مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

أريحا بوابة فلسطين الشرقية، تمثل معبر حدودي دولي يربط فلسطين بالأردن وبالتالي بالعالم أجمع، وعلى الرغم من ذلك فإن محافظة أريحا مغيبة عن جدول اهتماماتنا، فما هو واقع أريحا؟ ولماذا نسمع صدى صوتنا عندما نقول أريحا وكأننا نحدث أنفسنا؟ تكاثرت في السنوات الأخيرة المشاكل التي تعاني منها محافظة أريحا والأغوار وتفاقمت فأصبحت تمثل قضايا تشغل سكان المحافظة وتؤرقهم وباتوا يتساءلون: من المسؤول؟ وما الحلول؟

طبيعة مدينة أريحا ومكانتها التاريخية جعلتا الزراعة والسياحة من أهم القطاعات الاقتصادية التي تشتهر بها المدينة. ولكن في الاونة الاخيرة، برزت العديد من المعيقات التي أصبحت تمثل تهديداً صريحاً لهذين القطاعين، حيث تعد مشكلة شح المياه الدائمة من أبرز تلك المشاكل، والتي انعكست سلباً على القطاعات الأخرى وساهمت في تدهورها . فبالرغم من وجود الينابيع التي تغذي المدينة وقراها، إلا إن مخزون المياه في تناقص مستمر وخصوصاً في فصل الصيف، حيث وأصبح السكان يستقبلون قطرات الماء مرات معدودات في الأسبوع. فإن كان هذا واقع المياه على الإنسان، فبالطبع سيكون الأسوء على النبات لأن الماء بطبيعة الحال لا يكفي لاحتياجات البشر، فكيف سيكفي للشجر؟ وبالتالي تدهورت الزراعة في جميع أرجاء المحافظة، ما دعا بكثير من السكان وخصوصاً القرويين لبيع أراضيهم. وبذلك ساهمت مشكلة نقص المياه في مصادرة أراضينا الفلسطينية والتي من جهة أخرى يتم مصادرتها من قبل الإحتلال الإسرائيلي.

ويكمن السبب الرئيس وراء مشكلة المياه هذه هو الإحتلال وسياسته التي تتحكم بمقدار الماء الواصل للمحافظة، بالاضافة الى الحاجة لتراخيصه ليتمكن السكان من حفر آبار ارتوازية لتخفيف وطأة هذا الشح في الماء. ففي السنوات الاخيرة، جفت نبع العوجا وذلك نتيجة لحفر بئر ارتوازي إسرائيلي ليغذي المستوطنة المجاورة. وبالتالي نرى أن سياسة الاحتلال تكمن في تلبية حاجات المستوطنات من الماء بغض النظر عن أحقية الفلسطينيين لهذه المياه وحاجتهم لها. ومن ناحية أخرى، يقع على عاتق مسؤولينا وبلدياتنا الكثير من المسؤولية نتيجة سوء توزيع صرف هذه المياه بحيث لا تلبي حاجة أغلبية السكان، حيث قد يساهم العدل في التوزيع في تخفيف أزمة المياه هذه ويروي الظمأ في هذا الصيف المشتعل.

وكما أسلفت الذكر، فمشكلة نقص المياه فتحت الأبواب على مشاكل أخرى ومنها مشكلة الخدمات الصحية. ففي مدينة أريحا، تقل المراكز الصحية وخصوصاً المتخصصة منها، وبالتالي نرى ضغطاً كبيراً على عيادات وكالة الغوث. أما مستشفى أريحا، فالداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، بحيث تقل فيه العناية المقدمة وقد يصدف أن يتواجد طبيب بارع مختص أو عام ليشعر المريض على الأقل بالطمأنينة. أما في قرى أريحا البعيدة عن مركز المدينة مثل قريتا الجفتلك والزبيدات، يعاني السكان من قلة العناية الطبية المقدمة، فبالرغم من وجود عيادة طبية، لكنها غير مؤهلة لتلبية احتياجات السكان نظراً لعدم جاهزيتها من ناحية الأدوية والإهمال الطبي بشكل خاص، حيث أن سكان تلك القرى لطالما اقترحوا إنشاء مجمع طبي مركزي يجمع القرى الأربع لمحافظة أريحا، وهي أفضل طريقة لتحسين الخدمات الطبية المقدمة بحيث تلبي جميع احتياجاتهم على مدار الساعة، فهم السكان الأكبر هو كيفية الوصول لمركز طبي في أقرب وقت عند الطوارئ ليلاً أو نهاراً.

