لا تشابه بين السياسي والذبابة إلا في إمكانية قتلهما من خلال صحيفة قد تكون قديمة وعديمة المصداقية إذا أردنا قتل الذبابة ولكنها ومن كل بد يجب أن تكون محترفة وذات مصداقية وشعبية إذا أردنا اغتيال السياسي ولكن هل واجب الصحافة هو اغتيال السياسيين ؟ وهل يحسب رصيد المؤسسة الإعلامية بعدد من قتلت من السياسيين؟!
مبادئ هذه المهنة الإنسانية وأخلاقياتها أشبه ما تكون بمبادئ وأخلاقيات الطب حيث على الطبيب أن لا يمتنع عن علاج حتى ألد أعداءه وان يجتهد في التشخيص كما في اقتراح العلاج. وعليه فالبعد عن الانتقائية والتشخيص الدقيق واقتراح أوسع قائمة حلول هي مهام الإعلام وليس القتل أو التشويه ولا التشخيص منفردا دون علاج. تفيدنا التجارب بان الانتقائية هي أولى مراتب الانحياز فما بالكم إذا ما اكتملت هذه المراتب بتشخيص مُحرف ينطلق من رأي مسبق أو افتراض أو نتائج متوخاة ومرسومة سلفا. مقدمة يعرفها كل إعلامي وعلى رأسهم زملائنا في الجزيرة التي ظللنا نشعر كفلسطينيين ومثقفين وإعلاميين بان لها في رقبتنا دينا كبيرا كيف لا وقد عايش مراسلوها وليد وشيرين وغيرهم همومنا خلال الحصارات والاجتياحات وكيف لا وقد أسست لهذه الفورة الإعلامية وهي ترفع شعار الرأي والرأي الآخر ولكن ومنذ أن بدأ من يعرف يحرف بدأ رصيد الجزيرة يتآكل وبدأ دينها يتناقص حتى تلاشى مع طي آخر صفحة من تقرير غولدستون. ما زالت الجزيرة متسيدة بين قنوات البث الفضائي وما زالت الأولى على أجهزة التحكم بجهاز التلفزيون ولكن تأثيرها تراجع وبات كل ما تبثه مجالا للتدقيق والتمحيص والبحث عن الدوافع بعد أن كان جرعة من اليقين المسلم به، نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة والتي أجرتها شركة الشرق الأدنى للاستشارات ومركز القدس للإعلام والاتصال تفيد بتراجع نسبة مشاهدي الجزيرة وواضح أن هناك تراجعا أكبر في الثقة بها وان غالبية مشاهديها أصبحوا من لون سياسي وفكري واحد بعد أن كانوا طيفا متنوعا يتصدرهم أهل الفكر والثقافة. هذه النتائج لا تمت بصلة لما يتعلق بكشف المستور فهذا الفصل وبما أحتواه حتى الآن من أخلال أقلها إجتزاء الأقوال والخلط بين مواقف متعارضة مرشح ليكون غولدستون الثاني وطبعا لا نطمع بأعتذار من الجزيرة فذلك ليس من شيمها ولا يتناسب مع السعي الذي أحالها إلى مجندة لا تتوانى عن إهمال قوانين ومبادئ وأخلاق مهنتها لخدمة تيار والنيل من آخر. وإذا كانت وسائل إعلام أخرى اقل شأنا قد اتبعت نفس الأسلوب فإنها لم ترفع شعارات براقة كما تفعل الجزيرة فيما قام المتلقي بنزع صفة الريادة والاستقلالية عنها. صعب هو البناء ومنه بناء المصداقية وسهل هو الهدم ومنه فقدان المصداقية وفي ثنايا ما بثته الجزيرة من وثائق مجافاة للدقة عبر الاجتزاء المقصود وغير البريء وإخراج الأقوال من سياقها وإهمال الواقع الذي قيلت فيه والتعامل معها كمواقف رسمية حتى لو كانت أقوال استنكارية أو مماحكة واستهزاء وردت في محاضر غير رسمية لجلسات تفاوضية صاحبها اشتباك وجدل طويل تناول كل شيء من حجم العلم وحتى لون بوابات العبور ليذكرنا بالبقرة التي ذبحوها وما كادوا يفعلون. ويضاف إلى ذلك البعد عن التوازن وتجييش المذيعين وتشتيت أفكار الضيوف وتعمد إضفاء الغموض وطابع السرية والمأساوية للتأثير نفسيا على المتلقي وإبعاده عن التفكير بشكل عقلاني فيما يطرح بل والتأثير على سلامة أي تحليل منطقي عبر كمية الضخ الكبيرة للمواد والعدد الكبير للضيوف الذين يميل معظمهم إلى التأييد المسبق للرأي الذي رسمته الجزيرة سلفا. أدلى عريقات وغيره ببعض ما لديهم ووضحوا أمورا مهمة تفند بعض ما ورد بشكل مقنع وهو ما يدفعنا إلى التشكك في بقية ما عرضته الجزيرة ولكن الأهم هو عدم عزل ما عرض عن الظروف التي صاحبته سواء فلتان امني وتعدد سلاح أو حرب اغتيالات إسرائيلية وما رافقها من سعي تفاوضي أثمر أحيانا لحماية بعض المطلوبين ولم يفلح أحيانا بسبب ممانعة داخلية لدى المقاومين أنفسهم. علينا أن نتحلى بذاكرة أطول وان لا نسلم عقولنا لمن هب ودب وان لا نغيب تفكيرنا النقدي في كل ما نسمع والتفكير مليا في الأهداف التي تتوخاها وسائل الإعلام من وراء ما تبث والاهم من ذلك محاكمة الأمور من حيث نقف اليوم ثابتين على أرضنا رافضين للاستيطان وللمفاوضات ومن دون أن نخسر المجتمع الدولي وساعين لبناء وتدعيم ما تيسر من سلطتنا على ما تيسر تحريره من العدو، مسيرة طويلة مزج فيها الفلسطينيون كافة أشكال المقاومة للسير خطوات صغيرة في مشوار طويل ولا يعيب الخطوات أن تكون صغيرة طالما أنها للإمام. جرت الأمور أن يتفاوض الفرقاء سرا في فلسطين وفي كل العالم وان يوقعوا علنا على بنود معلنة ولدينا رئيس لا يشكو إلا من مبالغته في الاستقامة والصدق ولذلك نشعر معه بالأمان ونثق بان وسائل الإعلام مهما بلغت قدراتها وسوء نواياها ستظل عاجزة عن اغتيال السياسيين المحصنين. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2011/1/26
تاريخ النشر: 2005/3/15
تاريخ النشر: 2005/3/10
|