مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
الخيار هو أحد الحلول من بين حلول كثيرة أكثر قابلية للتطبيق والتنفيذ. والمقصود بذلك أن العبرة ليس في تبني خيار معين، بقدر إدراك أولا القدرة على تنفيذه، وثانيا تاثير هذا الخيار وتداعياته على تغيير السلوك السياسي للآخرين، ومن ثم ليس بالضرورة أن يتحقق هذا لخيار بالكامل، ولكن المهم أن يحدث تأثيرا وتعديلا وتغييرا في السلوك السياسي للأطراف المعنية.

في الحالة الفلسطينية الخيارات كثيرة ومتنوعة ومتعددة بحكم طبيعة القضية الفلسطينية وتعدد مكوناتها وأبعادها الإقليمية والدولية، ومن هنا أهمية التأكيد أن الخيارات ليست مجرد إختيارات فردية، وليست مجرد قرار سياسي يتخذ، ولكنه نابع من فهم وإدراك عميق بمكونات القضية الفلسطينية.

ومن مظاهر الضعف الفلسطيني في التعامل مع خيارات القضية الفلسطينية أنهم أولا لم يحسنوا توظيف او الربط بين خيار ما وعامل الزمن والوقت، كما حدث في ذهابهم لخيار المفاوضات، ذهبوا وهم في أضعف حالاتهم، والنظام الإقليمي العربي مفكك ضعيف في حين إسرائيل الطرف الأقوى في هذه المعادلة، وثانيا لم يحسنوا الربط والتوفيق بين الخيارات متناسين أن قوة أي خيار مرتبطة بالخيارات الأخرى وهذا ينطبق على خياري المقاومة والمفاوضات. فخيار إما وإما لا يجدي بل من شأنه أن يضعف من قوة الخيار الآخر.

وثالثا أعطوا أولوية لخيار السلطة والحكم على أى خيار آخر، بمعنى توظيف الخيارات المتاحة لخدمة خيار بقاء السلطة وهذا تفكير خاطئ، وكان ألأجدر ربط خيار السلطة بما يخدم الخيارات الأخرى.

ورابعا لم يتعاملوا مع خيار الشرعية الدولية بشكل فعلي ومنتظم، وهم من أهمل هذا الخيار على أهميته كأساس شرعي لأي مطالب فلسطينية، فلا يصح التعامل مع هذا الخيار بطريقة موسمية، فهو خيار تراكمي، ويفترض التعامل معه بشكل مستمر ودائم حتى تبقى المسؤولية الدولية قائمة، وتحميل كافة الدول الكبرى مسؤوليتها في إستمرار القضية، وخامسا أين هو خيار المسؤولية الدولية والأوروبية خصوصا في نشوء وإستمرار القضية الفلسطينية، والثمن السياسي الكبير الذي تحمله الفلسطينيون في حل المشكلة اليهودية؟

ومن النقاط المهمة في أي خيار توفير كل عناصر القوة الممكنة والفعلية له، وهذا أيضا لم ينجح الفلسطينيون في توفيره، لا فلسطينيا بحالة الإنقسام، ولا عربيا بضعف النظام الإقليمي العربي وتراجع القضية الفلسطينية من الأجندة القومية لهذا النظام لحساب أولويات القطرية العربية، ولا دوليا بالتحول في ميزان القوى الدولي لحساب الولايات المتحدة الحليف الإستراتيجي لإسرائيل.

هذه الملاحظات لا بد من التذكير بها والفلسطينيون يتهيأون للذهاب إلى للأمم المتحدة لعلهم ينجحون في إنتزاع قرار دولي بقبول فلسطين دولة عضو في الأمم المتحدة، والسؤال هل الذهاب هو مجرد قرار رئاسي؟ أم قرار على مستوى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؟ أليس القرار في حاجة إلى توفير كل عناصر القوة له، وهل الفلسطينيون في أحسن حالاتهم الآن؟ وهل الدول العربية في أقصى قوتها للتأثير على سلوك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للتغلب على الفيتو الأمريكي الذي يقف في وجه كل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين؟ وهل فكر صانع القرار في احتمال الفشل؟ وفي مرحلة ما بعد الذهاب إلى الأمم المتحدة؟ وليكن معلوما أن معركة الشرعية الدولية طويلة وتحتاج إلى وقت وجهد ومال وعمل دبلوماسي كفؤ، وتضافر وتعاون دبلوماسي حثيث بين الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والإسلامية والصديقة. وبإختصار شديد الفلسطينيون لا يملكون القوة اللازمة، لأن عناصر هذه القوة بيد غيرهم، ولم يعد لهم نفس التأثير على سياسات الدول العربية.

