مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لقد خلقت التحركات الشعبية في مصر تاريخا عربيا جديدا، وعززت عددا من الأفكار والتوجهات كما الغت منها الكثير، فبغض النظر عن مواقف التاييد والتنديد فإن الثقافة والمفاهيم الجمعية العربية اتجهت نحو نمط جديد من الإدراك، فمنذ الخامس والعشرين من كانون الثاني ومن اللحظة التي تكرس فيها مفهوم تحرك الشعوب العربية دخل العالم العربي مرحلة جديدة لن تتضج معالمها الى بعد فترة غير معلومة.

انعكس الذعر العربي في اكثر من نظام، وساور الحكام شعور بالقلق فالشعوب تطيح بالرؤساء ولا أحد يدري اين ستضرب رياح التغيير غداً، خافت اليمن واعلن الرئيس عدم ترشيح نفسه، الاردن حلت الحكومة والحكومة الجديدة مجبرة على التشاور مع المعارضة، الجزائر تلغي قانون الطوارئ وتسمح بالتظاهر، اذا هي سنة حرية الانسان العربي بلا منازع، فهذه الحقوق التي كفلتها جميع المواثيق الدولية تعود لتشغل المواطن العربي بعد عقود من التهميش والاقصاء.

فلسطينيا تحمل لنا رياح التغيير العربي تغييرا فلسطينيا يبشر بالعودة الى الوراء، فتمنع تجمعات التأييد لأحداث مصر وتونس وتراقب مواقع التواصل الاجتماعي، وخوف في الضفة وغزة يستشري في القلوب، غزة خائفة من انهيار نظامها الذي بني قمعيا من اساسه امام حركة التغيير العربية فترمي بثقلها على مركز السلطة الوطنية في رام الله التي تبدو وكأنها تتدحرج نحو القمعية.

فتطلق تصريحات كالتي اتت على لسان اللواء الضميري من "حظر التجمعات المرتبطة باحداث الدولتين الشقيقتين” كما جاء على لسانه، في ظاهرة شديدة الخطورة نحو الإنسياق الى نظام الدول البوليسية التي تعمل وفق قوانين الطوارئ لانتهاك العديد من حريات مواطنيها، وهذا امر مرفوض فلسطينيا، فالشعب الفلسطيني الذي تعود الثورة في وجه محتله طيلة فترة وجوده لن يسعه تقبل ان يمنع من ابسط حقوقه في التعبير عن رأيه او تضامنه، ذلك اضافة الى موقفه من الشعب المصري الذي قضى فترات طويلة يعيش في المعتقلات "المصرية" وتحت السياط بسبب تأييده المتواصل للشعب الفلسطيني، فبأي الذرائع نمنع من التضامن معه مرة واحدة.

لقد جاء في تصريح اللواء الضميري "على قاعدة ان منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية تحظران التدخل في الشؤون الداخلية للدول، عربية كانت او اجنبية، وانهما تحترمان ارادة الشعوب صاحبة الحق في تقرير مصيرها"، ففي هذا التصريح يشدد الضميري على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولكن متى كانت ثورة شعب تحت الظلم والفقر والجهل والبطالة بسبب نظام لم يستطع ان يقدم له ابسط مطالب حياته شأنا داخليا لدولة ما، فالتحرك الشعبي المصري هو ثورة كرامة الإنسان التي تمس صميم الشعور الانساني لجميع البشر ويقع على عاتق الجميع الدفاع عنها وتستدعي تأييدا من جميع الذين رفضوا الظلم والمهانة للملايين التي تقضي ليلها في العراء والمقابر، تعيش في قرون تجاوزها الزمن، فالحدث المصري اليوم هو واقع عربي غدا كما انه حالة تاريخية نادرة تستوجب احترامها والوقوف الى جانبها، فحتى الرئيس مبارك نفسه قام بعدد من التعديلات وعدد كبير من الوعود باصلاحات بدأت من تعيين نائب له بعد 30 سنة من الحكم والعناد نتيجة اقتناعه بمشروعية مطالب شعبه، بينما نحرم فلسطينيا من التعبير عن تضامننا مع هذا الشعب ومطالبه، لأننا لا نريد ان نشعر مع آلام البشر.

وجاء في تصريحات الضميري ايضا أن المنظمة والسلطة "تحترمان ارادة الشعوب صاحبة الحق في تقرير مصيرها"، ان الثورة الفلسطينية التي اوجدت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية قد انطلقت على قاعدة حق الشعوب في تقرير مصيرها، وليس على قاعدة ان هناك شعوبا لها الحق في تقرير مصيرها وشعوبا لا تملك هذا الحق، فالشعب المصري له الحق كما لكل الشعوب في تقرير مصيره وبالتالي فانه يستوجب منا كل الدعم والتأييد لأننا أصحاب قضية واحدة هي الحق في تقرير المصير، فلماذا نريد تقرير المصير لنا ولا نؤيده للشعب المصري، ونمنع حتى من الوقوف صامتين تضامنا معه ونطلب منه تأييدنا في كل مصيبة تلم بنا وما اكثرها من مصائب.

السلطة الوطنية في هذه الأحداث تسلك مسلكا غير الذي جاءت من اجله، فالإنجرار الى سياسة تكميم الافواه ومنع التجمع وسلب حريات التعبير التي اثبتت فشلها والانظمة العربية ما زالت تشهد، تلغي عددا كبيرا من الحقوق التي يجب ان تكون مكفولة في مناطق السلطة كما أنها مكفولة في جميع الشرائع والقوانين، كما انها يراد لها ان تلغي مشاعر التعبير عن التضامن والتكافل الانساني في الدفاع عن حقوق المستضعفين والمقهورين من بني البشر، وعليه فإن السلطة يجب ان تعمل على استخلاص الدروس من التجارب العربية، واعطاء مساحات اوسع من الحرية خصوصا في التعبير عن الاحداث الفلسطينية التي يجب ان يكون في مقدمتها تحركات شعبية واسعة في شطري الوطن لإنهاء الانقسام.

إن الخطر الأكبر الذي يتهدد السلطة الوطنية اليوم هو الإنجرار الى نقطة اللاعودة في منع الحريات والتضييق على حقوق المواطنين في ابسط مطالبهم تحت ذرائع واهية، وبذلك فإن الصمت عن هذا الإنحدار قد يشكل عواقب وخيمة تتراكم لتشكل في نهايتها مرحلة لا نريد ان نراها من تحول سلطتنا الوطنية الى مؤسسة عسكرية بوليسية مبنية على القمع.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required