التصعيد الإسرائيلي من جديد
بقلم: مفتاح
2008/11/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9922

إسرائيل تقول إنها تسعى للتمسك بالهدنة ولا تريد إنهائها في قطاع غزة، إلا أن عدد الشهداء الذي يتساقط يوميا في القطاع ومنسوب القذائف التي تطلقها دبابات الاحتلال على منازل المواطنين، والتي ترتفع يوما بعد يوم، لا تزال آثارها ماثلة للعيان، فبالأمس القريب سقط أربعة شهداء جراء غارية جوية إسرائيلية، فيما الاقتحامات لحدود القطاع باتت شبه يومية، فيما تتعالى التهديدات والأصوات الإسرائيلية، بمن فيها تلك الصادرة من داخل حكومة أيهود أولمرت نفسها، التي تدعو إلى عملية عسكرية كبيرة في القطاع.

إن التهدئة التي تسعى إليها إسرائيل، تعني أن يستبيح جنودها قطاع غزة، ليل نهار، بكافة أنواع الصواريخ، فيما تغلق معابر القطاع، أمام المسافرين والبضائع التجارية، وتمنع إدخال إمدادات الوقود والدواء الذي باتت تفتقده المستشفيات والعيادات منذ الحصار المشدد على القطاع، والذي أدى إلى موت العديد من المرضى لا سيما الأطفال، والكهول والنساء.

أما نقص إمدادات الوقود لمولدات الكهرباء في القطاع، فان إدخالها للقطاع يبقى خاضعا لمزاجية سلطات الاحتلال، التي أرادت يوم أمس أن يبيت أهالي القطاع دون كهرباء، حيث انقطعت الكهرباء عن أجزاء واسعة من القطاع فيما المستشفيات تعمل على المولدات الاحتياطية التي سينفذ الوقود منها قريبا.

وأمام هذا الوضع الإنساني المأساوي الذي حذرت من خطورته وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، فان المجتمع الدولي عليه أن يتحرك بسرعة لإنقاذ الوضع في القطاع، فيما تلوح في الأجواء مقدمات عمل عسكري يستهدف المواطنين، في ظل تهديدات إسرائيلية جدية بتكثيف الضربات العسكرية الجوية والبرية في القطاع، وتشديد الحصار.

والى جانب استهدافها القطاع والمواطنين فيه، فان مدن الضفة الغربية لم تسلم من الممارسات الاحتلالية، فهي تشهد بشكل يومي حملات اعتقال إسرائيلية مكثفة، في ظل استمرار سياسة هدم المنازل وبناء وحدات استيطانية جديدة، وسياسة التضييق على المقدسيين عبر طردهم من منازلهم، كل ذلك إلى جانب المماطلة والتسويف في تنفيذ الهدنة التي وافقت عليها إسرائيل نفسها، بل وتعلن جهازا عن تمسكها بها.

إن المسلسل الإسرائيلي الممل، المتمثل في تصعيد وتيرة الهجمات على الفلسطيني في شتى الطرق، يتصاعد ويبدو جليا عند كل مرحلة انتقالية في سدة الحكم سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إسرائيل، وكأن ساسة الاحتلال يتحينون الفرصة للانقضاض على الشعب الفلسطيني الأعزل، فيما أعين العالم تتجه إلى البيت الأبيض لترى كيف ستكون توجهات وسياسات باراك أوباما الرئيس الأمريكي المنتخب تجاه مجمل الملفات الدولية.

فتوقيت تكثيف الهجمة على القطاع، يشير إلى أن إسرائيل تستغل الآن الانشغال الدولي بالملفات الأخرى، لا سيما الأزمة المالية والاضطرابات في أنحاء متفرقة من العالم، وكذلك الفترة الانتقالية الرئاسية في الولايات المتحدة، لتنفيذ مخططات لا تنحصر رقعتها في توجيه ضربات عسكرية في القطاع، بل تشمل كذلك توسيع وتسمين الاستيطان في الضفة الغربية وخاصة في مدينة القدس، فإسرائيل طالما استغلت الانشغال الدولي بملفات أخرى لتنفيذ السياسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني ولتنفيذ سياساتها الاستيطانية، فيما تهديدات قادتها وسياسييها سواء من المعارضة أو الحكومة والدعوة لاستهداف القطاع، هي عادة درج عليها صناع القرار في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عند كل مشارف لانتخابات داخلية، فبالنسبة للسياسيين الإسرائيليين، فان تذكرة نجاحهم تكمن في الدعوة لقمع الفلسطينيين، إذ أن استباحة الدم الفلسطيني، يرى ساسة الاحتلال أن سفكه هو المقدمة المنطقية لنجاحهم في الانتخابات الداخلية.

لذا فان تنبيه العالم والمجتمع الدولي إلى ما يجري في الأراضي الفلسطينية من أولى المهمات الفلسطينية والعربية الحالية، فلا يمكن أن يستمر الوضع الإنساني المتدهور في القطاع، ولا بد أن يتوقف الاستيطان واستهداف المقدسيين وحقهم في منازلهم وأرضهم التي ورثوها عن أبائهم وأجدادهم، مما يستوجب عملا فلسطينيا دبلوماسيا وإعلاميا بالتنسيق مع الدول العربية والاتحاد الأوروبي والقوى الولية الأخرى، كي تجعل من الوضع في الأراضي الفلسطينية أولوية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، كي لا تترك الساحة لإسرائيل لتستفرد بالعشب الفلسطيني كما فعلت دائما.

http://www.miftah.org