مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لازالت تتصاعد حلقات المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي حول إنهاء صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي تم أسره فى عملية عسكرية مميزة لبعض حركات المقاومة الفلسطينية وهو على ظهر دبابته العسكرية على مشارف مدينة رفح وذلك قبل سنوات خمس مضت , ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المبادرات والمفاوضات العلنية والسرية وتبادل عليها أطراف دولية وعربية بعضها أصبح معروفا مثل الموفد الألماني ودور مصر ولكن هناك أطراف لا أحد يمكن الجزم بعمق الدور الذي لعبته فى عملية المفاوضات مثل فرنسا وقطر وجهات أخرى , ولاشك أن المفاوضات كانت صعبة جدا وحساسة بسبب طبيعة العلاقة بين طرفي المعادلة .

الطرف الأول حركة حماس وهي حركة فلسطينية تعلن صراحة فى ميثاقها ومبادئها وأهدافها قناعتها بتدمير الكيان الإسرائيلي وتؤمن بالمواجهة العسكرية المباشرة ليبقى الكيان الإسرائيلي فى حالة عدم استقرار دائم واستمرار سياسة استنزافه على كافة المستويات والجبهات , ولا تؤمن عمليا بعملية السلام أو المفاوضات السياسية مع الكيان الإسرائيلي وترفض منحه الاعتراف بشرعية وجوده مع إقرارها بوجود الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين كأمر واقع ولكن بقوة الاحتلال وليس بالشرعية , وتعتبر أن السبيل الوحيد لإطلاق سراح الأسرى هو عبر القيام بالمزيد من عمليات خطف الجنود الإسرائيليين ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين , وكل ما سبق يدركه قادة الكيان الإسرائيلي ومن هنا تأتي عقدة المسألة , فلا يريد قادة الكيان الإسرائيلي منح فصائل المقاومة هذا الحق وكأنه تحفيز لها وتشجيع على خيار المقاومة خاصة بعد أن أفشلت الخيار السلمي التفاوضي , واعتبر الكثير من القادة الإسرائيليين ارتكاب أخطاء إستراتيجية سابقة فى عقد صفقات التبادل مع فصائل فلسطينية كانت فى نتيجتها وبالا على أمن الكيان الإسرائيلي وأهمها صفقة أحمد جبريل فى منتصف ثمانينات القرن الماضي , وقال آخرون لابد من التمييز بين عقد صفقات تبادل أسرى مع فصائل فلسطينية وفصائل غير فلسطينية لأن العقدة الأمنية الحقيقية هي مع الفصائل الفلسطينية أكثر بكثير من الفصائل الأخرى مثل حزب الله وبالتالي لا يمكن – وفق هذه النظرية – الاستدلال بنجاح حزب الله فى مفاوضاته مع الكيان الإسرائيلي وتحرير أسرى لبنانيين , لأن العقلية الأمنية الإسرائيلية تفرق بين الأمرين .

ولكن هناك مؤشر جديد برز في التعاطي مع مفاوضات الجندي الإسرائيلي شاليط , وهذا المتغير أن الطرف الفلسطيني المفاوض لم يعد فصيلا مقاوما فقط بل دخل المربع السياسي الرسمي من خلال مشاركته وتحقيق الفوز فى الانتخابات التشريعية وتشكيله للحكومة الفلسطينية واقترابه التدريجي تجاه الفعل السياسي الدولي جعل من تلك المفاوضات فرصة ذهبية للتعرف عن قرب على الشريك الجديد فى اللعبة السياسية ومعرفة مدى قدرته وكيفية إدارته لعملية المفاوضات , وهل يمكن مستقبلا أن يكون شريكا فى المفاوضات السياسية أم لم يحن الوقت بعد أو لن يكون أبدا شريكا إضافيا فى عملية التسوية المستقبلية ؟ , وبالتالي فإن إطالة أمد المفاوضات غير المباشرة قد يكون من أهدافها هو اختبار الطرف المفاوض الجديد أو إكسابه خبرة فى مجال المفاوضات أو كسر الجليد فى هذا الجانب , ولذلك نجد أن عملية التفاوض تأخذ حالة من المد والجزر ولكن من غير المسموح لها أن تفشل أو تنهار , وتبادل على إدارتها من الجانب الإسرائيلي أكثر من خبير فى هذا الجانب , ولذلك قد لا تقتصر الصفقة فى بعض بنودها أو تفاصيلها أو تداعياتها على تبادل للأسرى فقط بل قد تتعدى فى بعض ملاحقها الى التطرق حول مستقبل المنطقة وكيفية العمل على الإفراج عن بقية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين دون الاضطرار للقيام بعملية خطف أخرى .

