مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم تتأخر القيادة الفلسطينية في الرد على مقترحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو الجديدة – القديمة والمتعلقة بالتوصل الى اتفاق مرحلي في حال تعثر المفاوضات حول التسوية الدائمة، وكررت موقفها المعلن ازاء مثل هذا الاتفاق الذي سبق وأن طرحه رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق ارئيل شارون، رفضت ذلك في السابق كما اكدت رفضه لاحقاً، قبل حوالي عشر سنوات، كان اقتراح شارون بتسوية مؤقتة يتم من خلالها "تأجيل" البحث والبت في ملفين شائكين، القدس واللاجئين، هذه المرة يعود نتنياهو لالتقاط أفكار سبق وأن طرحها وزير خارجيته ليبرمان. والفرق أن ملفي القدس واللاجئين، لن يؤجلا فحسب، كما جاء في خطة شارون، بل تجاوزهما نهائياً وعدم البت بهما لا الآن ولا لاحقاً، وكان من الطبيعي أن تتصدى القيادة الفلسطينية لمثل هذه الهرطقات السياسية التي جادت بها قريحة القيادة الاسرائيلية.

ما طرحه نتنياهو، ليست أكثر من خطة اعتراضية، تهدف الى تحريك العملية التفاوضية بأي شكل وتهرباً من احتمالات حراك أميركي متوقع اسرائيلياً على ضوء تزايد الاعترافات الدولية المتلاحقة بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وإشارات اوروبية تزداد قوة، الى أن العام القادم 2011 سيشهد اعتراف كل او على الاقل معظم دول الاتحاد الاوروبي بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران، وتخشى اسرائيل ان ذلك قد يدفع بالولايات المتحدة، للهروب من هذه الاستحقاقات الى مضاعفة الضغط على اسرائيل والعودة الى ما سبق أن رفعته ادارة اوباما قبل عامين بتلازم وقف الاستيطان مع اطلاق العملية التفاوضية، الحديث عن اتفاق مرحلي موجه أساساً لاعتراض احتمالات اي تحرك اميركي بهذا الصدد، وهو غير موجه للجانب الفلسطيني الذي تعرف اسرائيل موقفه من مثل هذه المقترحات والافكار، لهذا سمى ليبرمان، صاحب الخطة الاصلية هذا المقترح بالخطة الثانية Plan-B، كدلالة على ان هذه الخطة هي مجرد اعتراض على احتمالات الحراك الاميركي، وهي تشكل ايضاً رداً على احتمالات ان تعود واشنطن لتطلب من الطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي، خطة كل منهما لاستئناف العملية التفاوضية بعد الانسداد الاخير، عندها، يصبح لدى الجانب الاسرائيلي خطة، بينما الطرف الآخر، الفلسطينيون، سيتمترسون وراء شعاراتهم المعروفة والمتداولة، بحيث يبدو وكأن اسرائيل تقدم مقترحات ومبادرات وخططاً بينما الفلسطينيون، يعيقون اطلاق العملية التفاوضية من خلال التمسك بمواقفهم خاصة فيما يتعلق بتوازي المفاوضات مع تجميد الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس.

وبالتالي، فإن هذه الخطة، لا حدود لفشلها، ويعرف من أطلق تلك الحقيقة، لكن بالنسبة للقيادة الاسرائيلية، هي مجرد مناورة اعتراضية يمكن ان تشكل حراكاً من خلال التعاطي معها حتى من خلال رفضها، فالأمر لا يتعلق بمقدار احتمالات تبني مثل هذه الخطة، بل بمستوى ما تستدعي من حراك ونقاش، لكن ذلك لم ينجح حتى الآن، رد الفعل الوحيد جاء بالرفض المطلق من الجانب الفلسطيني، بينما لم تعلق واشنطن او أي من العواصم الاوروبية، حتى الآن على الاقل، وهذا – رغم ذلك – لصالح هذه الخطة، حيث انها لم ترفض بشكل واضح الا من قبل الجانب الفلسطيني.

