هل لا زال العمل الحزبي أولوية لدى الشباب؟
بقلم: شادي أبو عياش خاص بمفتاح
2008/10/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9801

بدا النقاش الذي دار في مؤسسة "مفتاح" حول الشباب والأحزاب في فلسطين، حماسيا ومثيرا لما طرحته الورقة البحثية التي أعدها أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت عماد غياظة حول هذا الموضوع، وكذلك مداخلات وردود الحضور بين من يرى أن الأزمة هي أزمة أحزاب ومن يرى أنها أزمة شباب، في وقت كان القاسم المشترك للآراء الإقرار بان الجيل الشاب لا يصل إلى الهيئات القيادية في الغالبية العظمى من الأحزاب والقوى المنضوية داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية.

ورغم أن الفصائل الوطنية في نشأتها حملت طابعا شبابيا ، سيما وان كادرها والصف الأول فيها كان من لشباب، إلا أن عملية التغيير في الصفوف الأولى لم تكن متواترة، مما أسهم في مراحل متأخرة من الحد من دخول الكادر الشاب إلى الصف القيادي الأول، وهو ما جعل الفئة الشبابية إدارة فعل لا إدارة اتخاذ قرار، وهو سبب هام لعزوف الشباب عن الانخراط بشكل فعال داخل الحزب، والعمل على التأثير في قراراته، إذ أن الوصول لمركز صنع القرار، والمقصود هنا بلوغ الصف الأول فعليا، والتواصل مع قيادته والتأثير عليها، وإحداث تغيير نوعي داخلها، صعب بل ومستحيل في كثير من الأحيان، وهو ما يحول أولويات الجيل الشاب إلى خارج الحزب الذي يرى في الشباب أداة عمل ولا أداة تغيير.

وبعد الانتفاضة الأولى، عندما أصبح بناء مؤسسات السلطة الوطنية والعمل الحزبي الداخلي إلى جانب مواجهة الاحتلال، أولويات لدى الفصائل الوطنية، غير الشباب أولوياته بعيدا عن العمل الحزبي، في ظل عدم حماسة تجاه الاستمرار والنضال داخل الحزب للوصول إلى مركز صنع القرار، فيما الجيل الشاب نفسه لا يسعى للتغير عبر العمل كفئة وكقوة واحدة من داخل الحزب لإحداث هذا التغيير، فهذه الفئة العمرية تختلف فيما بينها بأساليب وطرق العمل، رغم أن قضيتها واحدة.

والسؤال هنا، هل أزمة وصول الجيل الشاب إلى المركز القيادي داخل حزبه وحركته، يرجع إلى التدريج العمري المنصوص عليه في اللوائح الداخلية للحزب والتي تحول دون تطور المواقع الحزبية للجيل الشاب، أم لعدم انتظام الانتخابات الدورية، أم هو فعلا عزوف الجيل الشاب في هذه المرحلة عن الانخراط في العمل الحزبي الداخلي بنشاط وفعالية؟. ربما هذه العوامل الثلاثة هي ابرز أسباب بقاء القرار وقيادة الأحزاب من الأجيال غير الشابة.

ورغم أن للقياديات الحزبية الحالية التي تتشبث بمكانتها القيادية، دور مركزي في منع وصول الجيل الشاب إلى مكانها، إلا أن ذلك لا يعني أن التجديد سيحمل معه التغيير الايجابي لصالح عمل وفعالية هذه الأحزاب التي أعتاد قادتها على سلوك ونهج تنظيمي وحزبي وفكر تقليدي، بالغالب أورثه للأجيال اللاحقة، مما يعني أن أي تغيير وان كان لصالح تطور وتدرج الجيل الشباب إلى الموقع الأول، لا يعني بالضرورة التغيير للأفضل، فمن المنطقي أن يعمل جيل ورث نمطا في العمل الحزبي، أن يطبق ما ورثه وتعلمه ممن سبقوه في حال وصل إلى المقعد الأول.

أما الجيل الشاب، داخل الأحزاب، الذي يحمل أفكارا حزبية وسياسية مختلفة، لا يجمع بالغالب على قضايا مشتركة فيما بينه، فقضاياه الاجتماعية والاقتصادية لا يجمع عليها، وان حدث وان اتفقت التيارات الشبابية على قضايا تخصها، تختلف فيما بينها في أساليب النضال والعمل على تحقيقها، بل إن الجيل الشاب داخل التيار أو الحزب السياسي الواحد يختلف فيما بينه على طبيعة وكيفية العمل لتحقيق القضايا المطلبية.

والمثال الحي على هذا الابتعاد الشبابي عن الأحزاب، بل والاختلاف بين الجيل الشاب نفسه على قضاياه وأسس العمل لتحقيقها، يمكن إن يرى بشكل جلي داخل الجامعات، فمشهد الحركة الطلابية التي تشكل امتدادا للأحزاب خارج أسوار الجامعة، في حالة تراجع، لغياب المبادرة والعمل الجماعي، ولاختلاف أولوياتها.

http://www.miftah.org