات على كافة الفصائل الفلسطينية ما لم تتفق على إنهاء الانقسامات فيما بينها، مؤكدين أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام استمرار النزاع وإراقة الدم الفلسطيني، مشيدين ومبدين دعمهم للجهود المصرية في هذا الإطار.

ورغم أن الجميع في فلسطين وفي الدول العربية، مجمع على ضرورة إنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة إلى جناحي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن حيثيات وتفاصيل وآليات إعادة الوحدة هي معقل الخلاف، فحتى المبادرة اليمنية التي أجمعت عليها وأيدتها كافة الأطرف، لم تنفذ، فتحولت إلى مبادرة عربية للمصالحة الفلسطينية في قمة دمشق الأخيرة، وهي المبادرة المؤجلة التنفيذ، لحين انتهاء مشاورات القاهرة مع الفصائل الفلسطينية، حيث ستجمل موقفا يمثل كل الفصائل الفلسطينية لتطرحه بعد ذلك على الجامعة العربية التي بدورها ستقود التطبيق والمراقبة والتنفيذ.

ربما يكون الثقل المصري ووراءه الدعم من جميع الدول العربية، يشكل عامل ضغط وعنصرا فعالا في تسهيل إمكانية التوصل إلى اتفاق وطني ينهي الاستعصاء ويمهد إلى استعادة الوحدة الوطنية ورفع المعاناة عن قطاع غزة ومواطنوه، إلا إن هذا الجهد العربي بحاجة إلى عمل فعال وجماعي ومثابر، مصحوب بضغط، إن كان ذلك ضروريا، لصالح حماية القضية وتحقيق المصالحة الوطنية على أساس المبادرة المنية العربية التي وافقت عليها كافة الأطراف، مع الاحتكام أولا وأخيرا إلى الشعب ليقول كلمته الفصل عبر انتخابات تشريعية ورئاسية على أساس التمثيل النسبي.

صحيح أن اتفاق مكة كان اتفاقا بجهد ودعم عربي، إلا انه ما لبث أن انهار بفعل ما قامت به حماس في قطاع غزة، إلا أن هذا لا يعني أن لا يمارس العرب واجباتهم تجاه الأشقاء الفلسطينيين، عبر العمل على مساعدتهم في الوصول إلى المصالحة الوطنية والوحدة، وربما تجربة اتفاق مكة وما تلاها تؤكد من جديد ضرورة أن يكون الحوار شاملا بين كافة القوى والفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني بكافة أطيافه، حتى يكون الحل المتفق عليه فلسطينيا محل إجماع داخلي، وليس اتفاق محاصصة بين طرفين، كما جربت العادة، مما أسهم في عدم نجاح الاتفاقات السابقة.

إن المأزق الداخل الفلسطيني كان له انعكاسات على صورة الفلسطيني في الخارج، بل وعلى المواقف السياسية والدبلوماسية لكثير من دول العالم، التي رأت في الاقتتال الفلسطيني معيقا لنجاح السيرة السياسية، داعية العرب والفلسطينيين إلى حل خلافاتهم قبل التوجه إليهم لطب العون في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما قاله صراحة العديد من وزراء خارجية عدد من الدول لنظرائهم العرب.

وأمام هذا الموقف، فان المفر الوحيد أمام الفلسطينيين جميعا، يكمن في العمل على بدء حوار وطني شامل يتناول كافة القضايا بمشاركة كافة شرائح المجتمع، على قاعدة أن للشعب الفلسطيني الكلمة الفصل في النهاية، مع الالتزام بالجهود العربي وخاصة المصرية، بعيدا عن اتفاقات المحاصصة التي لا تعمر طويلا ولا تصب في مصلحة كل أبناء الشعب الفلسطيني، الذي لا زالت تقع على عاتقه مهمة التحرر من الاحتلال الإسرائيلي وإحقاق حقوقه التي أقرتها الشرعية الدولية.

http://www.miftah.org