إلا أن رد فعل آخر، جاء هذه المرة من اسرائيل ذاتها، ومن حكومة نتنياهو، من خلال نائب وزير الأمن العمالي متان فلنائي الذي اعتبر تفوهات نتنياهو بشأن الحل المؤقت او المرحلي، عائقاً أمام بقاء حزب العمل في الحكومة، باعتبار ان هذه الخطة تشير الى ان اسرائيل هي التي تضع العوائق أمام العملية التفاوضية من خلال الحديث عن استثناء ملفات من هذه العملية، الا انه يجب عدم النظر لهذه التصريحات بجدية، حيث ان حزب العمل كثيراً ما اعترض على مواقف الحكومة، حتى بالنسبة الى الشأن الداخلي، وشهد انقسامات حولها، خاصة فيما يتعلق بالتصريحات الوقحة والمتكررة من قبل وزير الخارجية ليبرمان، دون ان يتخذ حزب العمل خطوة واحدة، باتجاه تعزيز موقفه والخروج من حكومة يومياً تؤكد انها غير معنية بالعملية السلمية ولا تكترث بتهديدات حزب العمل المنقسم على نفسه وارتباطه من خلال مصالح وزرائه بهذه الحكومة، خاصة وأن أية انتخابات مبكرة قد تقضي على حصته المحدودة في الكنيست بناءً على معطيات آخر استطلاعات الرأي.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن ان يستمر هذا الوضع الجامد على حاله، ألا يمكن ان يشكل ذلك حافزاً لإسرائيل، ويدفعها لتغيير قواعد اللعب من خلال إقدامها على حرب ما، على جبهة ما، تكاد تكون جبهة قطاع غزة هي المؤهلة لها؟ عملية التسخين الاسرائيلية على تخوم القطاع، والتهديدات العملية المترافقة مع تصريحات لوزراء وقادة الحرب في اسرائيل، هي المؤشر الذي يدفع الى مثل هذا التساؤل، ويتزايد الاعتقاد بضرورة قيام اسرائيل بهذه الحرب على ضوء جملة من التداعيات الداخلية الاسرائيلية، سواء لجهة احتلال وزير الخارجية ليبرمان موقع رئيس الحكومة من خلال إقدامه على تصريحات، تنصل منها نتنياهو، لكنها مع ذلك، تقود وزير الخارجية لقيادة اليمين المتطرف داخل الحكومة وخارجها من ناحية، ويبدو أنه هو الذي يسير أعمال الحكومة من ناحية اخرى، في وقت بات فيه طاقم نتنياهو في ديوان مكتبه يتهاوى على جملة من الانسحابات والاستقالات في معظمها على خلفية سياسية وبعضها الآخر، على خلفية الإحراجات المتكررة التي أوقع بها ليبرمان من خلال تصريحات الحكومة، هذا الوضع، لا أعتقد انه كاف للقول ان هناك أزمة حكومية في اسرائيل، بالنظر الى قدرة نتنياهو على التعاطي معها، ومن شأن المبالغة فيها الوقوع في شرك تحليل خاطئ، هذا لا يعني عدم أخذها بالاعتبار، لكن من دون أن نبني عليها مواقف خاطئة.

وإذا لم تقع حرب، واستمر الجمود في العملية التفاوضية، فماذا يمكن ان نتوقع من ادارة اوباما المتلهفة الى حراك يفضي الى نتائج ملموسة خاصة على الملف الفلسطيني – الاسرائيلي، أعتقد في هذا السياق، ان لا خيار أمام هذه الادارة بعد فشلها في الضغط على حكومة نتنياهو فيما يتعلق بالمسألة الاستيطانية، ومع تمسك الجانب الفلسطيني باشتراطاته، سوى اللجوء الى مزيد من الضغط على اسرائيل، ليس على الملف الاستيطاني، ولكن ربما من خلال التهديد بعدم استخدام حق النقض الفيتو، فيما لو عرضت المسألة الاستيطانية، او حتى مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مجلس الأمن، عندها فقط، يمكن لهذه الادارة ان تظهر قدرتها على انها معنية بتحقيق تسوية في الشرق الاوسط، وان هناك أوراقاً عديدة يمكن أن تلعبها في هذا السياق، من دون ان يتطلب ذلك موقفاً من اسرائيل كما هي الحال عليه فيما يتعلق بالملف الاستيطاني، قد تفعل ادارة اوباما ذلك، اذا ما امتلكت إرادة كافية لاستخدام امكانياتها، واذا لا تزال تعتقد ان الحل على الملف الفلسطيني – الاسرائيلي، مرتبط بالأمن القومي الاميركي!!.

جريدة الايام

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required