من يرصد تصرّفات أصحاب الجرائم الدولية الكبرى ضد الإنسانية يدرك أن أهل الإجرام يأبون السكون حتى وهم يلفظون أنفاس أيامهم الأخيرة في مواقعهم القيادية، فرجل الحروب والجرائم الرئيس بوش آلى على نفسه ألا يغادر مكتبه البيضاوي إلا على دماء أهل غزة الطاهرة، وهذه هديته للشعب الفلسطيني وأهله العرب والمسلمين، أما الدولة الفلسطينية التي وعد بها مراراً وتكراراً فهي ليست أكثر من ذر للرماد في العيون وان كان البعض قد علّق على ذلك الحلم آمالاً عراضاً فقد ذهبت تلك الأحلام أدراج الرياح!
أما المجرم رئيس حكومة اسرائيل الذي أجبر على الاستقالة لفساده، وكان يعلن كذباً انه سيكون رجل السلام الذي سيدشنه مع السوريين فقد أبى إلا ان يغادر مكتبه الأسود على بحر من دماء الفلسطينيين بإشارة من عمّه الأكبر بوش، فكان أهل غزة الضحية الكبرى لهؤلاء الجلادين الجبناء الذين خنعوا أمام كوريا وايران لقوتهما وأجهزوا على أهل غزة العزّل. وإذا كان مجرمو إسرائيل قد ارتكبوا جرائمهم غير المسبوقة في التاريخ بأسلحة أميركية بعضها محرّم، ومنها (الفوسفورية) التي تحدث حروقاً وعاهات تستمر لفترة طويلة وتحرق البشر والشجر والحجر، فإن لهذه الجرائم عقوبات محددة يجب ان توقع على مرتكبيها، بعد ان خرقت إسرائيل قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واتفاقات جنيف لحماية المدنيين في وقت الحرب. ولأن إسرائيل متأكدة من أنها استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً وارتكبت جرائم ضد الإنسانية، فهي ترفض ان تقوم أي منظمة دولية باستقصاء الحقائق! والسؤال المطروح: هل هناك أفظع من تلك الجرائم التي ارتكبها مجرمو الدولة العبرية، جرائم إبادة، جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم قتل وإبعاد للسكان الأصليين، بل ونقلهم قسراً وإحلال يهود محلهم، كبت الحريات، جرائم فرض الحصار والتجويع بقصد وسبق إصرار لإهلاك السكان، جرائم التمييز العنصري، جرائم مهاجمة المدنيين عمداً، جرائم تطبيق الجيش الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة، وهي عقيدة هذا الجيش النازي، حتى المقابر طالها القصف البربري لتتناثر عظام الموتى وأشلاء الشهداء، جرائم مهاجمة المساجد والمدارس والجامعات والمستشفيات ومقرات الأمم المتحدة، والمؤسسات الخيرية وفي مدينة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم. وإذا كانت هذه بعض الجرائم التي ارتكبها قادة إسرائيل ومنهم أولمرت وشارون وبيريز وليفني وباراك ونتنياهو وغيرهم، وإذا كان العرب قد فشلوا منذ تأسيس الكيان الصهيوني على أرضهم اغتصاباً عام 1948 في أن يستعيدوا شبراً واحداً من أرض فلسطين بما في ذلك أولى القبلتين القدس الشريف، فإن من أضعف الإيمان أن ينهضوا ليقاضوا مجرمي إسرائيل أمام المحاكم الدولية والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات بل ويقاضوها أمام محاكم دول عرفت فيها المحاكم بالعدل والإنصاف. وإذا كانت الدولة العبرية ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن هذه المحكمة هي التي اصدر مدعيها العام أمراً بالقبض على الرئيس السوداني عمر البشير ووجد الترحيب لدى مجلس الأمن، على رغم أن السودان لم يصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبذا فإنه ليس معنياً بتلك الاتفاقية وأحكامها لا تسري عليه. لكن على رغم كل هذا رأينا ما حدث وما قد يحدث للرئيس السوداني وهو رئيس دولة عربية، ورأينا ما حدث للرئيس الراحل صدام حسين من محاكمات لا تمت إلى القانون الدولي ولا لقانون المحكمة الجنائية الدولية وغيرها بصلة، وكل هذا لأنهما رئيسا دولتين عربيتين، وهذا هو الفرق في عالم تحكمه القوة وليس القانون الدولي والأعراف والشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة. وإذا تأملنا بعض نصوص مواد قانون المحكمة الجنائية الدولية ومنها المادة الخامسة التي حددت الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة وكذلك المواد: السادسة والسابعة والثامنة التي شرحت تفصيلاً المفهوم القانوني لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وكذلك