والأمر الذي يدعو للغرابة أيضا أن الفلسطينيين ليست لديهم رؤية واضحة لخيار الذهاب إلى الأمم المتحدة إلا بالتأكيد دائما بالذهاب إلى الأمم المتحدة، هذا لا يكفى على الإطلاق، والمرحلة الأولى في هذه المعركة الطويلة هي في تدارس ومعرفة السلوك السياسي للدول الأعضاء في داخل الأمم المتحدة، ومعرفة وزن القوى والتكتلات الدولية داخلها، ومعرفة ان الولايات المتحدة تملك القدرة في التأثير على أصوات عدد كبير من الدول الأعضاء مما قد يحول دون نجاح هذا الخيار. وهنا قد يقول قائل هل معنى ذلك أن لا نذهب إلى الأمم المتحدة؟ هذا غير صحيح، الذهاب إلى الأمم المتحدة يعني الذهاب إلى الشرعية الدولية كلها، ومن ثم يحتاج الأمر إلى خيار تفعيل كل قرارات الشرعية الدولية. ومن بين هذه الخيارات خيار وضع فلسطين تحت الوصاية الدولية، وهذا الخيار هو الذي يحقق خيار العضوية لفلسطين، ويستلزم هذا الخيار في حال فشل خيار العضوية حل السلطة بكل مؤسساتها، وإعلان أن خيار المفاوضات لم يعد يجدي، وبالتوازي تفعيل خيار المقاومة السلمية والشعبية داخليا وخارجيا.

والسؤال ما أهمية خيار الوصاية الدولية؟ وليكن معلوما أن نظام الوصاية الدولية هو الذي قد حل محل نظام الإنتداب الدولي الذي تبنته عصبة الأمم، والذي بموجبه وضعت فلسطين تحت نظام الإنتداب رقم أ وهي الدول الأكثر تقدما وتأهيلا لنيل إستقلالها، لكن لإعتبارات دولية حالت بريطانيا دون تطبيق وتنفيذ هذا النظام على فلسطين، وذهبت إلى عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة التي أصدرت القرار رقم 181 والذي بموجبه قامت إسرائيل كدولة لها كامل العضوية في الأمم المتحدة، ولم تقم الدولة الفلسطينية تحت ذريعة رفض القرار المذكور. وكان الأجدر فلسطينيا أن توضع فلسطين تحت نظام الوصاية الدولية، ومن ثم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية، لأن قيامها مسؤولية دولية.

وفي ضوء كل ذلك على الفلسطينيين أن تكون لديهم رؤية واضحه وكاملة لكل الخيارات، والربط بينها جميعا، وهذا ما أردت أن أوضحه أن تكون السلطة في خدمة الخيارات الأخرى. ويبدو أن أحد أهداف قيام السلطة هو إدارة المفاوضات، وحيث أن خيار المفاوضات قد فشل، فمن ثم تكون السلطة قد فقدت أحد مبررات وجودها، وقد يقاطعنى البعض ويقول أليست السلطة ووجودها أحد مبررات قيام الدولة أو هي شرط مسبق؟ نعم لا خلاف على ذلك، لكن المقصود هو حل السطة السياسية وليس تفكيك بنية السلطة التي ستبقى قائمة كبنية تحتية. لكن المطلوب هو تحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها الدولية في إنهاء ألإحتلال. وأما الفلسطينيون فلهم خياراتهم الموازية الداعمة لتنفيذ هذا الخيار.

* استاذ العلوم السياسية في جامعة الآزهر- غزة. - drnagish@hotmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required