مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
في غمرة فرحة السلطة الفلسطينية بالمزيد من أعترافات الدول بالدولة الفلسطينية ، وفى أعقاب الفشل في المفاوضات ، واصرار السلطة على تجميد إسرائيل لأستيطانها للأراضى الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لهذا الموقف المتصلب للسلطة، وفى غمرة التصريحات على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وعدم التخلى عن القدس ، وحق اللاجئيين في تقرير مصيرهم بالعودة أو التعويض والتمسك بالقرار رقم 194 ، فاجأت قناة الجزيرة الشعب الفلسطيني بإستثناء إسرائيل بنشر ما أسمته كشف المستور، والمستور هنا سجل المفاوضات الفلسطينية ألإسرائيلية ، وما دار من حوارات ونقاشات كشفت صورة أخرى للمفاوضات غير الصورة المعلنة.ولا يمكن المرور على هذه الوثائق المنشورة ، وتحويلها إلى مجرد معركة مع قناة الجزيرة ، أو مع دولة قطر بإعتبارها مالكة لها ، ولا مع كيفية تسريب هذه الوثائق المهمة والمصيرية.

بداية ما نشر عبارة عن مجموعة من المحاضر والإميلات التي تم تبادلها بين الفرقاء المتفاوضيين . والمطلوب هنا وقفة موضوعية متأنيه ناقده ومحاسبه لما نشر ، ولما تتضمنته هذه الوثائق من تنازلات كبيرة.

ولى هنا بعض الملاحظات الهامه : ألملاحظة ألأولى أن حجم التنازل المقدم من المفاوض الفلسطيني وعدم قبول إسرائيل بها يعنى بما يقطع الشك أن إسرائيل لا تريد أي تسوية سياسية ، وهو ما يؤكد فشل خيار التفاوض.

وثانيا إذا كانت المفاوضات تعنى فن أدارة التنازلات ، فأين هي التنازلات التي قدمتها إسرائيل. ، فلا يعقل أن تكون التنازلات من جانب واحد ، والسؤال بشكل دقيق يتعلق بالدولة الفلسطينية بمواصفاتها وشروطها الفلسطينية ، وليست ألأسرائيلية.

وثالثا وهذا هو المهم أين دور اللجنة التنفيذية ، ودور المؤسسات السياسية الفلسطينية ألأخرى ، ؟ وما طبيعة هذا الدور ؟ وهل تعرض عليها كل التفاصيل ؟ وإذا كانت ألأجابة بالإيجاب فهذه مسؤولية سياسية كبيرة ، وإذا كان دورها مغيبا، فالمسؤولية أكبر.

ورابع الملاحظات أن المفاوضات قضية ومسؤولية وطنية ، ولا يجوز أن يحتكرها أشخاص محددون طوال هذه الفترة ، فالتغيير مطلوب في ألأشخاص بما يتناسب وكل مرحلة ، وكان منذ البداية المطلوب تشكيل هيئة وطنية للتفاوض يشارك فيها الجميع، وكيف يمكن ألأستعانة بمستشارين بمعايير غير وطنية.

وعليه التغيير في ألأشخاص والهيكلية مسؤولية سياسية عليا، لسنا امام نموذج الشخص الواحد الخلاق والذى لا أحد غيره . وتجدر ألأشارة ألأن أن كل الفريق التفاوضى قد فقد مصداقيته السياسية والوطنية مهما كانت المبررات والذرائع ، والى جانب هذا التغير في الهيكلية والآلية والأسلوب ، فهناك حاجة شديده لمراجعة وطنية وتحديد دقيق للثوابت الوطنية . ومن المسائل المهمة جدا في قراءة هذه الوثائق أن حجم التنازل كبير ، وأعرف إن هذه أحد ألأسترايجيات ، ولكن ليس في المرحلة ألأولى من التفاوض ، فالمتعارف عليه أن يبدأ المفاوض بسلم عال من المطالب . وهذا يحتاج إلى مراجعة في أستراتيجيات التفاوض .

ولعل مما زاد ألأمور تفاقما أن نشر هذه الوثائق تأتى في ظل ألانقسام السياسي الفلسطيني ، ولذلك لا يجوز توظيف لها بما يعمق حالة ألانقسام ويحول المسألة إلى مسألة داخلية بحته ، وكأنها معركة سياسية تحاول كل من حماس وفتح أن تستفيد منها بما يدعم موقفها ، القضية قضية دولة وشعب . وقد يقول قائل أن المفاوضات تنازلات ، وهذا صحيح ، لكن أستنادا إلى قاعده متوازنه ومتكافئة إلى حد كبير فى حجم التنازلات التي يقدمها كل طرف . وهذا غير قائم في المفاوضات الفلسطينية ألإسرائيلية . وقد يذهب البعض إلى القول أن الفلسطينيين لم يخسروا شيئا كثيرا بل هم الذين كسبوا ، بمعنى أن هذه الوثائق قد عرت موقف إسرائيل وأثبتت أنها لا تريد السلام .وأن هذا سيجعل الولايات المتحدة ودول أوربا تمارس ضغوطاتها على إسرائيل وتحميلها مسؤولية فشل المفاوضات ، وكل هذا قد يساعد في زيادة أعترافات الدول بالدولة الفلسطينية ، وصولا إلى قبولها في الأمم المتحدة ، ومن ثم تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في أنهاء الأحتلال عن دولة عضو في ألأمم المتحدة .

وهذا الرأى وإن بدا منطقيا من الناحية النظرية ، لكنه في لوقت ذاته يتجاهل مدى التنازل الذي قدمه المفاوض الفلسطيني ، مما اضعف من أوراقه التفاوضية ، ودعم موقف إسرائيل. وفى الوقت ذاته لا يمكن التحكم في المتغيرات الدولية ، وفى المراهنة على الموقف ألأمريكى لأن العلاقات ألأمريكية ألإسرائيلية لها ألأولوية حتى على خيار التفاوض.

ولا شك أن هذه الوثائق قد خلقت وضعا تفاوضيا جديدا لا يمكن معه للمفاوض أن يذهب إلى مزيد من التنازلات ، أو التراجع عن مواقفه بالنسبة لتجميد ألاستيطان ، وبالمقابل هناك حكومة أسرائيلية يمينية متشدده ترفض تقديم أي تنازل ، ألأمر الذي يعنى عدم جدوى الخيار التفاوضى ، والبحث عن الخيارات البديلة ، والتي أهمها تفعيل خيار المقاومة الشعبية بكل أدواتها.

وهذا الخيار قد تستعيد معه السلطة الفلسطينية بعض مصداقيتها التي فقدتها في أعقاب نشر هذه الوثائق، والتحول نحو الداخل للبحث عن مخرج لإنهاء حالة ألانقسام ،وإلا سيستيقظ الفلسطينيون على ضياع قضيتهم.

دكتور ناجى صادق شراب /أكاديمى وكاتب عربى

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required