جرائم الحرب وغيرها من الجرائم، إذا استعرضنا تلك المواد نجد ان جميع الجرائم التي ورد النص عليها، بل أكثر منها قد ارتكبها قادة اسرائيل وجنودها ضد الفلسطينيين العزّل بلا وازع من خلق ولا رادع من ضمير. والمادة الـ58 من قانون المحكمة تمنح الدائرة التمهيدية بناءً على طلب المدعي العام إصدار أمر بالقبض على الشخص إذا وجدت أسبابا معقولة للاعتقاد بأنه ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة وان القبض عليه ضروري لضمان حضوره أمام المحكمة. والسؤال المطروح مرة أخرى: هل هناك اكبر من الجرائم التي ارتكبها قادة الدولة الصهيونية وجنودها ضد الفلسطينيين الأبرياء من قتل وإبادة حتى أن الجيش الإسرائيلي قام في حالات مخزية تقشعرّ لها الأبدان بإجبار المدنيين على مغادرة منازلهم وتجميعهم في مبنى واحد ثم هدم المبنى على من فيه، ناهيك عن التهجير والحرمان من الطعام والدواء، وتعمُّد ضرب المدنيين بالقنابل والصواريخ من الجو والبر والبحر، بل انهم استخدموا أسلحة محرمة مثل القنابل الفسفورية والقنابل الانشطارية. بل أكثر من ذلك جرّب الإسرائيليون ضد الفلسطينيين أسلحة أميركية تستخدم للمرة الأولى منها ما يحرق اللّحم ويصل حتى العظم، ومنها ما يجعل كل وريد وشريان في داخل الجسم ينزف من دون ان يستطيع أي طبيب انقاذ ذلك المصاب، بل تأكد أن اسرائيل استخدمت قنابل ذكية متطورة جداً في ضرب الفلسطينيين، والجيش الإسرائيلي في قصفه المجنون ذلك لم يستثنِ مكانا. ثم هل هناك معلومات أو وثائق أو مستندات أكثر وأهم من هذه تؤكد الإدانة القطعية لهؤلاء المجرمين الذين داسوا على القانون الدولي وميثاق المنظمة التي قبلتهم عضواً فيها وهم أول من خرق نظامها؟ وهم الذين رموا كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس أمنها في سلة المهملات، وآخر القرارات قرار مجلس الأمن رقم 1860 القاضي بوقف إطلاق النار فوراً، وهم الذين ينكرون وجود اتفاقات اسمها اتفاقات جنيف الأربعة ومنها اتفاقية جنيف السابق ذكرها، خصوصاً المادة الـ3 المشتركة بين اتفاقات جنيف الأربعة المؤرخة في 12 آب (أغسطس) 1949، وهي تحمي ليس المدنيين فقط بل أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم والذين أصبحوا عاجزين عن القتال بسبب المرض أو الإصابة، لأن من أمن العقاب أساء الأدب، ومعروف ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في حرب 1967 وما قبلها وما بعدها وستستمر. إن على العرب ومنظماتهم المدنية وغير المدنية ان يهبوا هبة رجل واحد وهم يملكون بين أيديهم وثائق ومستندات قانونية دامغة لإثبات الجرائم السابقة والتي لا تسقط بالتقادم، ضد هؤلاء المجرمين المحترفين وطرق كل الأبواب، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك هيئات حقوق الإنسان في العالم والتي من بينها مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي أدان في اجتماعه الاثنين الماضي إسرائيل لانتهاكها لحقوق الإنسان. كما أن الباب مفتوح امام العرب لمطالبة الأمم المتحدة بتكوين محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم الكبرى على غرار المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة ورواندا وسيراليون، وكل تلك المحاكم انشئت لمحاكمة مجرمين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ونص نظام تلك المحاكم على مقاضاة الأشخاص الذين يتحملون العبء الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانونهم الداخلي. ولما كانت هذه المحاكم أنشئت لمحاكمة مجرمين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وإيقاع العقاب عليهم وللمحافظة على السلم والأمن الدوليين، فإنه أصبح واجباً مفروضاً على العرب الذين هزمتهم إسرائيل بقوتها أن يستخدموا قوة القانون الدولي ونصوص الاتفاقات الدولية أمام المحاكم والمنظمات المختصة لينتصروا لإخوانهم في غزة وكذلك لتأكيد حقهم المسلوب. عن صحيفة الحياة اللندنية اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2009/1/19
تاريخ النشر: 2008/4/12
تاريخ النشر: 2007/9/1
تاريخ النشر: 2007/6/23
|