مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
خطاب الرئيس الأمريكي أوباما , في وزارة الخارجية الأمريكية, يأتي ضمن إطار توظيف "القيم والمبادئ" لتحقيق المصالح العليا للولايات المتحدة هذه القيم والمبادئ تعتبر من الوسائل والأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ سياستها الخارجية, فالرئيس الأمريكي أراد أن يركب موجة التغير الحاصلة في العالم العربي ليس هذا فحسب , بل انه أوحى للعالم بأن مطالب الثورات العربية كالديمقراطية وحرية التعبير والعدالة ومحاربة الفساد هي أفكار قيم مستمدة من الأفكار والقيم الأمريكية بامتياز..

لذلك أعتقد الكثير بأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لنشر القيم السابقة وتعمل على حمايتها في العالم ,وفي الحقيقة إن الولايات المتحدة تعمل على استغلال تلك القيم وتعمل على توظيفها بشكل جيد لتحقيق المصالح الأمريكية. فنرى الولايات المتحدة تقف داعمة لتلك القيم والمبادئ في بعض مناطق والدول في العالم إن حققت تلك الوسائل والأدوات المصالح الأمريكية , أما في حال عدم تحقيق تلك المصالح فنراها تتنكر لهذه القيم والمبادئ في مناطق ودول أخرى .

لقد أدرك أوباما ومنذ تسلمه الإدارة الأمريكية في مطلع 2009, بأن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن , ساهم ببناء صورة سيئة للولايات المتحدة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي بل في العالم كله , نتيجة إتباعه لسياسة تعرف بسياسة القوه الصلبة والتي كانت ترتكز على "الحرب الأستباقية" "والسياسة الأحادية أو العمل الانفرادي" ,هذه السياسة التي أظهرت من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية , الوجه الحقيقي لها في كيفية تعاملها ورؤيتها للعالم.

لذلك وهذا ما ذكرناه في مقالات سابقة , وضع الرئيس أوباما نصب عينية هدف تغير تلك الصورة النمطية للولايات المتحدة والتي سادت فترة الرئيس بوش الابن , فكانت الخطوة الأولى من القاهرة, عندما خاطب العالمين العربي والإسلامي من جامعة القاهرة واستخدم في ذلك الخطاب حنكة سياسية يمكن القول بأنها ساعدت على تحسين صورة الولايات المتحدة عند البعض, بل روج للكثير وخاصة لمن يجهل طبيعة عمل السياسة الخارجية الأمريكية وأدواتها ووسائلها, وبدأت بعض النخب العربية تعمل على تسويق فكره مفادها "بأن هناك تغير ما طرأ على السياسة الخارجية الأمريكية". لذلك يمكن القول ,بأن أوباما استطاع بهذا النهج , نقل السياسة الخارجية الأمريكية نقلة نوعية وذلك من خلال تبديل وسائل السياسة الخارجية الأمريكية المعتمدة على القوة الصلبة إلى أخرى معتمدة على القوة الناعمة,فبدلاً من الحرب الأستباقية والعمل الأحادي إلى وسائل أكثر قبولاً في العالم مثل الاعتزاز بالنموذج الأميركي والقيم الأمريكية .هذا مع الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة, فالمتغير هو أدوات السياسة الخارجية والثابت هو أهداف تلك السياسة وهي المصالح الأمريكية فقط.

والدليل على ذلك , بأن ذلك مجرد تبديل في أدوات ووسائل السياسة الخارجية الأمريكية , فأن الفترة التي تلت خطاب القاهرة حتى اليوم لم تشهد أي تغير فعلي طرأ على تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية .

وخطاب الرئيس أوباما من الخارجية الأمريكية فيعتبر الخطوة الثانية لتعزيز السياسة الناعمة, حيث أراد اوباما أن يعطي انطباع , وكأن الربيع العربي استلهم أفكاره وثورته من النموذج والقيم الأمريكية . فالرئيس الأمريكي أراد أن يعتلي الموجه , وأن يظهر وكأنة داعم لمطالب الشعوب العربية بالديمقراطية ومحاربة الفساد. وحقيقة الأمر, فأن الرئيس الأمريكي أراد أن يعزز من سياسته الناعمة ويوظف تلك المطالب والأحداث من أجل تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة, حيث أظهر اوباما عدائه لحلفاء الأمس القريب وتقديم المساعدات المالية السخية لكل من مصر وتونس.

لذلك فان الخطاب الأخير الذي تلاه الرئيس الأمريكي , يمكن اعتباره تعزيز لوسيلة القوة الناعمة في تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية, فمن خلال هذا الخطاب أراد الرئيس الأمريكي أن يقول بأن الربيع العربي خلق فرصة جيدة لتعزيز سياسته الناعمة , هذه الفرصة تتمثل بربيع أمريكي جديد أو بكلمات أخرى تعزيز لمبدأ اوباما القائم على إتباع سياسة خارجية أمريكية مرتكزة على ما يعرف بسياسة القوة الناعمة , وذلك من خلال نشر النموذج الأمريكي والقيم والمبادئ الأمريكية في العالم مثل الديمقراطية والعدالة والحرية ودعم المؤسسات والعولمة والتأكيد على ثورة المعلومات والتشجيع على استخدام هذه الثورة في التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق التغير في العالم العربي. وتدعيماً لهذه السياسة شاهدنا مبعوثي وزارة الخارجية الأمريكية تزور تونس والقاهرة وبني غازي , تحت شعار دعم الثورة ومطالب الشعوب ضد الأنظمة السابقة "حليفة الولايات المتحدة " والتي وصفتها بالديكتاتورية الفاسدة. يجب أن ندرك بأن تلك الزيارات تأتي في إطار اطمئنان الولايات المتحدة على طبيعة مسار وتوجهات تلك الحكومات من أجل تحقيق مصالح الولايات المتحدة بالدرجة الأولى لأن الولايات المتحدة لا يعنيها أن تحقق تلك الحكومات مصالح شعوبها بل يعنيها أن تدور تلك الحكومات في فلك السياسة الخارجية الأمريكية بالدرجة الأولى ثم العمل على تكيف مصالح الوطن مع المصالح الأمريكية, وهذا ما ستثبته الأسابيع القليلة القادمة.

متخصص بالشأن الأمريكي

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required