مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
قال لي سائق سيارة أجرة، "إن ممولاً أجنبياً لبعض المؤسسات غير الحكومية طلب منه ان يطوف به في بعض احياء مدينة رام الله، للتعرف على حال المدينة العمرانية والاقتصادية، وعندما أردت الذهاب الى بعض الاحياء الممتدة في الاطراف. أصرّ على ان تقتصر الجولة على المنارة وحيي الماصيون والارسال...".

ومضى السائق شارحاً لي تعليقات الممول الأجنبي الذي عبر عن اعجابه بالبنايات الشاهقة والمنازل الأنيقة، مختتماً حديثه "اننا يجب ان نأخذ دعماً لمشاريعنا منكم، فأنتم تعيشون رفاهية اقتصادية".

وعاد السائق وأكد لي انني رجوته زيارة بعض الاحياء الفقيرة مثل قدورة وأطراف ام الشرايط او البلدة القديمة من رام الله، لكنه رفض.

قصة السائق مع الممول الأجنبي، لها في رأيي دلالات كثيرة ابرزها:

ان كثيرا من الزائرين الأجانب، والذين لهم علاقة بمؤسسات فلسطينية محلية، يعممون الجانب المرفه من رام الله على المناطق الفلسطينية الأخرى، بخاصة وان الماصيون والمنارة لا يعكسان واقع المدينة، ففي رام الله الى جانب الثراء الواضح، هناك فقر وهناك نسبة كبيرة من المتعطلين عن العمل، الذين لا يستطيعون سد الحاجات الاساسية لأسرهم.

كما ان رام الله كمدينة، تتمركز فيها المؤسسات وتنشط في مقاهيها ومطاعمها وفنادقها حركة اقتصادية ذات طابع خدماتي، لا تعكس بأي حال من الأحوال، واقع المدن الأخرى مثل قلقيلية وجنين والى حد ما نابلس والخليل، أما بخصوص الريف الفلسطيني المهمش والمحروم من معظم الخدمات، فإن ظروفه مختلفة تماماً، حيث ان الفرق بين حي الماصيون وهذا الريف، كالفرق بين حي اوروبي وأحد أحياء الدول الافريقية شديدة الفقر.

ان هذا التعميم يتحمل مسؤوليته ايضاً بعض القائمين على المؤسسات غير الحكومية، الذين لأسباب غير معروفة بالنسبة اليّ، يصطحبون الزائرين والممولين الى افخم مطاعم وفنادق رام الله، فينسى الممول أو الزائر انه في مدينة محاصرة ومحاطة بالحواجز والمستوطنات، فيعود من رام الله ظاناً انه لم يغادر مدينته الأوروبية.

ان الاحياء المرفهة في رام الله ليست مقياساً اقتصادياً لرام الله نفسها، كما انها ليست مقياساً لباقي المدن الفلسطينية، فنحن نعيش واقع احتلال، واقتصادنا تابع وملحق بالاقتصاد الاسرائيلي، واتفاقية باريس تكبل تصديرنا واستيرادنا، والمنتوجات الاسرائيلية تنافس منتوجاتنا وتهددها. واقتصاد رام الله كما باقي المدن هو اقتصاد يفتقر الى التنمية الحقيقية ويقتصر على الجانب الخدماتي الاستهلاكي.

والحقيقة ان هناك استثناءً من قبل بعض المؤسسات غير الحكومية بات يدرك ان الممول يجب ان يلامس الوضع في المناطق المهمشة وهي كثيرة. فقد لفتني مؤسسة تعنى بالطفولة في القدس، تصر على ان يزور الممول مخيم شعفاط مثلاً، ليرى بأم عينه الفقر والازدحام والطفولة المعذبة، حيث ان بعض الاطفال يأتون الى الروضة، وليس معهم "ساندويشة" تسكت جوعهم.

ان التعامل مع المؤسسات الأجنبية والممولين، ينبغي ان لا يكون ارتجالياً او استعراضياً او فرصة للقائمين على هذه المؤسسات لاظهار كرمهم في الضيافة المبالغ فيها، لأن هذا الكرم الزائد يعود بالضرر على مؤسساتهم. فأن تحترم الزائر قضية مهمة، فنحن يجب ان نحتفي بكل من يأتي الى بلادنا، لكن ضمن امكاناتنا وظروفنا، كما ان المطلوب ان نقدم للزائرين واقعنا كما هو دون تزييف أو تنميق.

وأخيراً علينا ان لا نخجل من فقرنا أو من احيائنا النائية المهمشة، بل ان نجعلها تتصدر نشاطاتنا وحركة فعلنا وعلاقاتنا العامة مع الزائرين والممولين. ففلسطين لو لم تكن واقعة تحت الاحتلال، لتمتعت بمستوى اقتصادي استثنائي في المنطقة العربية، نظراً لتنوعها الجغرافي والمناخي في ظل موقع مميز، فهل يعيبنا اننا فقراء بسبب الاحتلال؟ سؤال نطرحه على المعنيين المحللين والأجانب.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required