مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
يكذب واحدنا على نفسه، إن تظاهر بأنه يُعارض نشوء وضعيات عربية جديدة، يصبح معها التقارب مع إسرائيل، أو تأسيس أية علاقة معها، ذميمة كبرى. فالمحتلون المتطرفون العنصريون، لم يفسحوا مجالاً لمن اقتنعوا بمنطق سياسي معتدل، لكي يُباهوا بشيء، أو يمروا الى بئر من الماء العذب الذي يُطفيء الظمأ.

بالعكس، هم نشّفوا وينشّفون ريق المعتدلين، وخربوا ويُخرّبون بيوتهم. فقد توارى الناطقون باسمهم عن الأنظار، وبدت مثيرة للسخرية، حجتهم التي يرمونها في وجه المتشددين، عندما كانوا يقولون لهم أنتم غير واقعيين. فقد تأكد أن غير الواقعيين، مع الحرج والمرارة، هم المعتدلون. ولو كان لواحدنا أن يختار، بين اللا واقعية التي تعايش أوهاماً تحريرية لفظية، وتلك اللا واقعية، التي تتأبط أوهام السلام المستحيل؛ فإن اللا الواقعية الأولى ستكون أخف وطأة على النفس، وأفضل لمناهج التعليم والتربية، وأنبل على صعيد قيم الحق والحقائق المجردة، حتى وإن كانت جعجعة غير ذي طحن!

وبصراحة، طالما ظل المحتلون متمسكين بغرورهم وسفالتهم؛ فلن يكون أي فلسطيني أو أي عربي حزيناً إذا ما تبدل الحال في كل الأرجاء، لتصبح العلاقة مع تل أبيب سُبة وفضيحة، ولا تشرف النظام الذي يسترقها أو يختلسها من وراء ظهر شعبه!

صحيح إن الموضوع الفلسطيني لم يكن ـ بشكل مباشر ـ من بين مجموعة المحفزّات القوية التي فجرت غضب الشباب والمجتمع؛ لكن الصحيح أيضاً، أن المعادلة الإقليمية الكريهة، التي يُراد لإسرائيل فيها أن تكون نافذة العضوية والتأثير، ضمن منظومة دول المنطقة، هي التي وفرت لكل فاسد ولكل مستبد، ولكل متذرع بالخوف على الاستقرار، الحجج التي أعانته على أن يفعل ما فعل. ثم إن بعض المستبدين، توافرت لهم حجج مضادة، حين اتخذوا من ذريعة التحفز للتصدي للعدو ومجابهته، غطاء للدوس على كرامة الناس، وتغليظ القبضة الأمنية، وإطلاق نمط أسطوري من الفساد، أقله تمليك أراضي البلاد وموانئها والاسواق والمقدرات، للأسر الحاكمة، وللشبان "السعداء" من الأصهار والأقارب، الناشطين تحت عناوين "البزنس" لامتصاص عافية المجتمع، تحت عنوان الجمهورية!

* * *

غير أن فرصة التبدل المفيد، في نظرة الدولة المصرية الى إسرائيل التي تحتقر فكرة السلام؛ باتت محفوفة بمخاطر متشددين من نوع آخر. وللأسف، تقدم الفضائيات على مدار الساعة، من ينفخون في نار ثورة الشباب، فيؤججون الموقف مع الدولة لكي يدفعون بمصر الى المجهول، بل يدقون الاسافين بين ألوان الطيف المتظاهر من أجل الحقوق الديموقراطية. وفي تقديرنا، إن من ينفخ في النار، ويحاول تعطيل محادثات الخروج من الأزمة بما يلبي مطلب الجماهير للتغيير؛ يؤذي الشباب الثائرين، ويسيء الى مصر والى عموم المصريين. فقد خرج كثيرون، على شاشات التلفزة، يعارضون من أماكنهم الباذخة والمريحة، أن يتحاور ممثلو القوى السياسية مع نائب رئيس الجمهورية. وهناك متفلسفون تحدثوا عن إسقاط فوري لرأس النظام، علماً بأن المعنى الضمني لإيقاع الحركة السياسية لنائب الرئيس، تعني أن مبارك لم يعد يباشر عملاً ذا صلة بتطورات الأوضاع على مستوى بُنية السلطة وتوجهات الحكم. فقد أكد سليمان على ما أعلنه مبارك نفسه بأنه راحل في نهاية ولايته، وأن فكرة التوريث قد دفنت.

ثم إن الوريث نفسه، خلع من الحزب الذي كان سيرشحه، وقيل إن التعديلات الدستورية باتت قيد التوافق على الإجراء، مشتملة على كل المواد الإشكالية!

* * *

بصراحة، وبسبب عنصرية المحتلين المستوطنين، وبطشهم وممارساتهم واستقوائهم على شعبنا بالسلاح؛ يحق لواحدنا أن يتهلل فرحاً لكل متغيّر سياسي، يزيح نظاماً يجاري أو يحابي، أو يكنس نظاماً يتذرع بالتصدي، فيما هو يخنق شعبه، ويذبح كرامته من الوريد الى الوريد!

يصح ان تؤخذ فلسطين، معياراً للحكم العربي القومي، على الحدث المصري. نحن نختلف مع الزاعقين عبر الفضائيات، رافضين لعملية التغيير، مشترطين رحيلاً فورياً للرئيس مبارك، أو إسقاطاً فورياً لنظام الحكم. للأسف، إن من يتحدثون بهذا المنطق، وتقدمهم التلفزة على أنهم من مفكري الاجتماع السياسي، لا يستطيعون تقديم شرح منطقي لكيفية الإسقاط الفوري للنظام. إن طابع الحركة السياسية لعمر سليمان، نائب الرئيس، تؤشر على حقيقة ضمنية، وهي أن الرئيس مبارك بات يعد الأيام المتبقية على ولايته، وأن التعديلات الدستورية ستشمل جميع المواد المختلف عليها، وهي تعديلات شبه ناجزة وقيد الإجراء، ومتصلة بمسألة الطعون والتغييرات المزمعة في خارطة مجلس الشعب. فإن كان سليمان، يتحرك في اتجاه تغيير في مواد الدستور، ويفتح المجال لمشاركة كل ألوان الطيف، ويطرح ما يؤسس لمرحلة ديموقراطية وانتخابات تشريعية ورئاسية شفافة، تتكافأ فيها الفرص؛ فما الذي ستوفره أكثر من ذلك، عملية إسقاط مبارك فوراً، إن كانت مثل هذه العملية بلا تداعيات؟

يقول ممثلو "الإخوان" إنهم يخشون من التقاط النظام لأنفاسه، وهذا غير وارد، لأن ما جرى لن يجعل شخصاً أو فئة تغامر بالالتفاف على منجزات ثورة الجماهير. فإن كانت الملايين خرجت بشعار إسقاط رئيس قوي، فما الذي يجعل شخصاً أو فئة بعظمها الطري، تغامر في الشهور المقبلة، بتعريض نفسها لغضب أشد؟! إن هذه هي خُلاصة الأمر؟!

* كاتب فلسطيني من قطاع غزة

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required