التلويح بصعوبة تفكيك المستوطنات.. مناورة اسرائيلية لإدامة الاحتلال
بقلم: مفتاح
2008/11/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9942

بينما كان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس يقول في كلمة أمام أعضاء في البرلمان البريطاني أول أمس، إن إسرائيل ستواجه صعوبة في تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية، من دون أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب أهلية في إسرائيل، كانت اعتداءات المستوطنين في الخليل وقرى الضفة الغربية لا تزال أثارها ماثلة للعيان، فكل يوم ينام أهالي الخليل ويفيقون على ممارسات عنصرية من اعتداءات وشتم وتحرش ومهاجمة للمنازل ودور العبادة.

إن ما لم يقله بيرس إن أساس عدم الاستقرار في الشرق الأوسط سببه الاحتلال الإسرائيلي أساس كل الشرور، وعلى رأس هذا الشر يتربع الاستيطان والمستوطنون، الذين يحتلون أراضي الضفة الغربية، ويصادرون كل يوم منازل المواطنين الفلسطينيين، أصحابها الشرعيين، وذلك طبعا تحت أعين جيش الاحتلال بل بحماية من جنود الاحتلال في كثير من الأحيان.

في الأسبوع الماضي، وبينما كان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الذي زار المنطقة، يعبر عن معارضته القوية للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ويقول إنها لا تدعم عملية السلام وإنما تعمل على إعاقة تحقيق ونشر السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كان المستوطنون يستأنفون هجماتهم ضد الفلسطينيين في الخليل.

وبدل أن يعترف بيرس الذي، يقول إن إسرائيل راغبة بإقامة السلام في المنطقة مع العرب جميعا، بان الاستيطان هو العائق الأساسي للوصول لسلام دائم شامل، فانه اعتبر الموقف البريطاني الذي حث الاتحاد الأوروبي على ضمان عدم السماح بدخول السلع المنتجة في المستوطنات اليهودية أسواقه بشروط تفضيلية بأنه "مؤلم"، متناسيا أن المستوطنات ومنتجاتها هي أصلا غير شرعية وغير قانونية ويجب إن لا تستوردها دول الاتحاد الأوروبي، في المقام الأول.

إن الموقف الدولي تجاه الاستيطان والمستوطنين واضح، والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية تخلو من قرار واحد يشجع الاستيطان، إذ أن جميع القرارات الأممية تدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها لاستيطان في الضفة الغربية والقدس كاملة، وفوق كل ذلك فان الموقف العربي والفلسطيني واضح تجاه عدم استقامة السلام مع الاستيطان، إذ قال العرب دوما إن أي حل شامل ونهائي لا بد إن يتم مع رحيل آخر مستوطن وجندي إسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فان المراوغة ومحاولة ربط رحيل المستوطنين وتفكيك المستوطنات وتصويرها للغرب وكأنها عملية ستقود إلى تدمير لإسرائيل، تعني أن قادة إسرائيل حتى من يدعون رغبتهم في تحقيق السلام، ليسوا جادين.

ان بيرس وساسة اسرائيل يعلمون ان الاستيطان هو خطئيتهم واداة مشروعهم التوسعي، وليس على الفلسطينيين ان يدفعوا ثمنا او ان يشرعنوا هذا الاستيطان الذي يمتص خير ارضهم من ماء وزرع، ويحرمهم من الحياة بحرية، كي لا يختلف الاسرائيليون فيما بينهم، ذلك ان صحت اصلا رؤية بيرس في هذا الصدد.

إن أسس السلام واضحة، تتمثل في رحيل المستوطنين وهدم جدار الضم والتوسع والفصل العصري، وإعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة لأصحابها مع جلاء جنود الاحتلال عنها، ليتمكن أصحاب الأرض من إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة وعاصمتها القدس، وكذلك إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية.

ورغم إن الموقف الدولي وتحديدا الأوروبي وحتى الأمريكي يعارض الاستيطان، فان عجلة البناء والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي لا تتوقف في القدس والضفة تحت مسميات التوسع الطبيعي وما إلى ذلك من تسميات إسرائيلية، هدفها التحايل على هذه المواقف الدولية، مما يعني إن الجهود المجتمع الدولي الحالية ليست كفيلة بلجم هذا الاستيطان، فنحن بحاجة لجهود دبلوماسية متبوعة حملات سياسية وإعلامية عربية لجهة حض أوروبا على استخدام المصالح الاقتصادية مع إسرائيل للضغط عليها، وكذلك مع الولايات المتحدة لجهة استخدام نفوذها بل والضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، فالتجربة أثبتت أن الحديث والتصريحات القوية لا تجدي نفعا، بل الضغط السياسي والاقتصادي أو حتى التلويح به هو الذي يجدي نفعا مع إسرائيل.

http://www.miftah.org