مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
ليس اكثر قهرا من ان ترى حلمك وقد تحول الى سراب ! ليس اصعب على الانسان من ان يرى ما كافح من اجله وآمن به وقد بدأ يتلاشى! ليس اصعب على الانسان من ان يغلق مؤسسته بيديه التي اخذت من قوت اولاده من اجلها، ومن اجل الانفاق عليها...!!

ليس اصعب من ان ترى الوعود وقد تحولت الى ذرات في الهواء تتطاير مع ذرات الغبار التي يحملها الريح من مكان الى اخر...!! ولعل الاصعب من كل هذا وذاك هو ان ترى كل ما سبق وقد تجمع في شئ واحد اسمه اغلاق مؤسسة مقدسية اصيلة، بعد ان اصبح من المستحيل على مديرها ان يستمر بالانفاق من جيبه الخاص على هذا الحلم الذي حاول من خلاله ان يبقى على شئ ولو بسيط من تراث حرف وسرق، واصبح تراث الاخر، بهدوء ذلك الاخر الذي يحتفى بهذا التراث المسروق، نقل ذلك التراث الذي لم يستطع اهله الحفاظ عليه!

ما علينا

المهم ان اصعب مشهد كان مشهد السيد جمال اسعيد ذلك الفنان الذي احب مهنته فاتقنها، وهو يضع محتويات مكتبه الذي كان قبل ايام معدود مقر للفنانين في مدينة القدس، قبل ايام كانت الحياة تعج في جنبات مقر جمعية ابواب القدس للترث والفن، واليوم حلت محل الحياة سكوت الموت، سكوت الخراب والدمار، ولعل اصرار الفنان اسعيد ان يبقى العود والطبلة اخر ما يتم اخراجه من مقر الجمعية خير دليل على ما آلت اليه امور الثقافة والفن في القدس الحزينة الوحيدة.

ان جمعية ابواب القدس للتراث والفن قررت اغلاق مقرها الذي كان لا تبعد عن باب الساهرة سوى بضعه امتار في اشارة واضحة الى قرب هذه الجمعية الى اهل البلدة الى المواطن البسيط، الذي كان محور اهتمام الجمعية وليس كما هو حال بعض المؤسسات التي لا تعنى سوى بطبقة ضيقة في المجتمع...لقد تقرر اغلاق مقر الجمعية بعد طول انتظار لوعود قطعتها وزيرة الثقافة الفلسطينية شخصيا ومحافظ القدس بنفسه وبعدهم جميعا رئيس الوزراء سلام فياض وغيرهم من مسوؤلين لهم علاقة مباشرة بالقدس !!

ناهيك عن الوعود التي قطعتها شركات القطاع الخاص الفلسطيني من بنوك وشركات اتصال ورجال اعمال وضعوا القدس شعار لشركاتهم ( من اجل الدعاية وليس من اجل الاستثمار) كل هذه الوعود كانت عبارة عن فقعات هوائية كمثل اصحابها الذين اتضح انهم مجرد حالة صوتية فقط لا يملكون السلطة ولايملكون القرار!

ان اغلاق مؤسسة مهما كان حجمها في القدس بسبب ضائقة مالية يجب ان يقلق الجميع، فهذا الاغلاق هو بمثابة شهادة على عجز كل السلطة والدول المانحة في دعم الثقافة والفن في القدس، وهي رسالة الى كل المقدسيين انه لا يجب ان يثقوا باحد، وان لا ياخذوا على محمل الجد اي من المسؤولين ولا وعودهم !!

والذي زاد الطين بله انه في الوقت الذي كان يغلق فيه جمال اسعيد مقر جمعيته كانت احدى المؤسسات الثقافية في القدس قد حصلت بداية العام الحالي على مبالغ طائلة من اجل انجاز مشروع ثقافي سمعنا عنه الكثير الكثير منذ سنوات، والادهى اننا نسمع ارقاما بالملايين عن دعم يصل لهذه المؤسسة من السلطة الفلسطينية من المؤسسات الاجنبية والعربية بمساعدة مسؤولين هم بمثابة سفراء لهذه المؤسسة التي لا تعتبر من المؤسسات المتميزة من حيث غزارة الانتاج ومن حيث تاثيرها في الحياة الثقافية الادبية الفنية بالقدس، هذه الاموال الضخمة التي تثير غيرة بقية المؤسسات التي جلّ اهتمامها بضعة الاف من الدولارات تبقيها على قيد الحياة، كل هذه الاموال من اجل ذلك المشروع الذي يبدو انهم لن يكون سوى ثقل اخر لا معنى له.. في مدينة جريحه اليس هذا شيئا مثيرا للشفقة والحنق في نفس الوقت....

ان اغلاق مؤسسة في القدس ليس بمثابة شهادة وفاة لتلك المؤسسة بل انها حالة مؤقته حتى مرور العاصفة التي تحتاج القدس بكل جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياحية عاصفة تحمل معها ذرات ملوثة ولكن في نهاية العاصفة سوف تنقشع الغيوم وتهدأ الرياح وينشق الافق عن فجر يوم نظيف....

الف تحية الى كل مؤسسة مقدسية تستطيع ان ترسم ابتسامة او تبعث الامل في نفس طفل مقدسي او خففت عن سيدة تعبة او عجوز هرم.

للحديث بقية...

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required