ولاشك أن المتغير – التكتيكي – الذي تبديه حركة حماس فى هذه المرحلة تجاه الفعل السياسي وإبداء المرونة فى مواقفها السياسية التى عبر عنها الأخ خالد مشعل فى خطابه خلال توقيع اتفاق المصالحة فى القاهرة والتصريحات الأخرى التى تحمل مدلولات سياسية تلتقي مع التحرك السياسي الحالي ومنها العمل على قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967 ومنح الرئيس محمود عباس الفرصة والوقت لإنجاز هذا المشروع السياسي ودخول تركيا بقيادة أردوغان على الخط السياسي للمنطقة بأكملها حسب مشروعه المطروح وغيرها من المواقف والمؤشرات التى تدفع قادة الكيان الإسرائيلي الى التعامل مع مفاوضات شاليط والتي قد تكون محطة مهمة أو ممرا لابد منه لحركة بحجم حركة حماس لإكسابها التجربة اللازمة – بالرغم من صعوبة وخطورة هذا التوجه على الكيان الإسرائيلي – ومنحها إنجازا مهما لإثبات أن خط المفوضات فقط هو الخيار الأهم ويمكن من خلاله تحقيق الكثير من الإنجازات وهذه مغامرة يخوضها الكيان حسب تقديرات وحسابات خاصة بهم ولاشك أنها لا تحظى بالإجماع لديهم , لأن هناك خلاف فى التقديرات على مدى قدرة استجابة حركة حماس للتعاطي مع الفعل السياسي القادم , وهل ستنجح معها أساليب الإغراء أم لا ؟ .

ومن هنا فهناك فى الجانب الإسرائيلي من بدأ فى الحديث عن ضرورة إيجاد طرف مفاوض أكثر جدية من فريق الرئيس محمود عباس باعتبار أن هذا الفريق لم يعد الطرف القوي الوحيد فى المعادلة الفلسطينية وبالتالي لا يمكن التوصل معه الى اتفاق منفرد , وهناك من بدأ يلمح أن سبب فشل المفاوضات هو الطرف الفلسطيني بسبب ارتباكه وتردده وتشتته فى المواقف بين متشدد ومعتدل والكيان الإسرائيلي يبحث عن طرف مفاوض واضح وصريح وقوي وقادر على حماية أي اتفاق لذلك لم يتردد الطرف الإسرائيلي مثلا من الموافقة على السماح لجيش حزب الله من الانتشار فى الجنوب اللبناني عندما قرر الانسحاب منها في العام 1999 , بسبب إدراكه أن هذه القوات هي القادرة على حماية أمن الجنوب بعد أن تعهد حزب الله بذلك وأنه لن يتعد الخط الحدودي الأزرق المتفق عليه دوليا , وهكذا فإن سياسة الكيان تبحث عن الطرف القوي فى المعادلة .

وهكذا سيجد المراقب أن قضايا المنطقة كلها مترابطة مع بعضها البعض ومن الصعب فصل قضية عن أخرى , قضية شاليط مرتبطة بالمصالحة , والمصالحة مرتبطة بالتحركات السياسية , والتحرك السياسي مرتبط بالمواقف والاتفاقيات , والمعابر مرتبطة بالاتفاق , وتحقيق أي إنجاز لأي طرف مرتبط بمصالح الطرف الآخر , وأي تحرك في أي إقليم فى المنطقة مرتبط بالتصور العام الأشمل للمنطقة ومستقبلها , وإذا كان البعض يقرأ الأحداث كما يراها اليوم فإن هناك من وضع الخطط وصنع أحداث اليوم منذ سنين خلت .

م. عماد عبد الحميد الفالوجي

رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required