مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم يكن عام 2010 طيباً على الشعب الفلسطيني إلا من زاوية اتساع نطاق التعاطف مع قضيته وفهماً أعلى لطبيعة الصراع مع الدولة العبرية، حيث عبرت أغلبية دول العالم عن رفضها لمنطق "إسرائيل" في مقاربة عملية السلام، وأدانت بوضوح استمرار بناء المستوطنات.

العام الذي سينتهي يوم الجمعة في الحادي والثلاثين من كانون أول الجاري شهد أسوأ موقف للولايات المتحدة الأمريكية من القضية الفلسطينية من حيث تساوقها مع الرؤية الإسرائيلية لطريقة الحل ومآلاته النهائية رغم تكرار تصريحات مسؤوليها حول الدولة الفلسطينية.

وفي ذات العام فشلت للأسف كل محاولات رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام الداخلي القاتلة، وبقي التراشق الإعلامي والاعتقالات المتبادلة بين فتح وحماس والتي ألقت بظلالها السوداء القاتمة على المشهد الفلسطيني برمته.

وفي جانب العمل المقاوم فقد اتسمت سنة 2010 بانحسار واضح وتراجع كبير أدى لتراجع عمليات البحث عن صيغ العمل المشترك بين الفصائل الوطنية والإسلامية وحدثت بعض الصدامات المحدودة بينها في غزة على خلفية رؤية حركة حماس للحكم وانفرادها بالسلطة هناك. وهذه وإن انتهت بسلام إلا أنها وسعت الفجوة وزادت من تعقيدات الوضع الداخلي.

ومن زاوية علاقات السلطة الفلسطينية مع الخارج فقد بقي الالتباس قائماً فيما يخص تمثيل حكومة هنية المقالة مع استمرار علاقات سلطة رام الله مع العالم باعتبارها السلطة الشرعية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية رغم الضعف والاضمحلال الذي ينتابها حالياً. كما لم تتم معالجة ثغرات كبيرة ولأسباب مختلفة حدثت في علاقاتنا مع الدول العربية شعوباً وأنظمة واستمرت نظرة الشارع العربي السلبية للمنظمات الفلسطينية وللقيادة الفلسطينية ووصلت حد لوم الشعب الفلسطيني برمته على بقاء حالة الانقسام، كما فشلنا في استعادة الثقة المفترضة لمصداقية السعي لترتيب البيت الفلسطيني وعلى مسافة واحدة من الجميع، وعرضنا أنفسنا لتهمة الانضواء في محاور إقليمية ودولية نحن في غنى عنها لخصوصية ستبقى ما بقيت القضية الفلسطينية.

في العام 2010 قام طرفا الخلاف الفلسطيني ببسط مزيد من النفوذ كل في مكان سيطرته على الشعب والأرض رغم الاحتلال وتربصه بالجميع، كما اشترعا مزيد من القوانين والقواعد لممارسة الحياة والمواطنة بأبعادها السياسية والاقتصادية، بل والاجتماعية كذلك، فباتت معالجة الحالة الفلسطينية الصعبة والمؤلمة أكثر تعقيداً.

وفي الجانب السلبي كذلك استمر إهمال القسم الأكبر من شعبنا في الخارج ليس عبر تهميش حق العودة بالحديث عن حلول ممكنة بخلاف ما أقره المجتمع الدولي في القرار 194 بل عبر تجاهله بشكل شبه كامل في برامج السلطة الفلسطينية في رام الله ومظلتها المفترضة منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي بقي أغلبية شعبنا في الخارج على هامش الحراك السياسي الفلسطيني باستثناء بعض قياداته المرتبطة بعلاقات تنظيمية وغيرها مع الداخل.

إن سلبية العام 2010 على الفلسطينيين وقضيتهم لم تقتصر على الشعب بل شملت فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وهنا سأخص كلاً من فتح وحماس بالتقييم، ففي جانب حركة فتح شهدنا مؤتمراً عاماً لم يعالج واقع فتح المتردي وبقي الانقسام الداخلي على حاله إن لم نقل أنه تفاقم، ونسمع اليوم مع نهاية العام أن هناك مشاحنات ومحاكمات على خلفية مواقف وتصريحات وفي أخرى بسبب قضايا أمنية ومالية تندرج تحت عنوان الفساد والانفلاش، كما أن انعدام الثقة ما زال يتحكم في علاقة الحركة برئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض لأسباب يطول شرحها.

