مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


في مقابلة اجراها داني روبتشتاين، مع مستشار رئيس الشاباك سابقا، المستشرق ماتي شتينبرغ، قال ان الانتفاضة لم تكن ثمرة قرار من الأعلى. وأضاف ان "الفلسطينيون استنتجوا مع استخدامنا المكثف للقوة ان ليس أمامهم ما يخسرونه وهذه هي خلفية المجتمع الانتحاري الذي يضفي الشرعية على الانتحاريين الذين يعتبرون رُسلا له. العمل العسكري الموسع قلص الهامش السياسي وخلق واقعا ذي قومية مزدوجة ولا مخرج منه إلا من خلال الانسحاب أحادي الجانب بدون ثمن، وهذا يتلاءم بصورة متناقضة مع استراتيجية حماس."

وفيما يلي نص المقابلة:

في اطار الجدل الدائر في الايام الأخيرة في "أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية) وخارجها حول قضية النظرية الاستخبارية التي تتعلق بأسباب المواجهة مع الفلسطينيين، ورد اسم المستشرق ماتي شتينبرغ الذي كان حتى ما قبل سنة مستشارا خاصا لرئيس "الشباك" للشؤون الفلسطينية.

شتينبرغ يقول انه لا يستطيع ان يوجه ملاحظات في كل ما يتعلق بالمجريات الداخلية الساعية لبلورة التقديرات الاستخبارية، ولكنه يرغب في التركيز على الجانب الجوهري من القضية.

- ما رأيك في تقدير اللواء عاموس جلعاد بأن السلطة بقيادة عرفات قد سعت الى اقامة دولة فلسطينية في كل البلاد بطريقة مرحلية من خلال تطبيق حق العودة الذي سيُفقد اسرائيل طابعها اليهودي؟

+ من حيث الحقائق لا يوجد أساس يدعم هذه الرواية. لنفترض للحظة ان هذا ما كان يريده عرفات. لماذا كان بحاجة اذا لتبني العملية السياسية؟ اختياره للعملية السياسية كلفه ثمنا باهظا: في سنوات 1997 - 2000 قطع الخطوط نحو التصادم الدموي مع معارضيه. ولو كان يركز على الوسائل الديمغرافية لكان عليه اذا ان يتجنب الدخول في عملية سياسية وانتظار قيام التكاثر الطبيعي بالمهمة والتسبب بقضاء اسرائيل على نفسها في هذه الحالة. الافتراض بأن مجرد طلب الفلسطينيين بالبحث في حق العودة في اطار المفاوضات النهائية يثبت ضمنيا ضرورة القضاء على اسرائيل هو افتراض باطل. فليس من الممكن إخفاء مثل هذه القضية الحساسة وعدم دمجها في التسوية، ومن الممكن قول العكس والادعاء ان تجاهلها تحديدا هو الذي يضمن القضاء على دولة اسرائيل. في هذا السياق يمكن الاستدلال على المسافة الطويلة التي أبعد بها عرفات نفسه عن معارضيه من خلال الانتقادات التي يوجهونها اليه.

- وهل يوجد مثل هذا الخلاف اليوم بين عرفات ومعارضيه؟ + بالتأكيد. صحيح ان درجة كبيرة من التشابه قد تبلورت بين فتح وحماس في قضية الوسائل الكفاحية خلال الانتفاضة، أي العمليات الانتحارية، ولكن لا يوجد لدى حماس شك ولو بسيط بأن عرفات وأتباعه يتشوقون للعودة الى الطريق السياسي لو سنحت الفرصة لذلك.

- ألم يُقرب التطرف فتح من حماس؟ + هناك فرق واضح بين التطرف الجوهري مثل تطرف حماس وبين عملية التطرف التي طرأت على فتح منذ المجابهة الحالية. تطرف فتح حدث مع وصول الامور الى طريق مسدود. تطرف حماس ينفي التسوية ولا يرتبط بمواقف اسرائيل، أما في فتح فالمواقف تعتمد على المجريات وعلى العملية السياسية.

- ماذا يؤيد الجمهور الفلسطيني اليوم، التطرف الجوهري أم التوجه البراغماتي؟ + حسب الاستطلاعات ما زالت اغلبية الجمهور الفلسطيني تؤيد الخط البراغماتي، كما ان الاستطلاعات تظهر نسبة ثابتة (40 في المائة) غير مؤيدة لا للاصوليين ولا للقوميين وانما تسودهم حالة إرباك وحيرة. الفلسطينيون يدركون ان الصراع لا يدور على حقيقة اقامة الدولة الفلسطينية لان ذلك أصبح مقبولا على الجميع بما فيهم اسرائيل. المشكلة تتمحور حول قدرة هذه الدولة على البقاء. والسيطرة على الحرم بالنسبة لهم ليست رمزية أو دينية فقط وانما ذات علاقة بالقدرة على البقاء، ذلك لانه مركز الاهتمام والاجتذاب لمئات ملايين المسلمين ومركزا سياحيا ودينيا للحجيج.

