مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لا خلاف على أن قيام دولة فلسطينية هو من أكبر تطلعات الشعب الفلسطيني الذي يطمح أن يتوج نضاله الوطني بقيام دولة مكتملة السيادة والصلاحيات، ويتطلع من وراء هذه الدولة ان يصبح مواطنا له كرامته الوطنية وآدميته الإنسانية، ويشعر معها أنه يحمل جواز سفر يحترم ويعتمد مثل بقية الشعوب الأخرى، ولا خلاف ان الدولة وبإعتبارها أعلى المؤسسات السياسية والإجتماعية هي تتويج للتطور الكياني السياسي لأي شعب، وقد تبدو أهمية قيام هذه الدولة في أنه لم يكن في أي مرحلة من مراحل تاريخ الشعب الفلسطيني هناك دولة على حدود معترف بها، ولها سلطة مستقلة تنبع من إرادة شعبها، ولها شعب بهوية سياسية وحضارية تميزه عن بقية الشعوب الأخرى.

ومع هذه الأهمية السياسية لقيام أي دولة، تشكل الدولة الفلسطينية في حد ذاتها تحديا كبيرا، والسؤال هلى يمكن للفلسطينيين مواجهته؟

لعل أول هذه التحديات أن قيام الدولة الفلسطينية والإعتراف بها هو إعتراف ثان بإسرائيل كدولة لشعبها، وتعني إلغاء لكل الإتفاقات السابقة الموقعة مع إسرائيل، والحاجة بحكم العديد من القضايا إلى الدخول في مفاوضات جديدة لعقد سلسلة جديدة من المعاهدات تنظم العلاقات بينهما وهي حالة حتمية بحكم تشابك العديد من المصالح المشتركة، والأمر الثالث أن هذه المعاهدات الجديدة سيحكمها منطق الدولة، ومنطق المصلحة القومية والأمن القومي الذي يقف وراء أي قرار سياسي لأي دولة، وهذا المنطق والسلوك سينعكس على كافة قضايا الصراع كقضية اللاجئين، وبمنطق الدولة والأمن القومى لن تكون هناك عودة للاجئيين الفلسطينيين.

والتحدي الأكبر لقيام هذه الدولة أن قيامها سيكون بقرار دولي وليس نتاج عملية تحرر تنتهي بالإستقلال السياسي كسائر حركات التحرر الوطني في العالم، وفارق كبير بين الحالتين، ففي الحالة الأولى قد يكون هناك إعتراف بقيام هذه الدولة، وقبولها تحت أي شكل في الأمم المتحدة، لكن هذا الإعتراف لن يترتب عليه حل لكل المشاكل التي تتشكل منها القضية الفلسطينية، وفي الحقيقة أن الدولة الفلسطينية ليست هي كل القضية الفلسطينية، وليست هي قضية اللاجئين او المستوطنات، بل أن قيام هذه الدولة سيفجر كل هذه القضايا من جديد، وبمعطى سياسي جديد، ولذلك ليس من المصلحة الفلسطينية تصوير قيام هذه الدولة وكأنه نهاية للقضية الفلسطينية، وإن بدا الأمر كذلك.

والنقطة الأخرى عدم الذهاب بقيام الدولة والإعتراف بها وكأنه إنجاز سياسي ليس بعده إنجاز، لأن قيام الدولة الفلسطينية وإعتراف الأمم المتحدة بها لن يغير من الواقع الموجود على الأرض شيئا. فالإعتراف قائم، والتمثيل الدبلوماسي بين فلسطين وغيرها من الدول موجود، وحتى موضوع العضوية الكاملة لا يعني أن الدولة الفلسطينية سيكون بمقدورها ان تمارس كل حقوق العضوية مثل غيرها من الدول، بل على العكس قيام الدولة الفلسطينية هو بداية لمعركة من الدبلوماسية والشرعية الدولية، وبداية لقيام الأمم المتحدة بدورها في إيجاد حل للقضايا الرئيسة الأخرى. والسؤال هنا هل سيكون بمقدور الأمم المتحدة إيجاد حل لهذه المشاكل وحسمها كاللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه، والعلاقات الخارجية، وقضية ممارسة الصلاحيات السيادية للدولة الجديدة؟!