ففي ظل ضعف الامكانيات المادية في هذه المناطق وعدم توفر وسائل نقل لدى جميع السكان. فأين من يسمع أنين هؤلاء الناس ويعطي مشاكلهم خصوصية أكبر ليتم معالجتها بمعزل عن الخطط "العامة" للدولة؟ فالواضح أن محافظة أريحا والأغوار لم تضربها رياح التطور الطبي بعد ولم ترتق من ناحية إيجاد عيادات تخصصية في جميع المجالات تغني السكان عن الحاجة لقطع مسافات طويلة وباجراءات أطول للوصول لمستشفيات القدس أو رام الله أو حتى عمان وذلك لأجل الخضوع لعملية أو اجراء فحص روتيني.

وعلى صعيد اخر، فالحياة الثقافية والسياحية في أريحا شبه منعدمة. ففي ظل الانتعاش الثقافي الذي تعيشه باقي مدن وطننا، تبقى أريحا في أسفل السلم. فلا ملتقيات ثقافية تجمع شبابه ولا مؤسسات ثقافية تنمي روح الابداع عندهم وتخرج أفضل مواهبهم. فلماذا هذا الإهمال والتجهيل؟

وحتى ضمن الحراك الشبابي المتنامي هذه الأيام، لا يوجد صدى لشباب أريحا؛ فالفعاليات والمهرجانات المنتشرة في مناطق الضفة الغربية وحتى في قطاع غزة العليل، لم تنتقل عدواها لمحافظة أريحا والتي من الممكن أن تخرج المدينة من مللها وكسلها. فالحياة فيها وخصوصاَ في الصيف بطيئة، فلماذا أقصينا أريحا من قائمة المدن المستقبلة لفعاليات مهرجانات فلسطين هذا العام، وكل عام؟ ولماذا لا نقيم فيها فعاليات ترفيهية ومميزة أخرى، تجمع القريب والبعيد، وتنسي الجميع حرارة هذا الصيف الملتهب؟ فلماذا نعلق إهمال المدينة على شماعة درجات الحرارة المرتفعة فيها؟، ونجعلها عقبة أمام تطورها، في حين أن درجات الحرارة العالية لم تقف أمام تطور معظم المدن الخليجية، فيما قل اقتصر موسم السياحة في أريحا على أيام قليلة في السنة.

اليوم، أهم مدن العالم التاريخية والسياحية غائبة عن السياحة لقلة الترويج المحلي والدولي لها، فأين المكاتب السياحية التي تجتذب السياح وتستقطبهم؟ وما دور ممثلياتنا ومؤسساتنا في الخارج إن لم تروج لفلسطين ومدنها التي تعد الأقدم في العالم؟

محافظة أريحا والأغوار تراوح مكانها على جميع الأصعدة منذ سنين، فلا يوجد تطور أو تقدم ملحوظ قد يغير صورتها الثابتة كلياً، ومن الواضح أن أريحا تحتاج لإعادة تأهيل تصيب جميع القطاعات من أجل النهوض بالمدينة وما يجاورها. فلا تنفك بلديتنا عن توأمة أريحا مع مدن أوروبية وأمريكية أخرى ولكن ما فائدة هذه التوأمة إن كانت أريحا ستراوح مكانها؟ فلماذا لا نستغل كل ما نملك من موارد لنحسّن من صورة أريحا فنضيف المقاهي والمطاعم والأسواق التي تجتذب جميع أطياف المجتمع؟ ولماذا لا نحسّن من هيأة المؤسسات الموجودة وننشأ المزيد منها لتلبي حاجات الجميع من أفراد مجتمع المدينة؟ نحن لا نريد مضاهاة المدن الأوروبية ولكن نريد أن نكسب المدينة صورة عصرية بطابع فلسطيني وبطابع أريحا التاريخي، بعيداً عن التذرع بجو أريحا الحار جداً في فصل الصيف، والي نعلق عليه إهمالنا لهذه المدينة الجميلة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required