مفتاح
2024 . الإثنين 8 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هلَّت نسائم التغيير الربيعية من البلدان العربية على غِرار الثورات العربية العفويَّة التي قام بها شبابنا الثائر في مصر وتونس الذين يأسو حالة التشرذم العربية والتبعية السياسية الكاملة للهيمنة الإمبريالية على العالم التي كانت جسراً لتنفيذ سياسات الامبريالية الأمريكية والصهيونية، وكان للقضية الفلسطينية النصيب الأكبر من بين القضايا المطروحة على مائدة أبناء الثورة المصرية، باعتبار أنها الخط الفاصل بين التبعية للهيمنة الأمريكية والقومية العربية، فأرادوا أن تكون ثورتهم المصرية عربية أصيلة في مجابهة الخطر الصهيوني عن القضية الفلسطينية ، فلم يُنكر احد الدور التاريخي لمصر أُم القومية العربية في دعمها للقضية الفلسطينية وخاصة في عهد القائد جمال عبد الناصر والذي كان مِرارا وتكراراً يقول " إن القتال في فلسطين،ليس قتالا في أَرض غريبة وليس انسياقا وراء عاطفة، وإنما هو واجب يَحتُمه الدفاع عن النفس" .

من هنا لم يهدأ أبناء الثورة المصرية إلا أن يقولوا لجمال عبد الناصر نم قرير العين أيُّها العربي ففلسطين في عيوننا، نقاتل في فلسطين وعيوننا على مصر ، لكن للأسف أننا أصحاب قضية وننادي بالآخرين ليقاتلوا من أجل حريتنا وأفقدتنا اللذة الكُّرسوية السلطوية معنى الحرية . للأسف الشباب العربي يفهم ويناضل من اجل الحرية ونحن نناضل من اجل السلطة والمنصب.

في كل دولة نجد الألوان السياسية المختلفة صاحبة التوجهات والاستراتيجيات السياسية المتناقضة وبالرغم من ذلك كل حزب يحترم ويُّقدر توجهات الآخر وفقا للديمقراطية الشعبية، فمن الخيانة أن يتحول الخلاف الفكري إلى الميدان العسكري ليحاول طرف إلغاء الآخر، باعتبار حزبه هو على حق وباقي الأحزاب هي خائنة لا تعمل من أجل مصلحة الوطن – هذا وفقا للنظرية الحزبية الرجعية - فمنذ أن أصبحت الدولة الفلسطينية المختصرة باختصار شديد في أجزاء قليلة من الضفة وأجزاء أقل في غزة والأطراف السياسية تتنازع على من سيتولى مهام قيادة وإدارة الدولة المختصرة، ووقف الطرفان الفلسطينيان المتنازعان على السلطة في الميدان باختلاف ألوانهم وأفكارهم يتناحروا وتُسمع فضائحهم في جميع أنحاء العالم ليقولوا للعالم إن الشعب الفلسطيني المناضل اليوم يعيش فترة نضال طويلة من الدفاع عن الكرسي والمنصب بدلا من الدفاع عن الحرية والكرامة والاستقلال.

* * * * * *

فبعد أن فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية بأيدلوجيتها الجديدة التي تنادي بالأفكار الإِخوانية المرفوضة دوليا باعتبار أنها حركة إرهابية، واحتدام الصراع بينها وبين حركة فتح والذي أدى بنهاية الأمر إلى انتصار الأيدلوجية الفكرية الحمساوية على أيدلوجية حركة فتح التي تتخذ من التفاوض منهجاً وإستراتيجية لإقامة الدولة الفلسطينية وبعد هذا الفوز العظيم وتقسيم الوطن بين دولة غزة الحمساوية الاخوانية العظمى ودولة الضفة الغربية الفتحاوية العلمانية العظمى.

فمنذ تلك اللحظة والكل يركز على حجم الثمار التي سيجنيها من بقائه بالسلطة ، لكن الحقيقة أكبر من الخيال فغزة تعيش في سجن كبير مياهه مالحة وكهرباءه شبه معدومة وناسه يعيشون على منحة "كابونة" الوكالة والجهات المانحة، وشبابه يلهثون وراء لقمة العيش بين أزقة وظلمة الليل حالٌ ليس كمثله حال، فالفقر بدون كرامة مآسي يرويها الجنين في بطن أمه .. والضفة الغربية مُقَسمة إلى ولايات وكل ولاية لها حاجز إسرائيلي خاص بها يُمنع ابن الولاية المجاورة من الدخول في أي ولاية أخرى إلا بتصريح إسرائيلي هذا ناهيك عن حجم الاستيطان المتزايد مع كل كلمة اكتبها في المقال ... السؤال الذي يراودني كثيرا لماذا نختلف وعلى ماذا نختلف على غزة المحاصرة أم على الضفة الغربية المحتلة ؟!.. فكلاهما مثل فقاعة الماء في بحر فلسطين التاريخية.

وبعد أن اشتد الصراع بين الحركتين والتدخلات الدولية منها السعودية ومنها اليمنية ومنها التركية ومنها السورية إلى أن وصلت المعركة إلى الطاولة المصرية تلك الطاولة الصديقة لنا فتم الإعلان عن توفر نية المصالحة وتشكيل اللجان للكشف عن الحلول للمشاكل المتعارضة إلى أن وصلت للشعب الفلسطيني شعلة الأمل وعُقد اجتماع المصالحة في كل وسائل الإعلام بحضور القيادات التاريخية العظيمة على حد زعمهم ..

