مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
أعلنت "حماس" مقاطعتها رسمياً لانتخابات المجالس المحلية والبلدية المقرر إجراؤها في يوليو/ تموز المقبل في الضفة الغربية. واعتبرت "حماس" أن هذه الانتخابات فُصلت على مقاس حركة "فتح" وفريق أوسلو، وأنها تأتي بقرار وتحت مظلة حكومة غير دستورية، مشددة على أن إجراء الانتخابات دون توافق وطني يعزز الانقسام ويقدم خدمة للاحتلال. كما أكدت حماس على وجوب إجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية كثمرة للمصالحة والتوافق الوطني.

وكانت حركة "الجهاد الإسلامي أيضاً قد أعلنت في وقت سابق مقاطعتها للانتخابات، واعتبرت الحركة إجراء الانتخابات دون توافق إصراراً على تعميق وتكريس حالة الانقسام والتفرد بالقرار بطريقة تخضع لاعتبارات سياسية وذاتية ضيقة، بعيداً عن تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني. وهذا ليس غريباً بل يبدو منسجماً تماماً مع أسلوب ونظرة الجهاد الإسلامي إلى الانتخابات وعدم مشاركة الحركة فيها سابقاً.

وبالرغم من أن موقف "حماس" من الناحية التاريخية كان مع المشاركة في جميع الانتخابات النقابية والطلابية والمطالبة بالانتخابات البلدية، كون البلديات تعاني من الفساد والترهل وسوء الإدارة. كما دأبت الحركة على المطالبة بإلغاء سياسة التعيين للمجالس البلدية وغيرها، واعتماد صندوق الاقتراع لاختيار من يقود تلك المؤسسات الخدمية. وقد لخص قياديون في الحركة عبر السنين الماضية حول سياسة مشاركة "حماس" في الانتخابات بأن: "إن حماس ستشارك في جميع الانتخابات النقابية والطلابية والمهنية والبلدية والقروية والمحلية وهي تمارس هذا الحق فعليا حيثما أجريت انتخابات، من منطلق الحرص على مصالح ومقدرات شعبنا وتقديم يد العون من خلال كفاءات أبنائها وأمانتهم".

ومن الإنصاف أن أشير هنا إلى شجاعة السلطة الفلسطينية في رام الله باتخاذها مثل هذه الخطوة الهامة، وبالذات بعد الجدل الكبير الذي أحدثته التسريبات الخاصة بالسلطة الفلسطينية وعلاقتها بإسرائيل في شتى المجالات. وأيضاً في أجواء عدم ثقة المواطن في نهج السلطة السياسي والأمني وعدم تحقيق المفاوضات أية نتائج تذكر.

وفي ذات الوقت فإنه من المبرر لـ"حماس" وغيرها أن تتخوف من المشاركة ، لكن بحجج أخرى من قبيل تدخل الجيش الإسرائيلي لاعتقال قادتها المنتخبين كما حدث سابقاً، أوعدم وجود ضمانات كافية للنزاهة والشفافية، في ظل ملاحقة الحركة وكوادرها في الضفة. لكن أن يتم إلصاق الأمر بضرورة الوصول إلى المصالحة والتوافق الوطني فهذا – بالرغم من تحريكه للعواطف – لا يمكن أن يعتبر سبباً مقنعاً. وحيثيات بطلان مثل هذا الادعاء واضح إذا ما قارن المواطن بين كفاءة مجالس بلدية ناشئة عن سياسة التعيين الحزبية الخالصة التي هي سيدة الموقف اليوم، وبين مجالس خدمية منتخبة قد تشوبها بعض الشوائب. وفي نفس الوقت فإن المشاركة الواسعة لا بد وأن تقلل من حجم أية تجاوزات. لكن هذا لا ينفي هواجس الحركة الخاصة باستباحة الضفة الغربية من قبل الاحتلال واحتمال حدوث اعتقالات بين صفوف أبنائها. وفي ظل هذا التناقض لا بد من الوصول إلى حلول وليس رفض المشاركة، بما لذلك من عواقب تضر بمصالح المواطنين.

ولعلي أتساءل: هل ترى الحركات السياسية المعارضة للانتخابات أن المجالس المحلية المعينة من قبل السلطة السياسية القائمة تؤدي دوراً أفضل في خدمة المواطن من تلك التي سيتم انتخابها؟ لقد كتبت سابقاً ولا زلت أرى أن على جميع القوى السياسية المشارَكة في أية انتخابات، وفي حالة "حماس" فمن الممكن أن تقتصر مشاركتها على توجيه أنصارها نحو تأييد بعض الكفاءات والشخصيات النزيهة، للأسباب المذكورة.

صحيح أن الانتخابات – ولو كانت بلدية أو نقابية – تعطي نوع من الشرعية للنظام القائم، لكن "حماس" أيضاً لديها القدرة على الاستفادة من ذلك إذا قررت عقد انتخابات بلدية في القطاع، متزامنة أو غير متزامنة، وتحت رعاية لجنة انتخابات تعينها حكومتها في غزة.. كما أنه من الممكن أن تُشكل الانتخابات فرصة للحركة لإثبات تواجدها وتأثيرها في الحياة العامة، بعد كل ما لحق بها خلال السنوات الماضية. لكن قد يدَّعي البعض أن موقف الحركة بعدم المشاركة ما هو إلا هروب إلى الأمام للتشبث بالسلطة في غزة، وعدم إجراء أية انتخابات بلدية أو تشريعية، بحجة عدم إنجاز المصالحة والتوافق الوطني، مما يعني أن النظام السياسي الحالي الذي يحكم الشعب الفلسطيني في غزة سيبقى جامداً على حاله دون تغيير، وإلى أجل غير مسمى. فمن الناحية القانونية يعلم الجميع أن المدة المقررة للمجلس التشريعي قد انقضت، ولا زالت الحكومات القائمة تفتقر إلى الوضع الدستوري الصحيح، مما يجعل قضية الانتخابات أكثر إلحاحاً.

إن الشعب الفلسطيني اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى أن يعيد حساباته وقراءته للوضع في الضفة وغزة كل على حدة، وأن يبلور مشاريع تتوافق مع ظروف ووضع كل منهما. إنني أرى أن غزة أقدر من الضفة اليوم على إجراء انتخابات بلدية وتشريعية كاملة، حيث لا احتلال، ولا قدرة للجيش الإسرائيلي على التحكم باللعبة السياسية، كما لا قدرة له على استباحة القطاع كل يوم وكل لحظة، كما هو الحال في الضفة. لكن للأسف كثيرون لا يريدون الاعتراف بالفروقات الجوهرية بين الوضعين، مما يؤدي إلى ضعف الموقف الفلسطيني ككل، واستمرار الوضع المزري على ما هو عليه، وللأسف ربما استمرار استفادة البعض من بقاء الحال على ما هو عليه.

إنني أدعو المثقفين والمفكرين والسياسيين للتفكير، واستفزاز الحركات والقوى السياسية للسير في اتجاه الإصلاح والمصلحة الوطنية أينما وجدت. كما استنفر الجميع لتشكيل رؤية مستقبلية مقنعة للوضع الفلسطيني يمكن أن يجتمع حولها الشعب، وعدم انتظار الحلول من قنوات التنظيمات السياسية الكبيرة والصغيرة التي أثبتت فشلها في الخروج من الأزمة، والتي يبدو أن كلاً منها يعيش في عالم رسمه لنفسه، لا يرى النجاة إلا فيه.

* الكاتب أكاديمي فلسطيني – غزة. - Monzir394@gmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required