أما بخصوص حركة حماس وتفردها بالحكم في غزة وممارستها لذلك بطريقة خاطئة ومستفزة أحياناً فقد أثر ذلك سلباً على شعبيتها، ولم تعد الحركة عنواناً للمقاومة ومناهضة الفساد حين قدمت نفسها ومرشحيها في انتخابات المجلس التشريعي السابقة باعتبارها صاحبة برنامج الإصلاح وأطلقت على كتلتها البرلمانية ذات الوصف فنجدها اليوم تمارس ما تنتقده في سلوكيات سلطة رام الله من اعتقالات كيفية تطول مناضلين شرفاء تحت دعوى الرد على ممارسات فتح في الضفة، كما وتنتهك حقوق الإنسان في منع أنشطة تضامنية أو احتجاجية وإعلامية بحجة بسط السيطرة والأمن كما حدث في أكثر من مظاهرة وسط مدينة غزة.

وفي جانب آخر فقد بدت معالم الثراء غير المشروع على بعض محازبي الحركة ذات الخلفية الإخوانية من الشخصيات المعروفة، وتسبب غيرهم في ضياع مدخرات عدد كبير من أبناء غزة التي وضعوها في استثمارات ترتبط بتجارة الأنفاق ولم تفعل حماس شيئاً لتعويضهم.

إن النظرة للمقاومة قد تغيرت نحو الأسوأ وتحديداً في قطاع غزة الذي يتعرض بشكل مستمر للعدوان والمرشح لتلقي مزيد من الضربات الموجعة في الفترة القريبة القادمة على يد العدو الصهيوني، ومن هنا فإن اضمحلال معنى المقاومة وقيمتها في عقول الناس وقلوبهم كما هو حاصل اليوم سيكون خسارة فادحة تتحمل مسؤوليتها فصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس التي تتمسك بالتهدئة رغم اتضاح عدم نجاعتها في فرض ذات الأمر على العدو.

العام 2011 يحمل في ملامحه بقايا العام المنصرم وهذه طبيعة الأشياء لكن ملامحاً أخرى تلمع في الأفق وتعطي الأمل في تغيير نحو الأفضل لفلسطين وشعبها المظلوم، هذا التغيير الذي بدت بعض ملامحه من خلال اتضاح الدور الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية وإقرارها بالعجز عن إرغام دولة الاحتلال على احترام القانون الدولي، واستطراداً اتضاح الخداع الذي مارسته على شعبنا وقيادته. إن وقف المفاوضات والبحث عن بدائل يمثل بداية ممتازة لابد من ترسيخها مع مطلع العام المقبل 2011 وبالتالي فإن فهم طرفي الخصومة الفلسطينية للحالة الدولية والإقليمية سيعمل لصالح الوحدة والمصالحة وهذا في حد ذاته أمر إيجابي.

في العام القادم سيكون الوضع الفلسطيني على الصعيد الدولي أفضل كثيراً وستستمر اعترافات الدول الأجنبية بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وهذا سيدفع لتمسك القيادة الفلسطينية بخيار رفض المفاوضات بدون مرجعية أو هدف محدد.

وأخيراً فإن عام 2011 سيكون أفضل من سابقه على صعيد المساعي العربية لإنهاء الخلافات الفلسطينية ليس بين فتح وحماس بل على المستوى الوطني، والمؤشرات تقول أن منظمة التحرير الفلسطينية ستستعيد بعض ما فقدته خلال السنوات الماضية سواء على صعيد شرعيتها الداخلية بين أبناء فلسطين أو في علاقاتها العربية وإعادة الاعتبار إلى ما تمثله وترمز إليه.

وفي كل ما تقدم من مؤشرات لعام أفضل تبقى الإرادة الصادقة والعمل الدءوب والمخلص هو القول الفصل، والشعب الفلسطيني الصابر الصامد يستحق أن تعمل قيادته من أجل استعادة ثقته بها وثقتها ببعضها البعض وفاءً له وللشهداء الأبرار.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required