لكن وللأسف باءت المحاولة المصرية بالفشل وخرجت القيادات الفلسطينية تقول وبكل استهتار: المصالحة الفلسطينية متعثرة .. المصالحة الفلسطينية وصلت إلى طريقها المسدود .. وبكل هذه الترانيم التي نعيشها بقطاع غزة والتي جعلتنا نعيش حياة سوداء غامضة لا نعرف أبعادها وحدودها وجعلتنا نعيش حالة الهوس السياسي وأصبحت المصالحة شغلنا الشاغل وكأن قضيتنا ستتوقف عند حد المصالحة.

فمن المفترض أن يشهد الشارع الفلسطيني حالة من المصالحة بعد اجتماع القاهرة الأخير الذي كان من الواجب الوطني أن تكون مصالحة حقيقية نابعة من المبدأ والحس الثوري الحريص على الثوابت وعلى مصالح الشعب وليس على المصالح الحزبية والفئوية العفنة، وأن نشهد تشكيل حكومة تكنقراط مؤقتة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والتي باعتقادي ليست حلاً جذرياً للانقسام العفن.

فمن الواضح أن النوايا في هذه المرة ومثل كل مرة ليست نوايا حقيقية للمصالحة وإعادة بناء ما دمرته آلة الانقسام، بل هي حالة من اللعب على أوتار الشعب الحساسة وتسكين آلامهم من مرض الانقسام بإعطائهم جرعة من الأمل والطمأنينة والثقة، فعلى حد زعم أطراف النزاع بأنه تم الاتفاق على كل بنود المصالحة بتوقيع اتفاق القاهرة لكن حجر العثرة وجوهر الاختلاف هو من سيحمل اسم " دولة رئيس الوزراء الفلسطيني " هذا الاسم الذي لا ينطبق على أي منصب من المناصب القيادية في غزة أو الضفة وخاصة أننا تحت احتلال يتحكم بسياستنا واقتصادنا وبكل مناحي الحياة حتى رئيس السلطة الفلسطينية باعترافه لا يتحرك داخل وطنه إلا بتنسيق أمني مع الاحتلال هذا داخل وطنه فكيف لو أراد السفر للخارج ؟.

هذا هو الرئيس يا حماس ويا فتح فكيف سيكون " دولة رئيس الوزراء الفلسطيني " إنها مسخرة ما بعدها مسخرة أن نتنازع على هذا المنصب الغير مُشرِّف لنا فنحن ما زلنا نناضل من أجل الحرية والاستقلال وليس من اجل المنصب والكرسي. فالنزاع على المنصب هو أعلى مراحل التحرر الوطني فهل المستوطنات في الضفة وإغلاق المعابر في غزة شكل من أشكال التحرر؟!.

فشتان بين حلم الثائر الذي يناضل من اجل الحرية والكرامة والتخلص من الثوب الإمبريالي الاستعماري وبين حلم الثائر الذي يناضل ويقاتل من أجل برجوازيته ونرجسيته العفنة.

المشهد الفلسطيني بلغ ذروة الخطورة ومظاهر التفسخ والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، فالكل يبحث عن مصلحته الذاتية دون النظر إلى مصالح المجتمع العامة، والشباب بدأ يلغي فكرة النضال والكفاح من ذهنه ويبحث ويلهث من أجل توفير لقمة العيش لأسرته فالكفاح والنضال من وجهة نظره لم يجلب له إلا الفقر الاجتماعي في ظل ظهور الطبقية في المجتمع الفلسطيني لأُناس يدَّعون الوطنية بشعاراتهم الواهية، ألم ينظر المتنازعون في حال الشباب الفلسطيني المتناثرة أفكاره فمنهم من هاجر ومنهم من ينتظر بسبب البطالة القاسية التي وصلت بين الخريجين في قطاع غزة 57.7 حيث بلغ اعلى نسبة بطالة بالنسبة للضفة الغربية 35.7%، ولم ينظروا إلى حال الكثير من العمال والكادحين الذين أجبرتهم آلة الانقسام إلى الاعتماد على المنحة والكوبونة بدلا من الاعتماد على طاقتهم فكلها طاقات سلبتها آلة الانقسام فأين دور الدولة إذا كان لنا دولة بحق،،، لها رئيس، ورئيس وزراء، ووزراء، ونواب، ونظام ديمقراطي ؟!!.

علينا إذاً أن ننظر للوضع الفلسطيني بعين الشفقة، فالوضع لا يحتمل أكثر من ذلك والمصالحة الفلسطينية أصبحت ضرورة وطنية ومطلب إستراتيجي للخروج من كل هذه المآسي والمعاناة التي يعيشها أبناء شعبنا في الداخل والخارج وخاصة أننا نواجه معركة دبلوماسية لتأمين الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود حزيران 1967 المؤقتة فلا بد ألا ننظر لقضيتنا من زوايا ضيقة حزبية، وأن ننظر إليها بأنها قضية تاريخية سَيُحاسب التاريخ كل من أساء لتاريخها العظيم فلقد كلفتنا آلاف الشهداء والأسرى والجرحى فنحن ما زلنا تحت احتلال ونناضل من اجل إزاحة الاحتلال إلى الدائرة التي أتى منها .. فلا يجوز أن يكون رئيس الوزراء عائق وحجر عثرة أمام مطلب وطني كبير مثل المصالحة .. ولا يجوز للأغلبية مهما كانت سواء في فتح أو حماس أن تتحكم بأقليات الشعب الفلسطيني ... وأُذَّكر كل الأطراف المتنازعة بأن ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع... وعاشت وحدتنا عنصر الديمومة الفاعل في الثورة الفلسطينية...

القدس نت

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required