- وتجسيد حق العودة أليس عاملا حيويا لوجود الدولة؟ + العودة هي قضية حساسة ذات علاقة بالعواطف والهوية الجماعية الفلسطينية، والتنازل عنها صعب، ولذلك يطلبون له ثمنا غاليا وتنازلهم عنه مشروط بمكاسب في قدرة الدولة على البقاء (المساحة، الحدود، القدس). هذه هي الصفقة في الواقع بيننا وبينهم.

- في المفاوضات كانوا قريبين من هذه الصفقة ولكنهم رفضوا ولم يقوموا بأي مبادرة؟

+ طريقة التفكير الفلسطينية تقول: نحن على استعداد لاقامة دولة في الضفة وغزة على 22 في المائة من اراضي الوطن الفلسطيني. موافقتهم على خطوط حزيران هي تنازل صعب جدا بالنسبة لهم ولذلك اعتقدوا ان عليهم ان يكونوا سلبيين في المفاوضات وان لا يطرحوا تنازلات في القليل الذي تبقى لهم.

- هذه التقديرات مقبولة في الفترة السابقة لكامب ديفيد 2000؟ + أنا شخصيا اعتقدت ان قرار براك بإدماج الانسحاب الثالث في التسوية الدائمة قد ألغى اتفاق اوسلو وسد الطريق على وجود وسيلة ثالثة لنبقى أمام خيارين اثنين: إما المجابهة وإما التسوية. هذا التقدير كان مقبولا على الجميع وقد ذكروا حتى تاريخا لذلك - ايلول 2000 حيث يتزامن مع الموعد المؤجل لاعلان عرفات عن الدولة الفلسطينية.

ليس قرارا من الأعلى

- هذا يعني ان عرفات لم يخطط للانتفاضة الحالية ولم يبادر اليها؟ + الانتفاضة لم تكن ثمرة قرار من الأعلى وانما هي نتيجة للمزاج الذي أصاب الجمهور الفلسطيني الذي شعر بالدخول الى طريق مسدود نتيجة لفشل كامب ديفيد. وضعهم الشخصي والاقتصادي والاجتماعي أخذ يتدهور والفساد تفشى، الامر الذي خلق الظروف الملائمة للاشتعال. وذكاء القيادة في رأيي يتطلب منع إلتقاء هذه الظروف مع الشعلة التي أحدثت الانفجار.

- هل طرح عاموس جلعاد في حزيران 2000 تقديرا بأن عرفات قد أزمع على استخدام حق العودة أو الديمغرافيا كوسيلة لتدمير اسرائيل؟ + لا، وقد كان هناك اجماع بأن عدم التوصل للتسوية سيؤدي الى التصادم العنيف. في النقاش الذي يتحدثون عنه في 15 حزيران لم يكن هناك خلاف ملموس مع عاموس جلعاد لانه لم يطرح التوجه الذي يدعي الآن انه طرحه وان عرفات يتوجه نحو "التدمير الديمغرافي" لدولة اسرائيل. لم يجر الحديث أبدا عن عزم عرفات على المطالبة بالعودة الشاملة للاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل كموقف نهائي خلافا للموقف الابتدائي في المفاوضات.

"موعد تبني هذا التقدير - سواء كان قبل كامب ديفيد أو بعده" يقول شتينبرغ "أقل أهمية في نظري من حقيقة كونه تقديرا خاطئا ولا أساس له".

- لماذا يعتبر من المهم عموما اذا كان هناك تقدير كهذا أم لا؟ + التقدير الخاطىء يحقق ذاته ويبلور الواقع خصوصا في ظل عدم التماثل بين الطرفين. وبذلك نشأت دائرة سحرية مضللة وحدّاعة. ومن يتبنى هذا التوجه يستنتج ان العملية مع الفلسطينيين غير ممكنة وهذا يترك للفلسطينيين أحد خيارين إما الاستسلام وإما الاستمرار في الانتفاضة وحتى الانتحار في مواجهتها. الفلسطينيون استنتجوا مع استخدامنا المكثف للقوة ان ليس أمامهم ما يخسرونه وهذه هي خلفية "المجتمع الانتحاري" الذي يضفي الشرعية على الانتحاريين الذين يعتبرون رُسلا له. العمل العسكري الموسع قلص الهامش السياسي وخلق واقعا ذي قومية مزدوجة ولا مخرج منه إلا من خلال الانسحاب أحادي الجانب بدون ثمن، وهذا يتلاءم بصورة متناقضة مع استراتيجية حماس.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required