مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
تأكد أن سي آي إيه، فوجئت بكل حلقات الثورة المتدحرجة. كذلك فوجئت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" بما حدث في مصر وتونس وليبيا. وما زال الذراعان الاستخباريان، يجهلان مطارح الراهن والمقبل من الزئير الجماهيري، إذ لم يغترفا ملء دلو، من "آبار الغضب" في المجتمعات العربية، لكي يتعرفوا على جزيئات مياهه. وبدا على وجه اليقين، أن ما أنفقه الأمريكيون على مراكز الدراسات والعسس وأوراق البحوث، ذهب هباءً منثوراً، غير مأسوف على ملايينه الوضيعة!

في المؤسسة التشريعية الامريكية، استحوذ هذا الإخفاق الاستخباري، في قراءة الطالع العربي، على جُل الوقت المخصص للاستجواب والاستماع، وكان الطرف المندهش الذي يستجوب، هو لجنة الأمن في مجلس الشيوخ. ومن المفارقات، أن السيدة ديانا فينشتاين، رئيسة اللجنة، وهي واحدة من أهم سينتورات الحزب الديموقراطي؛ كانت حانقة ومندهشة بشكل لافت، مما قيل عن حجم ثروات الأسر الحاكمة (من الأبناء والزوجات) فهي شخصياً تُعد رابع أو خامس الشخصيات الأكثر ثراء في مجلس الشيوخ الاميركي، بثروة قيل إنها وصلت الى 43 مليون دولار، أي بمبلغ لا يرضى به صبي من ناشطي الأعمال الموصولين بالقصر في أي بلد عربي!

صرخت فينشتاين في وجه مدير عام السي آي إيه: ألم يُلق أحد منكم نظرة على الإنترنت، لكي يعرف ماذا يجري، إن كنتم عاجزين عن الحصول على معلومات، لكي تضعوا توقعات مفيدة؟! وأضافت:"لا أعتقد أن مصالح الأمن الأمريكية المعنية، نهضت بواجبها في تلك المنطقة وأوفت بالتزاماتها"!

في سياق المساءلة التشريعية للذراع الأمني القومي الأمريكي، الذي يحظى بسمعة رهيبة على صعيد الاختراق والتجسس التآمري تحديداً Cloak - and- Dagger قيل إن هذه السمعة تستند الى هُراء. فقد مُنيت CIA خلال العقود الثلاثة الماضية بالعديد من الإخفاقات التي لا تقع فيها أجهزة عرجاء، إذ غافلتها الثورة الإيرانية في العام 1979 وفاجأها التفجير النووي الهندي في العام 1989 وكانت نائمة في العسل، لحظة وقوع تفجيرات 11/9/2001 في نيويورك وواشنطن، وقبلها لم يكن لديها توقعات بنهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي، وربما تكون كُبرى خيبات وكالة الاستخبارات المركزية، هو تجاهلها الغبي لإشارات تدل على خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل، فوقعت الولايات المتحدة في المستنقع!

* * * عند هذه النقطة الاخيرة، يتبدى استنتاج مهم، وهو أن الاستخبارات الأمريكية، تعتمد على عملاء معزولين عن حياة الناس. فهذه الاستخبارات، حسب أكثر من متحدث، في جلسة استماع لجنة الأمن في مجلس الشيوخ؛ تصدرت ما سمّوه "ثقافة الفشل" في العمل الأمني الأمريكي، وهذه تسمية مستقاة من عنوان كتاب عن السي آي إيه، لعضو كونغرس سابق، هو جون دايموند. وقيل في هذا الإطار، إن مسؤولي الوكالة، تبادلوا أنخاب التعاسة والخيبة مع الحاكمين وصناع القرار في الشرق الأوسط، فيما هم داخل دائرة غبية وخطيرة، لم تفهم مآلات النقد المتنامي، ولا الإحباطات الاجتماعية، ولا التسيّس الصاعد، في أوساط الناشئة، بفعل إلحاح الفاقة وانحراف السياسات على كل صعيد!

فعندما اندلعت التظاهرات بتلك الكثافة في مصر، فوجيء البيت الأبيض. وكان أول رد فعل للرئيس أوباما، هو استدعاء مدير عام الأمن القومي جيمس كلابر لتوبيخه. قال له: "لقد خاب أملي في جماعة الأمن بينما نحن نعتمد في قراراتنا على التحليل الاستخباري". واستمر العجز الذي ظهر في الحالة التونسية، ليتكرر حيال الثورة الشبابية المصرية. في الوضع الأول، قالوا عرفنا إن التظاهرات خطيرة، لكننا لم نتوقع أن يتخلى الأمن عن الرئيس بن علي بسرعة، فلا يستمر في مساندته. فقد ظل الأمن الى جانبه لسنوات طويلة، ولم نتوقع أن يخلع تحت ضغط الشعب.

أما السيدة ستيفاني أوسولفيان Stephanie O'Sullivan نائبة مدير الأمن القومي، فقد جاءت في جلسة الاستماع بالقول الفصل: تقدمنا الى الإدارة بنحو 1700 تقرير عن الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، منذ بداية كانون الثاني (يناير) 2010 وأكدنا أن استمرار النزاع في المنطقة، سيُضعف موقف الرئيس حسني مبارك. لقد حذرنا من عدم الاستقرار في هذا الجزء من العالم، وليست آليات تحقيق الاستقرار وإنجاز السلام من واجباتنا، ولم نكن نحن المسؤولين عن كل ما جرى من تداعيات في نهاية العام المنصرم!

هنا، أرادت أوسولفيان، أن تُبريء المصالح الأمنية الأمريكية، وأن تضع النقاط على حروف السياسة الأمريكية، وأن تنبه الى آثار المقاربات العقيمة، على مستقبل المنطقة، لأن مثل هذه المقاربات السياسية، هي التي فشلت في قراءة الطالع!

* كاتب فلسطيني من قطاع غزة. - adlisadeq57@yahoo.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required