مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
أسئلة كبيرة تجتاح تفكيرنا بعد دقائق من صدور تعليمات سيادة الرئيس بالغاء المواد في قانون العقوبات التي كانت تبيح او تشجع على قتل النساء على خلفية ما يسمى بشرف العائلة. أسئلة آن أوان طرحها ونقاشها حتى لا يأخذنا التفاؤل بعيدا عن الواقع. هذه الأسئلة تتوارد إلى أذهاننا انطلاقا من وعينا وفهمنا للعقلية واثر الموروث الثقافي على سلوك مجتمعنا ألبطريركي، ومنظومة القيم الخاصة بالمجتمع العربي الفلسطيني التي توجه سلوك ابنائة ومنطلقاتهم وتتحكم في طريقة معالجة لمشاكله، حيث تستند تلك المنظومة على أسس قيمية في تنشئة الأبناء، تلك الأسس مشبعه بثقافة التميز بين الجنسين وثقافة العيب الملازمة للمرأة منذ ولادتها حتى موتها، تلك التنشئة التي يدفع الرجل والمرأة ثمناً لها .

هذه العوامل التي تحول الرجل إلى شخص قاسي القلب وتنتزع منه صفة الحنان كانسان بذريعة انها صفة تنتقص من رجولته وتقتصر على المرأة .

تلك القيم التي تنتزع من الرجل حقه في التعبير عن عواطفه ومشاعره من قلق وخوف وان لا تدمع له عين لأنه سيتصف حينها بالضعف ولان كل من يبكي من الرجال يوصف بأنه مثل المرأة "وهذا يعد عيبا بموجب هذا الموروث الثقافي" .

انها التنشئة التي تعلم الرجل انه صاحب العقل الرزين والمنطقي وما زوجته او ابنته او أمه إلا ناقصات عقل يمشين خلف عواطفهن ويسهل الإيقاع بهن وانهن مصدرا للخطيئة والشر جسدا وفكرا. هذا الفكر وهذه التنشئة السائدة التي تغذيها كل أجهزة المجتمع وانساقة بوعي أو بلا وعي.

هذه مقدمة كان لا بد منها حتى نستطيع معا ان نجيب على السؤال الكبير، ماذا بعد قرار الرئيس ؟؟؟ هل بالفعل ممكن إقفال هذا الباب ومصدر هذا الألم الى الأبد ام لا ؟ وماذا عن مادتي العذر المحل والعذر المخفف ؟؟؟ نعم كان بالإمكان إقفال هذا الباب لو كان المجتمع قد سبق القانون واعتبر القانون حالة منسلخة غريبة عن ثقافة المجتمع إلا أن القانون كان ولا زال هو انعكاس لحال وثقافة المجتمع.

لماذا ننتظر عقودا أيتها الارداة السياسية ؟؟؟ ما يقارب العشرين عاما من العمل الممنهج والمطالبات والحملات من قبل جهات تبنت صوت الضحايا دون جدوى؟ منذ عقود توزعت نضالاتنا ولم تتوحد او تتركز يوما للعمل عل جبهة واحدة، تارة للتعبئة باتجاه الارداة السياسية وتارة تجاه المجتمع، لم نكن والارداة السياسية في جبهة واحدة هدفها مساعدة المجتمع لتنظيفه من الوحل الذي علق به وتحديدا فيما يخص جرائم القتل والعنف الذي يرتكبه ضد نصفه الأخر.

أما كان بالإمكان إسعاف المجتمع والأسرة الفلسطينية وحمايته من شرور نفسه؟ حماية العائلة التي تحولت إلى مجرمة حينما تقرر قتل فلذة كبدها، وحماية المئات من النساء اللواتي قتلن لو ان الإرادة السياسية أصغت لصوت الضحايا والمظلومين/ات من هذا المجتمع وتكاتفت الجهود باتجاه التغيير على صعيد الإرادة المجتمعية.

اعذروني لا يمكن أن نهلل كثيرا لهذا القرار عندما نتذكر " وفاء" و "سائده " و "ونبال" وكيف تم الإفراج عن قتلتهن بعد شهرين أو ثلاثة اشهر، لا يمكن أن نهلل دون مطالبتكم بالاعتذار لكل الضحايا للمماطلة باتخاذ التدابير اللازمة للحماية.

كان بالإمكان الجزم ان هذا الباب سيقفل بلا عودة لو ان المجتمع الفلسطيني وبكل شرائحه قد غلب قيم العدل والمساواة في كافة تفاصيل حياته على قيم التمييز وحصار الحريات. ويمكن اغلاق هذا الباب في حال أصبح المجتمع يعترف بحرية الاختلاف وبان المرأة إنسان تمتلك ذاتها وقرارها وجسدها وهي صاحبة القرار فيمن ستتزوج وماذا ستتخصص في دراستها وماذا سترتدي.

كان بالإمكان أن نبدأ بإنشاء مجتمع يخلو من جرائم القتل على خلفية الشرف حينما تخلو ثقافتنا من مفاهيم تحول المرأة الى ملكية تخص العائلة والحمولة والاقارب اكثر مما تخص نفسها .

علينا ان نضع حدودا للعائلة، للعم والخال والأخ والصهر، تحد من "صلاحياتهم" كأوصياء على نساء العائلة. ( العديد من الضحايا تم قتلهن على يد الأعمام والأخوال او أزواج الأخوات بحسب الإحصاءات) .بسبب كل ما سلف، ما زال الدرب أمامنا طويلا والمهمات جسام لمحاربة هذا الموروث لنصل لزمن تكون فيه سجلاتنا نظيفة من مثل تلك الجرائم .

إن توجيهات الرئيس فتحت الباب على مصراعيه للنقاش والحوار المجتمعي على كل الصعد في العائلة والحمولة والحزب السياسي والشارع وعلى مستوى صانعي القرار، مما يساهم في اعادة النظر في كل "التابوهات" واعتبار ذلك فرصة للانطلاق إلى عهد جديد في إطار تأسيس مجتمع مدني تصان فيه الحريات وكرامة الإنسان.

هذه المرة الأولى التي ستقتصر حملاتنا فيها على المطالبة بتحويل التوجيهات الى قرارات تنعكس سلوكا على ارض الواقع فشهر أيار من عام 2011 شهد منعطفا تاريخيا هاما فيما يخص نضال المرأة الفلسطينية على الصعيد الاجتماعي، وهذا يتطلب منا مواصلة السعي ليصبح واقعا ملموسا وجزءا من الحياة القانونية وينعكس على كل مكونات المجتمع . إن ما قام به السيد الرئيس شكل دفعة للأمام كنا بأمس الحاجة إليها .

عمليا ستكون ساعة الجزم باننا لن نعود للخلف، عندما تنعقد الجلسة الأولى للمجلس التشريعي، الذي يمكن ان يلغي المرسوم الرئاسي او يقر مشروع قانون العقوبات، الذي يتساوى امامه المواطنون كافة. قانون عقوبات يلغي مواد العذر المحل والعذر المخفف التي لا زالت قائمة ويستفيد منها القتلة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required