ومن التحديات الكبيرة التى ستفرضها الدولة الفلسطينية على المستوى الفلسطيني، تحدي القبول بهذه الدولة من قبل حركة "حماس" والحركات والقوى السياسية الرافضة لأي تسوية سياسية، فهل ستعلن "حماس" قبولها الصريح بهذه الدولة؟ وفي حال قبولها بها أليس ذلك قبولا وإعترافا بإسرائيل؟ وحتى مع تحفظها على هذا الإعتراف ما هو الموقف في حال فوزها من جديد في الإنتخابات وتشكيلها الحكومة وقيادتها السلطة الفلسطينية؟ والتحدي الثاني فلسطينيا هو وضع منظمة التحرير الفلسطينية، ومستقبلها كمنظمة تحرير، هل سيتغير شكلها وإسمها، وتتحول إلى مجرد مؤتمر عام على غرار المؤتمر العام للحركة الصهيونية؟ والتحدى الثالث في علاقة هذه الدولة بالشتات الفلسطيني، وهل سيكون مسموحا لهم بالعيش في هذه الدولة بحرية؟ وماذا عن مستقبل المخيمات الفلسطينية في الدول العربية؟ وحتى يكون الكلام صريحا وواضحا هل ستبادر الدول العربية التي بها مخيمات كالبنان خصوصا بالإستعداد لتشجيع اللاجئين لديها بالعودة لهذه الدولة؟

والتحدي الآخر تحدي إقتصادي، بمعنى مدى القدرة على توفير الموارد الإقتصادية أو التحكم فيها من أجل إعداد موازنة تتواكب مع إحتياجات هذه الدولة، علما أن إسرائيل تتحكم في معظم الموارد الإقتصادية الفلسطينية، وهذا من جديد يحتاج إلى إتفاقات إقتصادية جديدة، فهذه دولة وفي حال قيامها وليدة وتحتاج إلى من يرعاها في سنواتها الأولى.

أخشى ما أخشاه في هذا التوجه أن يكون الهدف منه مجرد هدف سياسي شخصي مرتبط بشخص الرئيس والمفاوض معه، وكأنه بهذا المسلك يريد ان ينهي حياته السياسية بهذا الإنجاز السياسي ويقول للفلسطينيين لقد جئت لكم بالدولة وعليكم أن تختاروا بينها وبين تسوية وقبول كل الحلول المطروحة لوضع حد لمعاناتكم اليومية في الداخل والشتات.

والتحدي الآخر هو التحدي الأمني والسياسي وشكل العلاقات مع الدول ألأخرى وفي قلبها إسرائيل، وإذا كان هناك تنسيقا أمنيا على مستوى السلطة بحكم الواقع الحياتي المشترك والذي يفرضه الإحتلال، فالحاجة لمثل هذا التنسيق ستفرضة الدولة أكثر من ذي قبل.

ويبقى التحدي الكبير يكمن في وسائل وأدوات هذه الدولة في تنفيذ أهدافها القومية، وخصوصا أنها دولة ستكون بلا جيش ومنزوعة السلاح.. واخيرا التحدي الذي ينتظر هذه الدولة كيف ستؤكد على أنها دولة ديمقراطية سلمية تحارب كل أشكال الإرهاب؟ وماذا عن مستقبل المقاومة الفلسطينية؟ ولا ننسى التساؤل عن مستقبل وكالة غوث اللاجئيين في ظل قيام الدولة الفلسطينية؟

هذه بعض التحديات التي يحملها قيام الدولة الفلسطينية.. هل فكرنا فيها؟ وفي حلول لها أم الأمر مجرد قيام دولة فقط؟!

* استاذ العلوم السياسية في جامعة الآزهر- غزة. -

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required