مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
ثمة كثيرون ممن اعتقدوا أن شعوب العالم الغربي وحدها التي تجيد التحرك لرفع الظلم عن كاهلها، وأن نزول الجماهير الغاضبة إلى الشارع بالآلاف لا يمكن أن يكون إلا في ضواحي باريس و أثينا وغيرها من عواصم الديمقراطية الغربية، وأن العروش العربية لن يأتيها يوم لتهتز بفعل الغضب الجماهيري العارم، ذلك لأن صورة الفعل العربي باتت مشوهة وأن الثقة في تحرك ضمائر ملايين المقهورين من الأمة العربية غدت مفقودة إن لم تكن معدومة.

إلا أن الفعل العربي الشعبي لا زال بخير، والسواعد التي استطاعت طرد الاستعمار والتي بنت بلدانها لا زالت قادرة على أن تطول عروش الظلم والقهر الذي طال تربعه على الأنظمة التي عشش الفساد والخذلان والتبعية في تكوينها.

إن الشعب العربي الممتد من المحيط إلى الخليج لطالما أنجب الثوار، ولطالما قهر الظلم و الاستبداد، وقدم ملايين الشهداء على مذبح الحرية و الاستقلال والانعتاق من نير الاستعمار، لكي ينعم بحياة الكرامة والعيش الكريم.

وما شهدته عواصم المغرب العربي، بلد الشهداء الجزائر و تونس الأرض الخضراء والشعب الحر، ليس إلا حالة من التأكيد على أن العربي ولد ليكون حرا وليحيا بعزة و شهامة، وأن الذين سلموا بفرضية الشعوب "النعاج" التي يسوقها الجزار إلى مذبحة كيفما يشاء باتت في حسابات الماضي الذي لن يعود، فإن كانت الشعوب تسايس أنظمتها و تعاملها بنوع من التعاطي، فذلك لاعتبارات الحفاظ على البلاد من تدخل الطامعين و الصائدين في الماء العكر. ولربما هذه المعادلة التي لم تدركها الأنظمة بعد. لكن بالطبع ليس هناك وليس مطلوبا أن يكون هناك أيوب أخر تعيش على نهج صبره الشعوب العربية لآخر العمر، ولا بد من لحظة الانفجار العظيم لإسقاط أنظمة الاستبداد.

لطالما أسقطت الأنظمة العربية الشعوب من حساباتها منذ زمن بعيد بافتراض دوام زمن الصمت والخنوع، واستمرت هذه الأنظمة في رسم سياساتها واستراتيجياتها وبناء تحالفاتها وفق مصالح بعيدة عن شعوبها بل تعدى ذلك إلى الوقوف موقف المتفرج والمشارك أحيانا في نزف الدم العربي في فلسطين والعراق وغيرها من الأقطار العربية التي طالتها يد الغطرسة الصهيونية والأمريكية، وهي بذلك تضع نفسها في منأى عن شعوبها ولا تلامس نبض تطلعاتهم الدؤوبة نحو الإطلاع بدور عربي فاعل لنصرة القضايا العربية والدم العربي المستباح.

إن الفعل الثوري الجماهيري الذي اسقط حقبة امتدت نحو لأكثر من عقدين من الزمن عاشته تونس تحت الظلم والقمع مارسته إحدى نماذج الحكم العربي الذي يمتهن كرامة الشعوب و يقمع حريتها و يصادر أفواهها، هذه الثورة و هذا الفعل الجماهيري ليستحق أن يكون مثالا يحتذي لشعوب العالم العربي بأسره، وناقوس إنذار يدوي في آذان السلاطين و الملوك العربية حتى تستفيق من سباتها، وترحل مبكرا و تجنب شعبها الدماء و الدمار. ولترحل بصمت حتى تكون هناك فرصة للشعوب فلربما تصفح في لحظة عن حكامها من باب الرحمة والشفقة ومن باب تجنيب البلاد الويلات..!

في الوقت الذي ننحني في إجلالا لروح شهيد الكرامة العربية الأول في تونس الأمل الشهيد محمد البوعزيزي الذي احرق بجسده ثورة أطاحت برأس زين العابدين، وثلة الشهداء الأبطال ومن تبعهم الذين واصلوا الثورة حتى انتصروا، في لحظات النصر التاريخية هذه ننحني بفخر لشاعر فلسطين الشهيد ابن حيفا راشد حسين الذي قال
سنفهم الصخر إن لم يفهم البشر أن الشعوب إذا هبت ستنتصر

وها هي الشعوب تنتصر، وها هي الإرادة تنتصر، وهاهي بيارق النصر تنطلق من تونس الأمل والمجد ولن تقف بإذن الله حتى تحط في كل قطر عربي عانى شعبه من الظلم والاضطهاد.

فإلى شعب تونس البطل، و الجزائر الحر، والمغرب الأبي، والخليج العربي العريق، وشعب لبنان والأردن ومصر شعب الشهداء والمقاومة، و كل شعوبنا العربية نقول أننا لم نفقد الأمل فيكم يوما، فشعب فلسطين واثق بأنكم معه قلبا وفعلا وواقعا رغم انف الأنظمة المستبدة التي ستسقط حتما أمام دمائكم الطاهرة.

*الكاتب ناشط سياسي واجتماعي، وهو عضو في فريق القيادات السياسية الشابة التي شكلته "مفتاح" منذ عام 2009 ضمن مشروعها دعم القيادات السياسية الشابة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required