مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
أشارت صحيفة "معاريف" الخميس الماضي إلى تحوّل لافت في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ونقلت الصحيفة عن أربعة مسؤولين أجانب التقوه في الفترة الأخيرة أنه لا يمانع استئنافها على أساس خطوط حزيران يونيو 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، مع تبادل أراض متفق عليه شرط قبول السلطة بيهودية إسرائيل وحل مشكلة أو قضية اللاجئين الفلسطينيين بعيداً عنها.

اكتسب ما نشرته "معاريف" زخماً ليس فقط كونها تلقت تأكيدات من المسؤولين الأجانب الأربعة: دينيس روس وديفيد هيل وتوني بلير وكاترين آشتون، وإنما لأنها أعادت التركيز على الجملة العابرة التي قالها نتنياهو في جلسة مجلس الوزراء الأحد قبل الماضي أثناء نقاش حول إحصاءات ديموغرافية تتعلق بعدد الإسرائيليين والفلسطينيين في فلسطين التاريخية. رئيس الوزراء الإسرائيلي أشار بعنصرية إلى أن عدد الفلسطينيين بين البحر والنهر لا يعنيه، وما يهمّه فقط هو وجود أغلبية يهودية صلبة متماسكة ضمن حدود دولة إسرائيل.

يمكن وضع ما قاله نتنياهو ضمن سياقين لا ثالث لهما: إما أنه مقتنع جدياً بما قاله، وسيعمل بالتالي من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع السلطة للحفاظ على ما توصف بـ"اسرائيل يهودية وديمقراطية"، أو أنه يناور لقطع الطريق على المساعي الفلسطينية الهادفة إلى الذهاب إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة مستقلة عاصمتها القدس ضمن حدود حزيران يونيو 1967.

ثمة عبارة شهيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ارئيل شارون تقول إن رؤية الأمور من هنا (السلطة) تختلف تماماً عنها من هناك (المعارضة). ربما يكون نتنياهو قد فهم واستوعب هذه القاعدة أيضاً، وفهم أن الوصول إلى أغلبية يهودية صلبة متماسكة داخل حدود إسرائيل، أو بمعنى آخر، الحفاظ عليها كدولة يهودية ديمقراطية مرتبط مباشرة بإقامة دولة فلسطينية ورسم الحدود معها على أساس خطوط حزيران يونيو1967، وربما بادر أيضاً إلى إطلاق النار بشكل مكثف سياسياً وإعلامياً خلال زيارته الأخيرة لأمريكا لتغطية أي تراجع محتمل خلال الفترة القادمة التي لن تطول على أي حال. ورغم أن هذا الاحتمال أو هذا السياق يظل نظرياً فقط، خاصة أن نتنياهو في نفس جلسة مجلس الوزراء الأحد قبل الماضي صادق، بناءً على ضغوط المستوطنين، على تقليص صلاحية وزير دفاعه ايهود باراك المتعلقة بإعطاء أذونات البناء في المستوطنات، ونقل قسم الاستيطان التابع للوكالة الصهيونية إلى تبعية ديوان مجلس الوزراء مباشرة، إلا أنه يظلّ مطروحاً غير أنه يحتاج إلى تغيير هيكلية الائتلاف الحالي والاتفاقات التي قام على أساسها. وإذا ما بادرإلى ضمّ "كديما" على حساب حزب ليبرمان (اسرائيل بيتهم) وربما حزب "شاس" أيضاً، فإن هذا يعني أنه قام بانعطافة إلى اليسار، بالمعنى الإسرائيلي طبعاً، وأنه فهم أن أمن الدولة وربما مستقبلها أيضاً مرتبط بإقامة دولة فلسطينية وهي التعبيرات التي ترد غالباً على ألسنة ليفني وباراك وحتى كلينتون وأوباما أيضاً.

غير أن السياق أو الاحتمال الأكثر منطقية وواقعية هو أن نتنياهو يناور ليس إلا لتجاوز ما يوصف بامتحان أو تسونامي أيلول، خاصة بعدما أقرّ شخصياً باستحالة منع السلطة من الذهاب إلى الأمم المتحدة، علماً أن هذا الأمر في حالة حدوثه سيفسّر في إسرائيل على أنه فشل سياسي ودبلوماسي ذريع له ولحكومته، يبرز مدى العزلة التي تعانيها الدولة العبرية على مستوى العالم. وتقبل هذا الأخير للرواية الفلسطينية التي تحمّله المسؤولية عن جمود عملية التسوية ووصولها إلى طريق مسدود، وهو لمس مدى هوس الغرب -أوروبا تحديداً- بفكرة استئناف المفاوضات لتلافي الإحراج أو المأزق الأخلاقي عند التصويت على دولة فلسطينية يقولون ليل نهار إنهم يعملون كي ترى النور. ومن هنا، يمكن فهم إشارته إلى شرط يهودية الدولة، ما ينسف في الجوهر قبوله بخطوط حزيران كأساس للدولة الفلسطينية من جهة، ويفرغ أي مفاوضات محتملة من جدواها، خاصة أن قبول السلطة به، وهو الاحتمال المستبعد، يعني نظرياً شطب حق العودة للاجئين، كما التنازل عن الحق الفلسطيني في القدس، وهو ما لا يقبل أو يجرؤ أي مسؤول فلسطيني على القيام به

سيكون نتنياهو على المحك ما بين حزيران وأيلول، وإذا ما بادر إلى تغيير الائتلاف وإشراك حزب "كديما" في الحكومة، فإن هذا سيعني أنه قد يكون جاداً في التوصل إلى تسوية انطلاقاً طبعاً ممّا يسمّى في إسرائيل ثوابت الإجماع الصهيوني. أما إذا لم يفعل، وهو الاحتمال الأكبر، فلن يكون سوى مناور ومتحايل لإلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني، وتحميل السلطة المسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات، والعمل بالتالي على بلورة ما يصفها بغطرسة وعنصرية بأقلية نوعية متحضرة وديمقراطية يتم تصويرها كإنجاز سياسي ودبلوماسي يوازن الغالبية الكبيرة التي قد تحصل عليها الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.

في الحالتين، نحن أمام هروب إسرائيلي تقليدي إلى الأمام قد يتوّج بانتخابات مبكرة، او حتى حرب ما على إحدى الجبهتين الشمالية أو الجنوبية، غير أن ذلك لن يحلّ القضية الفلسطينية، حيث أن إسرائيل مجبرة على فعل ذلك مع الفلسطينيين والعرب -وفق الشرعية والمواثيق الدولية- وليس مع نفسها أو مع العالم..

* كاتب فلسطيني، مدير مركز شرق المتوسط لللدراسات والاعلام- بيروت. - mgd_azam@hotmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required